العدد 4545 - الأحد 15 فبراير 2015م الموافق 25 ربيع الثاني 1436هـ

مع الاعتذار للأخوين الأكبر والأصغر

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

نقف على برامج للأخ الأكبر. رواية أيضاً تبحث وتشرح «الأخ الأكبر» ضمن مفاهيم وتفصيل متشعّب يصل إلى العميق من الأمور السياسية ساعة النظر إليها، لكننا لم نقف على الأخت الكبرى في كل ذلك. البرامج والرواية لم ينتجا ويصدرا في الشرق، حيث التمييز والعار الذي ينظر إلى المرأة بارتياح ضمير. العملان أنتجا في الغرب، حيث الحرية المطلقة في ما يدمر الروح في كثير من التناولات والتشريعات. لا أخت كبرى هناك كما هو الحال هنا. تلاقي في ذلك التمييز والإقصاء والاحتقار أيضاً.

كيف لنا أن نتصور صورة الأخت الكبرى في سطوة وهيمنة وانتزاع قرار واستلاب إرادة وتغيب خيار؟ هل يمكننا أن ننسجم مع صورتها التي تقدم بكل تلك التفاصيل نحن أبناء الشرق الذين وضعنا المرأة تحت الوصاية ومصادرة خيارها.

لنتخيل الأمر، في الجانب السياسي الذي ذهبت إليه الأعمال الروائية في تناولها للرجل، بعنفه وصلفه وجبروته ودمويته أيضاً، باستلابه لخيار المماثل والمطابق له. لا تستقيم ولن تستقيم لدينا مثل تلك الصورة حتى على مستوى التخيل في بلدان مكانة المرأة فيها لا تتعدى الترويج والاستهلاك العالمي وما يُراد تقديمه إلى العالم في طريقة التعامل معها، وهي صورة كاذبة زائفة لا علاقة لها بواقع النظر والتعامل مع المرأة.

لنتخيل الأمر بعيداً عن ذلك. هل هي بتلك السطوة في جانبها اليسير والذي لا يذكر أصلاً؟

لن نتخيلها في حدودنا الخاصة وأمكنتنا وبيوتنا. هل تنال حظاً من اليسير من ذلك؟ هل يمكن لها أن تكون رقماً مهماً وصعباً في كثير من قراراتنا وخياراتنا؟ لنطرح التساؤل بهذه الصيغة: هل هي رقم صعب بحيث لا يتم مصادرة حقها في القرار والخيار؟

الأخت الكبرى كي يكون لها ذلك الدور والحق في الخيار يحتاج إلى إعادة النظر في القيم التي اطمأنت لها مجتمعاتنا بتهميشها وإهمالها ووضعها في ما بعد الهامش، والتفنن براحة ضمير مع التدرج السريع في نفيها وتجريدها من أبسط الحقوق التي يمكن من خلالها الاستدلال على آدميتها وإنسانيتها وطاقاتها والدور الذي يمكن أن تقوم به وتلعبه.

لا نريد، ومجتمعاتنا لا تريد أن تتذكر ذلك أو يترسخ في ذهنها وقناعاتها، لأن في ذلك كشفاً وتعرية لقرون من هيمنة الأخ الأكبر وإن كان دوره أصغر وأحياناً لا يمكن رؤيته بالعين المجردة.

لا مكان للأخت الكبرى، على رغم انفتاح بعض المجتمعات وعلى رغم ما نالته المرأة فيها من مكانة لا تتناسب وما تطمح إليه؛ لأن فيه تهديداً للأخ الذي يصر كثيرون على أن يكون كبيراً ولو كان دون ذلك بمراحل. تلك حقيقة نحاول الهروب منها ونفشل بالكذب والهروب بمنطق غامض يجيد الالتفاف والدوران والتورية. كل ذلك لا يخلق طمأنينة ولا يكرس حقيقة ولا يحمي مجتمعاتنا من تلك الروح الانتهازية والتمييزية التي تهمش ما يتجاوز نصف مجتمعاتنا عدداً ونصفها في قدرتها على الإنجاز والفعل المدهش من دون أن تحتاج إلى برنامج يقدمها كأخت كبرى مقابل برنامج الأخ الأكبر، مادامت تنجز في تفاصيل حياتنا وبيوتنا ومؤسساتنا ما يتجاوز برامج نصفها مخصص لفقرات إعلانية هي أهم بكثير مما يقدمه الأخ الأكبر في تلك البرامج. مع الاعتذار للأخوين الأكبر والأصغر!.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4545 - الأحد 15 فبراير 2015م الموافق 25 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً