العدد 4310 - الأربعاء 25 يونيو 2014م الموافق 27 شعبان 1435هـ

إنجازات مجلس «الغُمَّة» في تمرير ما يضيّق على الأمة!

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

بانتهاء انعقاد الفصل التشريعي الثالث لمجلس النواب، يكون التاريخ قد رصد وسجّل وثبّت أنه واحد من أسوأ المجالس التشريعية في تاريخ هذا البلد، إن لم يكن منذ تم الاهتداء إلى التمثيل الشعبي، بعد الاهتداء إلى التشريعات في صورتها البدائية. ولكي لا نبالغ، منذ تأسيس دار الندوة في جاهلية العرب تلك التي تجاوزت أداءه بمراحل!

مجلس كان خير سند وعون لمن يُمْلي عليه. وما لم تستطع جهات فرضه وتبريره وتمريره على الناس لاتساع الشقّة بينها وبينهم، أوكلت أمره لنواب مارسوا كل التضييق مع تلك الجهات على أبسط المطالب لهذا الشعب. وما جعلهم يستمرؤون أداءهم البائس طوال الفصل التشريعي أن العوائد والمنافع والمغانم والحوافز والامتيازات التي تحققت لهم لن تضعهم في دائرة حمل همِّ العوز والفقر والبطالة والاصطفاف في طوابير تلمساً لتمديد قروض، وتوسلاً لتقسيط فواتير الكهرباء أو الرسوم البلدية. ولن يحملوا همَّ التمييز ضد أبنائهم في البعثات والعلاج والتوظيف والرخص التجارية. كل شيء كان بميزان توهّموه سليماً وعادلاً؛ وإن كان معوجّاً في نظر من كان له «قلب أو ألقى السمع وهو شهيد».

مجلس لم يخجل أعضاؤه المنتهية ولايتهم من أنهم كانوا وراء أكبر إنجازات التراجع في التشريع وإقرار قوانين ستعيد البلد إلى ما قبل إقرار الديمقراطيات في صورتها الماكرة الأولى والساذجة أيضاً.

وما يمكن أن يُذكر أو يقِرَّ في الوعي والذاكرة يتجاوز الخمس رايات التي تم رفعها والتلويح بها والانضواء تحتها.

آخر ما تفتّقت عنه عبقرية وخيارات أعضاء المجلس المنتهية ولايته هو اللعب على المكشوف مع الجهة التي أمْلَتْ وفصّلت وأرادت في موقف استباقي بحل مجلس بلدي العاصمة قبل الاستحقاق التشريعي الرابع في أكتوبر/تشرين الأول من العام الجاري، وهو ما تم تمريره.

تمرير مشروع بقانون يرفع نسبة الموافقين على استجواب الوزراء. وفي ذلك موقف استباقي للفصل التشريعي الرابع أيضاً. هامش من توقعات قد تم تفويت حسابها بشكل دقيق. أو تحولات في المنطقة تدفع بالمعارضة إلى المشاركة في الانتخابات المقبلة. ذلك الاستباق يوفر طمأنينة وسداً لمنافذ الصداع والفضائح أيضاً!

ولا نحتاج إلى همسة: مجلس يتنازل عن حقه في مراقبة أداء الحكومة ضعْ عليه مليون علامة استفهام!

وثالث الإنجازات الفارقة والعبقرية والحقوقية والتشريعية، هو إقرار التعديلات على قانون الجنسية. تأوي إلى النوم وأنت بحريني أباً عن جد لتجد نفسك في جزر القمر أو كوستاريكا بحثاً عن جنسية تشتريها كي لا تلتحق بطوابير البدون كما في دولة شقيقة!

وتدور عجلة الإملاء بتمرير ما يُراد تمريره؛ وليس آخره إقرار تعديل قانون الانتخاب القاضي بحرمان المعتقلين السياسيين من الترشح للانتخابات. صرنا في بلد لا خوف فيه على تاجر المخدرات ومتعاطيها مادام بعيداً عن السياسة! ولطَيْف تستهدفه باقة مشاريع القوانين تلك.

