العدد 428 - الجمعة 07 نوفمبر 2003م الموافق 12 رمضان 1424هـ

وولفوفيتز يؤيد وثيقة يعالون - نسيبة للتسوية

ورقة واحدة تنص على إخراج المستوطنين وتقسيم القدس وإلغاء حق العودة

محمد دلبح comments [at] alwasatnews.com

.

أعرب نائب وزير الدفاع الأميركي بول وولفوفيتز عن تأييده لخطة جديدة لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي أعدها الرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية (شين بيت) آمي يعالون، ومسئول ملف القدس سري نسيبة.

وتدعو خطة ياعلون - نسيبة التي تقع في صفحة واحدة إلى تقسيم الأرض الفلسطينية الواقعة على طول خط الرابع من يونيو/حزيران 1967 إخراج المستوطنين اليهود من الدولة الفلسطينية المستقبلية وإقامة ارتباط طبيعي بين قطاع غزة والضفة الغربية وتقسيم القدس وإلغاء حق اللاجئين بالعودة إلى فلسطين المحتلة العام 1948. ويدعي الاثنان أن الوثيقة حصلت على تواقيع عشرات الآلاف من الفلسطينيين والإسرائيليين.

ويرى مراقبون تأييد وولفوفيتز، الذي يعتبر أحد المستشارين المقربين للرئيس الأميركي جورج بوش، لتلك الخطة، بمثابة دفع لها على اعتبار أن تأييد وولفوفيتز يعني أن اسما قويا ومفاجئا ارتبط بها. وقال وولفوفيتز في خطاب في جامعة جورج تاون بواشنطن الخميس الماضي «إن هناك الآلاف من الإسرائيليين والفلسطينيين يشعرون بالشعور نفسه الذي يشعر به الرئيس بوش»، مشيرا بذلك إلى تأييد بوش لإقامة دولة فلسطينية إلى جوار الكيان الصهيوني بموجب «خريطة الطرق».

وقال وولفوفيتز «يوجد الآن حركة مواطنين عاديين مهمة حصلت حتى الآن على 90 ألف توقيع من الإسرائيليين ونحو 60 ألف توقيع من الفلسطينيين تأييدا لمبادئ تشبه كثيرا خطة خريطة الطريق التي تحبذ حلا بدولتين». غير أن وولفويتز أكد في الوقت نفسه أن قوة الكيان الصهيوني العسكرية هي مفتاح بقائه.

وتزامن طرح وثيقة يعالون - نسيبة مع طرح «اتفاق سويسرا» بين كوادر من السلطة الفلسطينية وعناصر قيادية مما يسمى بجناح الحمائم في الكيان الصهيوني. غير أن اتفاق سويسرا المقرر إعلانه رسميا في حفل يقام في جنيف في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، قوبل باستهزاء على نطاق واسع في الكيان الصهيوني ووصفها بعض المتطرفين بأنها اتفاقية خيالية. كما تم رفضها والتنديد بها على نطاق واسع من قبل الفلسطينيين الذين اعتبروها تنازلا عن الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني. وقال مراقبون ان الاتفاق ليس سوى محاولة للعودة إلى الضوء من يسار صهيوني يمر في حال انهيار، ومن سلطة فلسطينية تهاوت مكانتها في الشارع الفلسطيني بعد انهيار برامج وخطط التسوية التي ربطت وجودها بها.

وعلى رغم أنه لم يكشف النقاب عن كامل نصوص «اتفاق سويسرا» الذي وقعه أصحابه بالأحرف الأولى في فندق موبنفيك في منطقة البحر الميت في الأردن، في 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فإنه طبقا للتفاصيل التي انفردت بنشرها الصحافة الإسرائيلية من مصادرها يتلخص الاتفاق في النقاط الآتية:

تقام الدولة الفلسطينية في مناطق 1967 وتضمن حدودها قوة حماية دولية متعددة الجنسيات ترابط في مناطق مختلفة على طول نقاط الاتصال بين الدولة و«إسرائيل» وكذلك في معابر الحدود الفلسطينية. ويكون من حق «إسرائيل» نصب محطتي إنذار مبكر في الضفة الغربية. كما تكون السيادة الجوية فوق الدولة الفلسطينية الموعودة للجانب الإسرائيلي، ويمكن لسلاح الجو الإسرائيلي أن يستخدم المجال الجوي الفلسطيني لأغراض التدريب.

ومن أجل قيام الدولة الفلسطينية تنسحب «إسرائيل» من كامل قطاع غزة ومن نحو 97,5 في المئة من أراضي الضفة الغربية (من دون القدس) على أن يتم مبادلة الـ 2,5 في المئة المقتطعة والتي تضم غوش عصيون ومنطقة اللطرون والمستوطنات والأحياء في «غلاف القدس» بما فيها مستوطنات جيلو ومعاليه أدوميم، بمناطق مساوية في النقب الغربي المصنف حاليا ضمن الأراضي المحتلة العام 1948، وفي منطقة غور الأردن يتم ضمان ترتيبات دفاعية لـ «إسرائيل» على حدود الأردن.

