العدد 4378 - الإثنين 01 سبتمبر 2014م الموافق 07 ذي القعدة 1435هـ

فرعنة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

اتخذت بريطانيا تشريعات لمواجهة خطر المقاتلين البريطانيين في الخارج، وقدّم باراك أوباما خطة لمحاربة «داعش»، وأعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف ملاحقة عناصر التنظيم قضائياً في جرائم ضد الأقليات الدينية والعرقية.

إقليمياً، نشاهد استنفار دول الخليج والأردن بوجه خطر «داعش»، وكان تتويجه الإعلان الصادر عن المفتي العام بالمملكة العربية السعودية باعتبار هذا التنظيم خطراًً كبيراً على الإسلام، ووصفه لاتباعه بـ «الخوارج».

حالة الاستنفار بدأت في أعقاب استيلاء «داعش» على الموصل، ولم يمض أكثر من أسبوعين حتى بدأ بتنفيذ تهديده بالتمدد، فأرسل طلائعه إلى الحدود الأردنية والسعودية. حتى الآن كل دول المنطقة استيقظت من سباتها وصحّحت مواقفها إلا تركيا، التي مازالت ترعى وتدرّب وتحتضن أفراد التنظيم، ولن يمضي وقت طويل حتى تسمعوا عن تفجيرات وأعمال قتل داخل حدودها.

«داعش» كانت محبوبةً حتى قبل بضعة أشهر، لدى أغلبية الدول التي انقلبت عليها الآن. كانت مجموعة وظيفية استخدمتها دول ضد أخرى، ولكنها تجاوزت الدور المرسوم لها. إنها أشبه ببقعة الزيت التي كان يُراد تفريغها والتخلص منها في أرض معينة، لكنها تسربت لتلوث جميع السواحل.

ما يحدث الآن يقدّم درساً جديداً، يدل على أن حكومات الدول الكبرى والصغرى، لا تستفيد من الدروس، وهي مستعدةٌ لتكرار الخطأ مرةً تلو أخرى، من أجل تحقيق أهداف سياسية قصيرة المدى، حتى لو أدت إلى إغراق المنطقة في بحر من الدماء، خصوصاًً عندما يكون الاقتتال على أرض بعيدة، كما في سورية والعراق وليبيا، وقبلها أفغانستان والصومال.

هذه الجماعات الوظيفية المستلبة العقل، ابتلي بهم المسلمون في فجر الإسلام، حيث تجتمع فيهم الحماقة وعدم الوعي السياسي والطيش، وتزكية النفس والإصرار الأعمى على الرأي، بحيث لا يقبلون رأياً آخر. وقد برزوا كقوة سياسية لأول مرة في التاريخ، في أعقاب معركة صفين، حيث ساهموا في تقويض تجربة الخلافة الراشدة. وقد خاطبهم الإمام علي (ع) بقوله: «وأنتم معاشر أخفاء الهام، سفهاء الأحلام...»، ولكونه عجم عودهم، تنبأ لهم بأن يكونوا في آخرهم «لصوصاً سلابين»... وهو ما تحقّق بعد معارك وحروب امتدت لأكثر من قرن.

هذه المرة لن يبقوا قرناً ولا عقداً، فالاستنفار الدولي اليوم سيعجّل بنهاية هذا التنظيم المتطرف سريعاً، خصوصاً أنه ارتكب أخطاء فظيعةً أقرب للحماقات، ألّبت عليه كل الدول حتى داعميه. ولكن المؤكد أن المعالجة العسكرية لن تكون كافية لإنهاء هذه الظاهرة، فقد استطاع أن يجلب مقاتلين من 80 دولة، بتعاونٍ وتسهيلات استخباراتية دولية، اعتمدت على بنية آيدلوجية موجودة. هذه البنية الفكرية تقوم على فكرة تزكية الذات، ونفي الآخر من الوجود. فالجماعة تعتبر نفسها الممثل الوحيد للإسلام، وعلى جميع المسلمين مبايعة أميرها وإلا فإنهم مرتدون. أما بقية المذاهب فلا يعترفون بإسلامها أصلاً، وشركهم أمر مفروغ منه ولا يحتاج إلى إثبات أو تثبت، حتى لو كانوا يصلّون الخمس ويصومون رمضان ويحجون البيت الحرام. كل القواعد والمعايير التي وضعها الرسول (ص) لقبول إسلام الناس يضعونها تحت أرجلهم.

الفكر الداعشي المتفرعن هو الذي يعتبر المسلمين الآخرين مشركين، ومساجدهم معابد، حتى أضرحة الأنبياء التي تسالمت أجيال المسلمين جميعاً على احترامها وتقديسها في كل بلدان المسلمين السنة والشيعة، قام بهدمها ونبش القبور، بما لم يرد به قرآن ولا سنة.

هذا الفكر التكفيري هو الذي أنتج «داعش»، وبات يهدّد التعايش القائم بين المسلمين منذ أجيال، وتحويل بلدانهم إلى ساحات لحروب الجاهلية الجديدة.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4378 - الإثنين 01 سبتمبر 2014م الموافق 07 ذي القعدة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 9:18 ص

      ههههههه

      جنت على نفسها براقش

    • زائر 15 | 3:50 ص

      الحق

      ...وامريكا وحلفائها هم من صنعو داعش ومدوهم باموال طائلة والحين يوم حسو بالخطر قامو يحاربونهم الى مت هاده الظلم ...الا تخافون الله ان لم يكن لكم دين فكونو احرار بسكم من سفك الدماء وبسكم من ...

