العدد 4331 - الأربعاء 16 يوليو 2014م الموافق 18 رمضان 1435هـ

تدشين محطة للصرف الصحي يُطبَّل لها باعتبارها محطة فضائية!

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

تُدشن محطة للصرف الصحي ويتم التطبيل لها بمستوى التطبيل لتدشين محطة فضائية! تُدشّن «بسْطات» في سوق شعبية فيطلع علينا الإعلام في اليوم التالي متحدثاً عن الديمقراطية وحقوق الإنسان! ما العلاقة؟ لا يهم. المهم أن البسْطات خصصتْ، وهي بالمناسبة ليست هبة. لها فواتيرها واستحقاقاتها ومضايقاتها أيضاً!

تُخصص أرض لانتظار الشاحنات وكأن البلد يفتتح خطاً للتلفريك أو خط سكك حديد، ولن نطمح أكثر كي نقول افتتاح خط بارليف! لا يهم.

تُقتطع أرض من ساحل تم امتلاكه وتسجيله لأحدهم ويصاب الإعلام الذي تعوّد على التطبيل بهستيريا وكأن الأمر يتعلق باقتطاع عاشر أطول ساحل مفتوح في العالم كي لا نقول الأول، كي ينفّس الناس عن محاصرة حقهم في السواحل التي من المفترض أن تكون في جزيرة وليست في أفغانستان التي لا تطل على بحر أساساً!

يُرسل مريض يعاني من داء نادر وخطير للعلاج في الخارج، فيفتضح المريض حين يرى اسمه وخبره عنواناً رئيساً في بعض الصحف. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، في المعنى والقيمة المضادة: الرياء. وفي حقيقة الأمر: التشهير بحاجة مريض أو حاجة فقير في ما اعتدنا!

يتم ردم حفرة في شارع قد تؤدي إلى كوارث وبعد أسابيع من المناشدات، وكأن الأمر شبيه بردم الفجوات بين القارات لإعادة تشكيل خريطة العالم!

والقريب من ذلك؛ يتم شفط مياه أمطار أو تسرّب مياه مجارٍ ولا يتردّد الإعلام الذي يقتات على النفاق والكذب وتضخيم التافه من الأمور في التعامل معه تماماً كما تعاملت أميركا مع إعصار كاترينا الذي تجاوزت خسائره 150 مليار دولار على لويزيانا والمسيسيبي!

ماذا بعد؟ عليَّ ألاَّ أنسى: تُقسّط فاتورة كهرباء لأسرة «مطحونة» في ظروفها؛ وكأن الأمر إعادة جدولة لديون سيادية! أو تبني دفع كلفة خطة خمسية لدولة فقيرة مجاورة. المشكلة لا دولة فقيرة سوى الذي يزوّر الإعلام فيها الغنى كي لا يتم لوم أحد!

يتم إجلاء مواطنين من مناطق الصراعات والبؤر الساخنة فتذكّرنا بعض المنابر بإنجاز سيلفستر ستالوني وفيلمه الشهير الذي تدور أحداثه في فيتنام!

في اللجان التي تحدّد 40 في المئة كنسبة من نتيجة المقابلات لتقرير البعثات؛ حيث تتم الموافقة على بعثة طالب/طالبة حاز/حازت أكثر من 94 في المئة لدراسة التربية الرياضية أو التسويق فيما الرغبة الطب. هنا يتم استحضار إنجازات المدينة الفاضلة التي مازالت ضمن مساحة الوهم ونترحّم على الحاج «جان جاك روسو» في سفْره الذي تجاوزناه: «العقد الاجتماعي»! لأن ما بين أيدينا من ممارسات تجاوز المدينة الفاضلة، والحاج «روسو»، و»عقده الاجتماعي».

