العدد 4558 - السبت 28 فبراير 2015م الموافق 09 جمادى الأولى 1436هـ

المغولية الجديدة... من حرق المكتبات إلى تدمير المتاحف

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد تقديم مجموعة من عروض القتل المتنوعة، التي راح ضحيتها آلاف العراقيين والسوريين، و21 مصرياً قبطياً وطيار أردني واحد، قدمت «داعش» عرضها الأخير بتدمير متحف الموصل.

المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا، قالت إنني «صُدمت بشدة عندما شاهدت الشريط المصوّر الذي يبيّن تدمير التماثيل والقطع الأثرية في متحف الموصل. وإنني أدين هذا الفعل باعتباره هجوماً متعمداً تعرّض له تاريخ وثقافة العراق اللذان يعودان إلى آلاف السنين».

بوكوفا برلمانية وسياسية بلغارية، تتكلم الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية، وكانت منسقة لعلاقات بلادها الخارجية مع الاتحاد الأوروبي، وشغلت منصب وزير الخارجية، قبل انتخابها أميناً عاماً لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) في 1999. وهذا هو رأيها وانطباعها بخصوص ما أقدمت عليه «داعش» من تدمير متحف واحدةٍ من أقدم وأعرق المدن التاريخية في العراق.

الجماعة التي أقدمت على هذا العمل ليس لديها مشروع، ولا رؤية ولا ثقافة، وكل ما لديها هو الهدم والحرق والقتل والتدمير. ولم يكن مفاجئاً أنها استهلت الأسبوع الماضي بتدمير مكتبات الموصل وحرق آلاف الكتب والمخطوطات، كما فعل أسلافها المغول في مكتبات بغداد، وأنهته بتدمير المتحف الذي يحتوي على الأعمال الأثرية التي تعود لآلاف السنين.

إنها نسخةٌ جديدةٌ من الموجة المغولية التي اجتاحت الشرق قبل ثمانية قرون، بقيادة جنكيزخان، ولم يكن لها من مشروع غير اجتياح المدن وقتل الآلاف للحصول على الغنائم والأسلاب. والفارق أن القبائل المغولية الوثنية القادمة من صحراء التبت، بعدما انتهت من القتل والحرق والنهب، وسيطرت على الشرق، دخلت الإسلام بعدما أسلم بعض ملوكهم حين جالسوا بعض علماء المسلمين. أما «داعش» فيجتاحون منطقة أغلب سكانها من المسلمين، ويخيّرونهم بين مبايعة أميرهم أو السيف، أما الأقليات الأخرى فعليهم أن يُسلموا أو يدفعوا الجزية أو ينتظروا القتل. لقد جاءت إلى مهد الحضارات القديمة، الآشورية والسومرية والأكدية، وبلد الأنبياء والأئمة الكبار وقاعدة الفتوحات، لتعلّم الشعب العراقي بالإسلام الذي يجهله!

هذه الجماعة التي تبدو خارجةً من غبار التاريخ، تريد إخضاع ملايين البشر في المنطقة لأفكارها المتطرفة ونموذجها الدموي، وتهدّد باجتياح الدول الأخرى المجاورة دون مواربة. حتى الدولة التي ساعدتها وسهّلت وصول ثمانين في المئة من مقاتليها وأسلحتها إلى داخل سورية والعراق، هدّدت رئيسها (رجب طيب أردوغان) بالذبح.

هذه المنظمة الإرهابية جسدٌ ضخمٌ، يتحرك في قاعدته ووسطه أكثر من 120 ألف مقاتل، أما قمة الهرم فيتربع عليها العقل الأميركي البريطاني المدبّر. كل هؤلاء جيء بهم براً وبحراً وجواً، من 90 دولة عبر العالم، من مختلف القارات، حتى من أستراليا والدول الإسكندنافية، لتنفيذ سياسات الدول الكبرى، وأغلبهم لا يدركون أنهم وقود الفتن وحطب جهنم في العراق والشام.

هذه الجماعة من شذّاذ الآفاق، التي وصفها شيخ الأزهر والمفتي العام للمملكة العربية السعودية بـ «الفئة الضالة» و «خوارج العصر»، سيخرج من يدافع عنها، ويبرّر فعلتها الأخيرة، رغم أنه لم يعد أحدٌ من الخليج إلى المحيط، من يخطر بباله أن يعبد تمثالاً، أو يتخذ صنماً، حتى يُقدِم هؤلاء على تحطيم هذه المعالم والكنوز الأثرية التي يدرسها طلبة قسم الآثار في الجامعات.

لقد بقيت هذه الآثار والكنائس والمعابد كما كانت لم يمسسها سوء، رغم تغيّر الحكّام وتعاقب الدول، منذ القرن الهجري الأول... حتى وقعت غزوة الموصل المشئومة في يونيو/ حزيران 2014. في الشام احترم الخليفة عمر بن الخطاب (رض) الوجود الحضاري والبشري المتنوع، حين دخل المسلمون القدس، ووقّع مع النصارى «العهدة العُمَرية». وفي العراق حيث عاش علي بن أبي طالب (ع) خمس سنوات، وحيث تروى الكثير من القصص عن عدله وحسن تعامله مع اليهود والنصارى، حتى أدخلهم في نظام الضمان الاجتماعي. وفي آخر الزمان تأتي هذه الجماعة المنحرفة لتعلّم المسلمين الإسلام!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4558 - السبت 28 فبراير 2015م الموافق 09 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:51 ص

      هادى

      هادى اعمال الشيطان الاكبر وحلفائها واعمال اليهوود يريدوون ان يدمروا الاسلام لكن نقول اليهم هيهات دين الله باقن رغم انوفكم ولن تقدروا تمحوه المشتكى لله

    • زائر 3 | 11:30 م

      قالوا لكم من البداية

      انهم ثوار عشائر عربية

    • زائر 1 | 11:18 م

      ابحث عن جذورهم الفكرية

      لتعرف ان هذه مجرد نتائج طبيعية لما زرعوه

اقرأ ايضاً