العدد 4336 - الإثنين 21 يوليو 2014م الموافق 23 رمضان 1435هـ

قضية إنسانية لا تحتمل التسويف

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نشرت «الوسط» أمس الاثنين، خبراً محزناً عن اعتصام موظفي المؤسسة الوطنية لخدمات المعاقين، أمام مواقف فندق الريجينسي في قلب العاصمة المنامة.

الصورة المرفقة بالخبر تضم عدداً محدوداً (ستة أشخاص)، ولكن المؤكد أن القضية أكبر وأخطر من ذلك بكثير، لأنها قد تشمل في النتيجة أشخاصاً آخرين في مواقع عمل أخرى، ولأنها تطرح أيضاً تعاملنا بطريقة منافقة مع الفئات ذات الاحتياجات الخاصة، فنستغلها لحفلات «الشو» الإعلامي للوزارات، ونتفاخر بها في استعراض الأرقام للدلالة على ما بلغناه من تعامل حضاري مع المعوقين، وعند أول اختبار جدي، نتخلّى عنهم في أول منعطف على الطريق الطويل.

المعتصمون طالبوا الحكومة بالتدخل لإنقاذهم من المعاناة التي سيواجهونها إثر قرار الاستغناء عن خدماتهم وتسلمهم إشعارات بإخلاء الموقع حيث يعملون بالمواقف المحاذية لفندق الريجينسي، خلال أسبوع واحد فقط. والسبب أن شركة أخرى في طريقها لامتلاك الأرض، وقد حاولوا الوصول إلى أحد المسئولين للتوصل إلى تسوية عادلة دون جدوى.

لاشك أن الكثير من المواطنين والقراء يرتادون بين فترة وأخرى موقف الريجينسي، فهو من أكبر مواقف السيارات في قلب المنامة، وغالباً ما يشهد ازدحاماً شديداً طوال النهار، ويمكنك أن تتخيل ضغط العمل بالنسبة لهؤلاء العاملين الكادحين، خصوصاً أن طبيعة العمل تفرض عليه أن لا يغادر مكانه لساعات. وهذه إحدى الشكاوى التي تصلنا بحكم متابعتي وارتباطي بجمعيات الإعاقة، وأذكر أن أحدهم لامنا لعدم الكتابة عن معاناتهم، بعدما استفاض في شرح ما يعانونه من ظروف عمل صعبة، خصوصاً في أشهر الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة، فضلاً عما يسببه البقاء في الكابينة لساعاتٍ طويلةٍ دون حراك، من أمراض مثل البواسير وتيبس العضلات وآلام الظهر.

بعض هؤلاء الكادحين يعمل في هذا الموقع لأكثر من عشرين سنة، وعليهم التزامات مادية ومسئوليات عائلية وقروض مصرفية، وقرار فصلهم من العمل بهذه الطريقة التعسفية سيدخلهم في دوامة البطالة والتشرد والعوز، وسيلحق الضرر بحياتهم العائلية والاجتماعية. والأسوأ أن الخيارات أمامهم في المستقبل تكاد تكون معدومة، بحكم ظروف إعاقتهم الخاصة. ويبدو أن كل هذه العوامل والأمور ليس لها حساب أو تقدير لدى الشركات الرأسمالية المتوحشة التي تتقافز فقط بحثاً عن الدوانيق ومراكمة الأرباح.

على مستوى الدولة، ووزارة العمل تحديداً، ما هو دوركم في حماية حقوق هؤلاء العمال؟ وما هو موقفكم القانوني من الشركات التي تتخلّى عن توظيف ذوي الإعاقة وما أتاحه لها ذلك من امتيازات ومعاملة خاصة؟

ثم ما هو دور وزارة التنمية الاجتماعية التي استقدمت الخبراء العرب والأجانب في الأعوام الماضية، وصرفت الملايين من المال العام على المؤتمرات والمنتديات والمحاضرات لتدشين الاستراتيجية الوطنية للمعوقين؟ وللتذكير، صرحت الوزيرة فاطمة البلوشي يومها أن «اهتمام المجتمعات بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أحد المعايير الأساسية لقياس المستوى الحضاري للدولة».

