العدد 4242 - الجمعة 18 أبريل 2014م الموافق 18 جمادى الآخرة 1435هـ

سعادة الوزير... استقل قبل أن تُقال!

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في العام الماضي 2013، طلبت من وزير شئون حقوق الإنسان صلاح علي الاستقالة لمرتين، الأولى في يوم الاثنين 24 يونيو/ حزيران، والثانية يوم الأربعاء 11 سبتمبر/ أيلول، وذلك لسوء أداء الوزير وإخفاقاته المتكررة على مختلف الأصعدة.

عُين صلاح علي وزيراً لشئون حقوق الإنسان، في ظروف «خاصة»، وبالتحديد في 23 أبريل/ نيسان 2012، وذلك ضمن «تعيينات وزارية محدودة في الحكومة، فقد عين كل من غانم البوعينين وزيراً للدولة للشئون الخارجية، وصلاح علي وزيراً للدولة لشئون حقوق الإنسان، وسميرة رجب وزيرة للدولة لشئون الإعلام».

في المقابلة التي أجرتها صحيفة محلية مع الوزير علي الأحد الماضي (13 أبريل) كشفت حجم الإحباط واليأس الذي يعانيه الوزير، ليس من حجم المسئوليات بل من طريقة تعاطيه معها، ومن قناعة السلطة بوجوده، حتى ذهب للتلميح بخروجه القريب من الوزارة، وإلغاء وجود الوزارة بأكملها، عندما قال: «مستقبل وزارة حقوق الإنسان بيد القيادة السياسية وهي من يقرّر ما يتناسب مع كل مرحلة من مراحل مسيرة البحرين الديمقراطية سواءً في إبقاء الوزارة أو إلغائها أو دمجها».

لم يستطع الوزير تحاشي حديث الشارع العام عن إزاحته عن كرسيه، وأكد أن «التغيير هو سنة من سنن الحياة، والتغيير الوزاري سيأتي عاجلاً أم آجلاً، وأن التغيير الوزاري يرجع لراعي الحق الأصيل في ذلك وهو الملك».

لماذا فشل وزير حقوق الإنسان في مهمته بإدارة ملف حقوق الإنسان وقيادة وزارة لحقوق الإنسان، في عالمٍ لا يعترف أصلاً بمثل هذه الوزارات. سؤال لا يمكن الإجابة عليه، إلا من خلال معرفة ومتابعة طريقة عمل الوزير، وفهمه لحقوق الإنسان وآليات العمل فيها.

صلاح علي كان طبيباً، ومن ثم نائباً برلمانياً في كتلة الإخوان المسلمين (2002 و2006)، وبعدها تم تعيينه عضو شورى (2010)، وبعدها مُنح لقب «سعادة الوزير»، إذ فُصِّلت له وزارة، كما تم تعيين آخرين (ضمن التغيير الوزاري المحدود) لتكريمهم على مواقفهم في أزمة فبراير/ شباط 2011.

قبل استحداث وزارة شئون حقوق الإنسان لم يكن يُعرف لصلاح علي أي نشاط في هذا المجال، وكان تعيينه في هذا المنصب محل استغراب، برَّرته فقط الرغبة في تكريم جماعته بمنصب وزاري في ذلك الوقت، وعدم وجود حقيبة وزارية فارغة، ففُصِّلت «حقوق الإنسان» عن «التنمية الاجتماعية»، ليلبس صلاح علي بشتها.

تعرض الوزير لعدة صدمات حقيقية في هذا الميدان، كان أولها في (21 مايو/ أيار 2012)، عندما واجه مجلس حقوق الإنسان في جنيف، واصطدم بحقائق تعرضها دول غربية استناداً على توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق.

عجز الوزير في تلك الجلسة الساخنة (التي قال عنها القيادي بتجمع الفاتح عبدالله هاشم بمثابة هزيمة حقيقية للجهات الرسمية)، عن تقديم أي وعد أمام المجلس، لعدم قدرته على اتخاذ أي قرار، فتعهَّد بالرجوع إلى من يملك القرار لدراسة التوصيات، إلا أنه ومع ذلك بشَّر العالم ببشارة سارة وعظيمة، عندما أعلن في تلك الجلسة أمام مندوبي الدول، أن السلطة التشريعية في البحرين استطاعت أخيراً تعريف التعذيب! وتخيّلت أن جميع أعضاء المجلس وقفوا يصفّقون لمدة طويلة للإنجاز العالمي الذي حققته البحرين على صعيد خدمة البشرية بتعريفها الجديد للتعذيب!

