اليوم، وربما غداً أو بعد غد، أنباء متضاربة سمعتها أسرة المعتقل السعودي ناصر الدوسري عن موعد وصول جثمانه، بعد سبعة أعوام قضاها متنقلاً بين سجون العراق من شماله إلى جنوبه. وكانت أسرة الدوسري تحلم بتزويج ناصر فور عودته بعد انقضاء فترة عقوبته (17 عاماً)، إلا أن هذا الحلم تبدد يوم 20 أيلول (سبتمبر) الماضي. حينما أعلنت وزارة العدل العراقية نبأ وفاة الدوسري، نتيجة إصابته بـ «فشل كلوي». فتحوّل «حلم الزواج» إلى «حلم وصول الجثمان». ساعات طويلة ومعاناة مستمرة مع كل اتصال هاتفي أو رسالة تصل إلى هاتف شقيقه شجاع، الذي يترقب نبأ موعد وصول الجثمان، بحسب ما أفادت صحيفة الحياة.

وروى شجاع لـ«الحياة»، معاناة الأسرة بالقول: «بعد تأكيد تعثر وصول جثمان أخي، الذي كان مقرراً مساء الأربعاء الماضي، بسبب عدم إصدار أوراق إثبات له، أصبنا بإحباط كبير، وبخاصة أنه تم تحضير وإعداد مراسم التشييع والجنازة، إلا أن خبر إلغاء وصول الجثمان في اللحظات الأخيرة وضعنا في حيرة، وبخاصة أن أخي كانت صدرت له أوراق إثبات وهو في أحد السجون العراقية، وأبلغتنا السفارة السعودية في الأردن أنه سيتم الانتهاء من استخراج الأوراق في أقرب وقت ممكن».

وكشف الدوسري أن هناك «ثلاثة أسباب أدت إلى تعثر وصول الجثمان: أوراق الإثبات، وشهادة الوفاة، وتحديد سببها»، مشدداً على أن «السبب الأخير هو الذي يعطل وصول الجثمان حالياً، نظراً لأنه تم الانتهاء من استخراج أوراق الإثبات وشهادة الوفاة، إلا أنه لم يتم تحديد أسباب الوفاة خلال الأيام الماضية»، على حد زعمه.

وشككت الأسرة في البداية في الرواية الرسمية العراقية من أن الوفاة كانت بسبب إصابة ناصر بفشل كلوي. وعزت السبب إلى أن شقيقه لم يخبرهم طيلة فترة سجنه في العراق أنه يعاني من آلام في الكلى، إلا أن شجاع، تواصل مع أحد الأشخاص في العاصمة العراقية، الذي أكد له أن «ناصر كان قبيل وفاته يشرب كميات كبيرة من الماء على غير العادة، وأنه كان يعاني من آلام حادة في الكلى. ما دعاه إلى تصديق رواية وزارة العدل العراقية»، موضحاًَ أن ما يهمهم الآن «وصول الجثمان ودفنه».

وكشف الدوسري أن آخر مكالمة هاتفية بينه وبين شقيقه ناصر «لم تستغرق سوى خمس ثواني، وأخبرني أنه الآن في أحد المطارات، وأنه بصحبة 22 سجيناً، وأنه يشاهد طائرة جاهزة لتقلهم إلى مكان غير معلوم»، لافتاً إلى أنه علم بعد ذلك أنه تم نقله إلى سجن الناصرية (جنوب العراق)، ليكون محطته الأخيرة.

وقال: «إن رئيس الهلال الأحمر السعودي الأمير فيصل بن عبدالله تواصل معي شخصياً بعد وفاة شقيقي، وأبلغني أنه تواصل مع منظمة الصليب الأحمر الدولية لتسهيل إجراءات نقل جثمان ناصر، وأنه تم التواصل لاحقاً مع الهلال الأحمر العراقي، حول الأمر ذاته».

وكشف بعض تفاصيل حياة شقيقه في محبسه، موضحاً أنه «كان لا يطلب أي أموال أو أشياء شخصية له، وإنما للمعتقلين السعوديين، وكان حريصاًَ على تبني قضاياهم، وطرحها عبر وسائل الإعلام المختلفة».

وأوضح أن «ناصر تمكن قبل وفاته بفترة طويلة من التواصل شخصياً مع وزير العدل العراقي، وإيصال صوت السجناء ومعاناتهم له». وتوقع أن يصل جثمان أخيه غداً الخميس، بعد تعثر وصوله خلال الأيام الماضية، لافتاً إلى أنهم في تواصل يومي مع السفارة السعودية في الأردن، موجهاً للسفير سامي الصالح، شكره وتقديره على «تعاونه وتواصله»، موضحاً أنه «في حال وصول الجثمان سيتم دفنه مباشرة في محافظة النعيرية».