العدد 4229 - السبت 05 أبريل 2014م الموافق 05 جمادى الآخرة 1435هـ

لولا سواد الليل لما عرفنا ضياء النهار

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

في محاولةٍ لرصد بعض التساؤلات والتعرف على من هم الأكثر سعادة في الحياة، وتحقيقاً للذات من البشر، وهل هم الذين يعيشون الحياة بحلوها ومرها، ويعبّرون عن كامل رغباتهم بقول الحق ومعارضة من يعتقدون أنهم غير شرفاء، حتى لو تسبب لهم ذلك بعض الأذى نظراً لصراحتهم؟

قد تكون سعادة هؤلاء بأعمال الخير، وتحدي الواقع المزيف ومحاولة إصلاحه، مقارنةً بمن يتوارى ويدفن رغباته، ويقوم بتغليفها بما يرضي الآخرين، «ويمسك العصا من المنتصف» مرغماً نفسه على المجاملة، ويتغاظى عن هذا وذاك، ويبتلع الأخطاء، وكأنه لا يريد أن يرصد أياً من المواقف، خوفاً من الآخر، أو أنه يجبن عن تحمل المسئولية، أو من أجل الحصول على المصالح الشخصية، سواء المناصب أو الأموال.

وأتساءل كيف يتم تواصل هؤلاء البشر مع السعادة والتعبير المشوّه عن دواخلهم؟ هؤلاء ممن يعيشون خارج نطاق الذات الحقيقية للإنسان، والتي تتناقض مع الخلق والذات الإلهية التي فيهم جزءٌ منها، أم هي سعادة مصطنعة ومجاملة؟

وكيف تسير حياتهم مع كل تلك المتناقضات العصرية مع تغيراتها السريعة، وكيف يحتملونها؟ ولابد أنهم يتحملون ويحتملون الكثير من أوجاعها وآلامها وهم يتناقضون مع كل مفاهيم الذات الإلهية الحقة ويسيرون في طرقها الوعرة.

وفي تساؤلاتي المحيرة، وجدتني أنعرج للبحث عن المقدار الذي تعطينا إياه الحياة من السعادة، وهل هي دائمة أم مؤقتة؟

كانت والدتي رحمها الله تقول إن من يتعب ويشقى في أول حياته يسعد في أواخرها، ومن لا يسعد في أولها يسعد في أواخرها، ومن الواضح أنها تقولها عن واقع وخبرة.

والمعروف أن الحياة بقدر ما تعطينا من أيامٍ جميلة وهنيئة، بقدر ما تتعبنا بأيام ملؤها الشقاء والأسى، وهي تأخذ منا تماماً بقدر ما تعطينا. وقالوا قديماً إن بقاء الحال من المحال، وإن الشيء الوحيد الثابت في هذه الدنيا هو التغير. ولكن هل يدرك الناس تلك الظاهرة الكونية، ظاهرة التغيير والعطاء بمقدار؟

وإنني في بحثي أقترح أن تدرس هذه السمات الكونية أو تستعرض كمفهومٍ واضح المعالم في المجتمع أو في إعلامنا التوجيهي لتوعية الأجيال الصاعدة كي تثبت في دواخل البنية أثناء تكوين الشخصية، ولنجعل أبناءنا أكثر تفهماً ونضجاً لما قد يصادفهم في الحياة، وأن يتخذوا العبر من الحياة في صعودها ونزولها، وأن يتجنبوا الوقوع في المطبات الحياتية من الاكتئاب واليأس حينما تلطشهم أو تخذلهم الحياة.

وأن يتعظوا بأن الحياة لا تسير على وتيرةٍ واحدة، وبأن الفشل والسقوط هما شيء مكملٌ للنجاح، ولولا الفشل لما عرفنا قيمة النجاح.

هي الحياة مع السعادة المجزّأة، والألم يأتينا وفي أحد جوانبه وأجنحته الفرح والسعادة، هما اللذان يتبعان الألم تماماً. ولن نعرف قيمة السعادة لولا وجود الألم لتوضيح وثبيت جوانبه.

هكذا هي الحياة تصنعها المتناقضات، وتجمّلها الكلمات المخلصة والصادقة، ولولا سواد الليل لما عرفنا ضياء النهار.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 4229 - السبت 05 أبريل 2014م الموافق 05 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 8:09 ص

      اوافق الأخرين

      التوافق والسمو في التفكير واضح لديك يليتك تكتبين اكثر من مرة وشكراً دكتوره

    • زائر 5 | 8:08 ص

      اوافق الشكر

      اوافق من شكروك واثني عليهم اتحفينا وانت تفعلين بالجديد المميز شكراً من قلبي فانت اسعدتني فهماً للحياة

    • زائر 4 | 5:02 ص

      الضياء

      ولكن الضياء يبقى مضيئاً رغم سواد الليل

    • زائر 2 | 1:29 ص

      الف شكر

      الحياة صعبه ومقالاتك تدل على شخصيه متوازنه وناضجه وهذا ما نحتاجه في حياتنا الحاليه المليئه بالهموم والاحزان وانت تخففين علينا والله اشكرك من قلبي يادكتوره يارائعة المقالات

    • زائر 1 | 12:59 ص

      اختنا الكريمه شكرا

      مقالاتك جيدة جدا وانا احد المتابعين لها وشكرا مرة اخرى .

اقرأ ايضاً