إن ضعف الوزير وضعف خلفيته الحقوقية، كان واضحاً في جلسة مجلس حقوق الإنسان في (21 مايو 2012)، التي خرجت بـ 176 توصية، أضيفت إلى توصيات لجنة تقصي الحقائق، بينما كانت البحرين قد خرجت من المراجعة الدورية الشاملة الأولى في 2008 بتسع توصيات فقط.

في (25 مايو 2012)، وقَع الوزير في خطأ سياسي فادح عندما دخل في «ملاسنة» علنية مع رئيسة مجلس حقوق الإنسان لورا دوبوي اسير، التي طالبت حكومة البحرين بحماية الوفد الأهلي البحريني، بعد حملةٍ إعلاميةٍ شُنَّت ضدهم. في (28 يونيو 2012) أصدرت 27 دولة في مجلس حقوق الإنسان بياناً مشتركاً طالبت فيه بوقف انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين.

كل ذلك جرى في أول جلسة يتسلم فيها الوزير رئاسة وفد البحرين الرسمي لـ «جنيف». كل تلك الأحداث جعلت من السلطة تراجع نفسها في جعله رئيساً للوفد في جلسة سبتمبر 2012 وما بعدها، فأسندت المهمة لوزير الخارجية.

منذ ذلك التاريخ، أصبح الوزير صلاح علي وزيراً للمقابلات الروتينية والسفرات الشكلية، والتصريحات المجترة، وبلا مهام رسمية، حتى خرج عن صمته في مقابلته الأخيرة ليؤكد أنه ووزارته منذ إنشائها في أبريل 2012 وحتى الآن بلا اختصاصات ولا هيكلية (وبحسب قوله: هياكل إدارية متكاملة على الورق فقط) وبلا وكيل وبلا مستشارين، وبـ20 موظفاً منهم أربعة سواق، أثار وجودهم الاستغراب!

الوزير يعلم أنه ووزارته، يحظيان بالوجود المؤقت، وأن ساعة التخلص منهما قد أوشكت، ولذلك لم تعره السلطة أي اهتمام.

قد يعتقد البعض أن ما نقوله «افتراء» على الوزير، إلا أن «الموالين» سبق أن شنّوا عليه هجوماً علنياً مطلع سبتمبر 2012، واتهموه بكثرة السفر وعدم العمل.

لقد استُحدثت وزارة، وعُيَّن لها وزير و20 موظفاً بأربعة سواق وصرفت عليها ملايين، إلا أن الحقائق على أرض الواقع أثبتت عكس ذلك، كما أن سياسة الوزير ومواقفه، وتصريحاته وتهديداته، زادت من الانتقادات الدولية للسلطة.

من قبل كنت أقول للوزير أما آن أن تستقيل؟... واليوم أنصحه بأن يستقيل قبل أن يُقال في أقرب تعديل.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 4242 - الجمعة 18 أبريل 2014م الموافق 18 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 28 | 5:51 ص

      الله

      الله اصبر شعبى والمشتكى لله

    • زائر 27 | 5:42 ص

      ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وابصارهم غشاوة

      هذا الوزير عين ليلمع صورة النظام في البحرين التي تشوهت في العالم بعد ان اهانت كرامة الانسان في البحرين ولا نحتاج سرد فضائع الجرائم التي انتهكت من قتل وتعذيب وفصل الاطباء والصحفيين والمعلمين وغيرهم ولازال المعتقلين السياسيين يزجون في السجون بالمئات وحرمات البيوت تنتهك في انصاف الليل

    • زائر 26 | 4:37 ص

      ام حسن

      كما احجار الشطرنج تحرك باليد هم الاوزاء بعد ان ينتهي دوره وتأخد الحكومة مزيته وتزداد ارصدتة فى البنوك وجب على الحكومة تحريه الى ان يزول تنطفي شمعته خلاصه الكلام كلهم احجار تدار

    • زائر 22 | 3:18 ص

      sunnybahrain

      السلام عليكم ،،اضم صوتي الي صوت اخي الفردان ،،واضيف ان الاخ صالح ليس فقط مدان بالاستقال بل يجب عليه استرجاع المبالغ المتحصله التي صرفت على { سفراته الترويحيه } ويجب عن يحاسب على عدم ذكره ل { للواقع وطمس الحقائق } يا مسهل .

