العدد 4528 - الخميس 29 يناير 2015م الموافق 08 ربيع الثاني 1436هـ

تقلبات المزاج الشعبي في الأردن

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الأردن من الدول العربية الملاصقة لـ «إسرائيل»، وفي فترة من الفترات كانت تُصنّف من دول «الطوق»، ولتركيبتها السكانية المعقّدة، حيث يشكل الفلسطينيون أكثر من نصف السكان، كانت تتفاعل كثيراً مع أحداث الوطن العربي.

اليوم، يعود الأردن إلى واجهة الأخبار، مع تهديد تنظيم «داعش» قبل يومين بإعدام الطيار الأردني الذي أسقطت طائرته أثناء قصفها لمواقع التنظيم في الرقة السورية قبل شهرين. وكان مطلب التنظيم إطلاق سراح ساجدة الريشاوي، مقابل إطلاق سراح الطيّار معاذ الكساسبة. وقد أبدى الأردن استعداده لإطلاق سراحها، وطلب إثبات بقاء الكساسبة حيّاً.

الريشاوي حُكم عليها بالإعدام، لمشاركتها في عملية تفجير إرهابي في العام 2005، لصالح تنظيم «القاعدة»، الذي كان يحظى بتأييدٍ كبيرٍ في الشارع الأردني، حيث كان ينفّذ عمليات تفجير إجرامية بشكل يومي، يسقط خلالها خمسون شخصاً يومياً، غير مئات الجرحى من أبناء الشعب العراقي العربي المسلم. وكانت هذه العمليات يقودها أبومصعب الزرقاوي، الذي خرج في شريط مصوّر يحمّل رشاشاً كبيراً، متباهياً بعضلاته في صحراء الأنبار، محاكياً طريقة الممثل الأميركي سيلفستر ستالون في سلسلة أفلام «رامبو» الشهيرة. ولم تمض غير أسابيع قليلة على ذلك الظهور الاستعراضي حتى أعلن عن مقتله في غارة أميركية.

فيما يخصّ الانتحارية (الريشاوي)، التي يُطالب «داعش» بإطلاق سراحها، كانت قد شاركت في عملية مزدوجة بأحد فنادق عمّان، لكنها جبنت في اللحظات الأخيرة، فلم تجرؤ على تفجير الصاعق الملتف حول جسدها، فانسحبت من الفندق وتم إلقاء القبض عليها. مع ذلك تمت عملية تفجير الفنادق في عمّان على أيدي شركائها، حيث أدت إلى مقتل أكثر من ستين شخصاً، أشهرهم المخرج التلفزيوني العالمي السوري مصطفى العقاد، الذي كان يزور الأردن لحضور زواج ابنته ريما التي قتلت معه في الانفجار، لتخسر السينما العربية واحداً من أكبر مبدعيها، حيث أتحف الجمهور برائعتيه: «الرسالة» و»عمر المختار».

ما حدث من تأييدٍ عارمٍ لتنظيم «القاعدة» في الأردن، رغم كل ما ارتكبه من مجازر دموية وإعلانه عن خطّة إشعال حرب أهلية طائفية بين السنة والشيعة لتمزيق العراق الشقيق، إلا أن المزاج العام انقلب رأساً على عقب ضد التنظيم، كردة فعل على تفجيرات «عمّان». وهي ظاهرة غريبة في السياسة العربية، تحتاج إلى دراسةٍ نفسيةٍ عميقةٍ، لمعرفة سبب هذه التقلبات الحادة في المزاج، وما تستبطنه من عقد وانحرافات سلوكية وأخلاقية.

الظاهرة نفسها تكرّرت بعد عشرة أعوام، مع الأحداث التي عصفت بسورية، إذ شهد الشارع الأردني نفسه درجةً عاليةً من التفاعل مع الحدث السوري. ورغم تغيّر الموقف الرسمي الأردني خلال السنوات الأربع الماضية، من دعم للمعارضة السورية المسلحة إلى الانسحاب التكتيكي من معركة ليست هي معركته، إلا أن الشارع الأردني بقي مشدود الأعصاب باتجاه الحدود الشمالية. وبقيت عدة مناطق تشكل بؤراً داعمة للتنظيمات التكفيرية في سورية، وقد نشرت صحف غربية عدة تحقيقات عن مظاهر ذلك التأييد.

الانقلاب الجديد في الموقف الشعبي جاء عشية الإعلان عن إسقاط الطائرة الأردنية وأسر طيّارها، فقد انقلب المزاج العام من التهليل لما يقوم به «داعش» من فظائع في سورية والعراق، إلى الحديث عن إنقاذ حياة الطيار، لترتفع النبرة الإنسانية فجأةً في هذا الشارع المضطرب.

إننا كشعوب عربية، بحاجة إلى دراسة سيكولوجية، لمعرفة العقد التي تعشعش في نفوسنا، والنوازع الإجرامية التي تجعلنا نفرح لمقتل عشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء في سورية والعراق، على يد تنظيم «داعش»، مع أنهم عربٌ مثلنا، وأغلبهم مسلمون، وأكثرهم من «السنّة والجماعة» التي تدّعي التنظيمات التكفيرية الدفاع عنها.

