العدد 4401 - الأربعاء 24 سبتمبر 2014م الموافق 30 ذي القعدة 1435هـ

بين الكتب الالكترونية... والمخططات بكبسة زر!

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

“أطلق الناشرون في الولايات المتحدة الأميركية نحو 2،050 كتاباً شعرياً إلكترونياً في العام 2014، ارتفاعاً من نحو 200 كتاب في العام 2007”، ذلك جزء من تقرير مطوّل نشرته صحيفة “إنترناشيونال نيويورك تايمز” في عددها الصادر بتاريخ 14 سبتمبر/ أيلول 2014.

تلك أبسط صور الفارق الوجودي بين عالم الغرب هناك وعالم العرب. عرب الطفرة في الثروة والاستهلاك وطفرة وهم إمكانية شراء عالم بإنجازاته لم يأتِ بالمصادفة، بثرواتٍ اكتشفت بالمصادفة!

تلك أبسط صور النقائض، في عالم ينتج الأنسولين من جهة، والرصاصة من جهة أخرى، أحياناً ليدافع عن الأنسولين بتلك الرصاصة، وأحياناً يجهز على مريض يحتاجه قبل أن يصل إليه. وهناك أكثر من عالم في ذلك العالم، وعالم يبدأ بعض بشره باسم الله بمصادرة أدوية المصابين بمرض السرطان ونهب الصيدليات من المستشفيات بما تحويها من حقن التخدير للنساء اللواتي سيضعن حملهن في بعض مستشفيات الموصل، ومرضى الصرع؛ كما فعل أوباش “دولة الخلافة على الأرض” داعش وملحقاتها من عفن وتخلف وتفاهة وسقوط لن تجده بين أيٍّ من مخلوقات الله على هذه البسيطة.

تلك أبسط صور المفارقة: عالم تجيّش بعض منابر بلادنا، بصلواتها الخمس، وصيامها، وحجّها، والقليل من زكواتها وأخماسها التي لم تُضف فارقاً في حياة المؤمنين بها؛ بل العكس، أضافت موهبة نسف وتقويض وزعزعة وإتلاف وتدمير كل مُنْجز وجميل في هذه الحياة... كل الحياة.

ذلك أبسط “السهل الممتنع” في صور نقيضة في بلادنا؛ تلك التي ترتبط بموهبة “ربانية” “خارقة للعادة” “ظاهرة غير متكررة بين أمم الأرض” الفقيرة المتخلفة التي لا تكتشف مخططات للانقلاب على نظامها السياسي إلا كل خمسة عقود أو قرن من الزمن؛ فيما الله حبا المعنيين سنداً وتأييداً ونصراً في اكتشاف المخططات قبل أن تحدث بعام هجري أو ميلادي مع الفارق بينهما في عدد الأيام!

إحصاءات الكتب الالكترونية المطبوعة في الولايات المتحدة الأميركية قبل نهاية العام الجاري؛ تقابلها إحصاءات الذبح والنحر والإعدامات الجماعية والصلب والرجم وقطع الأيدي والتهجير ومصادرة الممتلكات للملل والمذاهب التي قررت “دولة ربهم المزعوم” أنها خارج شريعة الله الذي نعرف ولا يعرفون.

جزء من الصدمات بالجملة والمفرق تتبدّى في أمة تجاوزت الكتاب الذي أنتجته أمة العرب في سنواتها الأولى على مضض؛ ترحالاً واغتراباً وكُلَفَاً؛ من دون أن يكون فارقاً وفريداً بمقياس زمن أمم لم تتكىء على بطولات وأمجاد هي في ذمة التاريخ؛ بل تصنع أمجادها مع كل جزء من الثانية لا السنوات؛ يتم تجاوزها اليوم لبلوغ معرفة طالبها في أي بقعة من المكان والأرض؛ من دون أن يقلق واضعه وناشره على وصوله إلى متخلف في “النصف الخالي” من عالم البشرية اليوم!

في التقرير نفسه في “إنترناشيونال نيويورك تايمز”، يرد ذكر لوحدة النشر في صحيفة “الإندبندنت” التي تأسست في العام 1936، (الاتجاهات الجديدة)، التي بدأت نشر كتب الشعر الإلكترونية العام 2013، وأصدرت أكثر من 60 مجموعة رقمية من الشعر، بما في ذلك أعمال بابلو نيرودا، ديلان توماس وويليام كارلوس ويليامز؛ فيما لدينا في جغرافية الخسف والتحريض والتكفير قنوات أرسلت ضعف ذلك الرقم في حلقة أو حلقتين، من الانتحاريين المستهزئين بتفاصيل نعيم الله والمستسهلين الحصول عليه اختزالاً في شهوة جنسية تم كبْتها ليتم تفريغها هناك لدى حوريات في جنان الله، على حساب عشرات الآلاف ومئاتها من القتلى والجرحى والمعذَّبين ممن لهم صلة بأولئك الضحايا!

ما المراد الوصول إليه هنا؟ ما العلاقة بين الكتاب الالكتروني والاكتشاف “الالكتروني” للمخططات والمؤامرات، والتفجيرات والتفخيخات “الالكترونية” عن بعد؟ ما العلاقة بين التخلف والتوحش الذي تم الانسجام معه “ذاتياً وإلكترونياً” أيضاً في هذه الجغرافية؟

ببساطة إنه الفارق بين المرمى الشريف للأنسولين، وبين المرمى الوضيع للرصاص والحزام الناسف الذي يفتك بأمة منشغلة بعنائها اليومي والبريء!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 4401 - الأربعاء 24 سبتمبر 2014م الموافق 30 ذي القعدة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • المتمردة نعم | 3:13 ص

      المتمردة نعم

      للاسف الغرب متقدم علينا بمراحل رغم كفرهم بالله وايمانهم بان العلم والعمل هو سر النجاح ونحن لدينا الايمان والقران والعلم لا يوجد لدينا الا القليل من العمل هو سر تاخرنا في كل شيء.الاستاذ القدير الجمري ايقونة خميسية لا تستحق الا كل الشكر على هذا المقال التنويري

اقرأ ايضاً