    • زائر 14 | 3:23 ص

      القوم ابناء القوم

      يزيد ابن معاوية قبلهم استباح مكة و المدينة و قتل صحابة رسول الله (ص) و اغتصب نسائهم ثم قتل ريحانة رسول الله. نفس الفكر نظر له .....

    • زائر 13 | 2:59 ص

      بحرينية

      مساكين الامريكان وربعم العرب فكروا ان داعش راح تخلصهم من خصومهم واعدائهم فقط ما دروا ان على الباغي تدور الدوائر , وان الله يمهل ولا يهمل ,, حسبي الله ونعم الوكيل

    • زائر 12 | 2:39 ص

      داعش

      ينطبق عليها قول الله تعالى: "ونخوفهم فما يزديدم إلا طغياناً كبيراً.

    • زائر 11 | 2:31 ص

      سبحان الله

      ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله. نفخوها حتى انفجرت في وجوههم.

    • زائر 10 | 2:19 ص

      الفكر المريض المتخلف !

      هؤلاء امتدادات لجماعات التكفير والهجرة واتي ظهرت في ايام الرئيس المصري الراحل السادات وانتهت باغتياله على يد المجموعة التكفيريه وانتشروا كالمرض الخبيث بتشجيع من الحكومات المحليه وغيرها واستخدموهم في أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي السابق ولكنهم لم يتوقفوا عند الدور المرسوم لهم وارتدوا على من ساندهم ومولهم بالمال والسلاح في تحقيق أحلامهم المشوهة في الخلافة الاسلاميه وإسقاط العروش

    • زائر 9 | 2:16 ص

      البسيط في التفكير يعرف بأن التنظيم وراءه دول.

      إاتضحت صورة داعش الحقيقية فهي وراءها دول مؤسسة لهذا الفكر من أجل الاستفادة منها في تمزيق العروبة والاسلام فها هي سوريا والعراق الدولتان الشريفتان التي ضربة أروع القيم في العروبة والاسلام ولم تبدل ولم تساوم ع مبادئها

    • زائر 8 | 12:38 ص

      هذا ما حدث بالضبط

      وانقلب السحر على الساحر

    • زائر 7 | 12:37 ص

      تنويه..الجذور هناك!!

      أحيانآ، تغيب حقائق لانقاش فيها بسبب حملة اعلامية، خصوصآ اذا أريد توظيفها لصالح فكرة المتحدث، حين يلتقى ضدان في ادانة ظاهرة ما، أحدهما هو المنتج الفعلي لها، ولكنه بذكاء ينسبها إلى غيره ويلتقطها الطرف الآخر ويوظفها في حين أن تشخيصها الواقعي هو فيما طرحه عبد الباري عطوان قبل أيام، فهذه الجذور الأصلية وان استعارت من الخوارج بعض الأساليب فحسب.

    • زائر 6 | 12:36 ص

      سلام الله عليك يا وصي النبي ص وامام المتقين

      وصفهم من قديم ولم يخطئ وصفها ولا حرف واحد، هو هو نفس الفكر الذي ارتد على الامام علي عليه السلام وحاربه

    • زائر 5 | 12:24 ص

      من زرع حصد

      هم من زرع داعش وغيرها من الجماعات الارهابية
      هم من دعم هذه الجماعات باموال غير محدودة
      هم من روّج لها وزج فيها الكثير من الشباب المغفّلين
      هم اعني بعض دول الخليج متعاونة مع تركيا وامريكا وبريطانيا
      لن يحصدوا الا الخيبة والندامة

    • زائر 4 | 12:14 ص

      هؤلاء خميرة الخبث ونتيجة حتمية لبعض الافكار

      من أنشأ ومن أعطى ومن دعم ومن ساند كل هذه الدولة معروفة ومنها دول في الخليج وبالطبع الأمريكان والبريطانيين لا يوجد شرّ على وجه الكرة الارضية الا وهاتان الدولتان في المقدمة ومعهما دولا غربية اخرى.
      زرع الشوك وزرع شجر الشرّ والارهاب لا بد ان يخرج ان السيطرة لأن من طبيعة مثل هذا الزرع ان يفلت من السيطرة

    • زائر 3 | 10:57 م

      سلام الله عليك يا علي

      اميري علي ..
      على خطاك ياعلي سائرون وعلى نهجك ماضون نفديك بالروح والنفس يا علي .. هذه رؤسنا انتزعوها عن اجسادنا ..
      فا والله لم نبايع غير عليا اماما ... لو انطبقت السماء على الارض ..
      واما فكركم وجنونكم هذا سيكون مصيره مزبلة التأريخ ... وقريبا ..

    • زائر 2 | 10:36 م

      نحن صنعنا اللعبة و نحن نحطمها

      القضاء على داعش من خلاله يريدون اثبات انهم قادرون اخراج المارد و يستطيعون ادخاله في الفانوس متى ما ارادوا

    • زائر 1 | 10:05 م

      لا ياسيد انت اكبر من تلك التصريحات فداعش تمولها البترودولار

      اي باموال النفط الخليجي وهندسة صهيوامريكية الا ترى كيف عادت امريكا بجيوشها وطائراتها الى العراق؟ الا ترى اكثر الذين يفجرون انفسهم من دول عربية كاليمن وفلسطين والجزائر وغيرهم الكثير؟ ياسيد لانقص على انفسنا ونقول بان تصريح مسئول هنا ومفتي هناك بانهم صادقين في حربهم ضد الدواعش . نعم صادقين اذا وصل الخطرالى البيت الاسود والعروش القائمة على عذابات الشعوب فوالله لو استطاعت داعش ان تسيطر على جنوب العراق وهدم الاصرحة لرقصو فرحا ولكن تمدد الدواعش كان نحو الشمال الكردي لذلك ترى ماترى

اقرأ ايضاً