العدد 4245 - الإثنين 21 أبريل 2014م الموافق 21 جمادى الآخرة 1435هـ

فاشستية وليست مجرد طائفية!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تلقيت رسالة نصية صباح أمس، من أحد معاهد التنمية السياسية، يعلن عن دورة تدريبية على «مهارات التخاطب مع وسائل الإعلام في العملية الانتخابية».

وإنني إذ أشكر المعهد على تواصله الدائم، أتمنى له كل النجاح في مشاريعه وبرامجه التي نرجو أن تخدم فعلاً «التنمية السياسية»، خصوصاً بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من الأزمة السياسية. كما أتمنى أن يوفق في اختيار المحاضرين ممن يحظون بسمعةٍ حسنةٍ، وكفاءةٍ مهنيةٍ غير مشكوك فيها، فضلاً عن النزاهة الأخلاقية. فالشارع البحريني المسيّس حتى قمة رأسه، لا يحتاج إلى نظريات وتنظيرات، وإنّما إلى أشخاص مهنيين محايدين، يحترمون شرف الكلمة وأخلاقيات المهنة.

المؤسسات والمعاهد، السياسية والحقوقية، وما شابه من منظمات مستحدثة، يفترض أن تقوم بدور وطني إيجابي، كما يفترض أن يسلّم قيادها لأشخاصٍ أصحاب التزامٍ وطني. ومن الصعب أن تقنع الجمهور بأهمية هذه المؤسسات وجديتها، حين تسلم قيادها لأشخاص معروفين باتجاهاتهم الانعزالية، وتوجهاتهم العنصرية التي لا يخفونها، بل يتبجحون بعرضها على مواقعهم في «تويتر» و «فيسبوك».

لا يمكن لمعهد ولا مؤسسة رسمية أن تنجح أو تتواصل مع الجمهور، إذا كان بعض أقطابها يحملون أفكاراً شوفينية، ويدعون جهاراً نهاراً للإقصاء والتمييز، ويحرّضون علانيةً على طرد المواطنين من أعمالهم لمجرد الانتماء العرقي أو الطائفي. هذه جريمةٌ، تخالف الدستور والقانون والأخلاق والمنطق، فمتى كان الحكم على البشر بهذه الطريقة: «هذا ممن لا يؤمن شره»؟ أليست هذه عقلية من قضوا على آلاف الأبرياء في أوروبا القرون الوسطى، نساءً ورجالاً، علماء وفقراء، فقط لوجود أناسٍ متخلفين عنصريين، اتهموهم بأنهم يمارسون السحر!

في رواية «أحدب نوتردام» الشهيرة لفيكتور هوغو، والتي صدرت في عدة أفلام، هناك شخصيتان مؤثرتان جداً، الأولى الأحدب، الطفل اللقيط المشوّه الخلقة، الذي تربّى في كنيسة نوتردام دي باريس، وعاش في عزلة تامة عن العالم، وبقي يعمل كقارع أجراس؛ والأخرى الأزميرالدا، الطفلة الجميلة التي اختطفتها مجموعةٌ من الغجر، وعملت معهم راقصة بعدما كبرت، وحُكم عليها بالإعدام في نهاية الرواية بتهمة «السحر»!

الرواية صدرت منتصف التاسع عشر، وخلّدت لنا أوضاع فرنسا البائسة في تلك الفترة وما سبقها من قرون. ونحن الآن في القرن الحادي والعشرين، حيث يدعو أحدهم بكل صلافةٍ، (مستخدماً أحدث ما أبدعته العبقرية البشرية من تكنولوجيا في وسائل الاتصال)، إلى فصل موظفٍ بوزارة الصحة البحرينية لأنه «ممن لا يؤمَن شره»!

هوغو صاحب الروايات الخالدة، عرف بنزعته الإنسانية، ومواقفه ضد الظلم وغياب العدل، وتعاطفه مع الضعفاء والطبقات المحرومة، بينما سيُذكر بعض «مثقفي» هذا الزمان الرديء، بمواقفهم المنحازة للظلم والتمييز والإقصاء والتهميش، واحتقار الناس ومعاداتهم لحقوق الإنسان والاستخفاف بكرامة البشر.

الأولى بمعاهد التنمية السياسية أن تنظم محاضرات تثقيفية لبعض أعضائها، ودورات علاجية للأمراض النفسية التي يعاني منها بعضهم، من حقد وعقد وبث روح الكراهية بين الناس. فكيف تستطيع أن تحقّق تنمية سياسية وأنت تعين أشخاصاً عنصريين أصحاب فكر شوفيني مريض؟ وإذا كان أحدهم يؤمن بأن نصف الشعب مشبوهٌ ومتّهمٌ مسبقاً، فهل يمكن إلا أن يمارس سياسة التمييز والتهميش والإقصاء ضدهم؟ وهل «تأمن شره» ضد بقية المواطنين؟ وما هو مصير كل مبادئ الإدارة، من تكافؤ الفرص واعتماد الكفاءة، التي تأخذ بها الدول الحديثة كافة اليوم؟

من المؤكد أن هؤلاء لا يمثلون هذا الشعب الأصيل، ولا المناطق التي يتكلمون باسمها اليوم. نقولها بكل ثقةٍ وإيمان، فأجدادنا عاشوا وعملوا معاً في مغاصات اللؤلؤ وسط الخليج حتى الثلاثينيات، وآباؤنا عملوا معاً في «الجبل» في الستينيات، ونحن درسنا في المدارس الحكومية في السبعينيات، ودخلنا الجامعة مطلع الثمانينيات. ولم يسأل أحدنا عن طائفة ومذهب الآخر. ليأتي لنا في آخر الزمان، من يريد أن يجوّع جاره ويقطع رزقه، ويسلب حقوق شريكه في الوطن... لأنه يعاني من بعض عقد فرويد!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4245 - الإثنين 21 أبريل 2014م الموافق 21 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 5:12 ص

      للاسف هذه أهم اسباب مشاكلنا

      تعيين هؤلاء في هذه المراكز المهمة تنم عن خلفية من عينه و هو الملام و ليس هذا الموظف.

