العدد 4230 - الأحد 06 أبريل 2014م الموافق 06 جمادى الآخرة 1435هـ

الأوقاف الجعفرية والتبديد... انتخاب مجلس جزء من الحل

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

بالمنطق السهل والبسيط، لا يمكن لأي طرف أن يعيّن مجلس إدارة وهو لا يملك حصّةً في الأصول التي بناء عليها يتم التعيين. هذا الكلام ينسحب على الدولة؛ أية دولة.

تلك مقدِّمة تفتح واقع إدارة الأوقاف التي تتبع المذهب الجعفري الإمامي، ومسألة تعيين مجلس الإدارة الذي يُناط به إدارة ورصد وتسجيل واستثمار تلك الأوقاف بما يعود بنمائها من جهة، وقدرتها على الاطلاع بمسئوليات الرعاية والإنفاق على ما تم وقْفه، ولن يتحقق ذلك ما لم تُدَرْ تلك الأصول الضخمة بعقلية المؤسسة بكل ما تحتاجه إلى تحققها، لا بعقلية المحسوبية والعلاقات ومدى اقترابها أو ابتعادها عن ذوي السلطة والقرار!

ذلك ملف ظل مسكوتاً عنه لسنوات، لأنه مثله مثل بقية الملفات في فترات لا يحقّ لأحدٍ أن يفتح فمه أو يشكّك بنزاهة ناطور أو سائق مسئول حكومي. ولم يتغيّر الأمر كثيراً، وظل الملف مسكوتاً عنه على رغم تبديد ريع تلك الأوقاف ومداخيلها، مرةً بالتلاعب بحسب العلاقات في تحديد المستفيد منها، والريع المنتظر منها، ومرةً بتحكّم ظاهر من الفساد باستفادة بعض الأعضاء من بعض الأصول.

الشواهد في هذا الصدد تُبرز صورةً بسيطةً لشكلٍ من أشكال الفساد وطوال عقود. أوقاف ريعها الشهري أقل من وجبة في مطعم. أراضٍ تابعة لها ريعها السنوي وبعضها يمتد إلى 99 سنة؛ أقل من استبدال محرك سيارة تلف بعد طول استهلاك. تلاعب وتبديد يمتد إلى عقود. الفساد في صورته المباشرة ملف آخر، يكشف جانباً منه تنامي العجز ليصل إلى أكثر من 3 ملايين دينار؛ ومن دون الدخول في تفاصيل التبديد وبدائية الإدارة (على البركة) ولعقود أيضاً.

وليس بدْعاً أن يتم انتخاب مجلس بحسب التوزيع الجغرافي لتلك الأوقاف والجهات المستفيدة منها؛ بحيث يُصار إلى شكل من أشكال الولاية عليها باختيار وانتخاب، أو بتزكية من ذوي الرأي والمشورة والثقة؛ تبعاً لتوزيع الأوقاف بحسب المحافظة أو المناطق، يضمن حسن إدارتها ووقف الهدْر فيها ووضع حدٍ لتبديدها في صيغ عقود واتفاقات لن تجدها في جهات الدنيا الأربع من حيث مردودها، وذلك لب الفساد والنموذج له بذلك التبديد الذي تستفيد منها (الأوقاف) جهات بعينها!

بالوضع الحالي وما آلت إليه بعض الأوقاف في المرحلة العصيبة التي نمر بها، تنازلاً، وهبةً، وتغييراً لمواضعها والعجز المرشح لتصاعده، سيؤدي في نهاية المطاف إلى مزيدٍ من التلاعب بها والسير بها إلى مرحلة أن تصبح عبئاً؛ عدا تلاشي جزء منها؛ من دون أن ننسى أن جزءاً كبيراً من الأوقاف مازالت المماطلة ومنذ سنوات، تستهدفها للحيلولة دون تسجيلها وتوثيقها، ولم تعمد أيٌّ من الإدارات السابقة واللاحقة إلى غلق ملفها، ويبدو بالوضع المستمر في فرض الإدارة والإرادة عليها لن يتحقق ذلك.

ثم إنه لا أحد يمكن أن يكون أميناً وحريصاً على الأصول التابعة إلى الأوقاف سوى الأطراف الموقوف لها والمستفيدة منها، ولن يضع حداً لذلك التبديد المباشر وغير المباشر سوى مجلس له إرادة إدارة تلك الأوقاف بعقلية منفتحة ومتابعة لطرق وأساليب وقطاعات استثمارها؛ لا العقلية التابعة التي يُملى عليها بحكم التعيين من جهة؛ وبحكم أنها تخضع لجهات أخرى مُعيّنة تراقب أداءها وتملي قراراتها.

نعلم أن أصواتاً موتورةً وتعاني فائض عُقَدٍ لا تجيد في الحياة التي تعرف سوى التحريض والتهويل، استفادة من الأوضاع غير الطبيعية التي نهب فيها من نهب، واستفاد من هذا السُعار من استفاد، وبعض لم يخفِ أنه يضع يده على قلبه كلما تبدّى انفراج. أصوات حرّضت على الخُمس ومواضع صرفه، وستجد في هذا الملف أيضاً مدخلاً لغنائم مازالت تتمنى تراكمها واستمرار الحال على ما هو عليه، ولو تأبّد شقاء كثيرين؛ لكن في نهاية المطاف، لا يمكن لأحدٍ أن تكون له ولاية وإدارة على ما لا يملك، ما لم يحز تخويلاً بالقيام بذلك!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 4230 - الأحد 06 أبريل 2014م الموافق 06 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 8:29 ص

      تابع

      باستثمار ما هناك يمكننا حتى اقامة المصانع و المدارس استثمارات اخرى كبيرة توفر وظائف عديدة و تحل ازمات عديدة اضافه لمدخولها الجيد .. نحن بسكوتنا عن ذلك فان ذلك يعني ان لنا يد في تلك السرقات بسبب سكوتنا عن ذلك النهب .. اتمنى ان تكون هنلك وقفة اكثر جدية مع القضية

    • زائر 11 | 8:26 ص

      انتم من اردتم ذلك

      والا لما كل هذا السكوت ؟ لماذا فقط الخروج و الاعتراض فقط من خلال اعمدة و ردودها !! اشكر الكاتب على تسليط الضوء مجددا ولكن استغرب على اتباع هذا المذهب هذا السكوت! كلكم محاسبين على سكوتكم .. يجب ان تكون هناك تحركات اكبر جماهيرية باتجاه الموضوع .. مافائدة وجود الجلس العلمائي طوال السنين الفائتة لماذا لم يستعمل جماهيريته للتحرك ضد كل هذا .. لماذا لا تتوجه الجمعيات الإسلامية المحسوبة على المذهل الجعفري من التحرك اكثر في هذا الجانب !؟

    • زائر 10 | 6:13 ص

      قناص

      الغساد الاداري والمالي مستشري في هذه الدائرة ليس حديثا وانما كبر ونما بسبب عوامل التعرية التي مرت عليها هذه الدائرة وبسبب وجود الاسمدة الكيميائية والمحميات الصناعية ساعدت على انتشار الفساد حالها حال باقي وزارات ومؤسسات الدولة وعلاج هذا الداء بحاجة لعزيمة صادقة من السلطات في الدولة واعادة الحقوق لأصحابها ولكن لا حياة لمن تنادي .

    • زائر 9 | 2:55 ص

      الأوقاف بقرة حلوب للبعض

      وسيرها بهذه الطريقة يريح من يحلب من اموالها ولو تركت لأهلها والنزيهين فيهم لرأيت المشاريع وهذا ما لا يرضي الحالبين منها ، لأمرين الأول الأستفادة المادية مرة بأسم الأقراض ومرة بأسم الأستثمار والثاني التضييق على اصحاب الوقف والذين ينظر لهم بنظر الريبة لذا يضيق عليهم في التصرف في اموالهم بأسم القانون الذي يخدم من يريد التضييق ، كما ان استسلام المعنيين لهذا المنطق اعطى الفرصة للمتنفذين سير الأمور على ما هي عليه .

    • زائر 8 | 2:34 ص

      مقال عجيب

      سلمت يمناك

    • زائر 7 | 2:30 ص

      لم يتغير شي

      نظام إداري قديم إضافة الي موظفين ليست لديهم إلمام بالحاسوب الآلي تخلف في نظام المراسلات ، المعاملة تدور من موظف الي موظف بنفس القسم تأخذ وقت طويل جداً ومتابعة مستمرة ،

    • زائر 6 | 2:29 ص

      لايمكن إخفاء الحقائق الى الابد .

      من يحاول ان يغطى المكشوف من الحقائق هو كمن يحاول ان يخفي رأسه في التراب , و زال المخفي أعظم .

    • زائر 4 | 1:08 ص

      لماذا لا يعطى حق الاختيار لاصحاب الاوقاف و المستفيدين منها

      لماذا تصر الجهات الرسمية على التدخل و تعيين الادارة. للاسف بعض أعضاء الادارة من اصحاب السوابق و كثيرين يعرفون ذلك و لكن الدولة تقرب هاؤلاء نكاية بنا.

    • زائر 3 | 11:01 م

      وآخرها في اجتماع رسمي كادوا ان يتنازلوا عن متاخرات على احد الهوامير

      هي بقرة تحلب المدير يعزل ولا زال يداوم في مكتبة وماهي الأسباب في اجتماع متاخرات كبيرة على هامور كاد ان يعفى لولا اعتراض احدهم توزيع اراضي لأقرب المقربين وبطرق ملتوية ولكن تبقى مخافة الله هي الأساس والذين يستشعرونها هم أقلية صغيرة جدا

    • زائر 2 | 10:28 م

      صباح الخير والسرور

      مع احترامي لرأي الكاتب في موضوع الأوقاف أرى أنه لم يقل شيئاً جديداَ في ما يعلمه الجمهور ،ولم يوفق في وضع النقاط على الحروف لدعم المجلس الحالي والذي يجاهد للوصول للأهداف التي أشار اليها من ترتيب البيت الوقفي بأساليب وافكار ممكن أن تعين الاستفادة الأمثل للموقوفات. أرى أن المجلس الحالي من المجالس الفاعلة ولها أهداف واضحة لصون الممتلكات وتجاهد في الوصول لتلك الاهداف . أوكد لكم ومن خلال معاملتي مع المجلس الجديد بأن أبواب الاوقاف مفتوحة للجميع للدعم والمشورة فلا حاجة للتهويل المبطن.

    • زائر 5 زائر 2 | 1:33 ص

      مايمدح السوق الا من ربح فيها

      والا مالجديد الذي اتى به المجلس الجديد؟ لولم تكن موافقته على تغيير مواقع المساجد المهدمة واهمها مسجد البربغي وعين رستان لكفى به شؤما لهدا المجلس ناهيك عن ادعائه بان البربغي لا اصل له ولا فصل وانه شخصية وهمية وضعتها العوام لولا وجود ذلك النقش الاثري لاستمرو في نفيهم اخي الكريم لاتحمل نفسك مالا طاقة لها من الاثم فحساب المولى جدا دقيق فاحذد جيدا

    • زائر 1 | 10:11 م

      افسد ادارة

      الأوقاف الجعفرية ادارة فاسدة. ليست تهمة بل حقيقة يمكن إثباتها بالوقائع.

اقرأ ايضاً