العدد 4364 - الإثنين 18 أغسطس 2014م الموافق 22 شوال 1435هـ

مقال ديفيد كاميرون

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قرأنا أمس المقال الكامل لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بعدما تداولت وكالات الأنباء والفضائيات أهم ما فيه في اليومين الماضيين.

المقال يكشف ما وصلت إليه السياسة الغربية في المنطقة من مأزق، مع انقلاب تنظيم «داعش» على مموليه وداعميه، وتجاوزه الخطوط المرسومة. فهو خيارٌ مفضل مادام ينهك سورية، وما دام يزيد من إضعاف العراق ويساهم في تفتيته، أما أن يقترب إلى محمية الشمال الكردي، فذلك يتطلب تحركاً دولياً عاجلاً باسم حقوق الانسان.

كانت الحرب الأولى في أفغانستان نهاية السبعينات، حرب استنزاف ضد الاتحاد السوفياتي، وكانت الحرب الثانية هناك حرب استنزاف ضد الأميركان وحلفائهم الأقرب البريطانيين، ومنها وُلدت حرب الاستنزاف الثالثة ضدهم في العراق. وما يجري اليوم هو حرب استنزاف للعراق وسورية، على يد «داعش»، النسخة الجديدة من «القاعدة»، الأكثر تشدداً ودمويةً وجنوناً.

وكما نمت وترعرعت «القاعدة» في أحضان الأميركان وحلفائهم، وانقلبت عليهم لاحقاً، فإننا أمام المشهد نفسه مع انقلاب «داعش» على مموّليها وداعميها ومشغّليها. وكاميرون في مقاله يعترف بأن «التطرّف السام الذي يجتاح العراق وسورية الآن يمسّنا جميعاً، ولم يعد لدينا خيار سوى التصدي له». إنه يقول كما قالت العرب: «لقد بلغ السيل الزُبى، وبلغ السكين العظم، وبلغ الحزام الطبيين»!

كاميرون أضاف: «إن الناس في بريطانيا يتطلعون إلى استقرار، وأمن، وراحة بال ينعم بها المرء حين يستطيع الحصول على وظيفة لائقة يكسب منها قوته لإعالة أهله في بلد يشعر أنه يسير نحو مستقبل جيد، بلد يعامل الناس بالعدل». وهي مسائل تنطبق على كل شعوب الأرض ولا تختص بالشعب البريطاني طبعاً، ولكن حين شاركت بريطانيا أميركا غزواتها في الخليج وأفغانستان والعراق في العقدين الماضيين، وحين شاركت في الحرب ضد النظامين الليبي والسوري قبل عامين، لم تضع في حسابها مطلقاً ما سيلحق بهذه الشعوب من محن وويلات. الكلفة البشرية هي آخر ما يفكّر به الساسة الغربيون.

كاميرون يعترف أن بلاده شاركت في صراعات طويلة وصعبة على أراضي آخرين (العراق وأفغانستان)، ولكن الذي يقلقه هو أن «إقامة خلافة متطرفة في قلب العراق تمتد لتشمل سورية ليست مشكلة تبعد كثيراً عن حدودنا...». فحين تنتهي الحرب في المنطقة، سينتشر المقاتلون إلى مختلف دول العالم، كما انتشر مقاتلو «القاعدة» من قبل، بما سيجعل ذكرى هجمات سبتمبر 2011 في نيويورك مجرد ذكرى باهتة، أمام مشاهد قطع الرؤوس بالسكاكين وتفجير كل المعالم والصروح الحضارية لمختلف الأديان.

كاميرون لم يشأ أن يضع الحرب على «داعش» باعتبارها حرب أديان، فـ «هؤلاء المتطرفون يموّلهم عادةً متعصبون يعيشون بعيداً عن ساحات المعارك». وهو نطق بنصف الحقيقة، أما النصف الآخر الذي هرب منه، فإن «داعش» ليست وليدة أفراد متعصبين، وإنما صنيعة أجهزة استخبارات عالمية سرية. أجهزة جنّدت هذه المجاميع من الشباب المشحون كراهيةً من مختلف البلدان، ووّجهتهم إلى مناطق الصراع المرغوبة، في لحظة الانسحاب العسكري الأميركي، في حرب استنزافٍ للمنطقة أجمع. حربٌ يخوضها قومٌ مجاناً لصالح قومٍ وهم لا يشعرون.

