العدد 4529 - الجمعة 30 يناير 2015م الموافق 09 ربيع الثاني 1436هـ

الإخوان المسلمون ومعركة الأجيال

الوسط - المحرر السياسي 

تحديث: 12 مايو 2017

قال الصحفي المصري المتخصص في الحركات الجهادية والإسلام السياسي وقضايا الشباب مصطفى هاشم في مقال نشره موقع مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي إنه "أخيراً، وبعد صراعات دامت لنحو عام كامل داخل جماعة الإخوان المسلمين في مصر، بدأ التنظيم إجراء إعادة هيكلة شاملة وتمكين الشباب -لأول مرة- لقيادة التنظيم، يعكس هذا التحوّل في المقاربة إدراك القيادة السابقة فشلها في التكيّف مع السياسة الداخلية وحملة التضييق التي يقوم بها السيسي منذ عزل محمد مرسي من منصبه في تموز/يوليو 2013".

وفيما يأتي بقية نص المقال:

ولم يكن أمام جماعة الإخوان المسلمين خيارا آخر غير النزول أمام إرادة الشباب والفاعلين حالياً داخل التنظيم، والذين يؤيدون التصعيد في مواجهة نظام السيسي في مصر، بعد بوادر تمرد خطير في صفوف شباب الإخوان وصل إلى حد رفضهم رفضاً قاطعاً التعامل مع الأمين العام للجماعة الدكتور محمود حسين، كونه لم يكن يعطي أي دور للشباب. وإزاء القلق من ظهور اتجاه متزايد لدى الشباب المصري للانضمام إلى الجماعات الأكثر تشدداً على الساحة مثل تنظيم الدولة الإسلامية ، أقال الإخوان المسلمون حسين من منصبه بهدف تهدئة الانتقادات المتصاعدة. حيث يخشى الحرس القديم في جماعة الإخوان المسلمين أنه إذا توجّه معظم الشباب نحو تنظيمات أخرى، قد يعني ذلك نهاية فكر وتنظيم جماعة الإخوان.

وتمر جماعة الإخوان المسلمين الآن بأصعب مراحلها، وبدأت إجراءات إعادة هيكلة الجماعة والمؤثرين فيها، بعد ضغط من الشباب على القيادات عبر الانتخابات وتغيير اللوائح المنظمة. إذ تم تغيير الكثير من القيادات بناء على نتائج الانتخابات التي أجريت قبل شهرَين وانتهت في بداية شهر يناير؛ لأنها كانت تجرى في 5 دول هي مصر وقطر وتركيا وماليزيا والسودان. وأهم التعديلات التوجه نحو اللا مركزية، والاهتمام بلجان العمل الدعوي، وتأسيس "لجنة إدارة الأزمة والحراك".

واللا مركزية مشروطة بالتشديد على ممارسة الشورى بمعنى أن كل مستوى تنظيمي تأتيه الخطوط العامة من المستوى الأعلى، ولكن لا يعود إلى المستوى الأعلى قبل التنفيذ، بشرط تفعيل الشورى في دائرة صلاحياته، وهذا لم يكن موجودا من قبل؛ حيث كان الأصل هو الاستئذان أو أخذ موافقة مسبقة من القيادة الأعلى، وهذا جعل التحركات سريعة وبدون انتظار موافقات ومواءمات من القيادات الأعلى التي كانت أحيانا تنتظر الرد أيضا من القيادات الأعلى منها. ويبدوا أن التنظيم الهيكلي لحركة حماس في غزة هو أقرب التشبيهات لإعادة الهيكلة وكانت في خلفية أذهانهم عندما أحدثوا هذه التغييرات.

وتم ضم عدد من اللجان لتقليص الاحتياج لعدد أكبر من المسؤولين، كما تم تخفيض أعداد المسئولين في هذه اللجان لتقليل النفقات. فضلا عن تقليص لجان العمل السياسي واللجان الإلكترونية خاصة في المحافظات وذلك في مقابل الاهتمام بلجان العمل الدعوي واللجان الحقوقية ولجان البر والتي كان الاهتمام بها قد انخفض أثناء حكم مرسي. أما التغيير الأهم فهو إ ختيار لجنة إدارة الأزمة والحراك والتي أصبح في عضويتها إخوان من الداخل والخارج. ولن تكون الهيئة معنية بهياكل الجماعة وانما بالتحرك الداخلى والخارجى لاسقاط نظام السيسي.

ومن أجل تحقيق ذلك، يحاول الشباب إعادة التلاحم مع التيارات المدنية المعارضة الأخرى التي تشاركت معهم ميدان التحرير أيام ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير والبحث عن سبل التعاون بالرغم من أن هناك الكثير من قواعد الإخوان لا تزال لديها موقفا سلبيا تجاه الحركات الليبرالية بسبب وقوفها مع حركة تمرد في النزول لمظاهرات الثلاثين من يونيو والتي برر بها الجيش عزل مرسي. وخلال الشهور الأخيرة تواصلت لجان مشتركة بين بعض شباب جماعة الإخوان المسلمين وحركات مدنية معارضة، فضلا عن أن تطور الأحداث دعمت هذا التوجه بعد مقتل شيماء الصباغ أمينة العمل الجماهيري في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، في مسيرة سلمية بالورود كانت تتجه من منطقة وسط البلد إلى ميدان التحرير لوضع أكاليل الزهور على النصب الذكاري لشهداء الثورة.

غالب الظن أن مشاركة الشباب ستجعل الصراع بين الإخوان ونظام السيسي أكثر حدة، حيث لا يزال الأخير يرفض جماعة الإخوان رفضاً تاماً، كما أن معظم شباب الإخوان يراهنون على التصعيد الثوري. ويتزايد إيمان شباب الجماعة بفتاوى تجيز استهداف عناصر قوات الشرطة وممتلكات أفرادها وذويهم، في حين تتزايد الاعتقالات في صفوف الشباب - أكثر من 47 ألف شخص، حسب التسنسيقية المصرية للحقوق والحريات. ويرفع شباب الجماعة شعار "كل ما دون الرصاص فهو مباح"، الذي يدعو إلى القيام بخطوات تصعيدية تتضمن حرق مقرات وأقسام الشرطة، وقد تطورت إلى حرق مصالح حكومية وحافلات النقل العام ومحطات الكهرباء، وقطع طرق حيوية.

وبدأت التغيرات الهيكلية في جماعة الإخوان تظهر جليا في خطابات الجماعة وعلى الأحداث في مصر. أصدر سلامة عبد القوي، المتحدث باسم وزارة الأوقاف في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، فتوى في 10 كانون الثاني/يناير الجاري بأن "قتل الرئيس السيسي وكل ’القادة المجرمين‘ هي قربى إلى الله، وإن قُتِل الشخص وهو يحاول قتل السيسي فهو شهيد" حسب قوله. كما شهدت مصر اشتباكات حادة بين المتظاهرين نتج عنها مقتل 23 شخصا في منطقة المطرية شمال شرق القاهرة، وهي إحدى المناطق التي تشهد اشتباكات حادة بين الإخوان والأمن كل جمعة. قد يشكل ذلك خطراً على مصر وعلى جماعة الإخوان نفسها أن تنزلق الجماعة إلى العنف المؤدلج والمؤسسي، وبالتالي فإنهم حينها سيعطون النظام فرصة لاتهام الجماعة بأنها تقف خلف كل الهجمات الإرهابية السابقة.

وفي ظل عدم وجود أي بوادر لإصلاح أجهزة الدولة وتحقيق العدالة، وتوسيع هامش الحرية، بات من الواضح أن الأزمة المصرية في طريقها للتعقيد أكثر مما هي معقدة حاليا. من الناحية الأخرى، طرح الرئيس السيسي التصالح مع الإخوان مقابل الاعتراف به وبشرعية 30 حزيران/يونيو، مؤكّداً أنه في حال تلبية هذه الشروط، سيتم الإفراج عن معظم أعضاء الجماعة الموجودين في السجون. وهو أمر يصعب على الجماعة القبول به، إذ ستجد نفسها في مأزق أمام قواعدها وسيلجأ عدد من شبابها إلى العنف الممنهج وتذوب الجماعة عند أفرادها ومؤيديها.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً