العدد 4248 - الخميس 24 أبريل 2014م الموافق 24 جمادى الآخرة 1435هـ

ديمقراطية الطوائف والعصبيات!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ما جرى في البرلمان اللبناني يوم الأربعاء الماضي، يمكن أن يدخل في باب الفانتازيا ومسرح اللامعقول!

ففي ذلك اليوم المشهود، تفرّج العالم على تصويت النواب، في واحدٍ من أقدم البرلمانات العربية، لاختيار رئيسٍ لأقدم جمهورية عربية ديمقراطية، وكان الجميع يعلم أنها جلسةٌ لن تؤدي إلى أية نتيجة أو اتفاق.

قوى (8 آذار) صوّتت بالورقة البيضاء (52 نائباً)، كما كان متوقعاً، وصوّتت كتلة جنبلاط لصالح عضوها هنري الحلو (16 نائباً)، إلا أن المفاجأة التي لم تكن مفاجِئة، تصويت قوى (14 آذار) لصالح سمير جعجع، الذي حصل على 48 صوتاً. وقد صدرت موقفها بإعلانٍ صريحٍ بدعمها جعجع، باعتباره «يمثل المبادئ التي قامت عليها ثورة الأرز وانتفاضة الاستقلال»!

جعجع من أقطاب الحرب الأهلية اللبنانية، وله سجلٌ حافلٌ بالقتل والبطش والاغتيالات. والدماء التي سفكها توزعت بين رؤساء حكومات وقادة دينيين وضباط لبنانيين، وسياسيين منافسين، أكثرهم من بيوتات مسيحية كبيرة، مثل شمعون وفرنجية، بل وتقاتل مع حلفائه مثل الجميّل وحبيقة. وفي بعض هذه الجرائم لم يتورّع عن قتل أسرٍ كاملةٍ بأطفالها، مما نشرت الصحف اللبنانية تفاصيلها في السبعينيات.

جعجع قُدّم للقضاء وأدين بجرائم القتل، وأشهرها جريمة اغتيال رئيس الوزراء (السني) رشيد كرامي. وقد حُكم عليه بالإعدام، الذي خفف إلى المؤبد، وتم الإفراج عنه بعد 11 عاماً، بسبب الصفقات والألاعيب السياسية.

رجلٌ بمثل هذا السجل الدموي، حتى وإن كان غريباً تجرؤه على الترشح لمنصب رئيس جمهورية، إلا أن الأغرب هو تصويت كتلة المستقبل، التي تمثّل سنّة لبنان، لصالحه، وبأغلبية الأصوات. وهو أمرٌ استفز مشاعر الناس في مناطق السنّة، الذين أحسوا بالإهانة، فارتفعت الأصوات المندّدة في الشارع، الذي مُسّت كرامته في الصميم. فاللعبُ يجري باسمه، ويُجيّر صوته لصالح شخصٍ قاتلٍ، مُدانٍ قضائياً بارتكاب جرائم قتل واغتيالات.

من طرائف هذا العرض الفانتازي، أن أمين الجميل، الذي أصبح رئيساً بعد اغتيال أخيه بشير مباشرةً، حصل على صوتٍ واحدٍ فقط... لا غير! وبينما صوّت 52 نائباً بورقة بيضاء، فإن هناك سبع بطاقات تصويت تم إلغاؤها، لأنها حملت أسماء شخصيات سياسية لبنانية انتقلت قبل سنوات من الحياة الدنيا. فبهذه الطريقة الساخرة اختار بعض النواب أن يعبّروا عن رأيهم في هذه الفانتازيا السوداء!

ما يبدو لنا نحن في الخارج عرضاً مسرحياً يدخل في مسرح اللامعقول، يبدو أن اللبنانيين اعتادوا عليه وتعايشوا معه، فلم يستغربوا من بلدهم الذي أسقط اتفاق 17 مايو 1983 في ذورة ضعفه، وتصدّى لـ «إسرائيل» التي هزمت العرب، فهزمتها، هو الذي اختار برلمانه بشير الجميل رئيساً تحت حراب الاحتلال الاسرائيلي في صيف 82، وهو الذي يعود اليوم للتصويت على انتخاب أحد أبطال الحرب الأهلية «الدكتور الحكيم سمير جعجع»... رئيساً للبنان!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4248 - الخميس 24 أبريل 2014م الموافق 24 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 4:57 ص

      غريبة جدا.

      انا مستغرب كيف سنة لبنان يصوتون له؟

    • زائر 11 | 3:52 ص

      الطيور عل اشكالها تقع

      لا يصوت لقاتل الا قاتل مثله ولا يدعم ظالم الا من يحب الظلم للناس ولا يفرح بوجود من يفش غليله في الخصوم الا من ملئ قلبه بالحقد. هذا ما نراه في المشهد.. وعندهم وعندنا خير.

    • زائر 10 | 3:18 ص

      ديمقراطية الطوائف او اضطهاد الطوائف ايهم اكثر اجراما

      ابو هاشم هناك نهج اضطهاد الطوائف و هذا النهج لا يقارن بخسته ديمقراطية الطوائف

    • زائر 8 | 2:41 ص

      فعلا شي غريب!

      اذا جعجع حصل له ناس اغبياء ويش تبغيه يسوي يعني؟ االمشكله والخلل ليس في جعجع بل في من صوتو له.

    • زائر 7 | 1:01 ص

      حين تغيب القيم يصبح القتلة والسفاحون قادة للامّة

      هكذا هي الامة المنكوسة والمقلوبة والمنكوبة لا يتسنمّ رئاستها الا من ولغ في دماء الناس واسرف في القتل!! وهذا اكثر ما يجعل هذه الامة طايحة حظ ومتخلّفة ومتقوقعة ولن تتقدم ابدا وهي بهذه الصورة السيئة

    • زائر 6 | 12:51 ص

      اين لبنان ؟؟

      كانت لبنان هي الملاذ الجميل وباريس الشرق قبل ان يأتي حزب الله الذي أوجدته ايران ليكون خنجرآ في خاصرة العرب وأصبح لبنان بلد الغربان .. كانت السياحة تأتي من الشرق والغرب والآن يترجون ان يأي احدهم لزياره الارض التي كانت جميلة

    • زائر 9 زائر 6 | 2:44 ص

      معك حق

      يا غبي حزب الله لم يكن موجودا في السبعينات عندما أكلت الحرب الأهلية الأخضر واليابس في لبنان، اذهب واقرأ التاريخ بدلا من قراءة سفاهات الصحف الصفراء!

    • زائر 5 | 12:23 ص

      يا سيد لا تذهب بعيداً

      النواب في البحرين يدّعون تمثيل الناس و لكنهم يصدرون قوانين مقيدة و ضد رغبات الناس و يعملون لأجل أنفسهم .
      النواب في البحرين يصدرون أحكاماً هم من يقوم بخرقها و لكن مامن محاسب.
      النواب في البحرين لا يملكون رأيهم فيوماً يصرحون باستجواب ذلك الوزير و تأتيهم أوامر فيسقطون طلب هذا الإستجواب.
      المحصلة: نواب رموت كنترول أو كما يقال مثال لهواتف العملة من يمدها بالمال تتكلم عنه بما يريد بغض النظر عن مصدر هذا المال و حليته من حرمته و لكن سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . ياغوا اّخرتهم بدنياهم

    • زائر 4 | 11:59 م

      جزار

      هذا الجعجع جزار بامتياز ؟؟؟؟

    • زائر 3 | 10:37 م

      حتى لو رشح نفسه صدام في الخليج سيفوز

      لا غرابة .. حتى لو رشح نفسه صدام بعد أن احتل الكويت
      في احد دول الخليج لأي منصب سيفوز بأغلبية !
      هذا ديدنهم ..
      كان حكام العرب القريبة عهدا من العهد النبوي كالعباسيين و الأمويين يشرب الخمرة و يجاهر بالمعاصي والظلم ويسمى بأمير المؤمنين ويأمهم في صلاة الجمعة!
      جمعة مباركة

    • زائر 2 | 10:18 م

      14 نصاب

      تصويتهم للقاتل يدلل على هوية هؤلاء المجرمين

    • زائر 1 | 10:18 م

      هم وراء من يدفع

      أمروهم بالتصويت فصوتوا، أيضاً هم يعملون بمبدأ البغض للشيعة، يعني من يكره حزب الله خو الأفضل والا الجنرال عون افضل الموجودين حاليا لكنه متوافق مع حزب الله-ستراوي

اقرأ ايضاً