العدد 4464 - الأربعاء 26 نوفمبر 2014م الموافق 03 صفر 1436هـ

"هيومن رايتس ووتش": متشددون يروعون سكان درنة في ليبيا

بيروت - هيومن رايتس ووتش 

تحديث: 12 مايو 2017

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم الخميس (27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014) إن الجماعات المسلحة المسيطرة على مدينة درنة في شرق ليبيا تروع السكان من خلال عمليات إعدام ميداني وجلد علني وغير ذلك من ضروب الانتهاكات العنيفة، وتتم الانتهاكات في غياب سلطات الدولة وسيادة القانون. وتضم تلك الجماعات بعض الذين انتسبوا إلى تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف (المعروف أيضاً باسم داعش).

وقد وثقت هيومن رايتس ووتش ثلاث عمليات إعدام ميداني وما لا يقل عن 10 عمليات جلد علني قام بها مجلس شورى شباب الإسلام، وهو تنظيم متطرف أعلن مبايعته لداعش في نوفمبر/تشرين الثاني. كما وثقت هيومن رايتس ووتش قطع رؤوس ثلاثة من سكان درنة في ما يبدو أنه من جرائم الحرب، وعشرات الاغتيالات لمسؤولين عموم وقضاة وأعضاء في قوات الأمن، وآخرين بمن فيهم بعض السيدات، وهي عمليات يبدو أن دوافعها كانت سياسية.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لقد أطلقت المليشيات المتطرفة التي تسيطر على درنة في غياب أي من سلطات الدولة عهدا من الارهاب بحق سكان المدينة. ويتعين على القادة أن يدركوا أنهم قد يواجهوا الملاحقة الوطنية أو الدولية على ما ترتكبه قواتهم من انتهاكات جسيمة للحقوق".

وكان نزاع مسلح بين القوات المتحالفة مع الحكومة الليبية المنتخبة التي اتخذت من طبرق مقراً لها، بقيادة اللواء خليفة حفتر، والمليشيات الإسلامية، قد اجتاح شرق ليبيا منذ مايو/أيار. وفي درنة وما حولها تشمل المليشيات أعضاء تنظيم أنصار الشريعة وكتيبة شهداء أبو سليم، إضافة إلى مليشيا مجلس شورى شباب الإسلام النافذة.

تحدثت هيومن رايتس ووتش مع بعض سكان درنة الذين فروا من المدينة هرباً من اضطهاد المليشيات الإسلامية وتحسباً من هجوم عسكري تم الإعلان عنه من جانب القوات المتحالفة مع الحكومة الليبية المنتخبة. وقد وصف ناشط من درنة، قال إنه غادر المدينة في نهاية أكتوبر/تشرين الأول بعد تلقي تهديدات بالقتل لجهره بمناهضة المليشيات، وصف درنة بأنها "خاضعة تماماً لسيطرة المتشددين" الذين فرضوا أيديولوجية متطرفة وتفسيراً صارماً لأحكام الشريعة، يؤيد عمليات الإعدام والجلد العلنية. وقال الناشط إن المليشيات تعتنق نفس الأيديولوجية والخلاف الوحيد بينها يتعلق بمبايعة مجلس شورى شباب الإسلام لداعش.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على الأمم المتحدة استعجال تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق أو آلية مشابهة للتحقيق في جرائم الحرب المزعومة وغيرها من الانتهاكات الجسيمة من جانب كافة أطراف النزاع في ليبيا، بغية ضمان المحاسبة في المستقبل.

لم تحظ درنة بأية وجود ملموس لسلطات الدولة، بما فيها الشرطة والقضاء الفاعل، منذ نهاية ثورة 2011 التي أطاحت معمر القذافي في ليبيا.

ومنذ 2013 قام معتدون مجهولون في درنة باغتيال ما لا يقل عن 5 من القضاة وأفراد النيابة، وبرلمانية سابقة ومسؤولة أمنية. كما قامت مليشيات مسلحة غير محددة الهوية بمهاجمة وتدمير أضرحة في مساجد، وبينها مسجد الصحابة التاريخي في درنة الذي استهدفه المتشددون مراراً منذ 2011.

قام سلاح الجو الليبي المتحالف مع الحكومة المنتخبة بشن غارات جوية على أهداف تابعة للمليشيات في درنة وبنغازي ومواقع أخرى، فيما شنت المليشيات هجمات انتحارية وغير ذلك في طبرق والبيضاء وبنغازي. ونفذ الجانبان هجمات عشوائية عديمة التمييز ترقى إلى مصاف جرائم الحرب، مما تسبب في قتل وإصابة مدنيين و[تدمير] أعيان مدنية.

ويلتزم كافة أطراف النزاع في ليبيا بالتقيد بقوانين الحرب، كما أن بعض الانتهاكات الجسيمة لتلك القوانين، عند تنفيذها بنية إجرامية، تعد من جرائم الحرب. وتشمل جرائم الحرب "إصدار أحكام وتنفيذ إعدامات دون وجود حكم سابق صادر عن محكمة مشكلة تشكيلا نظاميا تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف عموما بأنه لا غنى عنها". أما القتل على نطاق ممنهج أو واسع الانتشار عند استخدامه كسياسة لدولة من الدول أو لجماعة منظمة فإنه جريمة ضد الإنسانية. ويخضع من يرتكب جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، أو يأمر بها أو يساعد فيها أو تكون له مسؤولية قيادية عنها، للملاحقة أمام المحاكم الوطنية أو المحكمة الجنائية الدولية.

وأظهرت السلطات الليبية العجز أو عدم الاستعداد للتحقيق مع المسؤولين عن عمليات القتل غير المشروع وغيرها من الانتهاكات الحقوقية الجسيمة في البلاد وملاحقتهم. كما تعطلت الجهود الدولية للمحاسبة على الجرائم الخطيرة، على الرغم من تفويض المحكمة الجنائية الدولية القائم في ليبيا، وقرار مجلس الأمن الأممي الذي يهدد بتوقيع عقوبات فردية. وقد أنهى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تفويض بعثته لتقصي الحقائق في انتهاكات ليبيا في 2012.

قالت سارة ليا ويتسن: "سوف تصبح تهديدات مجلس الأمن الأممي بفرض عقوبات مجرد تهديدات جوفاء إذا لم يتم تفعيلها. إن المزيد من الأشخاص يلقون حتفهم مع كل يوم يمضي، ويضيع المزيد من الفرص لوقف الانحدار الليبي المتسارع نحو الهاوية".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً