العدد 4243 - السبت 19 أبريل 2014م الموافق 19 جمادى الآخرة 1435هـ

أدب «ماركيز» الإنساني لا يموت

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

غيّب الموت الخميس الماضي (17 أبريل/ نيسان 2014) الروائي الكولومبي المعروف غابرييل غارسيا ماركيز (87 عاماً)، الذي توفي في منزله بمكسيكو سيتي (المكسيك) بعد عودته من المستشفى إثر نوبة التهاب رئوي.

هذا الروائي المعروف الذي كان يناديه رفاقه بـ «غابو»، بدأ عمله مراسلاً صحافياً، لكنه في مرحلة لاحقة أصبح واحداً من الكتّاب الأكثر احتراماً وتأثيراً في جيله، وقدّم مساهمةً كبرى في إثراء فن السرد الروائي في العالم.

عندما قرأت رواية «الحب في زمن الكوليرا» قبل أكثر من عشر سنوات، كانت هذه هي البداية للتعرف على عالم ماركيز الرائع، مع تناوله الواقع والسرد في تفاصيل العالم اللاتيني القائم على صراع بين الخير والشر، والحب والكراهية، والطمع والإيثار. وتعتبر «العزلة» الموضوع الرئيسي لعددٍ من أعمال ماركيز، وليس فقط رواية «مئة عام من العزلة» التي كشفت عزلة دول أميركا اللاتينية.

لقد اكتسب ماركيز شهرةً في فن الواقعية السحرية، وهو لون أدبي امتزج بين الخيال والواقع. وهو أيضاً أحد الذين استطاعوا أن ينقلوا عالم أميركا اللاتينية في أسلوب يتكلم عن طبيعة هذه المجتمعات، كجزء لا يتجزأ من هوية ماركيز وحصيلة تجاربه في الحياة. وقد لفتت روايته «مئة عام من العزلة» اهتماماً خارج حدود الناطقين باللغة الاسبانية، ونالت شهرة كبيرة بعد نشرها مباشرة في العام 1967، وبيع منها أكثر من 50 مليون نسخة، إذ ترجمت إلى مختلف اللغات وأعطت دفعاً كبيراً لأدب أميركا اللاتينية.

لقد أوجد ماركيز أسلوباً خاصاً به في استعراض الأحداث بتفاصيل الحياة اليومية والحقائق السياسية في مشهد أميركا اللاتينية. وفي لقاءات سابقة قال إنه استلهم روايته «مئة عام من العزلة» التي حصد عنها جائزة نوبل في العام 1982، من ذكريات الطفولة عن القصص التي كانت ترويها جدته التي يغلب عليها التراث الشعبي والخرافات القادمة من ثقافة مجتمعات أميركا اللاتينية. وعلّق بقوله: «تفسير واقعنا من أنماط عدة، وليس من خلالنا نحن، يجعلنا فقط نشعر في كل مرة وكأننا غرباء عن عالمنا، ونصبح أقل حرية وأكثر وحدة في كل مرة».

ومن «مئة عام من العزلة» جاء «خريف البطريرك» في العام 1975، التي دعا فيها ماركيز «قصيدة إلى العزلة من السلطة، من خلال حكاية للزعيم المستبد في دولة لاتينية من مجموعة الحكام المستبدين، واستمر في استلهام التاريخ من الصراع في أميركا الجنوبية، من خلال الرواية المستوحاة من حوادث عاشها وأعاد تعريفها من خلال ثقافة تعشق الحرية والعدالة.

ماركيز الذي ولد في السادس من مارس/ آذار 1927 في شمال كولومبيا لعائلة تعدّدت توجهاتها السياسية بين التشدد والتحرر، استطاع أن يحيي سحر أميركا اللاتينية وصور تناقضاتها المجنونة في خيال ذاكرة كل من قرأ أعماله.

إن من أهم آثار ماركيز انه حوّل الهم الأميركي الجنوبي إلى هم إنساني واستطاع أن يوصل الفكرة التي تؤمن بقدسية الإنسان وحقه في العيش الكريم إلى جميع الثقافات، وبسببه عرف الكثير من الناس ماذا يجري في تلك القارة البعيدة، كما تعرف عشاق الحرية على كيفية تحدي الألم والصعاب ولذة السعي لنيل الحرية.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4243 - السبت 19 أبريل 2014م الموافق 19 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 10:00 ص

      أعماله خالدة

      قرأت الكثير من كتب ماركيز الرائعة و المذهلة التي شكلت زلزالاً للوعي باسلوب شيق و احياناً ساخر.
      ستبقى ذكراه خالدة في قلوب محبيه حول العالم مدى حياتهم.
      شكراً استاذة ريم على المقال الرائع

    • زائر 7 | 7:48 ص

      شموع لا تنطفئ

      من الرائع ان نتعرف على ثقافات متعددة..خصوصا اذا كان الملقي بحجم الكاتب ملك الانسانية ماركيز

    • زائر 5 | 6:38 ص

      ماركيز

      استاذه ريم انت اكثر من روووعه كل مقال احلى من الثاني

    • زائر 2 | 12:50 ص

      ماركيز

      قرأت الحب في زمن الكوليرا اسلوب شيق

    • زائر 3 زائر 2 | 1:33 ص

      وانا

      وانا قرات الحب في حياة علي ع

    • زائر 1 | 12:04 ص

      موته خلود

      نحتاج لأمثاله لنتعلم الانسانية

اقرأ ايضاً