    • زائر 18 | 3:18 ص

      .....

      تحكمت ببعض المناطق السنية مجموعة من الجهلة والحمقى على شاكلة .......... والذي اصبح فيمابعد امام بأحد مساجد هذه المنطقة. عبئ ابنائها بمزيد من الكراهية والحقد.والسبب معروف هو حجم قضايا السرقة والأبتزاز التي رفعت عليه لأستغلاله وظيفته السابقة.................

    • زائر 14 | 2:15 ص

      مصالحهم اهم

      في حراك التسعين وقفوا ضد الدمقراطية وارجاع المجلس النيابي والان ضد المملكة الدستورية التي وقع بنعم على ميثاقها واذا فرجها الله سبحانة وتعالى على هذا الشعب المظلوم سيخلع جلده الاسود

    • زائر 13 | 1:43 ص

      احنا

      نقدر خوف اهلنا السنة بس البعض من اهلنا السنة لم يكن حجته الخوف وانما الغيرة و
      الحقد وحب الذات

    • زائر 12 | 1:41 ص

      مناطق

      في مناطق في البحرين صارت خط احمر نخاف نقرب منها لان الغالبية من اخوانا السنة الا كانوا يحبوا واللحين لو نلجأ لهم ينكرون مو بس العلاقات والعشرة صاروا يقذفونا بابشع الصفات ويقطعون ارزاقنا اشلون بعد لو نستنجد ابهم
      بس الذهب يضل ذهب بعض من سنة عرب او هولة كانوا ومازالوا على راسي في شدة الازمة وللان يضل ولو القلة القليلة لديها ضمير حي واعي يقدر ويميز الامور

    • زائر 11 | 1:36 ص

      أريد أفهم

      كيف يقدم صحفي الانفاق دورة في فن التخاطب مع وسائل الاعلام؟؟؟؟؟

    • زائر 6 | 11:57 م

      احسنت

      كل من ايران.

    • زائر 7 زائر 6 | 12:20 ص

      صفاقة

      تقطعون ارزاق المواطنين وتفصلونهم من اعمالهم وتهدمون بيوت الله وتحطونها على ايران.صدق صفاقة.

    • زائر 15 زائر 6 | 2:25 ص

      نعم

      نعم ايران هى السبب لانها هى من تعمل على الفتنة بين شعب البحرين لم يكن هناك اى طائقية فى البحرين قبل ظهور خمينى سنة 1979

    • زائر 17 زائر 6 | 2:59 ص

      ايران

      ويش فيك قاعد يطنز .. كل شي حطوها على ايران .. ما عندهم حجي مفلسين واحنا حفظنا شماعتهم

    • زائر 5 | 11:34 م

      فرويد بريء من عنصريتهم

      لا احد يحمل ذنبهم

    • زائر 4 | 11:20 م

      محرقاوي

      للاسف بعد الحراك الشعبي انتشرت الطائفيه بشكل مخيف صار الشخص يسال عن طائفته قبل الصله به وانتشرت الكلمات التي لم نكون نسمعها في السبعينيات والثمانيات من هذا القران خاصه في الاماكن المختلطه اليوم صارت الطائفيه مثل السرطان كلما استفحل صعب علاجه اه علي وطني وابناء وطني

    • زائر 19 زائر 4 | 3:19 ص

      الطائفية والتمييز من قبل

      يا اخي حلك منصف الطائفية والتمييز من قبل بسنوات طويلة. بعد فبراير 2011 صار شاهر ظاهر. ....

    • زائر 3 | 11:18 م

      ماضن

      هذه العقول مشبعه بسموم الطائفيه البغيضه فهل من المعقول قطع أرزاق من عاشو معك علي أرضنا الغاليه ومصيرنا الواحد

    • زائر 2 | 10:42 م

      للاسف الشارع السني لا يختلف رأيه كثيرا و دعونا من المجاملات

      لا يخفي الاخوة السنة نصرتهم و انتصار السلطة بهم قائم على انصر اخاك ظالما او مظلوما بالعرف القبلي او بدوافع مذهبية او دينية كما يصورها النائب الخطيب صراع بين شرك و توحيد و قد يكون الخوف من البطش سعر الخلاف ولكن هو موجود فعلا حتى لو لم يسعر و الحل يبدأ بتشخيص الحالة و تحديد اطرافها الفاعلة و جعلهم كتلتين متقابلتين و الواقع حددهما كتلة السلطة و الموالاة و كتلة المعارضة اما الشورويون و البرلمانيون هؤلاء وزنهم في الشارع لا يذكر ان لم نقل لا وجود له

    • زائر 1 | 10:21 م

      عندك إياهم سيد

      لعل وعسى ينفضون من قلوبهم الحقد والكراهية الغريبة على أهل البحرين إلا على فئة الدواعش
      والفلافل ومجهزين غازي الغزوات

    • زائر 16 زائر 1 | 2:26 ص

      لو

      لو صدام موجود ماصار إلي صار في 14 فبراير

اقرأ ايضاً