    • زائر 20 | 2:36 ص

      وزراء

      نسوا الله فانساهم انفسهم

    • زائر 19 | 2:14 ص

      وزير كفؤ

      بالصراحة ما أشوف أنسب من صلاح علي لهالمنصب، لديه قدرة عجيبة على الفذلكة الكلامية لدرجة يقدر يقنعك إن القار أبيض وانت تشوفه أسود.. وأحسن منه ما بيحصلون

    • زائر 18 | 1:58 ص

      خليل

      الاستقالة تحتاج إلى شجاعة أدبية

    • زائر 17 | 1:48 ص

      اختلف معك يا هاني!

      لنكن منصفين العلة ليست في الوزير بل في الوضع الحقوقي المتدهور ولو جاء أكبر خبراء حقوق الإنسان لما استطاع أن يغير من الصورة الكالحة!! وكني اتفق معك بان عليه أن يحترم نفسه ويستقبل وهو مالن يحدث فالوزراء يتم اختيارهم بعناية!!

    • زائر 15 | 1:37 ص

      الواقع

      عطني وزير واحد يمتلك الصلاحيات قبل ان تطعن في اي وزير ... صحيح ان بعض التعيينات غير مقنعه.. كما هو الحاصل في مجلس الشورى الذي يفترض ان يتم تعيين اعضاءه مم اهل الحل والعقد والخبره والكفاءه .. ولكن بالله عليك .. هل هؤلاء هم صفوة الحكماء من أهل البلد .. وينطبق الحال على النواب .. والشرهه على من انتخبهم .. وهكذا تتم فصول المسرحيه التي يراد منها ان تعيشوا في اجواء من الديمقراطيه السرياليه

    • زائر 14 | 1:27 ص

      لن يستقيل

      من صدقك ولد الفردان يستقيل مايقيله إلا الموت

    • زائر 13 | 1:26 ص

      مايحتاج

      أول مره يسجلها التاريخ بأن يكون هناك وزير لحقوق الحكومه ولم نسمع منه يومآ أي الوزير صلاح علي أي أدانه لفعل عفوآ لأفعال الحكومه وأنتهاكاتها ضد المواطنين غير مكترث بما يدور بأهلها وذهب يلمع صوره الحكومه خارجيآ عذرآ ياصلاح علي فأنت الرجل الغير مناسب او مؤهل لهكذا منصب فهذا المنصب يحتاج الي ++ نزاهه ++

    • زائر 16 زائر 13 | 1:44 ص

      يااخي كيف تطلب منه ادانة الحكومة وهو احد منتجي قصصها ومسرحياتها

      هذا وزير مغلوب على امره كل يوم تجيه الاوامر وماعليه الاالتنفيذ

    • زائر 12 | 1:18 ص

      فاقد الشيئ لا يعطيه.

      المشكلة ان الوزراء في البحرين لا يملكون قرارهم. لذلك نرى حتى قرار الاستقالة من أي منصب وزاري ليس من ضمن صلاحية أي وزير، وإن أراد ذلك. من يفتقد القدرة على اتخاذ مصيري كالاستقالة من منصب رسمي فهو يُعتبر مُلك للسلطة وليس لنفسه. ولكم ان تتخيلوا حجم المشكلة عندما يكون وزير شئون حقوق الانسان مملوك لحكومة يتم انتقادها بشل رسمي من جهات عالمية. هل يستطيع أي وزير تأدية واجبه ضد من يملكه؟

    • زائر 11 | 1:18 ص

      إن استقال ذهبت!

      إن بقي عبداً مؤموراً نال الرضا ومنح العطايا الحالية والآتية، وإن استقال خرب ما بنوه له وطمح وطمع هو فيه، فيكون البقاء عنده بذلة أهون عليه من الخروج بسخط ووقف العطايا ...

    • زائر 10 | 1:02 ص

      راتب كامل في الحالتين مدى الخياة

      أقيل أو استقال بيأخد راتب كامل مدى الخياة مثل عشرات من وزراء للمكافأت

    • زائر 9 | 12:55 ص

      نعم

      الله يمهل ولايهمل وسلام علي الاطباء الافاضل ومنهم دعلي العكري ونبيل تمام وديواني وحاجي وابناء ضيف وسماح الي الذين لم اذكر اساميهم

    • زائر 8 | 12:39 ص

      الوزير

      على اقل تقدير اخونجي والاخونجية الان مغضوب عليهم حتى قطر تعهدت بالتخلي عنهم وبقي اردوغان واردوغان الى زوال

    • زائر 7 | 12:30 ص

      مهما يكن الدهّان (الصبّاغ) ماهرا لا يستطيع اخفاء تعرجات الجدار المتهالك

      الوزير لديه مقدرة باهرة على التضليل ولكنها عجزت امام اصلاح جدار من الحقوق المنتهكة بالكامل، اذا لا يمكن له او لعيره اظهار صورة مختلفة والعالم كله يشهد ما يحصل على اجساد الشهداء ويحصل في المداهمات الليلية الدائمة والمتكرّرة في معظم القرى واستخدام انواع الاسلحة المحرّمة دوليا.
      أمام هذا الكم الهائل من الانتهاك لا يمكن هذا الوزير ولا سواه الوقوف امامها

    • زائر 6 | 11:59 م

      أهو ده اللي مش ممكن أبداً.. ولا تفكر فيه أبداً.. ده مستحيل.. وزير يستقيل..!!

      من قبل كنت أقول للوزير أما آن أن تستقيل؟...

    • زائر 5 | 11:11 م

      جلالة الملك : أفرحنا بالتغيير

      الأخ الفاضل هاني الفردان .. نحن نتمنى من جلالة الملك تعيين وجوه شابه ولا يقل عن 7 وزارات خدمية هذه الوجوه تتصف بأنها وجوه جامعية ، طموحة ، معتدلة ، لا تنتمي لجمعية دينية أو سياسية ، منفتحة على المجتمع ، همها خدمة بلدها ومجتمعه وليس جمع الغنائم

    • زائر 4 | 11:05 م

      كما ان التعيين ليس خياره كذلك اقرار الاستقالة ليس له

      صلاح علي عين هل يدافع عن حقوقي انا المواطن يمنع ان يستغل ذو النفوذ سلطته فينتهك حقي ام عين ليحمي منتهك حقي من ان يحاسب؟

    • زائر 3 | 10:21 م

      وليش هذه النصيحة ياولد الفردان

      انت تعرف من شاكلة الوزير قرار تعينه ليس في يده كون تعينه هدية ترضية لا دخل للكفاءة فيها اما الاستقالة فلا يحلم ان يقدمها لانه لا يملك الشجاعة

    • زائر 2 | 10:05 م

      فهمني

      وانت ايش حارك صرفو ملايين وله دنانيير

    • زائر 21 زائر 2 | 3:07 ص

      تادب

      الكاتب جزاه الله خير يسرد وقائع وحقائق ولم يختلق او يفبرك القصص مثلما يفعل بعض الكتاب الماجوربن .. فليكن تعليقك منطقي (هذا ان عرفت المنطق) وليرتبط بالموضوع .. لكن قول كلمة الحق والصدق في بلدنا تزعل

    • زائر 1 | 10:04 م

      طمبرها يا هاني

      خلاصة الحكاية أن الوزير مازاد في وزارته مثقال خردلة ولا الشعب استبشر بتوزيره فإن استقال أو أقيل فلا عزاء ولاهم يحزنون وكما يقال يهاب المرء قبل يوزر فإذا وزّر عرف ما فيه.

اقرأ ايضاً