العدد 4359 - الأربعاء 13 أغسطس 2014م الموافق 17 شوال 1435هـ

صناعة الإرهاب وخط الإنتاج النهائي بالأرقام!

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

بالعودة إلى إحصاءات ونِسَب في اتجاهين: الأول يبيّن حجم المبالغ (الفدية) التي دفعتها دول لإطلاق سراح مواطنين لها تم اختطافهم من قبل منظمة «القاعدة» الإرهابية، أو من خلال وساطات قامت بها دول؛ والثاني لجنسيات الانتحاريين في ما يسمّى «داعش» (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، وقتلى التنظيم نفسه بحسب الجنسيات، يضعنا كل ذلك أمام واقع وصناعة إقليمية تحصد نتائج شهوتها، وضيق أفقها واصطفافها الطائفي، الذي لن تكون نتائجه قادرةً على التمييز بين الطوائف حين تتصاعد الكارثة أكثر مما هي عليه الآن، ستطول كوارثها وبؤسها البشر... كل البشر.

وحين نقول «صناعة إقليمية» بالإحالة والرجوع إلى أرشيف مازال حاضراً ومثبّتاً للذين لم يعاصروا تلك الفترة البائسة والمظلمة من تاريخ هذه المنطقة، وأعني بها الفترة ما بين 1979، وصولاً إلى نهاية التسعينيات إلا قليلاً؛ ومازالت تلك الصناعة قائمةً بشكل أكثر شراسة وامتداداً.

لن تلوم قناعات في العالم اليوم باتت ثابتة، تتعلق بأن الذين يهدّدون العالم اليوم هم من صنعوا تلك الوحوش وباركوها وأرضعوها من ثروات شعوبهم التي كانت بأمس الحاجة إلى تلك الثروات. ولن تلوم قناعات في الدنيا إذا عمّمت اليوم بأن «الإرهاب» الذي اجتاح ويجتاح العالم في راهننا، منطلقه إقليمي يرفع راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وبصريح العبارة، لن تلوم قناعات ضيّقة وموتورة أيضاً إذا خصصت تلك الصناعة تحديداً وأرجعت منشأها إلى منطقتنا، من دون مواربة أو لف ودوران.

بالعودة إلى إحصاءات المبالغ التي تم دفعها من قبل دول كفدية لتخليص مواطنيها من قبضة منظمة «القاعدة» الإرهابية، التي جفت منابع ومصادر تمويلها، فراحت تتبنى أساليب عصابات المافيا والمنظمات الإجرامية الإرهابية، وفي واقع الأمر تلك هي حقيقتها، تبيّن تلك الأرقام، وهي أرقام تم دفعها منذ العام 2008 لـ «القاعدة» وشركائها في عدد من الدول، وتم إعلانها في العام الجاري (2014): دفعت فرنسا ما يعادل 58.1 مليون دولار، لإطلاق سراح مواطنين تم اختطافهم في شمال إفريقيا واليمن ومناطق أخرى، ربما تم الإعلان عن حالات اختفاء تخفيفاً من مسمّى «اختطاف»، لكن الفدية دُفعت في نهاية الأمر.

وتبيّن الإحصاءات أيضاً أن دولتين خليجيتين قامتا بدفع 20.4 مليون دولار للمنظمة نفسها، وبالطبع ليس لاختفاء مواطنيها؛ بل يبدو للعبهما دور الوسيط نيابةً عن بعض الدول، وبالتالي لا يمكن اعتبار مصدر المبالغ تلك من الدولتين.

بالنسبة إلى سويسرا، فقد قامت بدفع 12.4 مليون دولار، وإسبانيا 11 مليون دولار، وأستراليا 3.2 ملايين دولار، ليصل المجموع إلى 114.1 مليون دولار، مع تعذّر تحديد مصدر مبلغ يصل إلى 21.4 مليون دولار، إضافة إلى تلك الأموال؛ أي بمجموع يصل إلى 135.5 مليون دولار.

وفيما يتعلق بالمحور الثاني المرتبط بنِسَب جنسيات الانتحاريين في ما يسمّى «داعش» وقتلاه، نصل فقط إلى تثبيت أرقام، هي في واقعها واضحة من حركة ما تضخه أخبار الوكالات من جنسيات الانتحاريين، وإقرار التنظيم نفسه من خلال التسجيلات على شبكات التواصل الاجتماعي. تبيّن تلك النِسب، أن 65 في المئة من جنسيات الانتحاريين تعود إلى دولة خليجية بفارق هائل مع 20 في المئة لدولتين عربيتين إفريقيتين متجاورتين، و15 في المئة لجنسيات أخرى تتوزع على أفارقة وآسيويين ومواطنين تابعين إلى جمهوريات القوقاز.

وبالعودة إلى قتلى تنظيم «داعش» الإرهابي، بحسب الجنسيات، تحتل الدولة الخليجية المرتبة الثانية في عدد قتلى مواطنيها بنسبة 31 في المئة، لتذهب المرتبة الأولى (44 في المئة) إلى أعاجم، وتلك سلة متنوعة تمتد من إفريقيا والقوقاز وليس انتهاء باليابان والفلبين! فيما المرتبة الثالثة تذهب إلى دولتين عربيتين إفريقيتين متجاورتين بنسبة 15 في المئة، وتتوزع نسبة الـ 10 في المئة على جنسيات أخرى.

لكل صناعةٍ إنتاجها والخط والمراحل التي تمر بها السلعة في صورتها النهائية، وهذه المرة بالموت. الموت عبثاً وتدميراً للحياة.

ما العلاقة بين الأرقام والإحصاءات في ما تم طرحه؟ هو فقط «خط الإنتاج النهائي»! «تلك بضاعتكم ردّت إليكم»!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 4359 - الأربعاء 13 أغسطس 2014م الموافق 17 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:06 م

      محرقي بحريني

      حتى إيران تدفع الملايين ورواتب لحزب الله الارهابي الذي يسفك دماء الشعب السوري من أجل تثبيت حكم بشار الاسد
      بس هذي المبالغ غير معلن عنها

    • زائر 1 | 4:37 ص

      من حفر حفره لاخيه وقع فيه

      اكثرهم المبتدئين في الاسلام من شباب العرب والافارقه والاجانب لا يفقهون شيئا مجرد ببغاوات اين الاسلام والجهاد واين هم الاسلام الحقيقي تقوى في القلب وليس مظاهر كذابه

اقرأ ايضاً