مشكلة «داعش» أنها مثل الممثل المشاغب الذي يخرج على النص، رُصدت لها الموازنات وجُمعت لها التبرعات وبيعت من أجلها «البشوت»، وزُوّدت بالأسلحة والعتاد، وفتحت لمجنديها المعسكرات والحدود وتركت ثلاث سنوات تعبث بأرواح الشعوب المنكوبة التي كانت جريمتها أنها حلمت يوماً بربيع الكرامة والحرية والعيش الكريم.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4364 - الإثنين 18 أغسطس 2014م الموافق 22 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 2:45 م

      بريطانيا العجوز المؤذية

      ليس هناك اسوأ من السياسة البريطانية في العالم. تبعاتسياساتهم مدمرة في كل مستعمراتهم السابقة حتى الان.

    • زائر 8 | 12:49 م

      لا فرق بين داعش و حالش

      لا فرق بين داعش و حالش فكلاهما تنظيمات ارهابية يجب محاربتها و سجن كل من يروج فكرها المنحرف الذي يعتمد على الدجل

    • زائر 10 زائر 8 | 2:33 م

      العبوا غيرها

      ما تمشي حالش ما بالش. ما فيه الا داعش اللي يهدد جميع دول المنطقة وبقطع الرؤوس وقتل ا.. والشعوب. الكل كشفهم الا انتون( الخلايا النائمة) قاعدين تدافعون وتتسترون عليهم.

    • زائر 7 | 5:59 ص

      سورية

      يا اخ قاسم نريدك ولو لمرة واحدة ان تنصف المعارضة السورية والججيش الحر في ثورته ضد النظام الوحشي القاتل الذي لايختلف عن عاعش الا في نسبة الاجرام ايهم اكثر وحشية .انصف ياقاسم اكثر من ثلثي الشعب السوري ضاقوا بنظام الاسد وعصابته هذا الشعب هو الذي قام ضد نظام بشار وليس داعش هنالك في سورية مجرموون وهم داعش ولكن ايضا هناك شرفاء كالمعارضة والجيش الحر انصفهم يااخ قاسم ولا تصور ان الذين لايريدون بشار كلهم داعش ولك الشكر

    • زائر 12 زائر 7 | 3:24 م

      واين الجيش الحر؟ داعش تصفيه الان

      كل العالم اليوم يتكلم عن داعش الذي يهدد كل دول المنطقة وانت تطالب السيد بالحديث عن الجيش الحر؟خبرنا اين هو الجيش الحر؟داعش تتقاتل معه وتصفيه. ثم ان السيد كان مواقفه مع الشعةب العربية بما فيها سوري وكتب مقال حسب ما اذكر عن بشار والقذافي وصدام.فلا تزايد على الرجل.

    • زائر 6 | 4:58 ص

      كاميرون وأوباما

      شكله زاد الماي على الطحين-اذا خبز خبزتوه اكلوه والا عندكم الميدان والعنو شنيدهم

    • زائر 5 | 2:45 ص

      اللهم ...من كان السبب

      طالما هناك بيئة وحاضنة من بعض المسلمين تفرخ هؤلاء المجرمين لايمكن ان نلقي اللوم فقط على الغرب الامة الكبرى تقع على المسلمين انفسهم لو تركو العصية والتعصب ونشأ الجيل متقبل للآخر لما ولد هذا الفكر المتطرف
      للأسف دول تقوم بتدريس مناهج كلها شحن طائفي من سنة اولى الى سنة التخرج واقلام وإعلام يزرع ويزرع ويزرع النفس الطائفي فبعد هذا كله هل يتوقع الكسلمون ان يولد جيل متسامح

    • زائر 9 زائر 5 | 12:52 م

      ايران منبع الطائفية

      .

    • زائر 4 | 1:44 ص

      بريطانيا العجوز

      كل البلاوي ما تطلع الا من ورا راسكم.

    • زائر 2 | 12:22 ص

      كاميرون احد المطالبين بدماء شعب البحرين

      كاميرون هذا داعم للارهاب الرسمي وهو احد الذين سنوقفهم يوم القيامة امام العدل الالهي ان لم نستطع ايقافهم هنا في الدنيا فهناك محكمة تنتظرهم

    • زائر 1 | 12:10 ص

      ماذا تتوقعون من كاميرون وأوباما واضرابهم؟ التخطيط لابادة البشرية

      من اجل المطامع المادية هؤلاء مستعدون لإبادة شعوبا بأكملها اذا وقفت قبال مصالحهم واطماعهم وما داعش وامثالها الا سلاح من الاسلحة التي يستخدمونها كما استخدموا غيرها . هؤلاء لن يتورعوا عن استخدام أي سلاح مبيد للإنسانية وان كان داعش او غيرها

اقرأ ايضاً