العدد 4398 - الأحد 21 سبتمبر 2014م الموافق 27 ذي القعدة 1435هـ

بين «التوافق» و«القواسم المشتركة»

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

منذ العام 2011، وقبل انطلاق ما سمي في ذلك الوقت بـ«حوار التوافق الوطني» (الحوار الأول) كانت جميع التصريحات الرسمية من الأعلى حتى الأدنى، لا حديث لها إلا عن أنه «لا يمكن أن يكون هناك حل في البحرين إلا من خلال التوافق الوطني بين جميع مكونات الشعب».

والحكومة والوزراء، وحتى صغار المسئولين والأقلام والموالاة، لا يتحدثون إلا عن مفهوم «التوافق» الذي لم يفهم أحد. وحتى المتحدثة الرسمية باسم الحكومة صرحت كثيراً، ومن بين تلك التصريحات ما نشر في صحيفة «الشرق الأوسط» (10 يناير/ كانون الثاني 2014) عندما أكّدت «أنه لا حل آخر في البحرين إلا بالحوار والتوافق»، مشدّدةً على أنه «لدى الأطراف البحرينية خلافات يمكن حلها بالتوافق وعبر طاولة الحوار، ولا شيء غير ذلك». أي لا شيء غير «التوافق»!

وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة أكّد في الرابع من فبراير/ شباط 2013 أن «التوافق الوطني ليس خيار اللحظة بل هو تاريخ من العمل الوطني، وهو إيمان وقناعة راسخة... إنه سبيل القوة والتقدم (...)»، كما قال: «التوافق الوطني هو القاعدة الأساس والضمانة لأي تطوير مستدام».

يوم الثلثاء 17 سبتمبر/ أيلول 2014 أعلن عن لقاء جمع ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، بقصر الرفاع بعددٍ من الأعيان وشخصيات المجتمع، وتناول اللقاء ما تحقق من خلال تفعيل المشاركة الشعبية واستمراراً للأخذ بمنهج التوافق، فقد تم إطلاع الأعيان وشخصيات المجتمع وأخذ رأيهم حول ما تم التوصل إليه بالمحور السياسي في استكمال حوار التوافق الوطني والمتضمن إطاراً واضحاً يمثل قاسماً مشتركاً بين جميع الأطراف المشاركة.

بدا واضحاً أن لغة «التوافق» التي كانت السلطة متمسكة بها منذ العام 2011 بين مكونات المجتمع، تبدّلت إلى لغة جديدة بعنوان آخر، وهو «القواسم المشتركة»، وذلك بعد أن فشلت القوى السياسية المتحاورة على مدى ثلاثة أعوام من «التوافق» على صيغة حل معين يخرج البلد من أزمته الخانقة.

عندما تحدثنا من قبل عن أن الحل لن يكون من على طاولة الحوار، ضجّ وزير العدل، وتحدّث عن أن ما يوجد تحت الطاولة «أحذية ونعل»، وعندما تحدثنا عن ضبابية مفهوم «التوافق» خرجت اللجنة المعنية لتفسر ذلك المعنى، و»فسرت الماء بعد الجهد بالماء»، وذلك عندما صرّحت أن «القرار بالتوافق يعتبر أقوى أشكال الاتفاق، حتى أنه أشد قوةً من التصويت بالأغلبية الساحقة؛ فالقرار التوافقي يعالج ويلبي المصالح الأساسية للأطراف المعنية، ويحقق أوسع تأييد للنتائج»!

وبعد كل ذلك، نرى أن ما يعرض حالياً من أنه «الحل» لم يأتِ من فوق طاولة الحوار، بل جاء من تحتها، وبشكل لم يقره المتحاورون المعترف بهم في «حوار التوافق الوطني» بل صدمهم جميعاً، فمنهم من صمت ولم يعلق حتى الآن في بيان رسمي عن موقفه، رغم أن بعض قياداته تحدثت بشكل غير مباشر وأشادت به، فيما رفضته قوى المعارضة، ودعت لـ«التوافق عليه».

