العدد 4461 - الأحد 23 نوفمبر 2014م الموافق 30 محرم 1436هـ

السباق الانتخابي وشعارات بِطُول الهمِّ والوَهْم!

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

انتهى سباق الانتخابات النيابية والبلدية في دوره الأول، بالظروف التي اكتنفته، والصيغة التي حدثت فيها معارك شوهدت وأخرى تم حجْبها؛ كي تكون كما هو مُخطَّط لها، والترتيب الذي تم قبل ذلك؛ كي تتماشى (الصيغة) مع إقصاء وإبعاد، وفي أقل تقدير، تهميش مكوِّن رئيس، وبالنتيجة، التحكّم في مسار الممارسة وقيمتها، والأثر الذي يُمكن أن تتركه على حياة المواطن بالدرجة الأولى، ومن بعد ذلك المقيم، وأولئك الذين يتطلّعون إلى الاستثمار، الذي لم يعد كما كان، وإن تم الترويج لخلاف الحقيقة؛ بالنظر إلى الاحصاءات والتقارير الدولية، والتصنيف، والمديونية.

انتهى السباق في دوره الأول، لتبدأ معه البلاد مرحلة أخرى، وفصولاً من الاستئثار بالقرار، بحكم الإجراءات والقوانين التي تمّت خلال الفترة مابين 2011 و2014، لتبدأ معه إجراءات جديدة في الطريق تضيّق الخناق على المواطن، من حيث قدرته على التعبير، ومن حيث قدرته على المشاركة في إدارة شئونه، ويُحرَم منها من لا يملكون، ومن حيث حقه في التمثيل الذي لا يفرضه الأمر الواقع، ولا تفرضه جهات من هنا أو هناك، ومن حيث تردّي الأوضاع عموماً؛ ليس أوُّلها ما نتج عن الخيار الأمني بتجاوزاته و»التصرُّفات الفردية»، والذي لم يحقق أمناً عاماً؛ ودونكم ما يمكن الوصول إليه من أخبار عبْر بعض الصحف، وما تكتظ به المحاكم من قضايا غريبة عجيبة على المجتمع البحريني بأصالته والتزامه ومنابع الطِيبة التي يتمتع بها، وأقل تلك القضايا والجرائم ما شهدناه في أقل من أسبوعين هذا الشهر من عمليات سطو مُسلَّح بلغت أربَع عمليات؛ والتمييز الذي نشهد على مستوى الخدمات، من إسكان وغيره، ولن يكون الأخير على مستوى «كابوس» البعثات الذي تحضّر بعض العائلات نفسها له مع انتهاء كل عام دراسي.

وما هو آتٍ سيكون على انسجام مع ما انتهى من «إنجازات» المجلس السابق، الذي صفّر الإنجازات في واقع الأمر، ضمن النطاقات السلبية التي نعرف، وتلك التي لا نعرف، والشواهد على الأرض بالمئات لا العشرات. المجلس السابق الذي وقّع على بياض تفريغه من محتواه، وتنازل أعضاؤه عن أدواتهم الرقابية والتشريع. كل ذلك ضمن سباق في السرعة لتمرير القوانين التي تم التصديق عليها في زمن قياسي لم يشهده أي مجلس على وجه الأرض؛ سواء المجلس الذي هو على شاكلة مجالس الوجاهة، والترقيع، والتمويه، ومسايرة العالم في التجارب - شكلاً - وضمن منطقتنا التي تؤمن بالحلول «سريعة الذوبان»؛ أو تلك التي تملك تاريخاً وممارسة عريقتين، أنجزت من خلالهما الكثير لمواطنيها، وعزَّزت مشاركتهم، وعمّقت حقوقهم، وأكّدت واجباتهم في الوقت نفسه.

انتهى السباق في دوره الأول، الذي تكالبتْ عليه وجوه، كثير منها لم يعرفها أحد في القرى والمدن التي لهم امتداد فيها أو إقامة؛ أو من دون امتداد أصلاً بعد تقليص صلاحياته. لم يعرفها بمعنى أنها ليست لصيقة بملفات بشرها، بهمومهم ومشكلاتهم وقضاياهم؛ وحتى لو كانت كذلك، فبعض تلك الوجوه لا تملك من التأهيل والخبرات والقدرات والجميع لا يملك الخيارات والمساحة التي تتيح لها مجاراة الترتيب الجديد في المجلس، واللوائح والقوانين التي تحكمه؛ بل تتحكّم فيه؛ فقط ليعرف العالم أننا نجاري الشَكْل في الممارسة؛ ولكن الممارسة لا شيء يدل عليها، بحكم الواقع والنتائج والمُحصِّلات، ولا نحتاج إلى أن نقفز إلى التكهنات لنعرف ما الذي سيتمخّض عنه المجلس المقبل، ونحن الذين عايشناه قبل أن يُنتف ريشه، وتُكسَّر أجنحته، وكانت لديه مساحة من الأدوات مكّنته من نوعٍ من التحرُّك، ويكفي أن نتذكّر ملف الأراضي وسرقتها، وما تم كشفه، وما أعقب ذلك من بداية انتباهة للخطورة التي يمثلها بالتركيبة التي كان عليها، وظهور ملامح التحوُّلات التي شهدناها على أكثر من مستوى، الأمني منها والاقتصادي، إلى ملفات الرقابة المالية التي تُركَن كل عام، ويتم الاحتفال بتسليمها؛ على رغم ما تكتظ به من فساد وسرقة للمال العام وتبديد له.

انتهى السباق في دوره الأول، ورتّب كلُّ من دَخَلَه أوضاعه؛ سواء ذلك الذي سعى إليه لتحسين وضعه المعيشي - صرَّح بذلك أحدهم من دون أدنى خجل، في محاولة منه للتمايز والخروج على نسق الكذب المباشر؛ لكنه يظل كذباً أكثر مباشرة واستفزازاً - أو ذلك الذي لا يحتاج إلى المكافأة الشهرية والسيارة والجواز الخاص؛ لكنه ينظر إلى أبعد من ذلك، ارتباطاً بأعماله وتجارته ومكانته أيضاً. ولا نحتاج إلى انتظار شهور لاكتشاف استغفال الناس، والذين بلعوا الطُعْم وذهبوا بخيارهم؛ أو بإغراءات؛ أو بابتزاز شاع في صيَغ تهديد مُبطَّن، لتحديد من يمثِّلهم، عبر شعارات تمتد من البُرْهَامَة، ولو فرشت لوصلتْ إلى منطقة حفر الباطن!

ستطير الشعارات «مع الريح»، تماماً كما «تطير» السَكْرة في رأس أحدهم، لـ «تطير» الفكرة، هذا إذا كانت هنالك فكرة أساساً!

بعضهم يعلم أنه يمارس كذباً؛ ولنخفِّف الوصف قليلاً، خداعاً من نوعٍ ما، من خلال قراءةٍ عابرةٍ للشعارات الانتخابية التي هي أكبر من إمكاناتهم، وما تبقى من أدوات في مُتناولهم. يعلمون من الذي يُقرِّر ويُحرّك ملفاتٍ هي بعض أسباب الأزمة التي مررْنا بها - ومانزال - مثل الإسكان، والتجنيس وسياسات التعليم واحتكار قطاعات بعينها، وترك الحَبْل على الغارب في استمرار التحقير والتسقيط والتخوين والسُباب، وتشظية الأمة وتقسيمها، بدءاً من منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم، مروراً ببعض المنابر الإعلامية، وليس انتهاء بشبكات التواصل الاجتماعي.

انتهى السباق الانتخابي في دوره الأول، لتبدأ مرحلة من تناسل القوانين ولن يَنتج عنه إلا المزيد من العُقْم، وتلك نتيجة منطقية للوعود الكرتونية والهلامية و»سريعة الذوبان»، وأعضاء جدد لن يملكوا حق المطالبة بفتح المناطق العازلة والمغلقة؛ عدا التشريع والضغط لفتح أفق للحل السياسي.

كل 4 سنوات وأنتم في انتظار شعارات بطُول الهمِّ والوهم، إذا استمرت الخيارات كما هي، وإذا استمر تكبيل المجلس وحشْره في زاوية الارتهان إلى السلطة التنفيذية، وإذا استمر تقسيم البشر بناء على مذاهبهم وولاءاتهم الضيقة والعابرة!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 4461 - الأحد 23 نوفمبر 2014م الموافق 30 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 11:51 م

      احسنت

      أحسنت يا أستاذنا في توصيف الواقع المر الذي لا زال البعض يطبل له و يدعي جدواه!!

    • زائر 1 | 11:43 م

      من اختار المقاطعة يتحمل

      من اختار المقاطعة عليه ان يتحمل تبعاتها

اقرأ ايضاً