العدد 4251 - الأحد 27 أبريل 2014م الموافق 27 جمادى الآخرة 1435هـ

في تسوية الإهانة لإرجاع النور والماء!

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

وتكملة لموضوع الكهرباء التي عصفت بعائلات، يبرز موضوع التسويات. تسويات ضريبة أن يروا، وأن ينعموا ببرد اصطناعي، وألاَّ يكونوا جيراناً للجحيم. الجحيم الذي لا يستطيع مخلوقٌ أن يجزم بنهايته وزواله فيما نشهد!

لا نريد أن نحصر المشكلة في حالة خاصة ويتيمة (عائلة الهملة) وغيرها من العائلات. الأولى بحسب ما نُشر، وصلت فاتورتها إلى أكثر من 14 ألف دينار. عائلة من 26 شخصاً في بيت متهالك آيل للسقوط. تفاصيل كيف تحيا العائلة تلك لا تهمّ جهة رسمية. ماذا يتوافر لهم من سعرات حرارية، لا علاقة لوزير الصحة بذلك. كيف يمكن لهم أن يحرزوا نباهة وتقدّماً في ظل أوضاع معيشية كتلك، لا يهم وزير التربية. كيف يمر عليهم الشهر في ظلّ الفاقة والعسر وضيق ذات اليد، لا يهم أيضاً وزيرة الشئون الاجتماعية. كيف استطاع أطفال ذلك البيت أن يتجاوزوا امتحاناتهم بحرمانهم من حق أن يبصروا من دون دخان (شموع) بالكهرباء، كحق أصيل، لا يهم كذلك وزير الدولة لشئون حقوق الإنسان!

وبالعودة إلى التسويات: بحسب ما هو معلوم، وبحسب تصريحات الجهات الرسمية المعنية بشئون الكهرباء والماء، يتم «التفضّل» على مثل أولئك بتقسيط المبالغ إلى سنة، وقد تمتد إلى أربع سنوات، وبحسبة بسيطة إذا تمت التسوية لمدة عام، مطلوب من العائلة المنكوبة أن تدفع 1166 ديناراً شهرياً كي تجتاز «الصراط المستقيم» إلى نور الكهرباء. وإذا تمت التسوية على امتداد 4 سنوات فمطلوب من العائلة المنكوبة نفسها وغيرها من العائلات كي تجتاز «الصراط المستقيم» إلى نور الكهرباء والماء أيضاً، أن تدفع 291.480 ديناراً، ومسألة الأربع سنوات لن تحدث. يحدث ذلك مع بعض الذين تراكمت فواتير مصانعهم وفنادقهم ومصانعهم إلى مئات الآلاف، ومن رحمة ربك أن يتم التجرؤ على أحد منهم! هذا إن حدث!

في مسألة مهمة تتعلق بحال «الرفاهية» التي صدّعوا رؤوسنا بها! رفاهية الـ 250 والـ 300 دينار للذين أنهكوا أدمغتهم وسنوات عمرهم لإنهاء التعليم الجامعي ومن أسرٍ شبه معدمة أيضاً!

ليس إفشاءً لأسرار أمنية للدولة حين نقول، إن معدلات الفقر هي في ارتفاع لا يمكن تزوير الواقع وتجميله ولو اجتمع الإنس والجن على ذلك. كما إنه ليس من أسرار الدولة أن الطبقة المتوسطة في تلاشٍ واضمحلال ضمن واقعٍ نشهده في طبيعة أداء الاقتصاد، وفي طبيعة التعاطي مع ملفات لا مجال هنا لذكرها!

المؤسسة التشريعية التي انشغلت طوال الأزمة في خنق حريات الناس و»الكبْس» على أنفاسهم، والحد من حقهم في التعاطي مع شئون بلادهم والملفات المحرّمة والتي لا يُراد الاقتراب منها، لم تفكّر بعد كل ذلك الأداء البائس واليائس والخانق للحريات، في الالتفات إلى اختتام أدائها الأكثر بؤساً ويأساً، في التقدم باقتراح يعفي ذوي الدخل المحدود، الصحيح «ذوي الدخل المخروم» من رسوم الكهرباء والماء، ولو تمّ ذلك بـ «زفَّة» وما يشبه التشهير كما حدث مع بطاقات دعم المتقاعدين، وقبل سنوات مع الذين يستحقون علاوة الغلاء يوم نُشرت أرقام بطاقاتهم السكانية!

هو موضوعٌ يتعلق بالمحاصرين بالظلام. صحيح، لكنه لا يبتعد كثيراً أيضاً عن توظيف أموال المارشال الخليجي في مناطق بعينها، وبسرعة صاروخية، فيما مدن إسكانية تم إقرارها قبل أكثر من عقد وإلى الآن لا أثر يدل عليها سوى ردم البحر وما يتسرّب من كلام مرتبط ببيع جزءٍ مما تم ردْمه!

هناك صلةٌ بين موضوع الذين يحرمون من النور والماء في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به البلد، والتفنّن في التضييق، وبين رفاهية هبطت ببراشوت وتم إقرار خططها في غمضة عين، وهي التي كانت تحتاج إلى عشرات المنافذ والإجراءات والبيروقراطية الكريهة كي يتم إقرار توقيع المشروع وبين التوقيع والتنفيذ تموت أمة وتحيا أمم. كذلك هو الأمر بين قطع النور عن فقراء ومعدمين وبتوجّهٍ لا يمكن إغفاله، وبين تسويات هي بمثابة مراحل مركّزة من العذاب والإهانة والاستنزاف لهم!

في نهاية الأمر... هي تسويةٌ مليئةٌ بالإهانة لإرجاع النور والماء! وبثمن باهظ ومنهِك!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 4251 - الأحد 27 أبريل 2014م الموافق 27 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 9:43 ص

      الحال مؤلم

      الى الله نشكو حالنا

    • زائر 1 | 6:42 ص

      هاده

      هاده القرار فقط على الفقراء امه التجار لايطبق عليهم القرار لانهم هم من وضع القرار المشتكى لله

اقرأ ايضاً