تلقت مملكة البحرين خبر وفاة الحاج " إبراهيم علي " رحمه الله و أسكنه بيتاً من بيوت الجنة بكل حزن و ألم حيث أن خبر وفاته لم يستغرق إلا بضع دقائق حتى إنتشر على جميع وسائل التواصل الإجتماعي و الصحف المحلية ، و السبب ليس شهرة الحاج إبراهيم أو موقعه الحساس في البلد بل بسبب الطريقة و المكان الذي وافته المنيّة فيه .

بعد أن بلغ عمرة 65 عاماً و أصبح جداً تلقى إتصالاً من وزارة الإسكان لكي يخبروه بأنه يستحق بيتاً مقدماً من الحكومة سيقوم بدفع قيمته بالإضافة للأرباح.

توجه الحاج " إبراهيم " هو بحريني الأصل أباً عن جدٍ لمقر الوزارة حاملاً على كتفيه هموم الزمن و أمام عينيه أحلاماً كان يعيشها في مخيلته ؛ جاء ملك الموت لقبض روحه الطاهرة و تحويل أحلامه لسراب و كيف لا تكون وزارة الإسكان سبباً من أسباب وفاته و هي التي جعلته ينتظر 7000 يوم و هو يحلم ببيت يأويه ، فخلال هذه السبعة الاف يوم كم مرة حلم الحاج " إبراهيم " بالبيت و كم مرة تخيل و عاش أحلاماً بأنه يمتلك ذلك البيت هو و عياله ؟

كم مرة خلال العشرين عاماً عاش الحاج " إبراهيم " القهر و هو يسمع و يرى أمام عينيه خيرات البلد و البيوت الملونة توزع على أشخاص في عمر أبنائه ؟

لكل مسئول في وزارة الإسكان ، ألا تخجل عندما تسمع أو ترى رجلاً من مواليد 1949 و هو لازال ينتظر طلبه الإسكاني ؟

ألا تخجل عندما تسمع أو ترى بأن هناك طلباً منذ عام 1994 و نحن الآن في نهاية 2014 ؟

يا وزارة الإسكان ، إذا كان الحاج " إبراهيم " توفيّ في مقركم و هو على وشك إستلام طلبه فهناك المئات ممن وافتهم المنية و تلقفهم الموت و هم لايزالون ينتظرون إستلام طلباتهم الإسكانية .

ألا يخجل المسئولون في وزارة الإسكان و نحن في عصر التقدم و التكنولوجيا و التطور بأنهم لازالوا يملكون خطة واضحة تبيّن لكل مواطن كم عدد السنوات التي من المفترض أن ينتظرها و متى سيلبى طلبه الإسكاني ؟

ألا يخجل المسئولون في الوزارة مع كل مايملكون من مقومات و ميزانية و خبراء و مستشارين بأن معظم المواطنين البحرينين ساخطون عليهم و على أدائهم ؟

لا يعد الحاج " إبراهيم " حالة شاذة بالنسبة للمجتمع البحريني فهناك الكثير ممن يعاني مثل معاناته ، بل البعض أكثر منه معاناة فهناك الارمل و الارملة و الفقير و المسكين و المحتاج و المريض و العاجز و كلهم ينتظرون الطابور الذي هو في إستطالة يوماً بعد يوم .

كم أنت كريم و أبّي يا حاج "إبراهيم" ، فلم ترضَ أن تفارق هذه الدنيا حتى توفر لعيالك سكناً قد سددت قيمته بالكامل من "سنين عمرك" و لربما أبيت أن تسكن على "رفاة" جدك العاشر فرحلت بكل هدوء فاسحاً المجال لأحبائك و غيرهم بأن يمشوا في جنازتك ... فعليك الف رحمة يا حاج " إبراهيم " .

منير الشهابي