حين يراجع المرء مساراتنا في الحياة، سيكتشف أننا نسير إلى الخلف، على عدة مستويات، إحداها التراجع عمّا أنجزناه في العقود الماضية في مجال رعاية ذوي الإعاقة. فبعيداً عن الاستعراضات الإعلامية الصاخبة، نرى تراجعاً عاماً عن الالتزام بالحصّة المقترحة بتوظيفهم.

ذوو الإعاقة ليسوا طلاب شفقة، ولا نكتب استجلاباً للإشفاق عليهم، وإنما هم فئةٌ عزيزةٌ علينا جميعاً، ومواطنون كاملو الأهلية ولهم حقوق، وكثير منهم مؤهلون علمياً وحاصلون على درجات جامعية. وهذه قضيةٌ إنسانيةٌ مكتملة الأركان، تحتاج إلى حلّ سليم يضمن لهم حياةً كريمةً دون تعسف أو تسويف.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4336 - الإثنين 21 يوليو 2014م الموافق 23 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 10:33 ص

      الله

      الله افرج عنهم وخلصهم من الظلم يارب ياكريم

    • زائر 6 | 6:51 ص

      الحل لدى الحكومة

      حل مشكلة هؤلاء المواطنين أمر سهل جداً لو رغبت الحكومة.هؤلاء يحتاجون لأعمال تتناسب وطبيعتهم الجسمانية وهي متوفرة سواء في المستشفيات أو الوزارات أو المدارس. يمكن لمواقع عديدة في الحكومة ان تستقطب هؤلاء.ولكن المشكلة إن المسئولين في ديوان الخدمة المدنية لا يتمتعون بالحس الوطني السليم الذي يمكن ان يدلهم على أماكن يمكن ان يعمل فيها هؤلاء.سيطر على موظفي الديوان البعد الطائفي وأعماهم عن كل ما يمكن ان يساعد هؤلاء.الحقد وعدم الكفاءة الوظيفية والطائفية هي عناوين التوظيف لدى الديوان

    • زائر 5 | 6:01 ص

      قضية انسانية

      قصية انسانية تخص البشر فقط اما الوحوش على هيئة آدمية فهي اكبر من ان تستوعبها عقولهم

    • زائر 4 | 5:21 ص

      عقارات السيف

      عليكم بتسليط الضوء على موظفين عقارات السيف

    • زائر 3 | 12:37 ص

      هذه المواقف بالاضافة للفندق والموقف المؤجر عليه ب دنانير سنويا ضمن حدود وممتلكات الفرضة سابقا

      العيب في أتا الارض هي اساسا ملك للحكومة وبقدرة قادر تتحول لأفراد كالفندق المحادي للبارك المشكلة ثانيا المعاقين من ضفة محددة ثالثا وهو المحزن هو تغيير الانشطة وملكية الاراضي الحكومية هو في يد القلة القليلة المتنفذة وهي اساس تسريح هؤولا المعاقين

    • زائر 2 | 12:34 ص

      خصخصة البحرين

      المشكلة إن راح يجيبون موظفين فلبينيين مكانهم ، مثل ما هو موجود الآن في مستشفى السلمانية والوزارات والمؤسسات ، طالعة لنا شغلة جديدة الآن هي الاستغناء عن البحرينين وإحلال موظفين ناباليين وفلبنيين وغيرهم من خلال شركات خاصة بحجة خصخصة العمل ، ومو عارف ليش هالشركات ما تضم بحرينيين ، يعني البحريني ماله رب ماله حق حتى يشتغل وياكل لقمة عيش في هذه البلاد.

    • زائر 1 | 11:15 م

      يا سيد

      الإنسانية تتوقف عند المال الم تسمع قول العزيز الحكيم { ويحبون المال حبا جما } صدق الله العلي العظيم

اقرأ ايضاً