العدد 4436 - الأربعاء 29 أكتوبر 2014م الموافق 05 محرم 1436هـ

"هيومن رايتس": "داعش" أعدم المئات من نزلاء أحد السجون ومقتل 600 شخص في الصحراء أثناء الاستيلاء على الموصل

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم الخميس (30 أكتوبر/ تشرين الأول 2014) إن مسلحين من تنظيم "الدولة الإسلامية" السني المتطرف قاموا على نحو ممنهج بإعدام نحو 600 من النزلاء الذكور بأحد السجون على أطراف مدينة الموصل شمال العراق، وهذا في 10 يونيو/حزيران بحسب روايات الناجين. كانت الأغلبية الساحقة من القتلى من الشيعة.

بعد الاستيلاء على سجن بادوش قرب الموصل، قام مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية، المعروف سابقاً بـ داعش، بفصل النزلاء السنة عن الشيعة، ثم أجبروا الرجال الشيعة على الركوع بطول حافة واد قريب، وأطلقوا عليهم النار من بنادق هجومية وأسلحة آلية، بحسب ما قال 15 سجيناً شيعياً ممن نجوا من المذبحة لـ هيومن رايتس ووتش. وقال الناجون إن المسلحين قاموا كذلك بقتل عدد من النزلاء الأكراد والإيزيديين.

قالت ليتا تايلر، باحثة أولى بقسم الإرهاب ومكافحة الإرهاب في هيومن رايتس ووتش: "إن التفاصيل المروعة للمقتلة الجماعية لنزلاء السجن بيد تنظيم الدولة الإسلامية تجعل من إنكار عربدة تلك الجماعة المتطرفة أمراً مستحيلاً. وينبغي أن يدين الناس في أنحاء العالم، من أي عرق أو معتقد، هذه التكتيكات المروعة وأن يمارسوا الضغط على الحكومة العراقية والمجتمع الدولي لتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة".

ترقى عمليات الإعدام الميداني الجماعية إلى مصاف جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية على الأرجح، بحسب هيومن رايتس ووتش.

 

قام مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية باقتحام سجن بادوش يوم استيلائهم على الموصل، ثانية كبريات المدن العراقية، والواقعة على بعد 10 كيلومترات إلى الجنوب الشرقي من السجن. ساق المسلحون ما يصل إلى 1500 نزيل في شاحنات، وقادوهم إلى بقعة صحراوية منعزلة على بعد كيلومترين من السجن، على ما قال الناجون. وكان النزلاء يقضون عقوبات على طيف من الجرائم، تتراوح بين القتل والاعتداء وحتى الجرائم الخالية من العنف.

وقد فصل المسلحون عدة مئات من الرجال السنة وعدداً أقل من الرجال المسيحيين وانطلقوا بهم في الشاحنات، كما قال الشهود. ثم قاموا بسرقة [متعلقات] الشيعة وأهانوهم هم وغيرهم من النزلاء المتبقين، وساقوهم إلى واد وأرغموهم على تشكيل طابور واحد طويل على حافته. وهناك جعلوا النزلاء يحصون أعدادهم في الطابور قبل فتح النار عليهم. ووصف أحد الناجين، وهو أ. س.، حصيلة الموتى:

في البداية قالوا: "على كل شخص أن يرفع يده ويقول رقمه". وكنت رقم 43. وسمعتهم يقولون: "615"، ثم سمعت أحد رجال الدولة الإسلامية يقول :"سنأكل جيداً الليلة". وسألنا رجل خلفنا: "هل أنتم مستعدون؟" فرد شخص آخر: "نعم"، وبدأ في إطلاق النار علينا من بندقية آلية. ثم بدأوا جميعاً في إطلاق النار علينا من الخلف، بطول الطابور.

وتحجب هيومن رايتس ووتش أسماء النزلاء الكاملة لحمايتهم من احتمالات التنكيل بهم.

قال تسعة من الناجين الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش المقابلات إنهم سمعوا زملاءهم النزلاء في نهاية الطابور ينادون من الآحاد بعد الخمسمئة وحتى 750. وسمع خمسة منهم أرقاماً بين 615 و680، بينما قال ناجون آخرون إن الإحصاء وصل إلى "المئات".

وقد أصيب معظم الأشخاص بالرصاص في الرأس والظهر والجنب، كما قال الناجي ح. ك.:

احتكت رصاصة بمؤخرة رأسي وأصابتني رصاصة أخرى في ذراعي وسقطت معتقداً أنني فارقت الحياة وفقدت الوعي إثر ذلك لمدة حوالي خمس دقائق. وحين أفقت وجدت رجلاً مسناً يرقد فوقي كان أصيب بطلقة اخترقت رأسه. وقبل أن يبدوا بأطلاق النار علينا قمت بتقبيل وتوديع الرجال إلى يميني وشمالي لتبريء ذممنا لمعرفتنا أننا سنموت؛ وأخرجت صورة ابنتي وقبلتها. وكنت أدعو الله أن يحفظني من أجلها لأن ليس لي أحد في الخارج.

عاد المسلحون لإجراء جولة ثانية من إطلاق الرصاص حين شاهدوا أحد السجناء يقف، ولم يتوقفوا إلا عند نفاد ذخيرتهم، كما قال الناجون.

وقال الشاهد ف. س.: "كانوا يصيحون: ’هذه عدالتنا!‘ و’هذا حي، أطلق عليه النار ثانية!‘ أصابتني رصاصة، ثم سمعت أحدهم يقول: ’دعونا نرحل فقد نفد رصاصنا‘".

سقط معظم المصابين في الوادي، كما قال الناجون. ثم أشعل المسلحون النيران في الحلفاء المحيطة بالوادي والتي بداخله، وامتدت النيران إلى الجثث.

وقد قدر الشهود نجاة 30-40 سجيناً، نجا معظمهم عن طريق التدحرج إلى الوادي والتظاهر بالموت، أو لأنهم احتموا بجثث سجناء آخرين سقطت فوقهم. وقال الناجون إن عدة رجال جرحوا بفعل الرصاص وتوفوا لاحقاً أثناء محاولة الابتعاد زحفاً أو على الأقدام.

وقام مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية باقتياد السجناء الذين زعموا أنهم سنة أو مسيحيين لمدة 4 ساعات إلى بقعة صحراوية أخرى، كما قال رجل سني كان ضمن المجموعة لـ هيومن رايتس ووتش. وقد عجز الرجل عن تحديد مكان البقعة، لكنه قال إن بعض أفراد المجموعة كانوا يعتقدون أنها بمحافظة الأنبار العراقية، بينما ظن آخرون أنها قد تكون في سوريا. قال الشاهد إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية أخذوا 50-100 رجل من تلك المجموعة في الليلة الأولى، بزعم أنهم شيعة ينتحلون الانتماء إلى السنة. وقال إنهم لم يعودوا. وبعد 3 أيام قاد مقاتلو التنظيم البقية عائدين بهم إلى الموصل وهناك أطلقوا سراحهم، كما قال.

وقد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 15 من الشيعة الناجين، و4 آخرين من نزلاء سجن بادوش، في إقليم كردستان العراق المتمتع بحكم شبه ذاتي، حيث استسلموا للسلطات المحلية أو أمسكت بهم السلطات في أعقاب فرارهم من المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية. تمت المقابلات في سجنين كانت السلطات الكردية العراقية تحتجز فيهما هؤلاء الرجال. واستعرض جميع السجناء الشيعة تقريبا آثار رصاص أو حروق قالوا إنهم أصيبوا بها أثناء المذبحة.

وكان الناجون الجرحى قد تلقوا الرعاية الصحية. وقال جميع الناجين العرب إنهم يريدون نقلهم إلى سجون خارج كردستان العراق لأن معظم أقاربهم عاجزون عن الوصول إليهم في المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية. وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول، قالت حكومة إقليم كردستان إن النزلاء الذي كان قد تم نقلهم إلى سجون أخرى تديرها الحكومة العراقية المركزية ومازالت واقعة داخل كردستان العراق.

قال 12 من النزلاء لـ هيومن رايتس ووتش إن المسؤولين والحراس في سجن بادوش كانوا قد هجروا مواقعهم عشية اقتحام تنظيم الدولة الإسلامية للسجن.

ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش ولا مسؤولي الحكومة العراقية من الوصول إلى سجن بادوش أو موقع المقتلة المزعومة لأن المنطقة لا تزال تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.

وقد قام التنظيم على نحو ممنهج بقتل وخطف وطرد مسلمين شيعة وأقليات دينية وعرقية أثناء اجتياحه العسكري للعراق، كما قام بتزويج سيدات وفتيات إيزيديات قسراً لمسلحيه.

وفي اليوم التالي لمذبحة 10 يونيو/حزيران، نفذ مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية مقتلة جماعية مشابهة للجنود الشيعة في مدينة تكريت، على بعد 225 كيلومتراً جنوب بادوش. زعمت الجماعة أنها أعدمت 1700 جندي شيعي في تلك المقتلة، ونشرت مقاطع فيديو على الإنترنت تصور مسلحيها وهم يطلقون النار على مئات من الرجال الأسرى.

وقد توصل تحقيق أجرته هيومن رايتس ووتش، يتضمن تحليلاً لصور الأقمار الصناعية، إلى أدلة قوية على وفاة 560-770 أسير، وكلهم أو معظمهم على ما يبدو من جنود الجيش العراقي، في تلك المذبحة، كما لم يستبعد التحقيق احتمال وفاة كثيرين غيرهم.

ووثقت هيومن رايتس ووتش عمليات إعدام تبدو غير مشروعة  لما لا يقل عن 255 سجين سني في 6 مدن وقرى عراقية في يونيو/حزيران بأيدي قوات الحكومة العراقية، التي تتكون غالبيتها من الشيعة، وبأيدي مليشيات شيعية موالية للحكومة.

وقد أمر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول بإجراء تحقيق أممي في الجرائم التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية، وينبغي لهذا التحقيق أن يتضمن المذبحة المرتكبة قرب سجن بادوش لتحديد المسؤولين عنها وضمان محاسبتهم، بحسب هيومن رايتس ووتش. ويجب على تحقيق الأمم المتحدة أيضاً أن يوثق الجرائم الكبرى التي ارتكبتها قوات الحكومة العراقية والمليشيات الشيعية الموالية لها، بما في ذلك الغارات الجوية العشوائية عديمة التمييز، وعمليات الإعدام الجماعي للسجناء السنة والإعدامات الميدانية للسنة في أرجاء البلاد.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن  التحقيق الأممي ينبغي أيضاً أن يفحص ما إذا كان بوسع السلطات العراقية بذل المزيد من الجهد لحماية سجناء بادوش وسكان الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية.

قالت ليتا تايلر: "رغم أن أي قدر من الإهمال الحكومي لن يمثل عذراً لفظائع الدولة الإسلامية، إلا أن على السلطات بذل كل ما بوسعها لحماية الشيعة وغيرهم من الذبح. وعلى السلطات العراقية فضلا عن ذلك أن ترتب بأسرع وقت ممكن لنقل الناجين من تلك المذبحة إلى سجون في أماكن أخرى من العراق يمكنهم فيها الحصول على زيارات عائلية منتظمة".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 9:29 ص

      وماذا نقول بعد هذا ؟

      عندما أعدمت ريحانة قامت الدنيا ولم تقعد ووصفت بالسنية من قبل كتاب الطأفنة العفنين !وعندما يعدم المئات من الشيعة ترى أولئك الكتاب صما بكما عميا فهم لا يعقلون ، الهوية أصبحت المسوغ للقتل والفتك عند هؤلاء المنسلخين عن الدين فلا نرى كتابا تلعن فيها بل رأينا وزراء يصفون هؤلاء بالثوار واأسفاه على زمن جريح .

    • زائر 4 زائر 2 | 10:11 ص

      قليلا من الموضوعية والنزاهة والتجرد العاطفي

      أخي قتل ريحانة وقتل هؤلاء الشيعة يصنفون في خانة واحدة خانة الأجرام فمن قتل السجناء الشيعة والأزيديين هو مجرم عدو الأنسانية مثله مثل من قتل ريحانة التي كانت تدافع عن شرفها في مواجهة حيوان واعدامها بالشنق كان بسبب قتلها رجل مخابرات دولة وليس بسبب احقاق العدل

    • زائر 5 زائر 2 | 10:50 ص

      نحن موضوعيين

      الانتقادللطائفيين الذين يستنكرون اعدام ريحانه ضناً منهم انها سنيه وتصفيقهم للاعدامات الميدانيه والمذابح لانهم شيعه والمضحك المبكي في الموضوع انهم بعد معرفتهم ان ريحانه شيعيه تراجعوا عن الترحم عليها ادخل الي هاشتاقاتهم بخصوص ريحانه وشوف الي مستوى نزل الناس

    • زائر 6 زائر 2 | 11:25 ص

      الى الأخ صاحب تعليق رقم 5

      أنا لا أعرف انتماء ريحانة المذهبي والديني لكن أعرف انها انسانة ولا تخلط الأمور فأنا انحداري من المذهب الشيعي العلوي وسيَد انتمي الى بيت النبوة لكن افصل الدين عن السياسة وأعتبر السياسة لعبة ، البعض يستخدم الدين في خدمة السياسة مثلها مثل ايران وغيرها من الدول المجاورة مثل تركيا اوردغان

    • زائر 1 | 9:13 ص

      الرصاصي لوني المفضل

      قصص مروعة وتثير الاشمئزاز ولا يرتكب مثل هالجرائم حتى المتوحشين من البشر

اقرأ ايضاً