ما أحوجنا إلى دراسةٍ نفسيةٍ لتكشف عيوبنا، كشعوب عربية تعاني من اضطراب التفكير، والازدواجية في المعايير، والسقوط الأخلاقي المريع.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4528 - الخميس 29 يناير 2015م الموافق 08 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 23 | 11:00 ص

      ما هذا التناقض يا زائر رقم 6

      اقول لزائر رقم 6 هل البصيره هو السكوت عن البعثي بشار ، قول لي بربك ماذا تسمي بشار الاسد اليس هو ايضا بعثي مجرم سفاك دماء شعبه ، فقط عندم البعثي هو المجرم صدام لانه سني المذهب !!!!! والله أنتم المتناقضون لان طائفيتكم لا تجعلكم تنظرون بعين مجرده من المذهب وووو

    • زائر 26 زائر 23 | 1:52 م

      صدام ليس سني

      صدام كافر ليس له دين
      قتل السنة كما كان يقتل الشيعة
      اباد حلبچة وهم ليس بشيعة ولا سنة
      هذه طائفيتكم المجنونة التي تريكم كل من يعارضه الشيعة فهو سني
      يا اغبياء
      افتحو عقولكم المتحجرة
      ان بقي لكم عقل

    • زائر 14 | 2:46 ص

      الى زائر1

      تمعن فى هادى الاية ولاتركنوا الى الذين ظلمو ا اكثر شرطة البحرين .....................قول لنفسك ..........ولاتعلم روحك ظلم الناس وانت تعرف انه شعب البحرين مظلووم والله ياخد الحق

    • زائر 12 | 1:51 ص

      الشعب الأردني الشقيق

      الشعب الأردني الشقيق لم يكن في يوم من الأيام كما تصفه انت متعاطف مع الاٍرهاب. الارهاب لم نعرفه في العالم العربي الأربعة عام تسعة و سبعين

    • زائر 24 زائر 12 | 11:08 ص

      الحقيقة واضحة

      ان اكثر تظاهرات خرجت لتاييد داعش كانت من الاردن.واكثر مقاتلين من صفوفه هم من الاردن خمسة الاف . وهناك مناطق كاملة تعلن الولاء لداعش والحكومة الاردنية متورطة بهم.

    • زائر 25 زائر 12 | 12:01 م

      خبز خبزتيه

      مثل في الصيم.تفكر واعتبر منه وبدون هرار علينا.

    • زائر 11 | 1:29 ص

      الطائفية والتخلف

      هذه الطائفية وما تفعل بالشعوب

    • زائر 10 | 1:00 ص

      نحن الشعوب العبريه المفروض ان نتحر اصلأ

      عندما تعشش طبقه سميكه من الهول والجنون والتخبط والازدواجيه فى المعايير واضطرابات النفسيه المريضه العقيمه و السقوط الاخلاقى عندما ننساق من حفنه رجال الكفر والتكفير المحسوبين على المسلمين والاسلام براه منهم ومن ثقافتهم المتحجره الضلاميه التى اول من حاربها الرسول الاكرم محمد(ص)فى مجتمعات سادها الفكر الضلامى ونحن نعيش فى القرن الواحد والعشرون يضحك على خيره شبابنا بأن الحور العين والرسول والملائكه فى هبت الاستعجال لرويتكم بتفخيخ وقتل الانفس التى حرم الله عز وجل ان تقتل او تهان

    • زائر 9 | 12:57 ص

      شعب لا يمكن وصفه بكلمات مهذبة

      ماذكرت سيد بعد ان من الشعوب الي بجلت صدام وهللت اليه في كل مجازره حتى يوم اجتاح الكويت كانوا من اكثر الشعوب فرحا بهذا الاجتياح واحنا اهنيه ما نتكلم عن الموقف الرسمي لان في كثير من الدول الموقف الرسمي ما يتفق مع الشعب. فما نقول الا الله يشغل الظالمين بالظالمين

    • زائر 7 | 12:33 ص

      لا اعتقد ياسيد وانت ادرى

      اكثر الحماقات ارتكبت بسبب الطائفية ولازالت ترتكب وما حدث معهم مجرد تغير وقتي وما ان ترجع الأمور حتى تراهم ينهشون في لحم شركائهم في الخلق

    • زائر 6 | 12:27 ص

      لا دراسة ولا شي يا سيد

      دين الاسلام الحقيقي
      الممتد من النبي وصولا لمولانا الحجة هو الذي يمنع هذه التقلبات
      فاللذي لا يملك بصيرة في قلبة
      تراه يوما مع البعثية ويوما مع داعش
      فلا تجد له بوصلة تحدد اتجاهه الفكري ولا اتجاهه الديني
      مذهب اهل البيت هو الحصن الحصين الذي يمنع انزلاق العقل والتفكير لذلك الارهاب والتطرف
      الذي يدعو الانسان لكي يفرح بقتل اناس في سوق للخضار يعتاشون لكي يطعمون اطفالهم الصغار
      هذا هو الدين والمنطق والعقل الذي يصل اليه من لا يتمسك بالعروة الوثقى في الفكر والدين والعقل والاسلوب وكل شيئ في الحياة