ما يعرض حالياً على أنه «الحل» للأزمة السياسية، لم يأتِ بالية «التوافق» وهو أمر واضح ومعترف به رسميا أيضاً، التي كانت السلطة تشدد على أن الحل لن يأتي إلا من خلاله، ولا يمكن أبداً ومهما كان أو حدث أن يقفز على مكون دون أن يوافق على ذلك الحل، كسبيل وحيد لإنهاء الأزمة التي ترى السلطة أنها صراع بين مكونات، وما هي إلا «منفذ» لما يتوافق عليه بين تلك المكونات.

نظرية فكرة «التوافق الوطني» فشلت، وبات ذلك واضحاً، وبالتالي أعلن رسمياً نهاية مرحلة «حوار التوافق الوطني» يوم الخميس 18 سبتمبر 2014، كما أعلن عن مشروع جديد لا يقوم على أساس «التوافق»، بل جاء بمصطلح جديد، ومشروع مغاير يقوم على أساس مفهوم مختلف وهو «القواسم المشتركة»، وهو غير معني بأي توافق بين مكونات المجتمع الرئيسية التي كانت على طاولة الحوار من قبل.

المرحلة مختلفة، والمشروع جديد، ولكن الأزمة ستكون باقية، في ظل غياب «الاتفاق» بين الأطراف الحقيقيين للأزمة في البحرين. وفي ظل كل ذلك فالسيناريو سيكون واضحاً جداً: مشروع جديد، سيدخل خانة الاختبار لما بعد الانتخابات النيابية المقبلة، وعلى إثرها سيتقرر مصيره، ومساحة بقائه الزمنية حاله حال الكثير من المشاريع السابقة التي فشلت أيضاً لعدم وجود اتفاق أو توافق بين الحكم من طرف، والمعارضة من طرف آخر، كونهما الطرفين الرئيسيين في الأزمة، وما باقي الأطراف إلا «كومبارسات» تؤيد وترفض أي مشروع بحسب التوجيهات.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 4398 - الأحد 21 سبتمبر 2014م الموافق 27 ذي القعدة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 31 | 12:30 م

      انقذوا الوطن

      الحل يكمن في جلوس المعارضه مع نظام الحكم على طاولة الحوار للاتفاق على حل يخرج البلد من ازمته ،لكن في حالة المقاطعة اتمنى ان يدخل المحلس نواب اكغاء مخلصين بدلاً من المتردية والنطيحة وحبذا لو تم دعمهم من المعارضة بصورة غير مباشرة وذلك لمصلحة الشعب

    • زائر 30 | 11:18 ص

      نغمة قديمة

      "الاتفاق" بين الاطراف الحقيقيين للازمة !! لغة اقصائية فاشلة العب غيرها

    • زائر 28 | 6:23 ص

      استاذ هاني

      ركز على ما يقوله الموالون ومن تحوطه عنايتهم ( الصيغ التوافية ) هي الطريق الذي تم التوافق عليه بين التلاوين المختلفة من الشعب ، انا لا افهم اذا المعارضة خارج هذا الأتفاق كيف يكون لكل تلاوين المجتمع ؟ اتفقوا مع من ؟؟ المعارضة لم تعطى الفرصة ولا حتى دعواهم لما وقعوا عليه ولم يبدوا اراءهم كيف تريدون منا نحن شارع المعارضة المشاركة والتوقيع على بياض لم نرى منه شيء ؟؟ ولم تستشيونا فيه ، انا مواطن اثق بالمعارضة اسأل هل تحاورتم مع المعارضة ؟ متى واين ؟؟ فلا احد يتفشخر علينا ويتفلسف ويقول توافق .

