العدد 4544 - السبت 14 فبراير 2015م الموافق 24 ربيع الثاني 1436هـ

مرتكزات التقرير الموحد حول إعلان بيجين +20

منى عباس فضل comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

في إطار استعراضات الدول لمناقشة تقاريرها الوطنية للتقدم المحرز في تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد مرور عشرين عاماً، عُقدت فعاليات وسلسلة أنشطة مهمة، أبرزها ورشة عمل عقدتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الأسكوا) بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة-المكتب الإقليمي للدول العربية، وجامعة الدول العربية، العام الماضي في الأردن، وذلك بهدف مناقشة هيكلية التقارير الوطنية ومضمونها من أبواب مقترحة ومرفقات، فضلاً عن مؤتمر القاهرة الذي عقد أول فبراير/شباط 2015، حيث سردت فيه 21 دولة عربية إنجازاتها للنهوض بحقوق المرأة تحت شعار «نحو العدالة والمساواة للنساء في المنطقة العربية».

كلا الفعاليتين تمت بمشاركة كل من الأردن والإمارات والبحرين والسعودية وسلطنة عمان والكويت واليمن وتونس وسورية والسودان والعراق وفلسطين ولبنان ومصر وليبيا وجزر القمر، لمراجعة وسرد ما تم إنجازه منذ اعتماد إعلان ومنهاج عمل ببجين في 2005 و2010، وربطه بالاستعراض الحالي وبما له صلة بالتقارير الوطنية المتعلقة أيضاً بالأهداف الإنمائية للألفية ودراسات استقصائية في إطار المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، وتقارير «اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة» وغيرها.

كما نوقشت تحضيرات إعداد التقرير العربي الموحد حول بيجين+20، والأخير بالطبع يستند إلى مضامين تقارير البلدان العربية ويشكل جزءًا من التقرير العالمي المزمع تقديمه إلى الجمعية العامة، وإلى لجنة وضع المرأة في دورتها التاسعة والخمسين من قبل الأمين العام للأمم المتحدة خلال 2015.

إعداد التقارير الوطنية

في مناقشات ورشة عمّان بالأردن، تم اعتماد منهجية تشاركية استشارية شاملة لإعداد التقارير الوطنية، المنهجية ترتكز على التنفيذ كما تشتمل على تقييمات ملموسة ومعتمدة على بيانات كمية ونوعية، وأبواب مختلفة تعتمد على مصادر موثوقة ومعتمدة للبيانات والإحصاءات.

وحسب المنهجية الوصفية التحليلية للتقارير الوطنية، فهي تنقسم إلى أربعة أبواب، الأول يحتوى على تحليل عام لأهم وأبرز الانجازات المتحققة والتحديات التي تم مواجهتها منذ العام 1995، لاسيما لجهة المعلومات والبيانات المتعلقة بأهم إنجازات الدول في تعزيز المساواة بين الجنسين وما واجهتها من تحديات ونكسات، فضلاً عن بيانات بالقوانين والتشريعات المتعلقة بالمرأة والتي استحدثتها أو عدّلتها، كمناهضة الاغتصاب أو العنف الأسري أو غيرها.

إضافةً إلى الجهود ذات العلاقة بالميزانيات التي تراعي النوع الاجتماعي، والجهود التنسيقية بين الهيئات الحكومية والأطراف المعنية بالأهداف الإنمائية لتعزيز مساواة الجنسين، علماً بأن بيانات الباب الأول تأخذ بعداً تحليلياً مدعّماً بالأدلة والإحصائية الملموسة.

في هذا الصدد أثيرت المناقشات حول الفرق بين عبارة «تحديات» و»نكسات» التي بيّنتها المذكرات التوضيحية بشأن إعداد التقارير، فجاء الرد بأن «النكسات تشير إلى مكتسبات تحققت للمرأة وتم التراجع عنها بسبب المتغيرات السياسية أو الاقتصادية التي طرأت في المجتمعات»، ومن أمثلتها القوانين المتعلقة بنظام «الكوتا» للتمثيل السياسي للمرأة التي تم إلغاؤها بسبب المتغيرات السياسية كما حدث في مصر وغيرها من قوانين.

أما الباب الثاني فيتناول التقدّم المحرز في مجالات الاهتمام الحاسمة بمنهاج العمل منذ العام 2009، والأهداف الاستراتيجية لكلّ مجالٍ مع ذكر مجموعةٍ من المؤشرات النوعيّة والكمية الخاصة برصد التقدم المحرز في تنفيذ كل مجال منها، وعددها اثنا عشر، في كل من «مجال المرأة والفقر، مجال تعليم المرأة وتدريبيها، مجال المرأة والصحة، العنف ضد المرأة، المرأة والنزاع المسلح، مجال المرأة والاقتصاد، مجال المرأة في مواقع السلطة وصنع القرار، مجال الآليات المؤسسية للنهوض بالمرأة، مجال حقوق الإنسان للمرأة، مجال المرأة والإعلام، مجال المرأة والبيئة، مجال الطفلة»، إضافةً إلى تقديم أمثلة حول مصادر المعلومات في مجالات معيّنة خصوصاً تلك التي تأثرت بالأزمة الماليّة في 2008 وتداعياتها في نطاق الأزمات العالميّة والإقليميّة الأخرى، والآثار المترتبة على التدابير المتخذة في هذا السياق على المرأة.

والباب الثالث يتضمن البيانات والإحصاءات لجهة المؤشرات الوطنية الأساسية الراصدة للتقدم المحرز في المساواة بين الجنسين، وذلك حسب المؤشرات المعنيّة والمؤشرات الدنيا التي وافقت عليها لجنة الأمم الاحصائية العام 2013؛ وكذلك المؤشرات التسعة المحدّدة المتعلقة بالعنف ضد المرأة، واستناداً إلى مفاهيم النوع الاجتماعي النظرية ومؤشراتها وبياناتها الإحصائية، وتبيان أهميتها وطرق إنتاج البيانات الإحصائية.

كذلك توضح التقارير الوطنية الصعوبات التي اعترضت عملية جمع البيانات، وفي الباب الرابع منه يحتوى التقرير على الأولويات الناشئة في البلد وتحليل احتمالية تأثيرها وانعكاساتها خلال السنوات القادمة على تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين، فضلاً عن قائمةٍ للمراجع وأخرى للمرفقات.

مؤتمر القاهرة للتقرير الموحد

بالنسبة للمؤتمر الذي عقد في فبراير/شباط الجاري بالقاهرة، فقد ركز على تجديد الالتزام بتحقيق المساواة بين الجنسين وفق «إعلان منهاج بيجين» باعتماد وثيقة نهائية تتمثل في «التقرير العربي الموحد» المشار إليه سابقاً، ومنه تحديد أولويات العمل في ظل التحولات الإقليمية الراهنة.

التقرير العربي الموحد يتضمن أيضاً مؤشرات وبيانات الدول العربية الـ 21، التي شاركت في المؤتمر، إذ يوضح جهودها في إدراج مفهوم «تمكين المرأة» ضمن أهداف برامج التنمية المستدامة، لاسيما وأن النساء العربيات قد لعبن دوراً كبيراً في التحولات التي مرت بها المجتمعات العربية. بيد إنه وعلى رغم المتحقّق من إنجازات في مجالات التعليم والصحة وتشكيل آليات مؤسساتية وطنية ذات اختصاص بقضايا المرأة وحقوقها التي تصدرت الأجندات الوطنية والاستراتيجيات، إلا إنها –أي المرأة العربية- لاتزال تعاني من الفقر والتهميش والبطالة وضعف مشاركتها في عملية الإنتاج وفي صنع القرار، مقارنةً بالمجتمعات الأخرى. إضافةً إلى ما يُمارس عليها من عنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي مناطق الحروب والنزاعات كسورية والعراق وليبيا وغيرها.

لاشك أن ظروف البلدان العربية التي تضمنها التقرير الموحد تعكس تفاوتاً في طبيعة أوضاعها السياسية والاقتصادية، خصوصاً لجهة الدخل القومي، حيث أن بعضها مرتفع الدخل والآخر متوسط استطاع عبره تحقيق تقدم بتوفير خدمات متنوعة وأساسية للمرأة في مجالات الصحة والتعليم والسكن والقروض الصغيرة، فأحدث تحسناً ملموساً في مستوى صحة المرأة وتعليمها مقارنةً بالدول ذات الدخل المتدني. إلا أن ذلك لا يمنع من القول أن أغلب الدول العربية تواجه تحديات مشتركة تتعلق بوضع انخفاض مشاركة المرأة الاقتصادية والسياسية والعنف الواقع عليها والممارس ضدها.

خلاصة الأمر أن التحديات تشكل عائقاً جوهرياً أمام جهود التنمية ووضع الخطط والاسترايتجيات المستقبلية، وأهمها يتمثل في توجيه عملية التمويل نحو التنمية عوضاً عن التمويل المخصّص للتسلح، إضافةً إلى أولوية سن قوانين وتشريعات مساندة للمرأة، وتوفير إحصاءات تتعلق بمجالات الاهتمام الـ 12 التي سبق أن أشرنا إليها، خصوصاً مع غياب المؤشرات الوطنية لقياس التقدّم المحرز، فيما يتعلق بظاهرة العنف الواقع على المرأة بأنواعه المنزلي أو في الفضاء العام، أو تجاه الناشطات في مجال حقوق الإنسان أو ضد العمالة المهاجرة وغيره مما يتعلق بتمكين النساء.

إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"

العدد 4544 - السبت 14 فبراير 2015م الموافق 24 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً