العدد 4334 - السبت 19 يوليو 2014م الموافق 21 رمضان 1435هـ

السجون مدارس للتطرف

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

السُّجونُ تحوَّلت إِلى مدارسَ لتخريج المتطرِّفينَ الذين يلتحقونََ بتنظيماتٍ متطرفة ولاسيما تلك التي لها علاقةٌ بـ «القاعدة»، ونرى أَنَّ أَحدَ الأهدافِ الرئيسيَّةِ لهذهِ التَّنظيمات، في اليمن والعراق وغيرهما من البلدان المُتوتِّرة، هو اقتحامُ السجون، والإفراجُ عن الجماعاتِ التي تنتظرُ الخروج وهي معبأةٌ بالكاملِ لتنفيذِ كُلِّ المُهمَّاتِ التي توكل لها.

في (29 يونيو/ حزيران 2014) أعلن زعيم تنظيم «داعش» أبوبكر البغدادي تنصيب نفسه «أميراً للمؤمنين، وإماماً وخليفةً للمسلمينَ في كُلِّ مكان»، وذلك بعد سيطرةِ التَّنظيم بصورة فاجأت الجميع على مدينةِ الموصل العراقية، ومساحاتٍ من غرب وشمال العراق في 10 يونيو. وهذا الإعلانُ جاء بعد سيطرةِ التَّنظيم على مدينة «الرِّقة» في شمال سوريَّة، وبعد شهور من القتالِ والعملياتِ الانتحاريَّة ومناوشاتٍ دمويَّة.

البغدادي لم يكن معروفاً من قبل، لكنَّ غزو الأميركان للعراق في 2003 أدَّى إلى دخولِ أَعدادٍ كبيرةٍ من الشباب إِلى السُّجون، وكان البغدادي أحد السجناء في معسكر يديره الأميركان، والفترة التي قضاها هناك، كانت كفيلة بإعادة صياغته ليخرجَ منها قائداً متطرفاً بصورة أشد من تنظيم «القاعدة». من المحتمل أَنَّ احتجازه كان احترازيّاً وليس بسبب تهمةٍ محددةٍ، لكنه توافرت له، داخل السِّجن، البيئةُ الفكريةُ، التي حوَّلته إِلى شخص آخر.

وإِذا رجعنا إِلى التَّنظيمات الجهاديَّة التي خرَّجت زعاماتٍ، مثل أيمن الظواهري في مصر في ستينات القرن الماضي، نرى أَنَّ الأمر ذاته قد حدث من قبل. فالقبضة الأمنيَّة في مصر في ستينات القرن الماضي واعتقال الآلاف من أنصار الإخوان المسلمين، أَدَّيا إلى تكوين مدرسة «الجهاد» التي آمن عدد غير قليل منهم بوجوب الجهاد من أَجل تطبيق «حاكميَّة الإسلام». كما أَنَّ كثيراً من تلك الأفكار تجذرت في كتبٍ لمفكرين إسلاميين، استطاعوا إِعادة إِنتاج الفكر الحركي الإسلامي، بحيث تكونت كوادرُ غيرت معالمَ السياسة، ليس في مصر فقط وإِنَّما في كل أنحاء العالم، كما رأينا ذلك في أحداث (11 سبتمبر / أيلول 2001).

السُّجونُ في بُلدانِ المنطقة، مملوءةٌ بالشباب، وبالناشطين الذين يعيدون تشكيلَ أفكارهم، وعددٌ كبيرٌ منهم يخرج من السجن، سواءً بعد أو قبل انقضاء مدد أحكامهم، لكن، ولأَنَّ السجنَ كان انتقاماً من نشاطاتهم السِّياسيَّة أو الاجتماعيَّة، فإِنَّ بعضهم، حتى لو كان 10 في المئة منهم، يخرجون بصورة مختلفة وثم يؤثِّرون على السَّاحة السِّياسيِّة بطريقةٍ مُباشرةٍ أَو غير مُباشرةٍ، وهذا كله يُثبتُ فشلَ سياساتِ السِّجنِ والانتقامِ والقمعِ المعتمدةِ لدى حكوماتِ المنطقةِ.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4334 - السبت 19 يوليو 2014م الموافق 21 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 4:26 م

      السجون و المدارس

      اشكرك على المقال الرائع د. منصور.
      اتفق معك في أن السجون من الأسباب الأساسية لظهور الجماعات المتطرفة. و لكن في رأيي السبب الحقيقي و الأكبر هو المدارس. عن نفسي درست في مدرسة حكومية رأيت كل أنواع التطرف و الصحفي قاسم حسين كتب الكثير عن هذه المقررات الدراسية. ناهيك عن أنظمة التعليم الأكثر تطرفا. التطرف نتيجة طبيعية لمثل هذه المناهج.

    • زائر 14 | 4:19 م

      السجون و المدارس

      السجون لها دور كبير د. منصور، لكن المدارس لها الدور الأكبر في رأيي. استغرب من المستغربين من داعش. انا عن نفسي كنت في مدرسة حكومية في البحرين و كل شي يسوونه داعش في دروس عنه. و مدارس البحرين مو متطرفة نفس مدارس بعض الاماكن. عقود من التعليم المتطرف و نتيجة التطوف نتيجة طبيعية لهذه المدارس

    • زائر 12 | 7:43 ص

      زائر

      الظاهر رقم 4 مو مستوعب ولا يفرق بين اخوانه الدواعش والارهابيين الدين قتلو الأبرياء في سوريا والعراق وبين من يقاتل المحتل الصهيوني
      ارجوك افهم افهم يا .....?

    • زائر 11 | 7:21 ص

      حزب الله حزب مناضل يعترف بذلك كل احرار العالم

      لا ينكر موقف حزب الله ونضاله الا حاقد ومبغض للشيعة والتشيّع هذا من زمن الامام علي ع وحتى الآن السب والشتم في الشيعة والتشيّع

    • زائر 9 | 6:07 ص

      خوش

      حزب ايران البنانى حرر ارض لبنان وانتصر على العدو الاسرئيلى وليسو خريجو سجون كلام سليم دكتور نعم تحولت الى مفارخ لتطرف

    • زائر 8 | 4:53 ص

      بالعكس...

      سجون البحرين مثلاً وسجون الهند وغيرها خرّجت لنا قادةً عظماء، أما السجون التي تخرّج الدواعش فهي صنيعة استخباراتية وليست سجوناً... فهي مدارس وأعشاش للإرهاب

    • زائر 7 | 4:06 ص

      أنا أتفق معك يا دكتور

      ولكن ماذا أعمل مع إبراهيم كمال الدين الذي يقول أن السجون مدارس للمناضلين وانا لا أتفق معه إطلاقاً

    • زائر 4 | 3:00 ص

      القاعدة و حزب ايران اللبناني

      لا يختلف معك احد ان القاعدة و كل تفرعاتها هي جماعات ارهابية و لكن كذلك حزب ايران اللبناني و بقية المليشيات الطائفية في العراق كذلك جماعات ارهابية

    • زائر 2 | 2:30 ص

      مضبوط

      جداً

اقرأ ايضاً