تكون الدولة الفلسطينية مجردة من السلاح، وتفرض قيود على نوع وحجم السلاح الذي يسمح به للقوات الفلسطينية، ويحظر إنتاج السلاح في نطاق الدولة، ولا يجوز لأي شخص أو منظمة حيازة أو حمل السلاح باستثناء القوات الفلسطينية المكلفة بحفظ الأمن. وهو ما يعني نزع سلاح حركات المقاومة التي تعتبرها «إسرائيل» حركات إرهابية. كما يقوم الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي بسنّ قوانين تمنع التحريض والإرهاب والعنف من أي نوع كان.

القدس: تكون القدس عاصمة «دولة إسرائيل»، ويتم تقسيم ما يسمى بالبلدة القديمة منها بحيث تكون الأحياء العربية تحت سيادة فلسطينية، والأحياء اليهودية تتبع لـ «إسرائيل».

أما «الحرم القدسي» فيكون ضمن منطقة السيادة الفلسطينية ويكون مفتوحا للجميع بمن فيهم اليهود، والمسئولية الأمنية فيه تحال إلى لجنة رقابة دولية يتفق عليها الطرفان. ويخضع حائط البراق الذي يسميه اليهود «حائط المبكى» وكذلك ساحة هذا الحائط للسيادة الإسرائيلية. والسيادة على بوابات البلدة القديمة يتم توزيعها على النحو الآتي: بوابات العمود والساهرة والأسباط تكون ضمن المسئولية الفلسطينية، في حين يكون باب النبي داوود (عليه السلام) وباب المغاربة تحت السيادة الإسرائيلية ويعبر منهما الإسرائيليون إلى البلدة القديمة. أما باب الخليل الذي يؤدي إلى حائط البراق فيحظى بمكانة خاصة، بحيث تكون السيادة عليه فلسطينية ولكن الإشراف عليه يكون دوليا.

بوسع اللاجئين أن يختاروا واحدا من بين خمسة حلول دائمة: التوطين في الدول التي تستضيفهم كالأردن ولبنان، أو الهجرة إلى الدولة الفلسطينية، أو التوطن في الأرض التي ستنقل إلى الفلسطينيين في النقب، أو الهجرة إلى دولة ثالثة توافق على استيعاب لاجئين، أو الهجرة إلى الأراضي الإسرائيلية ضمن صيغة ما يسمى بـ «لمّ الشمل» ويكون ذلك خاضعا لموافقة «إسرائيل» التي ستكون هي الوحيدة التي تقرر ما يتعلق بشأن استيعاب عدد من اللاجئين في أراضيها قد يصل في أحسن الأحوال إلى نحو 30 ألف لاجئ. ويؤدي هذا الاتفاق إلى نهاية تامة لمشكلة اللاجئين، ولا يحق للفلسطينيين أن يطرحوا أي مطلب إضافي عما ورد في الاتفاق. ولم يتطرق الاتفاق إلى ذكر تعبير «حق العودة» من قريب أو بعيد.

تطبيق الاتفاق: تستكمل المرحلة الأولى خلال 9 شهور، والمرحلة الثانية خلال 21 شهرا، والثالثة خلال 30 شهرا من يوم توقيع الاتفاق، ومع نهايته تسحب «إسرائيل» كل قواتها العسكرية والأمنية بما فيها المعدات العسكرية من كل أراضي الضفة الغربية المندرجة في الاتفاق.

وطبقا للصحافة الإسرائيلية فقد أبدى المفاوضون الإسرائيليون دهشتهم من حجم التنازلات التي قدمها وفد السلطة الفلسطينية برئاسة ياسر عبدربه في قضية حق العودة التي شكلت عبر السنوات الماضية الملف التفاوضي الأعقد، وبالتالي كان يتم ترحيله بصورة مستمرة إلى فترات لاحقة كي لا يفجّر المفاوضات. وفيما يخص وثيقة يعالون-نسيبة فقد أعرب نسيبة في تصريح له بواشنطن عن أمله «أن نأخذ هذه الصفحة الواحدة ونضعها داخل خريطة الطريق.»

وتحدث وولفوفيتز بالضبط عن هذا الربط على رغم أن خبراء ومسئولين أميركيين كانوا حذرين بشأن كيفية مجاراة الولايات المتحدة لهذه الفكرة. وكانت مستشارة الرئيس بوش للأمن القومي كوندوليزا رايس قالت في اليوم ذاته «إننا نعتقد أن من الأهمية بمكان أن يحسن الإسرائيليون حياة الشعب الفلسطيني» كما أعربت رايس ومسئولين أميركيين آخرين عن امتعاضهم الشديد من اقتراح رئيس الحكومة الإسرائيلية ارييل شارون الأسبوع الماضي بأن جدار فصل ثان يمكن أن يقام في وادي الأردن ويقطع الفلسطينيين عن الأردن ويطوقهم بالإسرائيليين.

وعلى رغم تصريحات وولفوفيتز وأحاديث المسئولين الأميركيين عن انخراط الولايات المتحدة في عملية التسوية فإن الرأي السائد يؤكد أنها جاءت في سياق جهد إدارة بوش في الحصول على التأييد العربي لاحتلالها العراق، إذ جاءت ملاحظات وولفوفيتز في خطاب عن الحرب على العراق التي يعتبر أحد مهندسيها الرئيسيين. وقال وولفوفيتز «من الواضح أن العامل الضخم في علاقاتنا مع العالم الإسلامي، كما أنه أحد العوامل الكبرى في وجه السلام في المنطقة هو استمرار الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين»

العدد 428 - الجمعة 07 نوفمبر 2003م الموافق 12 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً