العدد 4404 - السبت 27 سبتمبر 2014م الموافق 03 ذي الحجة 1435هـ

سياسة الاستخفاف بالمواطن العربي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في مقاله الأخير «الاستخفاف العربي...»، يرى الكاتب العربي شفيق ناظم الغبرا سلسلةً لا نهاية لها من الكوارث.

الغبرا يعتبر الاستخفاف ثقافة وممارسة، تعيش في أسوأ حالاتها عند السلطات العربية، وهي أكثر نقاط ضعفها وضوحاً وخطورة عليها وعلى المجتمع. فالأنظمة تستخف بالمعارضة وبحقها بالتواجد والمشاركة والتعلم؛ والسياسيون يستخفون بالاقتصاد والتنافس وقيم العمل؛ والغالبية تستخفف بالأقلية، أو الأقلية عندما تتحكم بحقوق الغالبية. ويضرب أمثلةً على العراق ومصر وسورية (ويمكن أن تضيف أمثلةً أخرى)، حيث كانت الأنظمة تتعامل باستخفاف مع شعوبها، وتبيعها وعوداً بالإصلاح خلقت شعوراً بالتفاؤل... «لكن حينما تيقن المجتمع أن الوعود شكلٌ من أشكال الاستخفاف تحرّك باتجاه الثورة، كما حصل مع بدايات الربيع العربي في مصر وسورية وليبيا وغيرها».

الغبرا كويتي فلسطيني، وأستاذ للعلوم السياسية بجامعة الكويت، وهو من الشخصيات العروبية التي لم تختلط كتاباتها بعصبية أو طائفية أو انحياز. وفي إطار طرحه الموضوعي، ينتقد الأخوان المسلمين في مصر على استخفافهم بنتائج الثورة، وبحلفائهم في التيار الثوري، كما ينتقد قيام الجيش بعدها بسجن معارضيه، والاستخفاف بالحل السياسي والتوافق والإصلاح.

أما الاستخفاف «الأكبر» و»الأخطر» فهو الاستخفاف بحقوق الإنسان العربي: «الاستخفاف بالسجين في سجنه، والأسير في أسره، والمثقف في فكره وحرية تعبيره». وهكذا يمكن التوسع في شواهد الاستخفاف بالمواطن العربي: من تشويه سمعته، وقطع رزقه، وتجويع أطفاله، فقط لأنه طالب بحقوقه واسترداد حريته واستعادة كرامته، وصولاً إلى استباحة عرضه وماله ودمه، سواءً على أيدي الأنظمة القمعية، أو الحركات التكفيرية التي تقطع الرؤوس وتنشر الدمار، وتريد إخضاع المجتمعات الطامحة للحرية إلى حكم السوط.

الأسوأ من كل ذلك، هو أن هذه السياسات غير الإنسانية، وجدت لها قوى سياسية وأخرى دينية، وقفت إلى جانبها، وأخذت تبرّرها وتدعمها، لأسباب مصلحية أو قبلية أو طائفية. بل إن شرائح من المثقفين، وبعضهم ليبراليون، وآخرون يساريون تصنّف مواقفهم السابقة على الجناح التروتسكي، انحازت إلى جانب قمع حركات الربيع العربي، ونسفت كل ما كانت تنادي به من شعارات، وتتغنى به من أشعار، طوال خمسين عاماً من النضال القومي.

الغبرا يرى أن المدخل للإصلاح هو التوقف عن الاستخفاف بالآخرين وبحقوقهم، وهو ما يتطلب «ضمانات واضحة للعدالة وللمحاكمة العادلة وللأسير والسجين ولكل مواطن». وهو يحذّر من المستقبل المخيف الذي ينتظر الوطن العربي، «لوجود قادة عرب على استعداد لحرق بلدانهم وتدميرها بيتاً بيتاً، وبلدة بلدة، مقابل كرسي حكم». ويبدو أنه كتب هذه الكلمات، وكلمات معمّر القذافي الأخيرة تتردد في أذنيه حين كان يتوعد بملاحقة أبناء ليبيا «بيت بيت، دار دار، زنقة زنقة»، ويخاطبهم بمنتهى الاستخفاف: «من أنتم؟ حشرات. فئران»!