ينتظر المواطن عقداً، عقدين، ثلاثة عقود بيت إسكان جديداً بعد أن تهالك عمره وآماله، وعليه أن يستعير عمراً بعدد السنوات التي انتظرها كي يوفّي دينه للبيت الذي يتحول إلى هبة، ولا تخجل بعض الأبواق من الدعوة لاعتماد التجربة باعتبارها الأهم ويجب أن يستقي منها برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية خططه للعشر سنوات المقبلة!

والأبسط مما تم تناوله: شاعر في ديوانية لا يُصغي إليه أحد، فيتحول في غمضة عين إلى حفيد المتنبي والتقط ما لم يلتقطه؛ سواء كان المتنبي في نسخته الفصحى أو النبطية!

وحتى الأصوات التي من المفترض أن تكون غنائية وهي في واقعها «غوغائية» لا تعرف منها إلا النعيق والنهيق، إذا أتيح ضوء أخضر للترويج لها ولو كانت شبيهة بصوت سحب «السيفون»، ستتم مقارنتها بفيروز وأم كلثوم وأحمد عدوية قبل أن يُبْتلى بإدمان المخدرات!

لن تجد مثل تلك الظواهر والتضخيم للعدم إلا في الدول الفاشلة. الدول التي لا تضمن استمرارها إلا في إنتاج الأزمات. وإنجازها لمصلحة الإنسان: صفْر. الإنجاز لا يحسب إلا إذا وهب الأعمار ولا يكفي أن يعيش عمراً ويذوي. ما نشهده نفخ أرواح في رماد وجثث واحتضار لا عودة للروح والحيوية فيه.

الشواهد علّمتْنا: التجارب المتكررة بفشل، درس لا ينساه إلا الأغبياء، وما أكثرهم بيننا!

أمم كتلك تُعملق التافه، لن تشمّ رائحة القيمة والعظمة. أمة تروّج للمتأخر على أنه متقدم لن يكون لها موضع قدم في الأثر من الحياة. أمة تنبهر بالفتات من حقها تستحق الموت جوعاً مُشَيّعة بالعار.

أمةٌ تستكثر نيل حقوقها لا حق لها في الحديث عن الكرامة وهي خارج محيط الحياة ومتاخِمة للذل والموت.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 4331 - الأربعاء 16 يوليو 2014م الموافق 18 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 28 | 10:12 ص

      نعم.. التنمية البشرية

      لقد حصل بعضهم على جائزة التنمية البشرية واللي طبلت ما هي الصحف الصفراء بل الأمم المتحدة لونسيتون يا جماعة. التنمية البشرية تبطط عيون الشعب بالشوازن والقصة كلها معروفة والسلام.

    • israfeel | 9:49 ص

      أحسنت

      بارك الله فيك

    • زائر 26 | 9:48 ص

      قليل من الانصاف

      صرح عضو المجلس البلدي لمحافظة المحرق الدائرة السادسة علي النصوح بان محطة المحرق لمعالجة مياه الصرف الصحي تعد احد اهم مشاريع البنية التحتية الاستراجية في محافظة المحرق.
      ما راي كاتب الموضوع؟

    • زائر 25 | 8:02 ص

      تربوا على الفتات

      من يتربى على انه خادم يرى حقوقه التى كفلها له الله مكرمه تستحق ان يكون عبدا

    • زائر 23 | 7:34 ص

      مقال عجيب

      شكرا للكاتب ، شكرا للوسط ، الموضوع واقعي و ملموس من كل حبة يصنعون قبة . والدنيا تقوم ولا تقعد على ماذا ؟؟ على أصفار من جهة الشمال

    • زائر 22 | 7:17 ص

      احسنت

      مقال جميل يسلط على الضوء على فئة هامة في المجتمع وهم الكتاب والصحافيين
      فتطبيلهم للفساد هو اكبر من الفساد نفسه

    • زائر 21 | 7:12 ص

      هذا مستواى عقولهم فماذا نصنع لمثل هذه العقلية؟

      البعض يرون في ابسط امور الحياة والتي تعتبر من الضرورات والاساسيات في الحياة وتقوم كل الدول بتوفيرها يعتبرون توفير تلك الامور انجازا كبيرا

