العدد 4218 - الثلثاء 25 مارس 2014م الموافق 24 جمادى الأولى 1435هـ

لو كانوا أغناماً ما حق لك إعدامهم!

محمود الجزيري Mahmood.Ridha [at] alwasatnews.com

.

عندما سمعت خبر إصدار محكمة مصرية أحكاماً بالإعدام على 529 مواطناً كلهم ينتمون لجماعة الاخوان المسلمين بتهمة ارتكاب أعمال عنف، استدعت ذاكرتي على الفور حكاية وقعت في الأيام الأولى من عهد الخليفة الزبيري مصعب في أعقاب هزيمته للمختار الثقفي وتوليه سدة الحكم في الكوفة بالعراق.

حيث يروى أن المختار الثقفي لما أحيط به وحاصره الجيش الزبيري داخل القصر مع أنصاره الذين يبلغ عددهم نحو 7 آلاف مقاتل، قرر مواصلة القتال حتى النهاية وتبعه في ذلك ثلة من أصحابه، في حين امتنع البقية عن القتال، واعتبروه خوضاً في لجة الموت المحقق، وكان خيارهم الاستسلام لدولة أبناء الزبير. وبعد أن انقشع غبار الحرب وقتل المختار، جاء عبدالله ابن الحر وقد كان رئيس شرطة الكوفة آنذاك، يعرض أسرى المختار الـ7 آلاف على مصعب وينتظر حكمه فيهم، إذ كانت الفاجعة أن أمر مصعب بقطع رؤوسهم جميعاً. حينها نُقل عن ابن الحر وهو يطل من الشرفة على تنفيذ حكم الإعدام قوله: «والله لو كان هؤلاء الجماعة أغناماً من إرث آل الزبير، لما حقّ لمصعب أن يذبحهم هكذا أبداً».

ثمة قراءةٌ صحيحة تعتبر هذا الحكم المجنون صورة مصغرة للمستقبل الذي ينتظر مصر إذا ما ظلّ العسكر يقود دفتها. فبقدر ما كانت ثورة 25 يناير التي قادها الشباب المصري ضد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك ملهمةً لكل العرب؛ صارت اليوم تقدّم واحداً من أسوأ السيناريوهات التي يمكن تخيلها للانقلاب على الثورة، والقضاء على روح مبادئها ومطالبها وتسليم زمامها بعد كل هذه التضحيات بيد العسكر، ليعيد إنتاج النظام الفاسد من جديد.

كثيرون يمارسون خلطاً غير معقول بين واقع ومستقبل مصر والموقف من الإخوان المسلمين خصوصاً بعد الأخطاء الكارثية التي ارتكبوها خلال مدة حكمهم التي لم تدم لأكثر من عام يتيم، بحيث صار يُصنف كل من يقف ضد سياسات العسكر الذي يحكم مصر حالياً كـ «إخواني» أو مناصر أو متعاطف معهم في أقل التقادير. وهو تصنيف ضيق استغله واستفاد منه العسكر كثيراً في تمرير أجنداته على رقاب الشعب المصري.

صحيح أن قيادات الإخوان أعانوا على أنفسهم بما ارتكبوا أو سكتوا عن الفظاعات التي جرت في عهدهم، وأن السُنة الكونية عاجلتهم ولم تمهلم طويلاً، ولكن ذلك لا ينبغي أن يكون بوابة للقبول بتعميم التجريم ومآخذة الكل بجرائر البعض.

إن مجرد القبول باختلال ميزان العدالة، وتصيير القضاء أداة طيعة بيد السياسيين يستخدمونه كعصيٍّ لتأديب خصومهم، يعد جريمةً بحق مصر ومستقبلها ووعي شعبها، وينبئ بعواقب خطيرة لن تستثني أحداً أبداً، حتى الأطياف التي تشعر بأنها محصّنةٌ من الأذى، إلا أن تبقى تابعة ذليلة لرغبات وتوجهات العسكر.

إن العسكر ليسوا بأحسن حالاً من الاخوان، وهو واقع بدت ملامحه قبل أن يتسنّم السيسي إدارة البلاد كرئيس رسمي معتمد، وما حكم الإعدام الجماعي هذا إلا مظهراً من مظاهر مجتمعة سيسجّلها التاريخ كواحدة من أبشع النكسات التي تعرضت لها مصر في أعقاب ثورة سلمية كانت طامحة وملهمة.

إقرأ أيضا لـ "محمود الجزيري"

العدد 4218 - الثلثاء 25 مارس 2014م الموافق 24 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 6:08 ص

      لا يعلم عن أمرهم الا الله تعالى

      إن كانوا قد قاموا بما يوجب إعدامهم فهذا حق وإن كانوا أبرياء فحياتهم في عنق من قضى عليهم بذلك ويا ما في السجن مظاليم ولا ننسى أن هناك خطوات أخرى وربما يخفف عنهم الحكم والعلم عند الله

    • زائر 8 | 3:12 ص

      سؤال

      كيف يمكن لشعب لم يحكمه سوي العسكر و شاف الويلات ان يؤيد مرة اخري بوصول العسكر الي الحكم بالانتخاب؟؟؟

    • زائر 7 | 2:43 ص

      أتدرون من يستحق الإعدام ؟

      أتدرون من يستحق القتل والإعدام ؟ من أعان هؤلاء الظالمين ومدهم بالأموال والعتاد وجلس في بيته يتفرج بدم بارد على ما إرتكبه السيسي المجرم وعملاؤه ضد الإنسانية .
      الذي أرسل لهم المليارات لكي ينقلبوا بالقوة على أصحاب الحق هؤلاء الذين يستحقوا الإعدام يا سادة. .

    • زائر 4 | 12:56 ص

      أدلة على القضاء عادة يتبع السياسة

      هذه الأخكام دليل على أن القضاء المصري حالياً يتلقى الأحكام نت السياسيين (أي أنه مسيس) و كذلك تجد الكثير من الدول الّتي تدّعي أن قضاءها مستقل تتبع نغس المنهج إذ يتلقى القضاة أحكامهم من القيادات السياسية فتجد الأحكام المغلظة و المتفاوتة و التي تماري أصدقاء السلطات و تتشدد على معارضيها

    • زائر 3 | 12:25 ص

      حتى لو كان عددهم الفاً

      من قتل يقتل وقرار المحكمة قرار صائب ولا أظن أن قرار الإعدام بسبب التظاهر والإحتجاج ولكنه بسبب اقترافهم لعمليات قتل ولابد من وجود أدلة تدينهم لقد ثكلوا الأمهات ويتموا الأطفال وقتلوا الكثير من الشباب المخالف لهم وكل ذلك سبب كاف لإعدامهم ولو كانوا ألفاً وحتى يشعر الجميع أن حقوق أبنائهم وشبابهم لم تذهب هباءً

    • زائر 10 زائر 3 | 4:49 ص

      !!

      رغم اني ماحب مرسي ولاجماعته بس مبالغه كيف امكن القاضي ان بناقش كل قضيه حتى يحكم باعدام هالكم من البشر يصراحه مهزله

    • زائر 2 | 12:07 ص

      وهل قرار إعدامهم بلا سبب

      قرار الإعدام لا بد انه جاء بعد ثبوت عملية القتل العمد من قبلهم قتلوا الكثير من الشباب لدرجة رميهم من أعلى البنايات وهل نسيت الشباب العسكريين القادمين في اجازة كيف انزلوهم من الحافلة وقتلوهم بدم بارد ومنهم العريس والأب والابن وكيف دخلوا مراكز الشرطة وحرقوا الناس بداخلها والجثث التي أخرجت من مقر رابعة كل ذلك ولا يستحقون الإعدام لقد عاثوا في مصر فسادا وقتلا باسم الدين إذن هم يستحقون الإعدام والقاتل يقتل اذا ثبتت عليه التهمة وصور الفيديو فيها الكثير من الحقائق الموثقة

    • زائر 6 زائر 2 | 2:43 ص

      عزيزي زائر 2

      لا احد مختلف على الحكم وانما الاجراءات العدد كبير والملابسات كثيرة وهذا يتطلب وقت اكثر للتدقيق والاثباتات وليس اصدار حكم بهذه السرعة صحيح انه كانت هناك انتهاكات فضيعة بس هناك حتما ابرياء بعض المعتقلين لم يتواجد في اماكن وجود الجريمه وهذا نفس اللي حاصل عندنا يكون المتهم في العمل ويثبت ذلك ومع ذلك القاضي لا يؤخذ بالدليل لان العسكر يريدون الانتقام الله يكون في عون المصريين انا لست مؤيد للاخوان ولكن البطش الحكومي واضح لا لبس فيه وياخذ البري بجريرة المسيئ

اقرأ ايضاً