الغبرا يقرع الجرس للعرب، فمن الصعب - كما يقول - التنبؤ الآن إلى أين سيقودنا الاستخفاف بالصراع الطائفي، والاستمرار في تهميش فئات من طوائف مختلفة وربط ذلك بدواعٍ دينية ومستندات وفتاوى قديمة تكفّر وتميّز. الوضع العربي ترك التمييز ضد الأقليات الطائفية دون أدنى تقدير منه لنتائج هذا التمييز على النفوس، فمن كانوا بالأمس القريب من شيعة العرب في طليعة النضال مع القومية العربية أصبحوا في السنوات الأخيرة ناقدين لها خائفين من الأكثريات».

هل نسمع النصيحة من ناصح؟ أم نستمر بمزيدٍ من سياسات الاستخفاف، على طريقة: «وداوني بالتي كانت هي الداء»؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4404 - السبت 27 سبتمبر 2014م الموافق 03 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 9:02 ص

      مساء الخير 1550

      جميع الأمراض من فساد وتمييز وغيرها يمكن علاجها ولو طال الزمن لا كن السرطان ليس لهو علاج نفس الجمعيات الطاءفيه ما وراه لا الفتن ونشوف الدول الشقيقة الأمان والقتل عل الهويه حتى لو أدعو الديمقراطيه المذهب أهم الأصالة والوفاق هل يوجد المختلف فيها والعجب ينادون الديمقراطيه

    • زائر 14 | 7:06 ص

      الظفر ما يطلع من اللحم

      مصارين البطن بيناتها تتعارك

    • زائر 13 | 6:56 ص

      الملچاوي

      الاستخفاف مستمر حتى يرا الحاكم ملكه الى زوال بعدها سيقول (قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ) رغم اعترافه الأخير الا انه استخفاف وتكبر اعتاد عليه !

    • زائر 12 | 6:24 ص

      انه

      انه انبى اسئل هادى الحكومات ماتخاف من الله ولاتشبع تريد اتكوش على كل خيرات البلدان وادا احد تكلم عن حقوق الانسان سجنتهه الى تشبعين ظلم للناس ياحكومة البحرين الى تخافى من عذاب الله الشديد لمادا اخدت من الشيطان حليفا لك وترك الله ومحمد واله عيهم السلام الله افرج عن شعب البحرين المظلوم با الله

    • زائر 10 | 3:45 ص

      ياسيد الحقيقة مابينجح لا ربيع عربي ولا خريف

      مادام النفط في هذه الدول لم ينبض عد فسيبقى يتدفق لقمع اي تحرك شعبي عربي او اسلامي غير عربي وقد كتبت عمودا عن انتصار اليمنيين وتهنئة دول الخليج لهم وسرعان ماذهبو في الخفاء يطعنونهم من الخلف فلا يؤمل ان يثور شعب وينجح ذلك هيهات ياسيد حتى تجف منابع النفط

    • زائر 9 | 3:37 ص

      قومنا

      قوم لا يسمعون ولا يريدون ان يسمعون

    • زائر 8 | 2:19 ص

      الغبرا و الخريف العربي

      شفيق الغبرا الفلسطيني المدافع عن كل ما له علاقة بالخريف العربي اثبتت الأيام ان كل تحليلاته خاطئة

    • زائر 6 | 1:21 ص

      لا استهتار مثل الاستهتار بالشعب البحريني

      خرج شعبا متراصا مطالبا وبكل سلمية بحقوق بديهية ولكن قوى الظلم تكالبت عليه لكبته وقمعه والتنكيل به حتى وهدم مساجده وكأن المساجد هي للشيعة وتناسوا القرآن الذي يقول ان المساجد لله

    • زائر 5 | 1:11 ص

      أكبر استهتار في العقول ملخص في هذه الكلامات

      مسيرة الإصلاح مستمرة
      ديمقراطيتنا تظاهي الديمقراطيات العريقة
      انشوف شي ما تشوفة
      نحن لدينا خصوصية
      بلد التسامح بين الأديان
      والقائمة تطول

    • زائر 3 | 12:12 ص

      ذكرتنا بالقذافي مسكين

      بيت بيت دار دار زنقة زنقة. الله يرحمه مسكين.

    • زائر 2 | 12:11 ص

      هذا ما يحصل

      داوني بالتي كانت هي الداء.الى مزيد من التمييز والظلم والتفرقة وسلب الحقوق.

    • زائر 1 | 11:47 م

      لاحيات لمن تنادى

      هذه الأمه فى طريقها للطحن والتفتت و لايختلف اليسار عن اليمين ولا الليبرليين عن الدينيين او القوميون كلهم عنصريون الغائيون والوطن العربي سيقسم الي دويلات فاشله قريبا

اقرأ ايضاً