العدد 4279 - الأحد 25 مايو 2014م الموافق 26 رجب 1435هـ

حكومات لا تعرف قيمة مبدعيها والمرأة التي لم تعترف بالهزيمة

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

في مقابلة مع الطبيبة والأديبة نوال السعداوي؛ المرأة الحديدية وذات الأفكار التقدمية، والسابقة لعصرها والتي تُحاضر في عدة بقاع الدنيا، وتمت ترجمة كتبها إلى اثنين وعشرين لغةً واحتفى بها الغرب والشرق ولكنها لم تُكَرم داخل بلادها مصر إطلاقاً.

مصر التي كانت تدعي الحرية والديمقراطيةً، مما يُخجل حكوماتنا بألا تعرف قيمة مبدعيها، بل حاربوها بكل ما يستطيعون، من وسائل القمع والسجن والمنفى، وتذكُر تجربتها العصيبة ومشاكلها حينما بدأت بالتعبير عن أفكارها، والتي اعتبرت حينها من الصراحةِ والجرأة بحيث تجاوزت الخطوط الحمراء، سواء الاجتماعية والدينية وحتى السياسية وأذكر بعضها.

حينما عُينت في وظيفة مديرة مكتب وزير الصحة وَطَلبَ منها كتابة خطاباته وتمجيد إصلاحاته، ولكنها واجهته بخطابٍ انتقدت فيه المساوئ والقضايا العالقة والنواقص بكل صراحة؛ ما أدى إلى طردها من المنصب بسبب تجرؤها ومواجهته بعيوبه، أما الاجتماعية فطالبت كطبيبة بمنع ختان البنات لما كانت تتسبب في موتهن وتشويه أعضائهن التناسلية في طفولتهن ما يعوقهن جسدياً في إدرار البول والوظائف الجنسية الحيوية الأخرى.

وحوربت السعداوي حينما طالبت بمعالجة مشكلة الأطفال غير الشرعيين من دون نسب (وعلى رغم أن الأم تمثل كل شيء في حياة الطفل ولكنها لا تستطيع إعطاءهم نسبها)، فكان في مصر ثلاثة ملايين طفل من دون نسب، وطالبت بأن ينتسب جميع هؤلاء الأطفال لأمهاتهن لإنهاء المشكلة من جذورها.

وحاول الإسلاميون تكفيرها في إحدى مراحل حياتها بل والاعتداء على حياتها الشخصية بمحاولة تطليقها من زوجها باتهامها بالِرّدة والزندقة بسبب أفكارها التقدمية للمرأة وضرورة حماية حقوقها، والتي لم تروقهم، ولكنهم لم ينجحوا في تطليقها. وتم سجْنِها في عهد السادات ولم يكتفوا بذلك، قدِمتْ الحكومة المصرية بنفيها خارج البلاد، وتفريقها عن أهلها وأبنائها، كل ذلك لانتقادها النظام السياسي ولمقاومة الظلم والنهب والسرقات.

وتقول السعداوي عن تجاربها بالنسبة للسجن والمنفى، إننا نحن نخاف من المجهول لأننا لا نعرفه ولكننا عندما ينكشف المجهول ونقع في المحظور يذهب الخوف، ونصبح أحراراً وأكثر خصوبةً، وتقول إنها كانت شديدة الخوف في البداية في المنفى والعيش في الغربة، كما في السجن ولكنها لم تكن تتصور بعد كل تلك العداوة والمحاربة أنها ستتمكن من التواصل مع الحياة، واكتشفت أن التجاربَ والمِحَن قد زادت من صلادتها وإيمانها بأفكارها وإصرارها على تحقيق ذاتها، والعدالة للإنسانية.

وبعد كل ذلك الأنين والعذاب، عادت إلى مصر، ونجحت في إصدار قانون لمنع ختان البنات رسمياً واعتبارها مخالفة قانونية، كما نجحت في إعطاء اسم الأم كنَسَب للأطفال، وأصبحوا شرعيين رسمياً، وبذا عالجت مشكلة أطفال أبرياء لا ذنب لهم.

وتمكنت هذه المرأة الرائعة الثمانينية أن تنتصر لبنات جنسها ولحقوقهن، وعلى رغم عداوة بلادها بها فنحن والعالم يفتخر بمثل هذه المرأة العربية المعطاءة التي ضحت بالكثير من أجل البشرية في الحقوق والعدالة، ومنع الظلم، وهى امرأة من النساء الكثيرات واللواتي لم تُقِدرُهن مجتمعاتهن ولكنهن اثبتن جدارتهن وعلى المستوى العالمي، وبذا أدعو جميع النساء في العالم ألا ييأسن ممن يحاربهن وأن يتواصلن بأفكارهن الإيجابية بالصبر والمثابرة لأخذ حقوقهن، وستضيء لهن يوماً الحياة وتُحقق ما بدأنه للصالح العام وللبشرية.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 4279 - الأحد 25 مايو 2014م الموافق 26 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 4:42 م

      شفاء الغليل

      ربما يتعظ الآخرون بهذا النوع من الكتابات واشكرك عل التغير في المواضيع والله تشفين الغليل دكتوره

    • زائر 7 | 4:40 م

      لا للاجانب ارحمونا ومبدعينا

      اتمنى يااختي العزيزة ان تكون البحرين سباقة في تقدير ابناؤها اتمنى ذلك من كل قلبي والبلدان العربيه حتى لا نخسر مبدعينا وبعدها نضيع في العالم المتقدم ونبقى محلك سر ارحموا ابناؤنا يا حكومات

    • زائر 6 | 5:30 ص

      باحثه هي وطبيبه

      هي ليست كافره ومن حقها ابداء آراؤها واذا بحثت في التاريخ فهذا ليس خطأً عزيزتي

    • زائر 5 | 4:10 ص

      البداع في الخارج

      هي هكذا هذه البلدان العربيه تأكل ابناؤها مثل القطط وتلعقهم وتسجنهم وتنفيهم ويحصلون جل التقدير في البلاد النائيه ويبدعون هذا الحقد الدفين هو الذي يودي ببلادنا العربيه الى التخلف والبقاء في بؤرة التأخر ياللا يشبابنا هجروا لتجدوا انفسكم واحترام العالم لابداعاتكم

    • زائر 4 | 3:45 ص

      رائع

      كتابه رائعه ومميزه يادكتورتنا العزيزة

    • زائر 3 | 2:43 ص

      اشكرك

      اختي العزيزه نسائنا بخير هم طبيبات ممرضات مهندسات مدرسات الحمدلله مميزات في كل المجالات ويستخدمون افكارهم الايجابيه في تقديم افضل ما عندهم في خدمة ابناء وطنهم وارضهم وخصوصا ابنائهم في التربيه الاسلاميه الحسنه والله يوفق نساء وبنات بلدي والعالم اجمع

    • زائر 2 | 12:18 ص

      اذا

      اذا عملنا قائمة بالمبدعين المسلمين و العرب نجد بان أكثرهم حوربوا في بلدانهم او في افضل الأحوال أهملوا. لكن و بعد ان يقدرهم الغرب و الغريب يفتخرون بانه او بانها من بلد المسلمين او العرب من يمكنه عمل قائمة بالمبدعين البحرينيين و يسجل مصيرهم و مكانهم ؟

    • زائر 1 | 11:17 م

      مبدعه؟؟؟؟

      انا اختلف معك يااستاذه هي ليست مبدعه بل كانت تحارب الدين وتدعي ان الطواف حول الكعبه مثل عبادة الاوثان فأين الابداع؟؟؟؟؟؟؟؟

اقرأ ايضاً