العدد 4342 - الأحد 27 يوليو 2014م الموافق 30 رمضان 1435هـ

لماذا لا ننتصر؟

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لنعد إلى الأرقام بعد أن أعيتنا النتائج ونحن نكابد نصراً عبر دولنا العربية أمام «إسرائيل». هذه هي عِلَّتنا حين نتذكر القضية الفلسطينية، أو بالأحرى حين تُذكِّرنا بها «رغماً عنا» الدماء والآهات كما هو الحال وغزة تبكي.

أعود إلى مسألة الأرقام. فطبقاً للإحصائيات الرسمية في تل أبيب، فإن عدد مَنْ يسكنون «إسرائيل» (فلسطين المحتلة) هو ثمانية ملايين ومئة وثمانين ألف نسمة. نسبة الإسرائيليين منهم هي 75 في المئة، أما نسبة العرب فهي 21 في المئة، ونسبة الجنسيات الأخرى 4 في المئة.

هذا يعني أن عدد الإسرائيليين هو ستة ملايين ومئة وخمسة وثلاثين ألف نسمة. وعدد العرب مليون وسبعمئة وسبعة عشر ألف نسمة. وعدد الجنسيات الأخرى ثلاثمئة وسبعة وعشرون ألف نسمة.

نحن العرب، وطبقاً لإحصائية رسمية للأمم المتحدة، فإن أعدادنا في العام 2000 كان 286 مليون و650 ألف نسمة، وأنه سيصل في العام 2020 إلى 431 مليون و397 ألف نسمة. ما يعني أن تعداد العرب حالياً هو 387 مليون و972 ألف نسمة. وبالتالي فإن أمام كل إسرائيلي هناك 63 ألف و239 عربي! لندقق في الرقم جيداً.

أما مساحة «إسرائيل» فإنه وطبقاً لموقع وزارة الخارجية الإسرائيلية هو 22.145 كم مربع، إذ يبلغ طولها حوالي 470 كم وعرضها 135 كم. في حين تبلغ مساحة الدول العربية مجتمعة حوالي 14.2 مليون كيلومتر مربع، ما يعني أن أمام كل كيلومتر إسرائيلي من الأرض هناك أكثر من 641 كيلومتراً عربياً من الأراضي العربية!

في «إسرائيل» بلغ الناتج المحلي 305 مليارات و707 مليون دولار، في حين بلغ الناتج المحلي للعالم العربي 2.8 تريليون دولار، ما يعني أن الناتج المحلي العربي أقوى بأكثر من ثماني مرات من الناتج المحلي الإسرائيلي.

إذاً، أين المشكلة في أن نخيب كلما تحركنا؟ في التعداد نحن أكثر بواقع 63 ألف و239 عربياً أمام كل إسرائيلي. في الأرض نحن أكبر اتساعاً بـ 641 كم أمام كل كيلومتر مربع إسرائيلي. في الأموال نحن أقوى بأكثر من ثماني مرات من اقتصاد «إسرائيل»، بمعنى أن متوسط الأضعاف بيننا وبينهم في كل شيء هو بلا حد وبلا سقف.

بالإضافة إلى كل تلك الفروقات، فإن العالم العربي يتمتع بأهم مضايق الدنيا المائية: باب المندب وهرمز وجبل طارق وتيران وقناة السويس، وتمر في أراضيه أعمق وأهم الأنهار كدجلة والفرات والنيل، ولديه 4.7 ملايين من الكفاءة الزراعية، ولديه زهاء الـ 20 مليون من الشباب والفُتوَّة القادرة عضلياً وذهنياً على البناء والتنمية بسرعة البرق.

الحقيقة، أن تلك الأرقام وفروقاتها لم تعد تنفع لأنها خارج سياق الصراع. هي أشبه ما تكون بأوزان مركونة ومبعثرة على متكآت لا تتناسب وحجمها ومكانها، وبالتالي هي لا تمنح المشهد حقيقته فضلاً عن تميُّزه. دعونا نفسر القول بشيء من التفصيل.

لدينا 387 مليون و972 ألف نسمة، لكن أيضاً لدينا عدد الأميين طبقاً للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألسكو) قبل عام هي بحد 97.2 مليون أمي، أي قرابة الـ 25 في المئة من العرب، و27.9 في المئة إذا ما حَسبنا تعداد السكان على خط الـ 340 مليون نسمة.

