العدد 4303 - الأربعاء 18 يونيو 2014م الموافق 20 شعبان 1435هـ

حل «بلدي العاصمة»... والتدرّج في الممارسة

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

في هذه الهستيريا المتواصلة، لن يلتفت مسعّرو النيران في كل ما يستطيعون الوصول إليه، والمستفيدون من كل ما يحدث، إلى هراء «الشبهة الدستورية»، في ما يتم إقراره وتمريره في مجلسي النواب والشورى، ولن يلتفت أيٌّ من أولئك إلى أن العالم يستغرب من نموذج ممارسة تثبت يوماً بعد يوم أنها قامت للتسويق أمام العالم، فيما الداخل يصطلي بنار المصادرات والتضييق التي تزداد وتتراكم موهبته يوماً بعد يوم.

حل مجلس بلدي العاصمة حلقةٌ ضمن مجموعة حلقات، وممارسة ضمن ممارسات هي في ازدياد، وقبل أن يختم الفصل التشريعي، والدورة البرلمانية أعمالها، يكون ما تبقى من ذلك التسويق كما يتبقى من أثر الأطلال بكل ما تعنيه الكلمة.

40 ألف مواطن هو الإحصاء التقريبي لسكّان العاصمة (المنامة)، لا يحق لهم انتخاب ممثليهم في مجلس بلدي المحافظة، وعلينا أن نتأمل كلمتين: «لا يحق» و«انتخاب»، في تضاد هو في العمق من السخرية لا على الذين يتم التشريع لهم؛ بل على الذين شرّعوا أيضاً، وعلى العقل عموماً. وستنتفخ أوداج كثيرين لو أثرنا مسألة الطائفية في الإيعاز بإلغاء المجلس واستبداله بأمانة عامة يتم تعيينها. لا طائفية في الأمر إطلاقاً، وما صرحت به عضو مجلس الشورى، لولوة العوضي، من أن مشروع القانون بإلغاء المجلس هو «تشريع طائفي»، هو «زلّة لسان» سيتحدّد وقت ومكان المحاسبة عليها، ولن تمرّ مرور الكرام!

40 ألف مواطن لا يحق لهم ممارسة حقهم الانتخابي، فقط لأن هناك جهات تحب التأزيم والتضييق دون مراعاة لتكلفته!

والممارسة التي بذلك النمط، في كل تجارب العالم، تأتي واحدة تلو أخرى إلى أن يجد الناس ألاّ حق لهم في التسكّع في الشارع إلا بوجود شاهدين، ولا يحق لهم ارتياد دورات المياه العامة إلا بإثبات «حسْن النية»! كل تضييق بدأ بتجربة فإذا وجدت طريقها للتنفيذ، ووجدت من يشجّع عليها ممن يعتقدون أنهم بمنأى عن الضرر، يفتح ذلك أمامها الطريق لممارسة كل ما تستطيع القيام به من تجارب تنال من قيمة الناس، وتميّز بينهم، وتسلبهم أدنى الحقوق التي يبدو ألاّ حق لهم في التمتع بها.

قرار إلغاء مجلس بلدي العاصمة لم يأتِ هكذا من فراغ، ومحاولة لتوفير المصروفات، وتوجيهها لمشروعات تطوير في محافظة العاصمة، والتي هي أقل المحافظات استفادةً من المشاريع الخدمية التي تعني المواطنين مقارنةً بالمحافظات الأخرى. المسألة لا علاقة لها بالتوفير ووقف وضغط وضبط المصروفات. المسألة مرتبطة أولاً بالانتخابات المقبلة، التشريعية والبلدية، ولأن مجلس بلدي العاصمة هو الوحيد الذي لم تطله أيدي العبث بالخيار كما حدث لثلاثة مجالس، ممن تم الإيعاز لها بالتحقيق مع بعض أعضائها ومن ثم إسقاط عضويتهم؛ إذ حدث ذلك في «الشمالي» و«الوسطى» و«المحرق».

ومرتبطة ثانياً بملف الأراضي والتلاعب بها، الذي أحدث دوياً مازال أثره إلى اليوم والغد أيضاً، في مجلس النواب الذي كان له بعض اعتبار قبل أن يتم فيه إسقاط عضويات ممثلي جمعية الوفاق؛ إذاً لا يغيب عن بال متابع أن مجلس بلدي العاصمة كان له دور لا يستهان به، بحكم طبيعة دوره في المحافظة، وحجم التنسيق والتعاون الذي تم بينه وبين النواب على اختلاف توجهاتهم، باعتبارهم مشرّعين، وممثلين للشعب، ومن أدوارهم محاسبة ومراقبة أداء الحكومة، مثل ذلك التنسيق في الدول التي تحترم نفسها، طبيعي ومطلوب ولا عار وتواطؤ وتآمر فيه على طرف؛ مادام يتوخى المصلحة العامة، والحفاظ على ثروات الأمة.

باختصار: لا يُراد لذلك الصداع أن يستمر، بعد فشل إقالة على الأقل جزء من أعضائه من خلال لجان التحقيق والصلاحيات التي منحت للوزير بالتصديق على إقالتهم!

خطوة النواب لحل مجلس بلدي العاصمة كانت متوقعة، بتتبّع الأداء المخيّب لأبسط الآمال، الذي ظهر به منذ بداية الأحداث في العام 2011، وإقرار 16 شورياً يوم الاثنين (16 يونيو/حزيران 2014)، المشروع بقانون لحل المجلس، وامتناع 4 أعضاء، ورفض 4 التصويت على المشروع، لا يقدّم ولا يؤخّر؛ لكن السؤال: ما هي الخطوة المقبلة؟ وهل ستستمر سياسة التدرّج في القضاء على ما تبقى من الشكل الديمقراطي في الممارسة؟ الإجابة لا تُهم!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 4303 - الأربعاء 18 يونيو 2014م الموافق 20 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:29 ص

      الحين السنابس ليش ما تنتخب

      أهل السنابس اعلم بشعاب السنابس من غيرهم من المعينين والحال كذلك بالنسبة لكل قرى المنامة لا وبكرة بيوسعون محيط. العاصمة لتشمل قرى جديدة.

    • زائر 1 | 2:11 ص

      ديمقراطيتنا غير

      نعم تختلف الديمقراطية من بلد الى اخر في كم الصلاحيات المستحقة التي يمارسها المواطنين و كل ما زادت الصلاحيات يعتبر البلد اكثر ديمقراطية. اما ديمقراطيتنا ف تعني الدكتاتورية في غير بلاد

اقرأ ايضاً