العدد 4537 - السبت 07 فبراير 2015م الموافق 17 ربيع الثاني 1436هـ

منهاج بيجين+20... تطلعات دولية للنهوض بالمرأة

منى عباس فضل comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

عطفاً على مقالتنا السابقة المنشورة الاثنين الماضي (2 فبراير 2015)، المتعلقة بالأسس التي ارتكز عليها «إعلان ومنهاج بيجين»، لابد من التنويه إلى أن الحكومات التي اجتمعت في المؤتمر العالمي المعني بالمرأة الذي عقد في بيجين من 4 - 15 سبتمبر/ أيلول 1995 وصدرت عنه وثيقة «إعلان ومنهاج بيجين»، قد تعهدت الحكومات المجتمعة على مضاعفة الجهود والإجراءات الرامية إلى تحقيق أهداف استراتيجيات نيروبي التطلعية للنهوض بالمرأة بنهاية القرن الحالي؛ وكذا ضمان تمتع المرأة والطفلة تمتعاً كاملاً بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، واتخاذ تدابير فعالة ضد انتهاك هذه الحقوق والحريات؛ فما الذي يعنيه ذلك؟

يعني، وحسب تعهدات الحكومات، بأنها ستتخذ جميع التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والطفلة، وإزالة جميع العقبات التي تعترض تحقيق المساواة بين الجنسين والنهوض بالمرأة وتمكينها؛ وقد اتضح ذلك من خلال أمرين مهمين أشارت إليهما الوثيقة:

الأول: تشجيع الرجال على المشاركة الكاملة في جميع الإجراءات الرامية إلى تحقيق المساواة.

والثاني: تعزيز الاستقلال الاقتصادي للمرأة، بما في ذلك توفير فرص العمل لها، والقضاء على عبء الفقر المستمر والمتزايد الواقع على المرأة من خلال معالجة الأسباب الهيكلية له، عن طريق إجراء تغييرات في الهياكل الاقتصادية وضمان تحقيق المساواة في وصول جميع النساء، بمن فيهم النساء الريفيات باعتبارهن من الأطراف الحيوية في عملية التنمية، إلى الموارد الإنتاجية والفرص والخدمات العامة.

إن تحقيق الغايات بتمكين النساء يتطلب تعزيز التنمية المستدامة المرتكزة على البشر، وعلى النمو الاقتصادي المطرد من خلال توفير التعليم الأساسي والمستمر مدى الحياة ومحو الأمية، وضمان التدريب والرعاية الصحية الأولية للفتيات والنساء؛ فضلاً عن اتخاذ خطوات إيجابية تكفل السلام من أجل النهوض بالمرأة والسعي الحثيث، اعترافاً بالدور الرائد الذي تؤديه في حركة السلم.

أما لجهة التحديات التي تعترض تقدم النساء فهي عديدة، إذ أشار الإعلان إلى أهمها والمتعلق بضرورة منع جميع أشكال العنف الموجّه ضد المرأة والفتاة والقضاء عليه، وضمان المساواة بين المرأة والرجل في الحصول على التعليم والرعاية الصحية، وفي معاملتهما بالتساوي في هذين المجالين، وتحسين الصحة الجنسية والإنجابية للمرأة، وما تحصل عليه من تعليم. والأهم من هذا وذاك تعزيز جميع حقوق الإنسان للمرأة والفتاة وحمايتها؛ ومضاعفة الجهود لضمان تمتع جميع النساء والفتيات اللاتي يواجهن عقبات متعددة تحول دون تمكينهن والنهوض بهن بسبب عوامل مثل الأصل العرقي أو السن أو اللغة أو الانتماء الإثني أو الثقافة أو الدين أو الإعاقة، أو لكونهن من السكان الأصليين، تمتعاً كاملاً بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية؛ وضمان احترام القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني، من أجل توفير الحماية للمرأة والفتاة بوجه خاص؛ فضلاً عن تنمية الإمكانات القصوى للفتيات والنساء في جميع الأعمار، وضمان مشاركتهن الكاملة على قدم المساواة في بناء عالم أفضل للجميع، وتعزيز دورهن في عملية التنمية.

ثمة أمور لا تقل أهميةً تناولها «منهاج بيجين» لها علاقة بضمان وصول المرأة على قدم المساواة إلى الموارد الاقتصادية «الأرض، الائتمان، العلم والتكنولوجيا، التدريب المهني، المعلومات، الاتصالات، الأسواق»، واعتبرها وسيلةً لزيادة النهوض بها وتمكينها، بيد إنه أكّد بأن ضمان نجاح منهاج العمل يتطلب التزاماً قوياً من جانب الحكومات والمنظمات والمؤسسات الدولية على جميع الصعد، خصوصاً أن التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وحماية البيئة هي في الأساس عناصر مترابطة يعزّز بعضها بعضاً في التنمية المستدامة التي تعتبر الإطار الذي يضم الجهود المبذولة للإرتقاء بحياة البشر، إضافةً إلى أن التنمية الاجتماعية المنصفة هي التي تؤمن تمكين الفقراء لاسيما النساء منهن، وتفسح المجال لهن باستغلال الموارد البيئية على نحو مستدام، وجميعها أسس ضرورية للتنمية المستدامة.

من القضايا التي تناولها «إعلان ومنهاج بيجين» وركز عليها مسألة النمو الاقتصادي المتواصل، كونه يمثل قاعدة عريضة في سياق التنمية المستدامة، كما إنه أمر لازم لاستدامة التنمية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية، ما يعني أن نجاح منهاج العمل للنهوض بالمرأة وتمكينها، يستوجب تعبئة كافية للموارد على الصعيدين الوطني والدولي، وتوفير موارد جديدة وإضافية للبلدان النامية، ومالية أيضاً تعزّز من قدرة المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية وتحفزها باتجاه الالتزام بالمساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والمسئوليات والفرص، بمشاركتهما على قدم المساواة في جميع الهيئات الوطنية والإقليمية والدولية وعمليات رسم السياسات وإنشاء أو تعزيز آليات المساءلة على جميع الصعد أمام نساء العالم.

في الختام يشير «منهاج بيجين» إلى أهمية ضمان نجاح منهاج العمل في البلدان التي تمر اقتصادياتها بمرحلة انتقالية، الأمر الذي يقتضي استمرار التعاون معها وتقديم المساعدة لها على الصعيد الدولي. كما نوّه ممثلو الحكومات في المؤتمر «بأنهم يعتمدون منهاج العمل ويلتزمون بتنفيذ ما ورد فيه وبما يكفل مراعاة الجنسين في جميع سياساتهم وبرامجهم». وناشدوا من خلال المؤتمر الذي وضع الحجر الأساس للاجتماعات اللاحقة (بيجن+5، بيجن+10، بيجين+15، بيجين+20)، ناشدوا منظومة الأمم المتحدة، والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية، وسائر المؤسسات الإقليمية والدولية ذات الصلة، والنساء والرجال كافة، وكذا المنظمات غير الحكومية والمستقلة وجميع قطاعات المجتمع المدني، للتعاون مع الحكومات على الالتزام الكامل بمنهاج العمل السابق والمساهمة في تنفيذه. فما الذي تحقق من مفهوم تمكين المرأة بعد هذه السنوات؟ وهل حققت إنجازات الدول من خلال استراتيجياتها وبرامجها الإنمائية ما يمكن اعتباره نهوضاً حقيقياً للمرأة في جميع المجالات؟ ...كلها أسئلة مشروعة تحتاج إلى إجابات.

إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"

العدد 4537 - السبت 07 فبراير 2015م الموافق 17 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:35 م

      سؤال مشروع

      هل المجلس الأعلى للمراه كجهه معنيه يعمل في هذا الإطار وضمن هذا المفهوم ؟

اقرأ ايضاً