العدد 4487 - الجمعة 19 ديسمبر 2014م الموافق 26 صفر 1436هـ

"الداخلية": أحد النزلاء يروي قصته خلال الاحتفال بأسبوع النزيل الخليجي

لم تعد مراكز الإصلاح والتأهيل في البحرين مكانا لقضاء المحكومية فحسب بل مكانا حقيقيا للإصلاح والتأهيل وتهذيب السلوك وإعادة الشخص إلى المجتمع ليؤدي دوره في تنميته وازدهاره ، وذلك من خلال استحداث البرامج والأنظمة التي تعيد للنزيل رشده وتفكيره الايجابي ، وها نحن مع أحد النزلاء المحكوم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات ، والذي تحدث خلال الاحتفال بأسبوع النزيل الخليجي الموحد الثالث تحت شعار "خذ بيدي نحو غد أفضل" ، وروى قصته أمام الحضور وقال :

بسم الله والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين ، أولاً أحب أن أتوجه بالشكر إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى حفظه الله ورعاه ، والى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر ، والى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ، والى وزير الداخلية الفريق الركن معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة على الاهتمام والرعاية المقدمة إلى النزلاء والنزيلات وعلى الجهود المبذولة لإعادتهم إلى مجتمعهم أشخاصا فاعلين يسهمون في بناءه ورفعته .

وإليكم قصتي مع الإدمان التي بدأت من سن مبكر جدا ، وللعلم بأن هذا المرض الذي لا يفرق بين غني أو فقير ولا جاهل ولا متعلم ، فقد كنت في مراهقتي وكانت تبدو علي مؤشرات الإدمان من خلال السلوكيات الغير صحيحة مثل التدخين والسهر والمعاكسات ، وتطور الأمر بصورة سريعة ولم يكن باستطاعتي السيطرة على هذا التطور وانجرفت من مادة إلى أخرى وبدأت أخسر الأهل والأصدقاء والعمل وكان آخرها التغرب عن بلدي لمدة عشر سنوات .

ولحسن حظي فأنني توقفت لمدة من الزمن عن الإدمان وتذوقت حلاوة الإيمان ولكن لعدم معرفتي بالأسباب الحقيقة لإدماني وقعت مرة ثانية في شرك الإدمان إلى أن وصلت إلى السجن ، وهنا أصبحت لدي حياة جديدة من خلال تعرفي على برنامج التعافي داخل المؤسسة الإصلاحية فبعد أن أتيحت الفرصة لنفسي للتعرف على هذا البرنامج بصورة شاملة بدأت أشعر بالتغيير في حياتي وحياة من حولي ، فأنا اليوم مدرك جدا لمشاعري وتصرفاتي عكس ما هو في السابق ، وقد تحسنت علاقتي بمن هم حولي من زملاء وأفراد شرطة والأهل الذين شعروا بالتغيير مؤخرا ، وكواجب علي ومن باب رد الجميل لابد أن أطلعكم على هذا البرنامج الذي اشتركت فيه منذ ثلاث سنوات وخمسة أِشهر والذي تضمن ، الاستيقاظ من النوم في الساعة 6.30 صباحا والإفطار الجماعي مع زملائي ، بعد ذلك حضور الاجتماع الأول والذي يشتمل على قراءة لفكرة اليوم والمشاركة فيها ، ومحاولة تحقيقها على مدى يومين ، ثم ممارسة الرياضة ، وحضور الاجتماع الثاني لدراسة الخطوات التي لها بالغ الأثر في تغيير مجرى حياتي وهي كما هو متعارف عليه العمود الفقري لبرنامجنا في التعافي .

فالخطوة الأولى ، هي إنني يجب أن اعترف ولأول مرة بأنني إنسان مدمن ، وان أتعرف على جميع ما يصاحب مرض الإدمان ، من إنكار ويأس وعزل وفقدان سيطرة ، وكان إدماني متفرعا على أمور ممكن أن يقع فيها أي شخص عادي كالإدمان على الأكل أو التلفون أو العلاقات الغير شرعية ، ثم انتقلت إلى الخطوة الثانية التي جددت الأمل في حياتي والطمأنينة بأن هذا مرض وليس عار وتعرفت على القوة الأعظم في نفسي التي تعتبر المضاد لقوة المرض ، ومن ثم إجراء الاجتماعات والالتقاء بالأشخاص الايجابيين من حولي حيث إن لهم فضل كبير في حياتي من خلال وقوفهم معي في العديد من المواقف المفرحة أو المحزنة فتعلمت منهم الكثير وكانت لهم صفات غير موجودة في شخصيتي حاولت اكتسابها منهم .

أما الخطوة الثالثة ، فهي توكيل إرادتي وجميع أمور حياتي إلى الله عز وجل فأنا اليوم لا أحمل تلك الأوزان والهموم التي أرهقتني في السابق فقد عدت إلى الله وتبت إليه ، والخطوة الرابعة فقد جردت فيها نفسي وتعرفت على أسباب مرضي وإدماني ومن أين بدأت ، وأهم ما عرفته هو دوافعي للقيام بالأفعال التي ساعدتني على تجنب أخطاء كبيرة في الوقت الحالي والمشاعر التي كانت تلعب بي الآن أصبحت استطيع أن احددها وأديرها بالطريقة الأمثل .

والخطوة الخامسة التي أطلقت العنان للساني للتعبير عما بداخلي وعادت ثقتي بالآخرين ، وهي أن أتقبل المشورة التي رفضتها لسنين طويلة ، فأنا الآن على استعداد لسماع الآخرين وإعطائهم الفرصة لمساعدتي في الجوانب التي تنقصني ، وسادسا فقد عرفت بأنني شخص لي عيوب لا استطيع التخلص منها إلا بالاستعانة بالله عز وجل ، وكانت هذه العيوب عائق بيني وبين التطور والنمو في حياتي وكان الآخرين مرآةً لي ، والخطوة السابعة كانت تكمل الصورة الناقصة من خلال النواقص الشخصية التي كانت تشوه صورتي أما نفسي وأما الآخرين، فحاولت بمساعدة الله وزملائي في البرنامج تجاوز هذه المرحلة في حياتي وبدأت أشعر بالرضا الذاتي وهذا ساعدني كثيراً في تعديل نفسي والآخرين.

وانتقلت بعدها للخطوتين الثامنة والتاسعة وهما الأصعب بالنسبة لي من حيث التطبيق فهما تنصان على تدوين أسماء جميع من تسببت لهم بالأضرار وإصلاح وتقديم التعويضات المناسبة لهم جميعا، والصعوبة تكمن في عدم قدرتي على الوصول لبعضهم حيث أنني اقضي عقوبتي ولكن بمساعدة الله ومن حولي لقد تيسرت الأمور ولله الحمد، وهنا لا أنسى دور الموجه في هذه المرحلة لما له من فضل بعد الله عز وجل.

أما الخطوة العاشرة ، فهي كيفية التعامل مع الحاضر ، فبالنسبة لي فان الجرد الفوري لبعض تصرفاتي قد ساعدني في تقليل الأخطاء إن وجدت ، فالتصحيح يكون فوري بعكس السابق، حيث كانت المشكلة تحتاج لوقت طويل مني لكي أتجرأ وأبادر في حلها ، وفي الخطوة الحادية عشر دخل مفهوم جديد في حياتي وهو التأمل في ما هو حولي من نعم ربانية ، وكذلك الدعاء وكيفية تكوين العلاقة بالبارئ عز وجل، ولدي تصور ولو صغير لماذا أنا موجود هنا اليوم وهي المشيئة الإلهية التي تريد لي الصلاح دائماً، فاليوم اعتمادي على الله عز وجل في تيسير أموري من خلال الدعاء وليس أي شيء ثاني.

وهنا وصلت إلى ختام الخطوات وهي الثانية عشر، وهي حمل الرسالة لمدمن آخر لا يزال يعاني وهذا هو واجبي اليوم تجاه الله عز وجل وتجاه كل شخص يحتاج لمساعدتي والمعاناة هنا ليست فقط في تعاطي المخدرات ، فأنا اليوم أحمل الرسالة نيابةً عن زملائي في مجموعة التعافي الذين ينتظرون من يمد لهم يد العون والمساعدة لأنهم أناسٍ أخطئوا في يوم من الأيام وهم اليوم يحاولون تغيير حياتهم من خلال هذا البرنامج ويستحقون العودة إلى المجتمع، ولذا أرجو مساعدتنا في تحقيق هدفنا وهو أن نصبح أفراد صالحون .

وفي الختام أود أن أشكر كل من ساهم في إنجاح هذا البرنامج من إدارة الإصلاح والتأهيل وكل زملائي الذين سبقوني في هذا البرنامج بتوفير المناخ المساعد على التغيير ، وهنا أقول خذوا بأيدينا نحو غدٍ أفضل ، والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته .

 

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 9:57 ص

      خير ان شاء الله

      ياترى المعامله الأرستقراطيه اللي تتعاملون فيها نفس المعامله اللي يتعامل فيها من يزجون للسجون بتهم واهيه وتلفيقيه ؟ بعدين ماتكلمت عن....اللي تطال اصحاب قضايا المخدرات يزور السجن ثلاث سنوات او اقل ويخرج .. متى يتعلم كل اللي قلته؟

    • زائر 3 | 4:15 م

      عقوبة الإدمان أشهر وليس عشر سنوات

      المعروف ان حكم المدمنين والمتعاطين المخدرات أشهر وليس عشر سنوات كما يدعي المتحدث حكم. عشر سنوات على المتاجرين بالمخدرات وهو لم يتحدث او يورد بكلمة متاجرة وإنما ردد كلمة ادمان ولنتظر رد احد المستشارين في قضايا المخدرات

    • زائر 5 زائر 3 | 4:50 ص

      كلامك صحيح

      المدمن عادة يكون حكمه من شهر الى 6 اشهر كأقصى ، اما المروج (البائع ) يكون حكمه من 3 سنوات كأدنى حد الى المؤبد كأقصى حد اذا كان من اصحاب السوابق ، و عشر سنوات هو الحكم المعتاد

    • زائر 2 | 10:35 ص

      ابوزينب

      مسكين الرّجال فضحوه فضاح مو باقي الا تخلون صورته بعد وتكملونها عليه.ان الله يحب الستر فاستروا على ما واجهتم.

    • زائر 1 | 9:03 ص

      نفاق

      الاعلام شيئ والحقيقة شيئ آخر . حتى احترام للإنسانية ما فيه مو تأهيل وخرابيط. الله ينتقم من الظالم

اقرأ ايضاً