العدد 4362 - السبت 16 أغسطس 2014م الموافق 20 شوال 1435هـ

ومازال لأزمة البحرين مصائب

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

تناولنا فيما سبق من مصائب أزمة البحرين، انفصام العلاقة بين الجهات الرسمية وعموم الناس، بتوارث هذه الحالة في جميع الأجيال منذ عشرينيات القرن الماضي إلى حاضر يومنا، وتليناها بممارسة السلطة المبنية على شق الوحدة الوطنية عمودياً، بالتمييز بين طائفتي المجتمع الأصيلتين، وإثارة الفرقة الطائفية، متبوعة بتخوين القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني المعارضة للسياسات الضارة بالوطن والمواطنين، بما بات من المفقود، لدى القوى الشعبية السياسية والمدنية، أي أمل بأن تبادر السلطات لما يحفظ للوطن والمواطنين الحقوق والأمن والكرامة.

فقد نهجت السلطة نهج تكييف القوانين والأنظمة، وتكبيل مؤسسات الدولة ومخرجات عملها، سواء التشريعية أو التنفيذية أو القضائية، دون الاعتبار لشعب البحرين كمواطنين، لهم حق الحكم العادل، الذي يحفظ لهم تساوياً دون تمييز، حقوق المواطنة، تطبيقاً لمبدأ «العدل أساس الحكم».

وقد تبدت تلك السياسات في عدة مسائل، تقاس على أساسها العدالة من عدمها، فالمسألة الأولى، تقسيم البحرين إلى مناطق، وكل منها إلى دوائر انتخابية، على غير ذات مساواة لقوة الصوت الانتخابي للمواطنين، فجعلت نائباً هنا لكل أقل من ألف مواطن، ونائباً هناك لأكثر من عشرة أضعافهم من المواطنين، لانتخابات مجلس النواب، لكي تفرز غصباً لا محالة، تمييزاً طائفياً، وفي ذات الوقت سياسياً بفرض غلبة النواب المحسوبين على الحكم، بنسبة 22 إضافة للرئاسة مقابل 18، وإلا فإن هناك الترتيب الخاص الذي به يضمن عدم استطاعة شعب البحرين المس بهذه المعادلة. هذا الترتيب الخاص، هو تكييف النص القانوني والأنظمة الخاصة بالحق الانتخابي لمنتسبي قوة الدفاع والأمن، بما هو خارج الفقه الدستوري والقانوني والحقوقي والإنساني العام، فليس هناك فقه ولا عدالة لقانون، يجعل حق فئة من المواطنين، منوطاً أمره بقرار السلطات، فتارة تمنحه وتارة تمنعه، حسب ما تتوخاه من منفعة خاصة بها، لا علاقة لها بهذه الفئة ولا بالمواطنين عامة، ثم هناك أعضاء مجلس الشورى الأربعون المعينون، وهناك صلاحيات كل من الحكومة ومجلس الشورى الغالبة على صلاحيات مجلس النواب.

كل ذلك فيما يخص تشريع القوانين، وسياسات الحكومة أي السلطة التنفيذية، وكذلك السلطة القضائية ورئاستها، يتم تعيينها وعزلها من قبل السلطة، الأمر الذي يمكن أن يكون لا غبار عليه، لو جاء توافقاً عقدياً بين الحكم والشعب، وحفظ العدل والمساواة ببين الموطنين، وحفظ هم حقوقهم، لكن الأمر على غير ذلك!

والمسألة الثانية لتبيان العدالة من عدمها، هي مسألة تراتبية الصلاحيات وتمثيل السلطات لجميع مواطني البحرين، بالعدالة والمساواة بلا تمييز بينهم بسبب الأصل أو الجنس أو اللون أو اللغة... إلخ، كما نصت عليه مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبما نص عليه الدستور، وتبيان ذلك واضح في النص الدستوري «تمثيل النائب لجميع أفراد الشعب»، وهذا نظرياً للبهرجة فحسب، أما حقيقة الأمر فإن النائب في الشورى فمفروغ من تبعيته وتمثيله، لمن له الأمر في تعيينه وفي عزله وفي إعادة تعيينه، بما يترتب له من رغادة العيش التقاعدي، وليس مهماً أن يخالف ذلك المبدأ الإنساني والدستوري للمساواة بين المواطنين في نظام التقاعد. وأعضاء مجلس النواب، ليسوا أفضل حالاً من أعضاء الشورى، فقد كانت السلطة هي الرافعة لهم للوصول للمجلس، عبر السياسات التمييزية الطائفية والسياسية التي تمثلت في توزيع الدوائر الانتخابية، وفي الدعم الحكومي بأصوات منتسبي الأجهزة الخاصة إذا لزم الأمر، لذا هم يوقعون عقد عمل في السلك الحكومي، عوضاً عن النيابة عن الشعب، فتشريعات المجلس الوطني بغرفتيه توافقاً، وجلسته غير الدستورية الشهيرة وتشريعاتها، وآخر ما ابتكروه من تقليص صلاحيات مجلس النواب لاستجواب الوزراء وسحب الثقة من أيهم ومن الحكومة، بما يصعب كنتيجة إمكانية استجواب وزير، تحسباً لأي تغيير في الوضع السياسي، بما يمنع على مجلس النواب إذا ما خلا منهم، أن يستجوب وزيراً، ليقول لسان حالهم عن الآخرين «عجزوا عما عجزنا عنه» وبذا يكونون قد خدموا رب عملهم.

وثالث المسائل وليس آخرها، اتضاح الرؤية، من بعد إيهام السلطات لبعض من الشعب، ووهم بعض الأفراد والقوى السياسية، بما ساقه نص الميثاق، والانفراجات الأمنية والسياسية، حينها وقريب بعدها، ليُصَدّق البعض أن توزيع الصلاحيات وسلطة القرار فيما بين السلطات وبحسب نصوص دستور 2002، وأن الغلبة في استحواذ سلطة القرار، إنما هي لصون مسيرة مشروع الإصلاح السياسي، من العبث المحتمل لأصحاب النفوذ، المتضررين المحتملين، في داخل السلطة، ومن هم حولها من متعاونين ومستفيدين من وضع مرحلة قانون أمن الدولة السابق، بما يوسع من المشاركة الشعبية في سلطة القرار وإدارة الثروة الوطنية، وبما يحقق الأمل الموعود بأجمل الأيام، إلا أن الحال قد انقلبت، بما جاء من إجراءات بالإهمال والإغلاق، لملف أملاك الدولة، عبر «عفا الله عما سلف»، ولكل ما سرق، وأمور أخرى الكل يعلمها، وخصوصاً ردات الفعل الرسمية للسلطة تجاه الحراك الشعبي في دوار اللؤلؤة، في فبراير 2011، وما جرى لغاية اليوم، بما نسف كل مبادئ الميثاق والدستور، لتعود البحرين إلى مرحلة قانون أمن الدولة من جديد، وللمشوار طريق لا بد من سلوكه.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4362 - السبت 16 أغسطس 2014م الموافق 20 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 8:03 ص

      هاده

      هاده الشعب طيب ومو بعيد على الله ان ينصره لانهو صابر على ظلم الحكومة الله افرج عن شعب البحرين وفك الاسارى ويرحم شهدائنا والله كريم وشكرا للكاتب

    • زائر 9 | 4:06 ص

      ماهي المشلكة

      مشكلة الشعب والحكم هو نقض ميثاق العمل الوطني.
      الميثاق لا يلغي دستور 73، والدستور لابد ان يكون عقدي وليس منحة.
      في الميثاق: الشعب مصدر السلطات
      في الميثاق:تتحول الامارة الى مملكة دستورية وراثيه فيها الملك يملك ولا يحكم على غرار المماليك العريقة ؟
      في الميثاق:برلمان كامل الصلاحيات.
      قضاء وعدل مستقل.
      فالحكم باطل وقراراتة باطلة اذا اخل بالاتفاقية.
      وهذه المشكلة.

    • زائر 11 زائر 9 | 10:05 ص

      المستشارين

      شكرا الاستاذ يعقوب وانت والله صاحب قلم ناصع البياض نقي بنقاوت اللؤلؤ الرطب المستخرج من اعماق بحر الخليج.
      ان المشكلة استاذي الجليل تكمن في المستقارين واصحاب المشوره حيث ابدوا مايقتاتون عليه ويتمصلحون منه فلهذا وجدنا هذه التركيبة الغير عادله فلن يغفر لهم التاريخ ابدا وكثرالله من امثالك.

    • زائر 7 | 2:27 ص

      التشخيص ناجح لكن النظام يتغافل

      كل اللي تقولي صح لكن هل من عاقل يبحث عن طريق الحق لعدم البعد عنه . شكرا للمجازفه بالكتابات من هالنوع ( لاتستوحشو طريق الحق لقلة سالكيه) الامام جعفر الصادق ع.

    • زائر 6 | 2:19 ص

      للاسف

      نهج الحكومه هو نهج الدوله الامويه والعباسية والعثمانيه لم يتغير شي لحد الان سياسة الاستئثار بالسلطه وكل من يعارض يكون مصيره اسود ويدفع ثم معارضته
      بس اللي جاي اسوا والعن وهو داعش بس داعش ما راح تخلي المواطن يعاني فالاعدام للشيعي والمسيحي على الاقل يريحونهم من الدنيا وظلمها

    • زائر 3 | 12:15 ص

      نريد خطاب آخر

      كلام عفي عنه الزمن حتي أبنائنا حفظوه ،، ليس من العادة علي الاستاذ يعقوب ان تتكرر المقالات التي حفظناها جميعآ ،، نحن الان في مفترق طرق وعلي كتابنا إيجاد حلول لما يجري في بلدنا ، وإيجاد عناوين تقارب وليس تنافر .. شكرآ

    • زائر 8 زائر 3 | 2:45 ص

      زائر 3

      لا تريدون وضع اليد على الجرح ومداواته بل تريدون لفه على علاته ليزداد المريض مرضا ، اذا لم يقف الأستاذا على سبب المشاكل والأزمات كيف ستعالج ؟؟ اهذا يا رجل للصحف التي تعرفها وافتحها من بدايتها الى نهايتها هل سترى غير السب والتحريض العلني في المعارضة وفئة واسعة من الشعب ؟؟ ماذا فعلتم ازاء ذلك التحريض ؟ هل طالبت بأيقافهم ؟؟ هل نصحتهم ؟؟ لن ننسى الأساءة لنا وليعلم الجميع من كتابهم الى محرضيهم لن يفلتوا من المحاسبة من اساء لنا سينال جزاءه وبالقانون الذي يتغنون به اليوم لأنه لا يطبق عليهم وسنرى بعدها .

    • زائر 2 | 11:19 م

      ولا زال الحبل على الجرّار وسلب الحقوق باسم القانون مستمّر

      العالم كله ينظر لانتهاكات حقوق الانسان في البحرين ويقف موقف المتفرّج بسبب البترودولار ورغم تكالب قوى الظلم الكبرى على ظلم هذا الشعب الا انه صامد وثابت في حراكه ولا تراجع في قاموسه ونقول لهم ادعموا الانظمة الظالمة ولكننا سنبقى صامدين حتى نكشف حقيقتكم للعالم ثم تضطرون للاعتراف بحقوقنا مكرهين

    • زائر 1 | 10:29 م

      من جرب المجرب..

      استاذي العزيز قديما قيل في الأمثال " من جرب المجرب فعقله مخرب" السلطة للأسف ومنذ أكثر من 250 سنة وهي تجرب سياسة فاشلة ومتهالكة في ضرب الوحدة الوطنية وتكريس الطائفية والتمييز وتشجيع الفساد والفاسدين ونهب ثروات ومقدرات هذه الجزيرة الصغيرة بمساحتها الكبيرة بشعبها الطيب.وما زاد الطين بلة هو عدم الثقه بالمواطن البحرين سني أو شيعي وذلك بإغراق البلد بالمجنسين الجهلة والمتخلفين في الغالب وزجهم في اجهزة الأمن والدفاع والمخابرات.
      إنه الجنون جنون العظمة والقوة الوهمية التي تقود للهلاك والسقوط المحتم

اقرأ ايضاً