    • زائر 5 | 12:19 ص

      لا مزاج ولا هم يحزنون

      على مقدار ماتدفع يتغير المزاج يا سيد . يتعاطفون مع المعارضة البحرينية في يوم وفي اليوم الاخر يبعثون جحافلهم للانقضاض على الشعب . انه المال السياسي.

    • زائر 4 | 11:36 م

      ------

      الأمر جداً بسيط .... مادامت النار بعيدة عني وأنا على التل اتفرج وهي تخدم مصالحي أو اهوائي فهذا جهاد في سبيل الله ولتحرق ماتحرق إما وقد وصلتني هذه النار ولسعتني فهذا هو الإرهاب بعينه وهذا ليس ديدن الشعوب فقط بل الأنظمة قبلها.

    • زائر 3 | 10:34 م

      وضعت يدك على الجرح

      كلامك صحيح 100% يبدو اننا ننظر بازدواجية بين الشعوب العربية واكبر دليل...المطالب المشروعة في البحرين....ولكن هناك حديث او مقولة...
      {من أعان ظالم سلطه الله عليه}

    • زائر 2 | 10:22 م

      الجواب بسيط

      تعاني شعوبنا من انفصام في الشخصية (الشيزوفرينيا)،و يضاف اليها القلق والذهان والاكتئاب (سايكوسس.نيروسس،دبرشن).... بمعنى أدق ان كل الأمراض النفسية فينا....طبعا الفضل يعود الى عوامل كثيرة لن يمكننا هنا ان نشرحها شرحا وافيا،لكن اهم ما فيها هو انعدام التوجيه السليم بالانتماء الى الوطن وليس منها الطائفة او القبيلة أو الفرد،انعدام التوجيه السليم هذا يتحمله من يدير دفة الأوطان بالارتهان الى سياسات تجعل العاقل خبلا تائها مسطولا.

    • زائر 1 | 10:06 م

      ...........

      ..........من أين أتيت بأن الأردنيون يأيدون القاعدة؟؟ في كل مكان في العالم هناك إختلاف بالأفكار و لكن الغالبية العظمى من الناس ترجح العقل و المنطق. و كذلك الأردن. من الواضح أنك من الكارهين للأردن الشقيق القوي المنيع و الذي كان له و لا يزال له دور كبير في الخليج العربي و كان من نصيب البحرين أول علاقات عسكرية مع الأردن في الخليج. و ستقوى هذه العلاقات رغما ..........................

    • زائر 13 زائر 1 | 2:23 ص

      جواب مريح

      مو قاصر إلا تقول ان الاردن حمامة سلام مو معسكر للتدريب على الاعتداء على البشر والقتل، وللعلم أكثر منتج أردني يدر الملايين تلك البلاد هو تأجير العسكر على دول الجوار وحياكة المؤمرات...
      أيلول الأسود في الذكرى

    • زائر 20 زائر 1 | 3:31 ص

      زائر 13

      الأزدن حمامة سلام و صقر جارح للذين لا يحترمونه… كلامك عير صحيح و ليس في محله…. مخك مغسول …
      لا أحد يزازيد على و طنية الأردن… أحداث أيلول كانت ضد عصابات كانت تتصرف كأنها دولة داخل دولة تماما مثل ما يفعل حزب الله ... في لبنان...

    • زائر 21 زائر 1 | 3:53 ص

      واقع لا يحتاج للمكابرة

      الأردن معروف سياستها وعمالة نظامها، وبالمثل تقلبات الأردنيين، فهم إمعة ولا يعون إلا بعد أن يقعوا في الفخ.
      تجارب كثيرة كلها شاهدة على هذا النهج والإزداوجية إلا لقلة قليلة منهم.
      وهناك الكثير من سلوكيات وأخلاقيات تظهر عليهم ويمارسونها ولا تتطلب مكابرة، ومن يسمون بمثقفيهم يصرحون بذلك علانية جهاراً نهاراً.

    • زائر 22 زائر 1 | 9:41 ص

      تاريخا وحاضرا

      الأردن للأسف معروف تاريخيا و-حتي حاضرا- بكونه بلد يبيع أي شيئ مقابل أي شيئ. كم مرة وشى بخطط العرب للعدو
      وكم مرة كان السبيل لتنفيذ خطط العدو
      الأردن بلد يعيش على الضرائب التي يكسبها من شعبه، ومساعدات الدول التي يؤجر رجال جيشه عليها
      بلد يعتبر حاضن للمشروع الإسرائيلي

اقرأ ايضاً