العدد 4397 - السبت 20 سبتمبر 2014م الموافق 26 ذي القعدة 1435هـ

دروس من الاستفتاء الاسكتلندي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يوم الخميس الماضي (18 سبتمبر/ أيلول 2014) قرر الاسكتلنديون بقاء بلادهم ضمن «المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال ايرلندا» بعد استفتاء تاريخي نتج عنه رفض 55 في المئة من المصوّتين لفكرة الاستقلال، وذلك بفارق كبير عن مؤيدي الاستقلال الذين حصلوا على 45 في المئة. ولأنني عشت ودرست في اسكتلندا (شمال بريطانيا) وجدت نفسي أمام شاشة التلفزيون طول الليل حتى فجر الجمعة بانتظار إعلان النتائج.

اسكتلندا انضمت إلى إنجلترا قبل أكثر من 300 عام، وذلك بعد قرن من استلام ملك اسكتلندا آنذاك العرش في إنجلترا... وبمعنى آخر، فإن البلدين متوحدان بصورة عملية لأكثر من 400 عام، ولأن الوحدة كانت قد بدأت في اسكتلندا أساساً، فإنها تعتبر برضا الطرفين، واحتفظت اسكتلندا بقانونها المدني ونظامها التعليمي والقضائي والبلدي المختلف تماماً عن باقي بريطانيا. وفي 1999 حصلت اسكتلندا على سلطات أوسع من خلال إعادة الحياة إلى برلمانها المحلي الذي أصبح يسيطر على مختلف المجالات، ما عدا الدفاع والخارجية وبعض الشئون الاستراتيجية الأخرى.

الاسكتلنديون يكرهون حزب المحافظين ويعتبرونه استعلائياً، ويصوّت أكثريتهم لحزب العمال حتى السنوات القليلة الماضية عندما صوّت غالبيتهم لصالح الحزب القومي الاسكتلندي الذي نشأ من الأساس للمطالبة باستقلال اسكتلندا. وعليه وبسبب ذلك الانتصار طالب الحزب باستفتاء على الاستقلال لتحديد رغبة الاسكتلنديين، وهو ما حصل الخميس الماضي. ولأن النتيجة جاءت لصالح البقاء ضمن المملكة المتحدة، فقد كان لزاماً على زعيم الحزب القومي (وهو أيضاً رئيس وزراء اسكتلندا الحالي) تقديم استقالته وإفساح المجال لغيره.

الاستفتاء حمل كل المعاني الرفيعة للديمقراطية، والحوار الصريح، والعمل السلمي من أجل تحديد مصير بلد بأكمله، وقبل الجميع بالطريقة وبالضوابط وبالنتيجة. وفي نهاية الاستفتاء، فإن الاسكتلنديين الذين قرروا بقاء بلادهم ضمن المملكة المتحدة ربحوا الكثير؛ إذ إنهم الآن سيحصلون على مزيد من الصلاحيات التي تعطيهم جميع مزايا الحكم الذاتي مع الاحتفاظ بمزايا كونهم ضمن بلاد موحدة كما كانت من قبل.

الكثير كُتب وسيُكتب عن الدروس من ما جرى في اسكتلندا، ومنها أن الناس لا يقبلون باستعلاء أحد عليهم (سواء كان هذا الاستعلاء متصوراً أم حقيقياً، تاريخياً أم مازال حاضراً)، وفي هذه الحالة فإن حزب المحافظين تعلّم درساً لن ينساه، واضطر المحافظون إلى الاستعانة بحزب العمال وبرئيس الوزراء السابق (الاسكتلندي) غوردون براون لقيادة حملة من أجل إنقاذ وحدة البلاد. كما أن الدرس الاسكتلندي يُبلّغ جميع من في العالم بأن اللامركزية بين المناطق المتنوعة داخل أي بلد يجب أن تكون حقيقية ونابعة من إرادة أهل كل منطقة. وحالياً تسعى تركيا للنزوح نحو اللامركزية ومنح أقاليمها المختلفة برلمانات وحكاماً منتخبين محلياً بحسب تعديلات دستورية مقبلة، وهم بذلك يسعون لإنقاذ بلادهم من مصير ماثل أمام أعينهم في العراق وسورية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4397 - السبت 20 سبتمبر 2014م الموافق 26 ذي القعدة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 6:12 ص

      خلوها على الله .

      العرب غايبين عن المدرسة اليوم وامس
      ولذلك فاتهم هذا الدرس
      الدرس الجاي ربما يحضرونه ولكن هل سيفهمون ام سيقف حاجز اللغة حائلا بينهم وبين الفهم .
      الله اعلم .

    • زائر 10 | 4:16 ص

      السلطة

      يا ريت السلطة تأخذ الدرس والعبرة من اسكتلنذا التي اختارت طريق التصويت لكل الشعب ف اتخاذ القرار بدل قرار الرجل الواحد والمركزية ف كل شيئ حتى الامور البسيطة.

    • زائر 9 | 3:52 ص

      اللهم

      اللهم انصر .... المعارضة على هذا الظلم وفرج عن معتقلينا يارب العالمين وارحم شهدائنا الابرار وصبر يتاما الشهداء اللهم اخد الحق ممن ظلمنا

    • زائر 4 | 12:32 ص

      دكتورنا

      ياليت الوفاق تتعلم منهم وتفك البحرين من الجهاله إلي معششه في مخوخهم الخاويه

    • زائر 8 زائر 4 | 1:31 ص

      اي والله

      قصدك يا ليت الوفاق تسعى ... مثلاً؟ :)

    • زائر 3 | 11:55 م

      نحن أيضاً نريد حق تقرير المصير

      سنصل اليه انشاء الله حق تقرير المصير بالطرق السلمية وحينها سيكون لنا جواب

    • زائر 12 زائر 3 | 5:01 ص

      نريد ان نفهم ؟؟

      يعني ماذا تقصد بتقرير المصير ؟؟ تصير دولة إسلامية مثلا في شارع البديع وسترة او اشلون يتقطع الديرة ؟؟ يا اخي الرجاء عدم التكرار الجاهل للمصطلحات ، يمكنك القول مطلوب إصلاحات واسعة و .. ولكن كلمة تقرير المصير هي مصطلح قانوني محدد لا يحتمل اجتهاد

    • زائر 1 | 10:48 م

      يعني فكرك دكتور البحرين راح تخطو هذه الخطوة ؟

      منذ زمن ونحن نحلم بيوم جميل ووطن جميل وحكم جميل ولكن قدرنا ان نعيش الاضطهاد نحن ومن سبقونا من الاباء والاجداد ومصير ابنائنا سيكون اسوا من بعشرات المرات فنحن على الاقل قاسينا مرارة الظلم ولكن كنا ننفس عنه باللعب على شواطيء القرية ونتنقل بين عيونها ومزارعها اما ابنائنا فقد حرمو من كل هذا فسلام على اوال وسلام على المظلومين فيها وندعو الله ليل نهار بان يتحفنا بالكرامة التي كرم بها بني البشر وان يرينا في من تسلط علينا وغصب حقنا شديد نقمته وعجائب قدرته فالملك والارض له وحده والظالمين تحت قبضته

اقرأ ايضاً