والإنجاز الذي يكرِّس الديمقراطية التي لا شبيه لها على وجه هذا الكوكب الموبوء، هو تعديلات تتيح لوزير العدل صلاحيات لخنق الجمعيات والعمل المؤسساتي المدني، وكأن وزير العدل كان زاهداً نائياَ بنفسه عن كل ذلك منذ أحداث العام 2011!

وكثير من الناس لم ينسَ ما قبل كل ذلك الأداء والتمرير بحسب الطلب. لم ينسَ تفاقم الدّين العام، وتمرير الموازنة التي خرج قبلها نواب في استعراض كان ينقصه كفن مكتوب عليه: أنا الشهيد التالي، إذا تم تمرير الموازنة من دون أن تسقط شعرة رمش!

لم ينسَ اعتمادات تجاوزت المليار دينار لشركة تحت بند «الهيكلة» منذ سنوات ولو كانت هيكلة أطول برج في العالم لسبقنا دبي وجدة منذ زمن!

لم ينسَ أتفه إنجاز عوّل عليه الناس، إلى جانب اعتباره البرنامج الأضخم لجمعيات «معارضة المعارضة»: زيادة الرواتب! ذلك الذي ذكرنا كالعادة بـ «gone with wind» (ذهب مع الريح)!

كم تم الإنفاق وكم سيتم الإنفاق على توليفة أداء مجلس كالذي ابتلينا به؟ كم سيتم الإنفاق على توليفة طبيعية نابعة من خيار الناس، تتلمّس طريقها إلى عضوية المجلس لا طمعاً في امتيازات ووجاهة، وإنما التماس تعميق التجربة الديمقراطية، والأخذ بها إلى آفاق يحترمها العالم، ويعدّها أنموذجاً حريّاً بالتمثّل والاتباع؟

باختصار: المجلس بتشكيلته المأساة والكارثية، والذي كان مفترضاً أن يكون مجلساً للأمة كل الأمة، لم يفاجئنا حين تحوّل إلى مجلس «غُمَّة» مع كل لقاءات جانبية تسبق جلساته!

اللهم اكشف «الغُمّة» من دون رجعة عن هذه الأمة!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 4310 - الأربعاء 25 يونيو 2014م الموافق 27 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 4:36 م

      شكراً

      شكراً لك يا استاذ جعفر على هذا المقال الرائع ،وصراحة انا عادة لا تستهويني ولا تجذبني مقالاتك بسبب خشونة اسلوبك وعدم الوضوح في الكلمات المستخدمة واعذرني على راي هذا
      لكن مقالك اليوم جذبني وعجبني ،فالف شكراً لك

    • زائر 6 | 9:21 ص

      مأساه

      اي والله كانت توليفه كارثيه

    • زائر 4 | 3:45 ص

      صدقت والله

      مجلس الغمه لا ابرء الله لهم ذمه.

    • زائر 3 | 12:40 ص

      إذا حصل شخص على وظيفه مرموقه بطرق ملتويه

      الطبيعي أنك تراه بكل الطرق يؤكد استحقاقه بزيادة جرعة الولاء لمن وظفه. ...وهؤلاء النواب امعنوا في الولاء حتى فقدوا المواطنه واسترخصوا صالح الوطن لأجل صالحهم. ..ولم يستتروا. ...

    • زائر 2 | 12:38 ص

      ام محمد

      اي والله مجلس غمه. هذا المجلس الذي يناكف الشعب،حسبي الله ونعم الوكيل

    • زائر 1 | 12:28 ص

      المختار الثقفي

      عندما نطق احد خلق الله وقال لهم: مب رياييل... قامت الدنيا ولم تعقيد جعجعة ولم نر طحنا لذلك الضجيج... من الذين ـ مب رياييل ـ فلقد آثروا على انفسهم إلا ان ينطبق عليهم ذلك القول في مجلس (الغمة)، وأي غمة هذه التي حلت على رؤوس الشعب جراء هذا لمجلس الخديج..
      اللهم اكشف هذه «الغُمّة» من دون رجعة عن هذه الأمة!

اقرأ ايضاً