    • زائر 26 | 3:35 ص

      لا

      لاامل في اصلاح الحكم واملنا بالله سبحانه وتعالى

    • زائر 25 | 3:22 ص

      عندما تقراء لأبن الفردان تكتشف

      عندما أقراء لهذا الكاتب أكتشف عمق وتركيز مباشر على فكرة واضحة تفيد القارئ تعطيه رأي مدعوم بحقائق يبنى عليه، ويؤخذ به
      بارك الله فيك

    • زائر 24 | 3:21 ص

      في اليمن هناك أتفاق

      وفي البحرين قواسم متشركة مقاربة غريبة، طبعاً لأن الديمقراطية غير

    • زائر 23 | 3:20 ص

      واضح حجم التخبط في كثرة المشاريع الفاشلة

      هناك حجم كبير من التخبط في مشاريع الفشل والاستفراد

    • زائر 22 | 3:19 ص

      أحسنت.. تحليل واضح وصحيح

      فعلاً كلامك أستاذ هاني، فما حدث لا يعني أنه تابع للتوافق وإنما إنهاء مرحلة التوافق أو الاتفاق. وبما أنه قد تم فرض الحل، فإن الحل الذي تم فرضه للأسف ليس ديمقراطياً وإنما تكريس للدكتاتورية..!!

    • زائر 20 | 2:40 ص

      أي حل أو حلول هذه؟!

      النظام يعي ما يريده الشعب المضطهد والمنتقصة حقوقه، وطالما اللعب جار بهذه المسميات التي هي انعكاس للكيفية التي يتم بها التعامل مع المواطنين في مطالباتهم، فكل ما يطرح هي ترهات وسفاسه تبين واقع الظلم والديكتاتورية والرجعية التي تمارس على المواطنين.
      الحل هو حل وليس مشاكل تبعدنا عن الحل ...!

    • زائر 17 | 1:49 ص

      تحليل رائع

      قراءة موفقة للمرحلة الجديدة

    • زائر 16 | 1:48 ص

      مقال في الصميم

      الله يحفظك

    • زائر 14 | 1:45 ص

      الحكومة غير جادة في حل الازمة

      وهذا واضح للقاصي والداني

    • زائر 13 | 1:37 ص

      ما ينام

      اتصور ان ولد الفردان يتقلب على الفراش طوال الليل على ان يجد الايد اللي تعورهم (الحكم والموالاه) ويمسكها ويشد عليها، من كذا تشوفهم يصرخون من الالم.
      بارك الله فيك يا ولد الفردان، وجعله في ميزان حسناتك

    • زائر 12 | 1:07 ص

      مصطلحات ماسخة اودت بالوطن للهاوية ولا زالوا مصرّين عليها

      الوطن انزلق للهاوية ولا زال ينزلق للقع وهؤلاء كل يوم يخرجون لنا بمصطلح يسلب المواطن المزيد من حقوقه ونقول لهم لا فائدة من هذه المصطلحات الا باعطاء المواطن حقوقه نقطة على السطر وانتهى

    • زائر 11 | 12:37 ص

      دعائى دائما لك بالتوفيق

      ودائما سوف اردد ربى يحفظك من كل مكروه

    • زائر 10 | 12:10 ص

      بين «التوافق» و«القواسم المشتركة» الوطن يذهب للمجهول والى نفق مظلم والى الاسوء ودمار البلد

      الوضع يزداد سوء كل يوم واذا لم يلتفت النظام ويحل المشكلة فسوف تزداد المشكلة اكثر واكثر الحل بيد النظام ولكن لا يستطيع النظام ان يرفض رايه على اغلبية هذا الشعب المطالب بحقوقه المشروعة والتي سوف يتنازل يوم من الايام لكن بكلفة باهضة

    • زائر 8 | 11:29 م

      صدقت يا استاذ هاني

      والزبدة في كل المقال هي : (وما باقي الأطراف إلا «كومبارسات» تؤيد وترفض أي مشروع بحسب التوجيهات.)

    • زائر 7 | 11:21 م

      sunnybahrain

      السلام عليكم ،غريب امر بلدنا ،،المواطن على ما يقولون بالعاميه { مطلعين عينه } ولين جاء موعد الانتخاپات ،،ظلعت لك تلك الفئات المعروفه ب { حاملة الدفوف ولحنت لحن الاخلاص والوفاء ،،ولكن هناك سؤال بسيط ،،ما موقع المواطن من { الاعراب } السلام عليكم .