    • زائر 19 | 6:12 ص

      عنجية مقابل سلمية

      السبب لكل ماذكر في المقال هو السكوت السكوت الجماعي بغض النظر عن الانتماء والطائفة وحدة وطنية معدومة التمعن في القشور وترك اللب والاصل هذا كله السبب فيما يجري لنا اليوم سلم قلمك وحفظك الرب من كيد الظالمين

    • زائر 18 | 6:12 ص

      عنجية مقابل سلمية

      السبب لكل ماذكر في المقال هو السكوت السكوت الجماعي بغض النظر عن الانتماء والطائفة وحدة وطنية معدومة التمعن في القشور وترك اللب والاصل هذا كله السبب فيما يجري لنا اليوم سلم قلمك وحفظك الرب من كيد الظالمين

    • زائر 17 | 6:02 ص

      الطبع غلب التطبع

      ما في النفس يخرج على السان

    • زائر 13 | 4:06 ص

      أحسنت أبو محمد...

      أحسنت أبو محمد فعلاً هو إعلام أعور ينشط لتنفيذ أجندة نفوس مريضة..!

    • زائر 12 | 3:53 ص

      المتمردة نعم

      حالة اندماج لهذا المقال الرائع سلمت اناملك استاذ

    • زائر 10 | 3:16 ص

      امة

      يا امة ضحكت من جهلها الامم

    • زائر 9 | 2:47 ص

      المختار الثقفي

      بينما أنا واقف امام الجامعة شكى لي احدهم: يقول ابنتي نسبتها 94% ورغبتها دراسة الطب وقال بتقديم اوراقها لوزارة سيادية الا ذلك المجموع لم يسفعها في الحصول على رغبتها وذلك لأن رغبتها اعطيت وفضلت عليها لمن جاءت من اقصى الأض ولان ابنته ليست من (ال) فلان ولأن الاب ليس من اولادهم... لبئس ما يحكمون

    • زائر 8 | 1:58 ص

      حقيقة

      سلمت يمينك ياجمري على المقال #حقيقة

    • زائر 7 | 1:42 ص

      مراقب ...

      مقال ممتاز .. وتوصيف رائع ..

    • زائر 6 | 1:21 ص

      ألفاظ منتقاة

      كلمات رائعة ومضامين جميلة ..

    • زائر 5 | 1:11 ص

      صدقت والله

      أمة فاشلة لاتستحق العيش . لادين ولا شرف ولا كرامة بل أضل من الحيوان

    • زائر 4 | 12:43 ص

      بيض الله وجهك على هذا المقال

      واقع نعيشه لنقص في تركيبة أشخاص اوشخص وضعه الحظ او الواقع بحكم لقبه لخدمة الناس تنعكس حالته ليقوم الناس بخدمته وتبجيله بنفاق واضح حينها يستغل الأمر لسرقة املاك الدولة مثلا ولقد حدث في إحدى الدول

    • زائر 3 | 12:19 ص

      نعم هذا هو الواقع

      نعم هذا هو حال المواطن البحريني و الإعلام الحكومي و الحكومة.

    • زائر 2 | 11:07 م

      تنبيه

      ارجو من الكاتب المحترم يقرأ لماذا المنشور اليوم

    • زائر 1 | 9:51 م

      عز البحرين باهلها الشرفاء

      كل من هب ودب وقال ان كاتب ربي لك الحمد والشكر على كل حال ربي احمي البحرين من كيد الخونة الحاقدين

    • زائر 11 زائر 1 | 3:49 ص

      أنت أكتب التعليق صح أول بعدين تعال تفلسف على جهابذة اللغة

      الحمدلله والشكر ما تعرف المنصوب من المجزوم. إحم وليش احمي يا حظي.

    • زائر 15 زائر 1 | 5:33 ص

      ههههه

      شكلك ما فهمت شي من المقال

اقرأ ايضاً