العدد 4335 - الأحد 20 يوليو 2014م الموافق 22 رمضان 1435هـ

رمضانيات «نووية» في النمسا

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

انتهت أمس مهلة العشرين من يوليو دون أن يُوقع الإيرانيون والغرب اتفاقاً نووياً شاملاً. هما لم يرجعا إلى نقطة الصفر، لكنهما أيضاً لم يُكملا الرقم 10. الأكيد أن ما يعترضهما هو مجموعة من الحصون التي تحتاج لأن تُفتَح كي يَلِجَا نحو نقطة التقاء.

وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي شارك في محادثات فيينا «النووية» مع الوفد الإيراني جماعياً وعلى انفراد، أجَّل زيارته للقاهرة، وقال بأنه يحتاج أن يتشاور مع الرئيس باراك أوباما ومع نواب الكونغرس الأميركي حول النقطة التي توصَّل إليها مع الإيرانيين.

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قال للصحافيين خلال تواجده في مركز الإمام علي في فيينا، أن الاتفاق مع دول 5 + 1 حول مشروع بلاده النووي خلال «الفترة المحددة» بعيد المنال، لكن «من الممكن أن يكون هنالك إطار عمل يتم تحديده لاستمرار المفاوضات».

في يوم السبت، قرَّرت الدول الست وإيران أن تُمدِّد فترة التفاوض حتى الرابع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل (أربعة أشهر)، كي يتسنى للطرفين إنضاج النص النهائي وتسوية الخلافات في قضية وصفتها واشنطن بأنها «واحدة من الأولويات الأكثر إلحاحاً في العالم».

البيان الصحافي الذي أصدره وزير الخارجية الأميركي ونُشِرَ على موقع وزارة الخارجية الأميركية، فيه العديد من الإشارات التي يمكن تلمُّس زواياها جيداً. كيري قال: «حققنا تقدماً ملموساً في المفاوضات الشاملة»، وأضاف أن «لدينا مشروع النص الذي يغطي القضايا الرئيسية»، وأن ما يُبرِّر التمديد لفترة التفاوض هو «التقدم الذي حققناه».

لكن الذي يُقرأ في البيان أن الأميركيين يريدون من خلال هذا الملف عقد اتفاق أشمل مع الإيرانيين. فكيري وخلال استعراضه للمسألة النووية، تخطى ذلك ليتحدث عن مسيرة التقدم في العلاقات الأميركية الإيرانية خلال عام، والتي لم تشهده منذ ثلاثة عقود، مستشهداً باتصال الرئيس الأميركي باراك أوباما بالرئيس الإيراني حسن روحاني، وبلقائه هو (كيري) مع محمد جواد ظريف، والذي أسماه بـ «اللحظة الدبلوماسية الجديدة».

هذه النعومة الأميركية في الخطاب السياسي ربما فسَّرت ما قاله الوزير الإيراني ظريف بأن «التوجهات الأوروبية (خلال المفاوضات) تختلف تماماً عن توجهات الولايات المتحدة الأميركية». وربما خصَّ ظريف الموقف الفرنسي وبدرجة أقل البريطاني. من هنا يمكن فهم العديد من التعقيدات في الملف النووي الإيراني، وعلى ماذا بقي الجمع مختلفين.

الحقيقة، أن تسوية قدرات التخصيب الإيرانية في منشأة نطنز، ونظام البلوتونيوم في مفاعل أراك هي إحدى أهم الزوايا «الفنية» التي عطَّلت الاتفاق النهائي بين إيران والغرب. كما أن تسوية منشأة فردو لم تنتهِ بعد، رغم أنها أقل إشكالية من غيرها، ورغم موافقة إيران على تحويل 25 كيلوغراماً من سادس فلوريد اليورانيوم المخصب إلى وقود نهاية فترة التمديد.

رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، وخلال حديث له مع التلفزيون الإيراني الثلاثاء الماضي، قال كلاماً مهماً حول منشأة فردو المثيرة للجدل، وهو أن «هناك العديد من المقترحات المطروحة بشأن (هذه) المنشأة إلاَّ أنها يجب أن تكون مركز أبحاث وتنمية ودعم لمنشأة نطنز». وهو مقترح تقدم به المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله خامنئي إلى الغرب صراحة.

أما الروس فقد اقترحوا أن تتحول فردو إلى مركز أبحاث وتطوير وإنتاج للنظائر المستقرة. وهو أمر إذا ما تم فسيكون الغرب مضطراً للقبول بالألفَيْ جهازٍ للطرد المركزي المثبتة في المنشأة الآن. كما طُرِحَ مقترحٌ آخر، وهو أن يتم تحويل هذه المنشأة إلى مختبرات فيزيائية. في المحصلة فإن ذلك كله يعني أن الإيرانيين قبلوا بأصل التفاوض حول فردو بهدف تغيير في بينتها العملية، في الوقت الذي كانوا يعارضونه في السابق.

أمر آخر يمكن الإشارة إليه في مسألة الخلاف، وهو أن الإيرانيين يمتلكون اليوم عشرين ألف جهاز للطرد المركزي. والخلاف الحاصل اليوم بينهم وبين الغرب هو ليس في عددها بل في نوعية تلك الأجهزة ووحدة قياسها في فصل اليورانيوم الخفيف عن اليورانيوم الثقيل (Separative Work Unit). طهران تقول بأن السنوات الثمان القادمة تتطلب منها توفير 190 ألف وحدة قياس لتغذية مفاعلات بوشهر وطهران وأراك بالوقود.

وبتتبع التصريحات الصادرة عن طهران يظهر أن الإيرانيين يُمكن أن يتحدثوا عن مفاعل أراك للماء الثقيل أيضاً مقابل موافقة الغرب على إبقاء العدد الذي تريده طهران من أجهزة الطرد المركزي وفق سلسلتَيْ IR2M وIR4 والسلسلة الوسطى IR6 العاملة منذ سنة تقريباً، معتبرين ذلك حداً فاصلاً لعملية بناء الثقة.

لكنهم وفي نفس الوقت يضغطون باتجاه إنتاج الجيل الثالث من أجهزة الطرد المركزي (IR6) ذات القدرة العاشرة من وحدة القياس، وذلك لدفع سقف التفاوض نحو مراحل أكثر كسباً بالنسبة لهم.

بالتأكيد، هناك تفصيلات سياسية إلى جانب العملية الفنية للاتفاق النووي. لكن ما يظهر أن جميع الأطراف تُبدِي تحفظاً كبيراً عليها. كما أن تباين المصالح، حدا بالأميركيين أن يلتقوا بالوفد الإيراني منفردين في عدة مرات، بدون حضور حتى مفوضة السياسة الخارجية الأوربية كاثرين أشتون.

في المحصلة، فإن الطرفين يمكن أن يقتربا خلال الشهور الأربعة المقبلة نحو اتفاق شامل مع إعلان الأميركيين أنهم توصلوا مع الإيرانيين فعلياً إلى توافق بشأن القضايا الرئيسية.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 4335 - الأحد 20 يوليو 2014م الموافق 22 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:08 ص

      خلال الاربعة شهور القادمة

      لو أن الطرفين لم يكن لديهما نية الاتفاق لما أعطوا لنفسيهما الفرصة للاتفاق خلال الشهور الاربعة القادمة

اقرأ ايضاً