العدد 4529 - الجمعة 30 يناير 2015م الموافق 09 ربيع الثاني 1436هـ

الذين لا يُحبُّون الشمس

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

ليس عنواناً لروايةٍ أو فيلمٍ سينمائي. إنه حقيقة قبل أن يكون عنواناً لبعض البشر الذين نتشارك معهم في الحياة، ويشبهون البشر في المبنى، ولكنهم يختلفون عنهم في المعنى، إن كان لهم معنى.

المصابون بالرمد من بين الذين لا يُحبُّون الشمس. وكثيرٌ هم في حياتنا، وليس شرطاً أن يعانوا رمداً في العين. هناك رمدٌ يصيب النفس، ويصيب الروح، ويصيب الأخلاق، ويعاني منه بشرٌ كثيرون أيضاً. أولئك هم الذين لا يُحبُّون الشمس، ويرون فيها سبباً لكشف سوءاتهم، وتسليط الضوء على أمراضهم وعللهم.

والذين لا يُحبُّون الشمس، هم أولئك الذين لا تسُرُّهم رؤية قائمٍ في الحياة. على العكس لا ينسجمون إلا مع المنهار والخراب. هم أولئك الذين يسعون في الأرض والقلوب والنفوس خراباً. وأولئك الذين يموتون غيظاً إذا رأوا مساحات الحب تتسع، ويكونون في أعلى درجات حبورهم وفرحهم حين تؤذن العلاقات بين البشر باقتتال وحين تكون أبواب اتفاقهم مختوماً عليها بالقطيعة وتحَيُّن الفرص.

والذين لا يُحبُّون الشمس سنجدهم في المجافين والمخالفين للفطرة، والبعيدين عن الطبيعة البشرية، والساعين إلى النقيض من كل ذلك.

وكثيراً ما نقول: سطعت شمس الحقيقة، تعبيراً عن دلاء الأمر والفصل الذي لا مراوغة فيه بذلك التجلي الذي لن يصمد أمامه مكابر وصاحب عمى.

وهناك من لا يحب الشمس والحقيقة المشار إليهما. ولا فصل بينهما. كره الحقيقة، كرهٌ لواقعٍ قائمٍ متحرك يتجلى في أكثر من صورة ومقام.

وكره الشمس انحياز وتواؤم وانسجام مع الظلام والعمى والمجهول والعبث والتعوُّد على الارتطام.

ومن بين الذين لا يُحبُّون الشمس أولئك الذين يجدون في التنوير، تعريةً لهم، وكشفاً أمام المتوحدين مع النور، الذين يحيَوْن به. والذين يجدون في استقرار البشر وطمأنينتهم، مزيداً من زعزعتهم إذ لا اطمئنان يعرفون أساساً، بالارتطام الدائم الذي هم فيه منهمكون بالعمى.

ومن بين الذين لا يُحبُّون الشمس، أولئك الذين يرون في العلاقات الدافئة بين البشر، جهنّمهم، وفي تآلفهم، عَيْنُ الاختلاف والتفكك الذي يعانون، وفي اجتماعهم، العميق من التشرذم الذي لا يعرفون سواه.

ومن بين الذين لا يُحبُّون الشمس، الذين يغيظهم حدّ الموت أن يروا نجاحاً لأحد، وإنجازاً لمجموعة. كل ذلك يضعهم على مرجل من الحقد سيُعجِّل بهم إلى الموت، بل هم بالموت منشغلون.

لا يكره الشمس إلا من انسلخ عن آدميّته. الشمس بالحقيقة التي نتطلع ونسعى إليها ونحب أن نقف عليها. الشمس بذلك القدر من الاتفاق الذي ننجزه بيننا كبشر، ووضع اعتبار للكائنات الأخرى. الشمس بذلك الاستعداد للبذل والبسط لا المنع والقبض، في إكمال لنقص هنا، وسد لحاجة وخلَّة هناك. والذين نعنيهم بالكتابة هنا أعداء كل ذلك ودون تردد.

وكم بيننا في المكان والزمان ممن لا يُحبُّون الشمس، لأنهم لا يُحبُّون أن يقفوا على حقيقتهم؟ حقيقة نفسياتهم وأرواحهم الميتة، وسلوكهم المبتذل، وقدرتهم الكبيرة على البيع، وليّ الحقائق وتزويرها، واختراع حتى المقامات وحتى التاريخ.

كم بيننا ممن لا يُحبُّون الشمس ماداموا يَحْيَوْن على حساب الآخرين؟ ويجدون في الكذب عَيْنَ الحقائق؟ وفي الضعة الرفعة والعلو؟ وفي الخسّة مدى للشيم؟ وفي الغدر الوفاء الذي يفهمون ويريدون؟

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4529 - الجمعة 30 يناير 2015م الموافق 09 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 8:35 ص

      قال

      قال امير المؤمنين علي عليه السلام كلمة الحق ابعدت عنى الاصدقاء لانهم لايحبون كلام الحق

    • زائر 2 | 8:33 ص

      الشمش

      الشمس كلمات الحق الي الظلام والمصلحشيه مايحبوونهه يحبون طريق الباطل ليجنوا فلووس الحرام ويلتذذون ابها فى الدنيا وهم يعرفون فى الاخره مصيرهم النار لاكنهم معاندين شرع الله ومستمرين فى ظلمهم للناس الطيبين نقول جميعا الشعب البحرانى المشتكى لله وصبرا على هادهى المحن والله راح ينتقم من كل ظالم

    • زائر 1 | 11:50 م

      نعم أنا لا أحب الشمس


      شمس البحرين حارقة في الصيف أنا لا أحب الشمس ‏.؟ فقط أن أحب الحقيقة التي يكرهها الطائفيون والمأدلجون والناعقون وراء كل ناعق

اقرأ ايضاً