العدد 447 - الأربعاء 26 نوفمبر 2003م الموافق 01 شوال 1424هـ

الاستخفاف بمشاعر الناس... والعواقب الوخيمة!

إن التعامل مع المشاعر الإنسانية من أصعب الأمور، وإذا ما نجح الفرد منا في اختيار الأسلوب الذي يوصله إلى قلوب الناس، يعني ذلك أننا سننجز الكثير من المشروعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والطريق إلى كل هذا، الصدق في القول والفعل، وأما إذا اتخذت المراوغة والتحايل والأساليب الملتوية واللف والدوران كما يقولون، واللعب على الذقون أسلوبا أتعامل به مع الآخرين، من باب أن من أتعامل معهم يمتازون بالبساطة أو بالسذاجة حسب تقييمي لهم، فإننا بهذه النظرة الظالمة للناس قد رسمنا لأنفسنا طريقا لا يوصلنا إلى قلوبهم وبالتالي لا نستطيع أن نصل إلى عقولهم، لابد أن نوجد الثقة بيننا وبين من نريد أن يتفاعلوا معنا في أي فكرة نطرحها عليهم، هدف ينشده الجميع، وهذا ليس بالأمر الهين، وهذا يحتاج إلى ترويض أنفسنا قبل الولوج في أي مشروع، لابد أن نعترف بقدرات الآخرين وإمكاناتهم، ولابد أن نفهم جيدا أننا لسنا أفضل الناس، ونقنع أنفسنا أننا بحاجة دائمة للناس، ونتيقن أن الكمال المطلق لله جلت عظمته، والقدرات العقلية التي نتمتع بها محدودة مهما اختلفت مع قدرات الآخرين، وكما قيل (إذا أعطيت كلك للعلم، فإنه يعطيك بعضه)، يعني أنني أبقى في حاجة دائمة للناس، إذا كان كذلك، لماذا التكبر والتجبر على بقية الخلق؟ نحن بحاجة إلى أن نجلس مع أنفسنا جلسة مصارحة، لنضعها في المكان المناسب الذي يضمن لها التأثر بالآخرين وتؤثر فيهم، لنرتقي بها ونرتقي بالآخرين، لأن آفة العلم التكبر، والذين عرفوا حقيقة العلم تراهم كلما ازدادوا علما ازدادوا تواضعا، وأما الذي جهل المعنى الحقيقي للعلم تراه كلما تقدم في العلم ازداد تكبرا على الناس ويمشي بينهم كالطاووس، وفي مواقع أخرى يكون كالأرنب الوديع، مثل هؤلاء لا ترجوا منهم خيرا، لأنهم يتحركون ليحققوا مصالحهم الذاتية، ولاتهمه المصالح العامة في شيء، ومثل هؤلاء كثيرون مع الأسف الشديد، أين الكلمات الرنانة التي انطلقت من هنا وهناك في الحملات الانتخابية؟ وأين الوعود التي تفوهوا بها أمام الناس؟ ماذا قدموا للناس في الدورة الأولى؟ وماذا سيقدمون لهم في هذه الدورة؟ لماذا لا يجدون منهم الجدية في أي موضوع مهم، أين الأحلام الوردية التي أعلنوها للناس؟ أين ذلك الانفتاح مع الناس بمختلف طبقاتهم، أين ذلك الشخص الذي تذلل لعامة الناس من أجل أن يوصلوه إلى قبة المجلس؟ أين الجلسات التي جمعته مع الفقراء من الناس على مائدة واحدة؟ أين الابتسامات التي كان يوزعها في كل اتجاه؟ ماذا نقول لمثل هؤلاء؟ هل ينطبق عليهم القول (صلى المصلي لأمر كان يرجوه، لما انقض الأمر لا صلى ولا صام)، ولكن نعود ونقول مازال الناس يرجون منهم الخير، ولا يمكن أن نصدق أنهم نسوا كل تلك الوعود التي قطعوها على أنفسهم، ولكن احتمال التناسي وارد على كل حال، وهذا ليس بمحال، ونحن نعلم أن الدستور أعطاهم مساحة يتحركون فيها، ولم تستغل هذه المساحة من قبلهم؟ لماذا يجهدوا أنفسهم في تضييق تلك المساحة؟ ولا نستطيع إلا أن نقول مازلنا في أول الطريق، حتى ننعش الأمل في الحكومة التي كانت تأمل الكثير من هذا المجلس، تأمل أن يقدم المشروعات الرائدة المبنية على أسس منطقية، وننعش الأمل في الناس كذلك الذين كانوا ينتظرون أن يكونوا صوتا يحمل همومهم للجهات المعنية.

سلمان سالم

العدد 447 - الأربعاء 26 نوفمبر 2003م الموافق 01 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً