العدد 4357 - الإثنين 11 أغسطس 2014م الموافق 15 شوال 1435هـ

ميثاق شرف الأحزاب بتونس

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

لا تزال تونس تؤسس لديمقراطيتها بخطى بطيئة، ولكن ثابتة ورصينة. فبعد المصادقة على الدستور التونسيّ الجديد، وانطلاق أعمال الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وازدياد إقبال التونسيين على التسجيل للقيام بالواجب الانتخابي... وفي ذات سياق الاستعداد والتمهيد للاستحقاقات الانتخابية القادمة، والمتمثلة في الانتخابات التشريعية والرئاسية، وقعت 23 شخصيّة ممثّلة لأحزاب سياسية وطنية على «ميثاق شرف الأحزاب والتكتلات والمترشحين المستقلين المتعلق بالانتخابات واستفتاءات الجمهورية التونسية»، وقد كان ذلك في الثاني والعشرين من يوليو/ تموز الماضي وبحضور رئيس الجمهورية المؤقت محمد المنصف المرزوقي ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر وعدد من رؤساء البعثات الدبلوماسية.

وقد جاء هذا الميثاق نتيجة حوار امتد لأشهر بين مجموعة من الأحزاب السياسية التونسية منها حركة النهضة وحركة نداء تونس والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والمؤتمر من أجل الجمهورية وحزب تيار المحبة والحزب الجمهوري والتحالف الديمقراطي وغيرها من القوى السياسية، وبمساعدة دوليةّ من مركز الحوار الإنساني بجنيف.

ويهدف هذا الميثاق إلى إنجاز عملية انتخابية شفّافة وعادلة ونزيهة وديمقراطية تحظى بأوفر قدر من الرضا والمصداقية. كما يهدف إلى الحد من الصراعات والقضاء على أعمال الترهيب بما يحافظ على السلم الأهلي. ويتضمن الميثاق جملة من البنود التي يجب التقيّد بها أثناء الحملات الانتخابية وبعدها في مستوى احترام المنافس، والتعاون مع الإعلاميين، والتمويل والشفافية. ومن بين بنود «ميثاق شرف الأحزاب والتكتلات والمترشحين المستقلين المتعلق بالانتخابات واستفتاءات الجمهورية التونسية» رفض كل أشكال العنف والعمل على إرساء علاقات سياسية سلمية خلال المسار الانتخابي، وكذلك التشاور والتنسيق فيما بين الأحزاب السياسية لمواجهة الأحداث الخطرة الممكنة من قبيل العمليات الإرهابية.

كما ينص الميثاق على «تجنّب كل الأعمال والسلوكيات التي من شأنها تقويض حقّ التونسيين في التعبير بحرية عن خياراتهم، كاستغلال النفوذ وكل أشكال الفساد والتمويل غير المشروع والضغوطات على الناخبين».

ويشدّد الميثاق على تهيئة مناخ سلميّ وأخلاقيّ يسمح بمنافسة واضحة وشفافة بين الخيارات والبرامج المختلفة من دون أي تهديد للسلم الأهلي أو لتواصل المسار الديمقراطي.

وقد ترافق التوقيع على هذا الميثاق مع أعمال إرهابية في شهر رمضان المعظم، استهدفت عناصر من الجيش التونسي. لذلك اعتبر التونسيون والمتابعون للشأن السياسي خصوصاً، أن هذا الميثاق فيه رسالة واضحة للإرهابيين بأنهم لن يفسدوا على تونس انتخاباتها القادمة، واعتبر رئيس الجمهورية المؤقت محمد المنصف المرزوقي أنّ التوقيع على هذا الميثاق ينطوي على دلالات مهمة، لعل أبرزها فشل الهدف السياسي للعملية الإرهابية الأخيرة التي راح ضحيتها خمسة عشر جندياً؛ ذلك أنّ هذا التوقيع يعتبر أفضل ردّ على محاولة بثّ الفوضى بين الأطراف السياسية.

كما أنّ في التوقيع على هذه الوثيقة تأكيداً على أنّ تونس بصدد بناء الصرح الديمقراطي بكل ثبات، وأنّ أطياف المجتمع المدني المحليّ، بما فيه من عائلات سياسية مختلفة، تجمعها علاقة طيبة كعلاقة هؤلاء بالمجتمع الدولي من خلال مساهمة مركز الحوار الإنساني بجنيف في إنجاز هذا الميثاق. كما تتجلى من خلال هذا الإنجاز الإرادة التي تحدو جميع الأطراف من أجل أخلقة السياسة.

لعلّ في التوقيع على هذا الميثاق خطوة أخرى صحيحة على طريق استكمال المرحلة المصيرية المقبلة، والوصول بتونس إلى برّ الأمان، وتحقيق مسار انتخابي ناجح ونزيه تحظى نتائجه بأكبر قدرٍ من المصداقية والرضا. وما اجتماع الأحزاب حول فكرة الميثاق إلاّ دليلاً على سعي الجميع إلى ترسيخ الممارسة الديمقراطية السليمة والمتوازنة، وتأصيل ثقافة الاختلاف وتسوية الخلافات بطريقة سلمية في إطار الاحتكام لمبادئ القانون. وما حدث التوقيع على هذا الميثاق إلاّ دليلا متجدداً على وقوف النخب السياسية في مواجهة مخططات الإرهاب.

لئن علّق التونسي آمالاً عريضةً على النخب السياسية الصاعدة بعد الثورة، فإنّ أداءها السياسي قد تفاوت من حزب إلى آخر. ولكنّ جدّة التجربة السياسية وصعوبة المرحلة الانتقالية وكارثية الحالة بعد فرار المخلوع، واستيقاظ خلايا الإرهاب النائمة، كلّ ذلك قد يخلق ذريعةً لمدى التزام هذه الأحزاب أو تلك، وخصوصاً من كان منها في الحكم، بتعهّداتها. ويمكن اعتبار توقيع هذه النخب السياسية على بنود «ميثاق شرف الأحزاب والتكتلات والمترشحين المستقلين المتعلق بالانتخابات واستفتاءات الجمهورية التونسية»، والعمل على نشرها والالتزام بها، صفحة جديدة تكتبها هذه النخب السياسية لتكون دروساً يُستفاد منها وينسج على منوالها.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4357 - الإثنين 11 أغسطس 2014م الموافق 15 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 7:17 م

      لا تزال تونس تؤسس لديمقراطيتها بخطى بطيئة، ولكن ثابتة ورصينة

      إن شاء الله يتركونها في حالها...........

    • زائر 2 | 9:37 ص

      النهضة في تونس

      هي حزب مدني وسوف تلتزم بتعهداتها لا لأنها إسلاموية ولكن لأنها حزب مدني يراعي الأخلاق السياسية

    • زائر 1 | 2:42 ص

      ههههههههههه

      وهل تمتلك الاحزاب الاسلاموية وخصوصا الكاذبة منها شرفا او عهدا او ميثاق شرف اصلا ؟ هل نسينا حزب الاخوان في مصر او الاحزاب الاسلاموية في الاردن او في ليبيا او في تركيا او في الجزائر وهي ترسل الشباب الى البلدان الاخرى لقتل الشباب ؟
      علي جاسب . البصرة

اقرأ ايضاً