في حين تنحصر الأمية في «إسرائيل» ما بين 2.9 في المئة و4.6 في المئة فقط. وأغلب تلك النسب هي موجودة في عرب الداخل وليس في الإسرائيليين، حيث أن 13.4 في المئة من نساء العرب في الداخل أمّيات، بينما لا تتجاوز نسبة الأمية عند نساء الإسرائيليين الـ 3.4 في المئة، و5.5 في المئة من رجال عرب الداخل أميون بينما لا تتجاوز النسبة عند الإسرائيليين الـ 1.9 في المئة طبقاً لإحصائيات رسمية صدرت قبل سنوات.

لدينا نحن العرب أرض تصل مساحتها إلى 14.2 مليون كيلومتر مربع، لكن هذه الأرض ملآى بالصراعات، إلى الحد الذي وصل فيها الاقتتال خلال عشر سنوات فقط إلى 133 نزاعاً مسلحاً عربياً عربياً. أراض شاسعة تحولت إلى مخيمات ضمّت إلى ما قبل خمسة أعوام 7.5 ملايين لاجيء، بما يصل إلى 50 في المئة من لاجئي العالم، واليوم زاد الأمر بعد الأزمة السورية إلى مستويات مخيفة.

لدينا 2.8 تريليون دولار من الأموال، لكن وطبقاً للمنظمة العربية لمكافحة الفساد فإن العرب أضاعوا «ألف مليار دولار، في عمليات فساد مالي وإهدار للأموال خلال النصف الثاني من القرن الماضي، تمثل ثلث مجموع الدخل القومي للدول العربية» كما قال رئيسها في تصريح سابق.

لدينا قوة فتوة قلّ نظيرها لكننا أضعناها في الصراعات، وليس في العلم الذي لم تخصص الدول العربية لبحوثه سوى 0.2 في المئة من ميزانياتنا، في حين تنفق «إسرائيل» على البحوث العلمية ما يفوق مئة مليون دولار سنوياً، وهي اليوم عضو في المنظمة الأوروبية للبحوث النووية وتستفيد من مليار و400 مليون يورو كموازنة يضخها برنامج 2020Horizon الأوروبي في «إسرائيل» كما ذكر ذلك أحد التقارير العلمية.

من بين كل ذلك تأتي الإجابة على تساؤلنا الأول: لماذا لا ننتصر عليهم رغم هذا التفوق «الظاهري». إنه جرس إنذار للجميع كي نعي أين الخلل، ولكي نعيد الثقة لأنفسنا، ويسمع نزارٌ في قبره جواباً على ما كان يقول:

آنَ الأوانُ لكي نرى

تَعِبَتْ عُيُونُ المبصرينَ مِنَ العَمَى

تَعِبَتْ رُمُوشُ الفَجرِ مِنْ هذا الدُّجَى

آنَ الأوانُ لكي نرى.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 4342 - الأحد 27 يوليو 2014م الموافق 30 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 3:33 ص

      طريقة الحكم

      اسرائيل وخلال اشد فترات الصراع كانت الانتخابات تجري فيها اما نحن العرب فان زعامات هزيمة 48 هم انفسهم زعامات 67 وهم اليوم من يريد اقامة صلح مع اسرائيل فكيف لنا ان ننتصر

    • زائر 4 | 2:50 ص

      هدية العيد الجميله

      مقالك ابوعبدالله يعتبر اكبر هديه للعالين الاسلامي والعربي وكل انسان يشعر بانسانيته يمكن ان يستفيد منه الفرد والاسرة والمجتمع والدول بشكل خاص مقال رائع روعة منظرك الجميل وقلبك الحاني على جراحاتنا النازفه في كل واد ولك ان تطبق الدراسه على واقعنا في البحرين (كم جيب من الشغب يخرج من .........وكم شرطي بداخل كل جيب وكم صندوق من الشوزن وسيلات الدموع قسم هذا على عدد القرى ستصل الى النتيجه ذاتها فانا لله وانا اليه راجعون)

    • زائر 3 | 2:16 ص

      السبات الابدي

      اذا وقفوا هالحكام الحليوين عن البوق وقعدوا من نومهم يمكن يعدلون ضخ الميزانيه الي الظاهر منها يصرفونه على الجيش الي عمره ما دخل في حرب حقيقيه والباقي في المخابي وبعدين يقولون عجز ويطلعون الفلوس من ظهور الشعب !

    • زائر 2 | 11:55 م

      أمة غلب عليها الجهل

      في الانتهاء من حل قضية فلسطين معناها تغيير في الكثير من الأنظمة التي ستسقط لا محالة فعليه قضية فلسطين هي الشماعة لبقاء الكثير من الأنظمة الفاسدة الشمولية المبتلاء بها أمة محمد

    • زائر 1 | 10:14 م

      االاجابة بسيطة

      امة يخرج منها الارهاب وداعش لا تنتصر.هذه امة وباء ومرض على شعوب العالم.

اقرأ ايضاً