العدد 4416 - الخميس 09 أكتوبر 2014م الموافق 15 ذي الحجة 1435هـ

مع قوافل العشاق

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كيف يكون شعورك حين تبحث في مكتبتك يوم العيد عن كتاب مناسب دون جدوى، فتذهب إلى المنامة لهدف آخر، فتقع في كشكٍ بالصدفة على كتاب عن الرحلات يناسب إجازة العيد؟

فأدب الرحلات من أمتع الكتابات، وحين تجتمع خلاصة عدة كتب في كتاب واحد يكون أجمل رفيق لك يومي العيد. فكيف إذا كان بعنوان «الرحلة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة»، ويقدّم لك عصارة ما دوّنه بعض الأدباء والرحالة والمؤرخين؟

المؤرخ المصري المقريزي، ألف كتاباً بعنوان «الذهب المسبوك في ذكر من حجّ أو اعتمر من الخلفاء والملوك»، وممن توقف عندهم الملك اليمني المظفر، الذي حج عام 659 هـ، وغسل الكعبة بنفسه وطيّبها وكساها، وأكثر الصدقات في مكة. كما تطرق إلى الظاهر بيبرس، الذي حج عام 667 هـ، ولكنه أخفى قصده وتظاهر بأنه يريد العراق، وحين دخل مكة أعطى خواصه أموالاًً لتفريقها على أهل الحرم. وبقي يصلي يطوف ويسعى منفرداً بحيث لا يعرفه الناس. واختلط بالناس حتى كان بعضهم ممن لا يعرفه، يرمي له إحرامه فيغسله له. أما الناصر قلاوون فأظهر في احلج التواضع والمسكنة، وسجد حين شاهد الكعبة، وأراد أحد القضاة أن يتزلف له فزيّّن له الطواف حول الكعبة راكباً كما طاف النبي (ص)، فرد عليه بقوله: «ومن أنا حتى أتشبّه برسول الله؟ والله لا أطوف إلا كما يطوف الناس».

الكاتب مصري، ولذلك كانت أغلب مختاراته مصرية، فاستخلص من مقالات وكتب العقاد والمازني وعبدالوهاب عزام ومحمد حسين هيكل محمد كامل حته ونعمات أحمد فؤاد. اما في الفصل الثاني فيركز على الرحالة والعلماء كابن جبير، وابن حجر العسقلاني وابن القيم الجوزية وابن عساكر. وإذا خرج المؤلف عن هذه الدائرة فإلى الشام، حيث يقتطف مختارات من كتابات الشيخين مصطفي السباعي وعلى الطنطاوي رحمهما الله. والأخير قرأت له مقالاً جميلاً في كتاب القراءة المدرسية في الثمانينيات، ظللت أتذكره في أول زيارةٍ لي إلى مكة (العام 1996)، حيث حرصت على زيارة غار حراء، ونشرت عدة تحقيقات مصوّرة بداية صدور «الوسط» عنه، وعن جبل أحد، والمساجد الخمسة حيث كان يرابط الصحابة في غزوة الخندق، ومن المؤسف جداً أنها تعاني الآن من الإهمال.

الكتاب يفرد مساحةً جديدةً للشيخ الطنطاوي، إذ يسرد تجربة مشاركته في العام 1935، في حملةٍ بريةٍ لشق طريق بري غير مطروق من دمشق إلى الحجاز، تسهيلاً على الحجاج في المستقبل، وكان يومها شاباً في السادسة والعشرين، وقد لاقى مع مرافقيه مشاق كبيرة، فكثيراً ما كانت تنغرس عجلات السيارة في الرمال فيضطرون إلى رفعها على ألواح خشبية، وسحبها لمسافات، فضلاً عن وعورة الطريق وقلة الزاد. وكان يحرص على تدوين المعلومات عن الأماكن والأشخاص والقبائل والجبال والوديان التي يمرون بها، لكن حين اقتربوا من المدينة امتدت يدٌ آثمة إلى الدفتر لتخطفه، وتحرمه من كل هذه المعلومات، فاضطر إلى الاعتماد على ما تبقى في الذاكرة حين شرع بعد سنوات طوال في كتابه «من نفحات الحرم».

في مقتطفاته عن السباعي، يورد نثراً عن العيد: «في المجتمع المتماسك يكون العيد عيداً لجميع أبناء الأمة، وفي المجتمع المتفكك يكون عيداً لأقوام ومأتماً لىخرين». ويورد شعراً يخالج كل عشاق المصطفى (ص) حين يصلون إلى المدينة أو يودّعونها بالدموع:

يا سائقَ الظعنِ نحو البيتِ والحرمِ

ونحو طيبةَ تبغي سيدَ الأممِ

إن كان سعيُك للمختار نافلةً

فسعي مثلي فرضٌ عند ذي الهممِ.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4416 - الخميس 09 أكتوبر 2014م الموافق 15 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 10:56 ص

      من ذا الذي لا يعرف محمدا فلا يعشقه؟

      صلوا عليه وسلموا تسليما.

    • زائر 5 | 10:09 ص

      ؟؟؟

      ولا فهمت من الموضوع شي !! .

    • زائر 4 | 4:30 ص

      اتمنى

      اتمنى من كل قلبى ان تبنى اضرحة الايمه الاربعه عليهم السلام فى البقيع انهم الخير والبركه احفاد الرسول عليه افضل الصلاة والسلام

    • زائر 3 | 3:20 ص

      سلام على المصطفى

      خير الانام

    • زائر 2 | 1:36 ص

      شعر جميل في خاتم النبيين ص

      يا سائقَ الظعنِ نحو البيتِ والحرمِ
      ونحو طيبةَ تبغي سيدَ الأممِ
      إن كان سعيُك للمختار نافلةً
      فسعي مثلي فرضٌ عند ذي الهممِ

اقرأ ايضاً