    • زائر 6 | 11:10 م

      ريموت كنترول ياواد الفردان

      بتطلع لك المتحدثة باسم الحكومة او السلطة وبتقول فهمتون حل ولي العهد بالغلط هو يبي چذي ما يبي چذي وانتم أدرى وبعدين بتقول لك فرصة وضيعتوها وهي احدى فرص التوافق الوطني ارسو لكم على بر يا سلطة يا حكومة البلد تستمر في الضياع والحكيم هو من ينقذها .

    • زائر 4 | 10:47 م

      جلاوي 688

      ياعيني عليك اخي أستاذ هاني مقال في الصميم خل الي راح وقع على الموافقه يبل التوقيع ويشرب ماي هههههههه صباح الخير يا وجه الخير أستاذ هاني حبيبي

    • زائر 21 زائر 4 | 2:46 ص

      نعم للمشاركة

      لن يبلوه ولن يشربو مايه علي حسب قولك ، من وقع أعيان السنه والشيعة وهي معتمده ، والانتخابات في الطريق والمعارضة في حيص بيص تود المشاركة وتأخذها العزة بالنفس ، صدقني الخسران اخيرآ هي المعارضه اذا لم تشارك ، سيدخل المجلس المتردية والنطيحة والمعارضة ستأكل الحصرم ونحن وابنائنا نعيش في حاله غير مستقره من سجن وعدم وجود وظائف لهم ، اذا مرت اربع سنوات بدون مشاركه ستسوء حالة الشعب وسننتقل من المربع الأصفر الي المربع الأحمر ،، شكرآ

    • زائر 27 زائر 4 | 5:31 ص

      نعم للمشاركة

      لن يبلوه ولن يشربو مايه علي حسب قولك ، من وقع أعيان السنه والشيعة وهي معتمده ، والانتخابات في الطريق والمعارضة في حيص بيص تود المشاركة وتأخذها العزة بالنفس ، صدقني الخسران اخيرآ هي المعارضه اذا لم تشارك ، سيدخل المجلس المتردية والنطيحة والمعارضة ستأكل الحصرم ونحن وابنائنا نعيش في حاله غير مستقره من سجن وعدم وجود وظائف لهم ، اذا مرت اربع سنوات بدون مشاركه ستسوء حالة الشعب وسننتقل من المربع الأصفر الي المربع الأحمر ،، شكرآ

    • زائر 3 | 10:41 م

      للأسف

      للأسف هو كما قلت
      مشروع جديد، سيدخل خانة الاختبار
      وكأن آهات الشعب وجراحه المستمرة محط تجربة وتفنن لأربع سنوات قادمة
      هذا هو الحل الذي تقدمه السلطة لشعبها!!

    • زائر 2 | 10:36 م

      كيف تعاملوا مع الأطراف

      تعاملوا مع الأطراف السياسية مثل الأستاذ يجمع من عندهم أوراق وعقب يصححها على كيفه.
      ففي الواقع لم يحدث حوار حتى يقال تم التوصل في استكمال الحوار.. هكذا يكذبون على العالم لكنهم لا يستطيعون خداع شعبنا الواعي.
      التوافق عندهم هو أن تتنازل الأغلبية لما تريده الأقلية، وإلا فحتى عنوان القواسم المشتركة غير متوفر.

    • زائر 29 زائر 2 | 7:46 ص

      يصححها على كيفه

      هذا الكلام لا يقوله فاهم يعي ما يقوله ، وربما عنده عقدة بسبطة يسقطها على كل شيء.

    • زائر 1 | 10:31 م

      لا تنسون الطفل

      رجاء خاص يا كتاب لا تنسون تقفون مع المظلوم الطفل جهاد لسميع 10 سنوات
      اكتبوو عنه لا تنسونه اعتبروه ابنكم

    • زائر 18 زائر 1 | 1:50 ص

      ليش كل واحد ياخذ عقابة

      لازم يعاقبوا

اقرأ ايضاً