العدد 4275 - الأربعاء 21 مايو 2014م الموافق 22 رجب 1435هـ

إدارة المخاطر الاجتماعية وتحديات المرحلة الراهنة

عبدالله جناحي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تعني إدارة المخاطر الاجتماعية «تدخلات عامة لدعم ومساندة الأفراد والأسر والمجتمعات لإدارة أي تهديدات ومخاطر، أياً كان مصدرها، للحفاظ على مستوى معيشتهم ونوعية حياتهم، مع التركيز بشكل خاص على الفئات الهشة التي تصبح احتمالات وقوعهم في دائرة الفقر والخطر هي الأكثر ترجيحاً».

لذا فإن مفهوم إدارة المخاطر الاجتماعية يتجاوز مفهوم الرعاية الاجتماعية، إذ إنه مرتبط بالتنمية البشرية المستدامة والاستقرار الاجتماعي. وهذا المفهوم يتقاطع ويتداخل مع السياسة الاجتماعية ويستهدف العدالة الاجتماعية (تحديداً إعادة توزيع الدخل)، وتوفير الحماية الاجتماعية للفئات المهمّشة والمستبعدة لدمجهم في المجتمع.

ويتضح من التشخيص والتحليل الذي عرضناه في المقالات السابقة، أن هذا المفهوم بعيد عن السياسات الاجتماعية لمملكة البحرين التي لم تستوعب بعد المخاطر الشديدة التي برزت في القرن الحادي والعشرين، والتي تم التعبير عنها بـ «مجتمع المخاطر العالمي»، ويهدف إلى الإسهام في التنمية البشرية المستدامة وتصحيح مسارات السوق، وإعادة توزيع الثروة القومية، وضمان التنمية البشرية المستدامة، وتصحيح مسارات السوق، وإعادة توزيع الثروة القومية، وضمان الاستقرار الاجتماعي، حيث مازالت العمالة المهاجرة مهيمنة على سوق العمل، ولم يتم تقييم سياسات التخصيص والتأكد من القيمة المضافة التي حققتها اقتصادياً واجتماعياً. ومازالت مستويات المعيشة متدنية جرّاء الفساد المستشري، واستمرار احتكار السلطة والثروة من قبل القلة، الأمر الذي خلق عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

كما تغيب في مملكة البحرين المراصد الاجتماعية التي تسهم في تقييم ومراقبة المخاطر المتنوعة، إضافةً إلى غياب ثقافة مجتمعية تدرك المخاطر، فضلاً عن غياب سياسة حكومية تمنع بروز مخاطر جديدة، بل بالعكس... خلقت مخاطر جديدة ومازالت تتفاقم وتدار الأزمة دون وجود علاج لحلها حلاً جذرياً.

ومن جانب آخر فإن العولمة قد أثرت بشكل كبير على المجتمع البحريني سلباً وإيجاباً، فمن جهة تأثر اقتصاد البحرين بالأزمات الخارجية، وبرزت بؤر مجتمعية تتبنى أفكاراً دينية متطرفة (كأفكار «القاعدة»)، وضعفت الطبقة الوسطى، مع استمرار تهميش بعض الفئات الاجتماعية.

ومن خلال الانتهاكات الكبيرة التي مورست في حقوق الإنسان وتراجع الحريات العامة، بدأت المنظمات الحقوقية، والدول الرأسمالية الديمقراطية في الضغط على حكومة البحرين ورفع الشكاوى، سواءً في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أو المنظمات العمالية كمنظمة العمل الدولية، وأعلنت حكومة البحرين عن نيتها الالتزام بتنفيذ توصياتها، الأمر الذي يكشف بجلاء تقلص المفهوم التقليدي لسيادة الدولة.

ومن الناحية الايجابية، فإن للعولمة، التقنية والإعلامية، تأثيرات جلية على الشباب البحريني، حيث تعتبر البحرين من الدول الرائدة في الانفتاح على العالم عبر الاستخدام الواسع للتقنيات والاتصالات المعلوماتية الحديثة.

وإذا كان مفهوم إدارة المخاطر الاجتماعية يضم عوامل متداخلة، كتقييم المخاطر، ثم إدارتها لتجنّبها أو التقليل من احتمالات حدوثها أو التعامل مع آثارها، فإن السياسات المنفذة في البحرين بعيدةٌ عن هذه العوامل المهمة، حيث لا توجد رؤية كلية للسياسة الاجتماعية ولا توجد أدوار متكاملة بالشكل المطلوب للحكومة والمجتمع المدني، أو القطاع الخاص والأسرة والأفراد.

وإذا كانت إدارة المخاطر الاجتماعية تتعدى مفهوم الحماية والرعاية الاجتماعيين، وتتخطى الاعتماد على النفقات العامة لتصبح أحد أوجه الاستثمار في بناء وتطوير رأس المال البشري من خلال تمكين الفقراء والفئات المهمشة بشكل دائم، فإن مثل هذا المفهوم مازال ضعيفاً في البحرين، حيث معظم البرامج المنفذة تغلب عليها الرعائية والحمائية بدلاً من التنموية.

وعلى صعيد مفهوم الاستبعاد أو الإقصاء الاجتماعي، وإذا ما اعتمدنا المفهوم الواسع له - حسب دليل الفقر البشري - الذي يضيف عمليات الحرمان والتهميش التي يتعرض لها الأفراد والجماعات، ومنها التمييز العرقي أو الديني أو الطائفي أو التمييز ضد المرأة، وكلها تضيف إلى توسيع مفهوم الفقر ليشمل البطالة والحرمان من الاشتراك في سوق العمل، أو ملكية وسائل الإنتاج أو الحرمان من المشاركة السياسية، باعتبارها حالات من الاستبعاد الاجتماعي.

والمتأمل للواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في البحرين، فإن أغلب هذه الأنواع من الاستبعاد موجودة ومتفاقمة في المجتمع.

وعلى صعيد مفهوم الإدارة الرشيدة (الحكم الرشيد أو العادل) الذي يتسم بالمشاركة والشفافية وتدفق المعلومات والاستجابة لمصالح المجتمع ككل وسيادة القانون وتطبيقه دون تمييز والتخطيط الاستراتيجي، فإن كل هذه السمات مفقودة أو ضعيفة على الصعيد الرسمي في مملكة البحرين.

إقرأ أيضا لـ "عبدالله جناحي"

العدد 4275 - الأربعاء 21 مايو 2014م الموافق 22 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 4:14 ص

      موجودة وتزداد يا أستاذ

      والمتأمل للواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في البحرين، فإن أغلب هذه الأنواع من الاستبعاد موجودة ومتفاقمة في المجتمع.

اقرأ ايضاً