العدد 4397 - السبت 20 سبتمبر 2014م الموافق 26 ذي القعدة 1435هـ

مقاومة التغييرات التي تحدث للإنسان عبر سنوات حياته

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

سأحاول إيجاز تلك التغييرات والتي تأتينا سريعاً كالصاعقة، ودون استعدادٍ نفسي أو جسدي منا، وعلينا تقبّلها سواء شئنا أم أبينا، والتكيف معها وتجاوز أزماتها، وقد تبدأ بعد سن الأربعين أو قبل ذلك للأشخاص العصبيين والمهمومين والذين ُيعقِّدون الحياة وبوضع شروطٍ تعجيزية تُتعبهم وتهدّ الجبال، وهنالك من لا خيار لهم وتضطرهم ظروفهم الصعبة إلى التعرض للضغوط وتُحملهم الكثير من المُعاناة بالمسئوليات المتواصلة.

هؤلاء قد يتجاهلون ذواتهم ويرهقون أنفسهم لدرجة تُسرع من تقدمهم في السن وتُصيبهم بالأمراض الجسدية والنفسية مُبكراً ولا يعرفون طريقاً للتمتع بدنياهم!

وفي وتيرة روتينية، وقد تُصبح مُملة إذا لم يتعرف الإنسان على المفاتيح الحياتية للبهجة والسعادة، وأن معظمنا يرى تلك التغييرات، بالنظر للمرآة ومشاهدة الخطوط التي ترسم طريقها تدريجياً والترهل بدايةً في عضلات الوجه والشعر الأبيض يغزو الرأس أو يتساقط!

ولا حاجة لشرح تأثير ذلك على جمالِ الوجه، والذي قد تغيره تماماً لدرجة أننا قد لا نتعرف لأصدقاء الماضي إذا ما قابلناهم بعد عدة سنوات!

هذا علاوةً على الهموم والأمراض العُضوية والسُمنة التي تُفاجئنا، لتُزيد من قسوة المرحلة والتي لم نعهدها قبلاً.

تلك المقدمة من التغيير كفيلةً لتعكير أحسن مزاج، إضافة إلى المعاناة من التعب والإرهاق وضعف الذاكرة واللياقة... إلخ. ولكن من منا يستوعب التغييرات الداخلية والنفسية التي تعترينا، فقد يُصاب البعض مع التقدم في العمر بالاكتئاب أو الخواء والغضب الداخلي، دون أسباب ظاهرية مُحددة أو قد تكون، لاسباب مُتعددة منها التوقف عن العمل والفراغ، مع انخفاض هرمون الاستروجين عند النساء وربما الحاجة لتعويضها بالحبوب، لتعديل المزاج والحيوية ولتقوية العظام وأشياء أخرى... إلخ، وكذلك الرجال بانخفاضٍ هرمون التستوستيرون ولكنه أقل حدة من النساء.

عموماً يتغير الإنسان وتقل متعته ولذته في الحياة! ولنبدأ في البحث عن السبب الرئيسي، أهو ضعف الهرمونات، أم أنها نمطية الحياة وكثرة وجود الوقت الضائع بعد التقاعد، أو التعب من المشاكل والهموم التي ترصدنا من تراكم المسئوليات، ما يُفقده البهجة؟!

وفي مُجتمعاتنا الشرقية يبدأ البعض بمحاولات لاسترجاع الماضي بغض النظر عن المرحلة الحياتية والسن! في التفاؤل بالفرح لإعادة الشباب، بلوم شريكة الحياة وأنها السبب في التعاسة، ويتجه الرجال إلى العلاقات النسائية والسفر والاهتمام بالمظهر الخارجي! أو الزواج لمِرَة أو أكثر، ظناً أنها قد تُحسن الأمور، وقد ينجح بإضافة متجددة للمُتعة لبعض الوقت إذا كانت الزوجة الاولى مُملة وغير متوافقين في العيش معاً! ليعود بعدها إلى المزيد من المسئوليات والهموم وإلى المربع الأول من التعاسة وقد يفشل، وقد يكون هو أحد أسبابها لعدم فهمه لنفسه أو لتقدم العمر وويلاته النفسية!

أما بالنسبة للنساء فقليلٌ منهن من يحاولن إعادة البهجة بعمل العلاقات خارج نطاق الزواج، وقد تبحث عن شريكٍ آخر للتسلية فقط، لكنها في مجتمعاتنا المحافظة، يصعب ذلك مهما كانت نفسيتها وقسوة ظروفها، رغم عدم وجود الإحصائيات في بلادنا عن خيانة المرأة، حيث يأتي اهتمامها بأطفالها بالمرتبة الأولى بحكم الغريزة، نظراً للكبت الشديد لها، وحصارها الديني لزوجٍ واحد في الغالب مهما تكن الظروف، ومع ذلك تكثر الخيانة في الغرب.

وتتجه معظم النسوة للصديقات وللتدين وحفظ القرآن والاعتكاف ليبعدهن، ويلغين التفكير في حياتهن وربما بالعناية بالأحفاد الذي قد يُنسيهم الفراغ والخواء الداخلي المخيف، وذلك الشعور بالمرارة، وبعد أن ينساها أبناؤها مع كل تضحياتها وانشغالهم عنها! وتمضي بهن الدروب ما بين الوحدة واليأس من البحث عن المُتعة والفرح! ومن الواضح أن التقدم في العمر له تأثيراته السلبية إذا ما سمحنا واستسلمنا له.

ولكن علينا ألا نيأس من معركة الحياة وتأثيراتها الضارة، وأن نقاومها بالاهتمام بشئوننا والتأمل الروحي لجلب الشعور بالبهجة وتغير الروتين وعمل الاشياء التي نُحبها وبتنشيط ذاكرتنا بالقراءة وبممارسة الرياضة والغذاء الصحي والانخراط في الأنشطة المتنوعة ومواصلة العطاء ومساعدة من هم أقل حظاً في الحياة، والبحث عن مخارج أزماتنا وطلب العون من الآخرين إذا ما احتجنا، وقد تتبدل حياتنا إيجاباً، وحينها سنتوقف عن لوم الآخرين في معاناتنا وسنعيش حياة ملؤها الغبطة والسعادة بمجهودٍ نستحق أن نهنئ أنفسنا عليه.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 4397 - السبت 20 سبتمبر 2014م الموافق 26 ذي القعدة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 8:14 ص

      نرجو المزيد

      ان مقالاتك ننتطرها بفارغ الصبر اسبوعياً وياليتك تكتبين يومياً دكتوره فانت تعطيننا المعلومه الصعبه ولكنها مغلفه بالتفاؤل والفرح وممكن تعملين برامج عن الcreative thinking or self development وبذلك تحيطين بعنايتك اكبر عدد من البشر المحتاجين لمثل هذه الآراء والمساعده البالغة الاهميه دمت للبحرين والعالم والعلم

    • زائر 2 | 2:21 ص

      Very interesting and informative article..

      Well done..Keep the creative work up..Thanks Dr.

    • زائر 1 | 2:06 ص

      مقاله ممتعه

      مقاله جميله لايسعنا الا شكرك للرقه في كتابة المقالات ويديم عزچ دكتوره

اقرأ ايضاً