العدد 4421 - الثلثاء 14 أكتوبر 2014م الموافق 20 ذي الحجة 1435هـ

حقيقة سلطات النواب الدستورية والإجرائية

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

نناقش هنا في هذا المقال بعض القضايا الخاصة بحقيقة سلطات النواب، من الناحيتين الدستورية والإجرائية.

1. ما بين طرح الثقة وعدم إمكان التعاون مع رئيس الوزراء:

الدستور يمنع على النواب مجرد التفكير في موضوع طرح الثقة برئيس الوزراء (م67أ من الدستور)، وعوضاً عن ذلك فالدستور يسمح للنواب بقرار عدم إمكان التعاون مع رئيس الوزراء، بناء على طلب مقدّم للمجلس من عشرة أعضاء، ثم بموافقة أغلبية أعضاء المجلس (21 عضواً) على الطلب، فيحال الطلب إلى مكتب المجلس لبحثه وإحالته إلى المجلس (م67ب من الدستور).

وشتان بين الأمرين، فالأول في منع طرح عدم الثقة يشبه التحصين الوارد في الدستور للملك بأن ذاته مصونة لا تمس، وأما الثاني فيفتح احتمالية تحميل مجلس النواب أو رئيس مجلس الوزراء، سبب عدم إمكان التعاون فيما بينهما، ويفصل في ذلك الملك، من بعد قرار ثلثي أعضاء مجلس النواب بعدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، بالبت أما بإعفاء رئيس مجلس الوزراء أو بحل مجلس النواب (م67د من الدستور)، فواضحٌ هنا أن القرار في ذلك عائدٌ برمته إلى الحكم وليس للنواب.

2. في استجواب الوزراء وطرح الثقة بوزير:

في البدء يتوجب العلم بأن استجواب الوزراء بمعنى المساءلة، التي قد تؤدي إلى مسألة طرح الثقة في الوزير، يسبقه كإجراء توجيه السؤال أو الأسئلة المكتوبة من قبل عضو أو أكثر من مجلس النواب، إلى الوزراء في المسائل الداخلة في اختصاصاتهم، وللسائل وحده حق التعقيب مرةً واحدةً على الإجابة. فإن أضاف الوزير جديداً، تجدّد حق العضو في التعقيب (م 91 من الدستور).

إلى هنا والأمر هَيِّن على الوزراء، ونتيجة لذلك، قد يُستحث بعض النواب على العزم على محاسبة الوزير، لأي سبب كان، ولا نريد حصر ذلك في رد فعل بعينه، سواء من الوزير أو من النائب أو بعض النواب، وبموجب ذلك، من أجل استجواب وزير عن أعمال وزارته، يحتاج الأمر تقديم طلبٍ من خمسة أعضاء من مجلس النواب، إلى المجلس، ليتم إجراء الاستجواب وفقاً للشروط والأوضاع التي تحدّدها اللائحة الداخلية لمجلس النواب. هذه اللائحة التي هي أحد المراسيم التي صدرت قبل إصدار الدستور، ثم جاء الدستور ليحصّنها (م 121 ب من الدستور)، فتجري مناقشة الاستجواب في المجلس ما لم يقرّر أغلبية أعضائه مناقشته في اللجنة المختصة، ثم يجوز أن يؤدي الإستجواب إلى طرح الثقة في الوزير وفقاً للمادة 66 من هذا الدستور (م 65 من الدستور).

وطرح الثقة هذا يستوجب إما رغبة الوزير أو طلب موقّع من عشرة أعضاء، إثر مناقشة استجواب (م 66ب من الدستور) فإذا قرّر مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم، عدم الثقة بأحد الوزراء، اعتبر معتزلاً للوزارة، ويقدّم استقالته فوراً (م 66ج من الدستور). إذاً نتيجة القرار هنا ليست سحب الثقة من الوزير، بقدر ما هو نصيحة له بالاستقالة، ويبقى شخص الوزير لا شائبة تشوبه، ليتولى مناصب أخرى في وزارات وهيئات حكومية أخرى، ويمكن أنه يعاد تعيينه وزيراً من جديد، أو يعيّن وزيراً من دون وزارة، بغض النظر عن مسببات سحب الثقة منه من قبل مجلس النواب.

مع الانتباه، لما ذكرناه في مقالتنا السابقة، أن أغلبية الحضور وأغلبية الأعضاء وأغلبية الثلثين، سواء في مجلس النواب أو مجلس الشورى أو المجلس الوطني، هي حق محصور التحكم به للسلطة والحكومة، فلا يملك هذه الغالبيات غيرها، سواء لاتخاذ القرار أو منعه، والخلاصة فإن مسألة استجواب الوزراء أمام المجلس أو أمام اللجنة المختصة هو قرار حكومي وليس قراراً نيابياً، وكذلك قرار عدم الثقة بوزير، فهو أمر منوط بالسلطة والحكومة فقط، وما دور النواب إلا نفش الريش الذي يعرفه مسئولو السلطة لأنهم من ينفخ فيهم، ليعود النواب لتقديم الشكوى عند الناخبين بأن يدهم مغلولة!

وللحق فالمجلس لا يعدم أعضاء وطنيين يسعون لخدمة المواطنين دون تفرقة ولا تمييز، ولكن لسان الحكم والحكومة يقول: المجلس مجلسنا، وما أنتم إلا نفر في جمعكم أقل من الأقلية، فلا خوف منكم، بل وجودكم يسبغ على جلسات المجلس شيئاً من الحماس حيناً، وشيئاً من المرح أحياناً أخرى.

وتخضع باقي الصلاحيات النيابية الأقل شأناً لذات آليات المنع والتوجيه، عبر الغالبية المهيمنة للحكم في المجالس التشريعية الثلاثة، الشورى والنواب والوطني، فلا غرابة أن تفقد رغبات النواب التي يبدونها للحكومة، صفة القرار التشريعي الملزم لها، في خصوص المسائل العامة التي ترد عليها الحكومة خلال ستة أشهر (م68أ من الدستور)؛ وكذلك في طلب خمسة أعضاء من المجلس طرح موضوع عام للمناقشة من أجل استيضاح سياسة الحكومة بشأنه وتبادل الرأي بصدده (م68ب من الدستور).

وليس حال لجان التحقيق البرلمانية (م69 من الدستور) بأحسن حالاً، بل هي أوضح مثالاً، سواءً للتمييع بمثل ما حصل لتقرير اللجنة البرلمانية بخصوص أملاك الدولة؛ أو التوجيه الحكومي، بمثل ما حصل من الإجراءات التعسفية بحق الكثير من المواطنين في مارس/ آذار 2011 وما تلاها إلى اليوم.

فماذا بعد علم كل هذا؟ إلا الفواصل ما بين الحكومي والشعبي ولكل امرئ ما نوى.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4421 - الثلثاء 14 أكتوبر 2014م الموافق 20 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:24 م

      هذا كله!!!!

      ويقولون بعد رشحو. ما في مقاطعة

    • زائر 1 | 12:45 ص

      شكرا على جهودك

      جهودك المخلصة في توعية الناس مشكورة و في ميزان حسناتك يا استاذ يعقوب

اقرأ ايضاً