العدد 4559 - الأحد 01 مارس 2015م الموافق 10 جمادى الأولى 1436هـ

الأيام السبعة للإيرانيين والأميركيين

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نووياً، يبدو أن الأيام السبعة الماضية ستُشكِّل (أو ربما شكَّلت) وجه هذا العام! أيامٌ أشبه باللمسات، التي يلجأ إليها الفنان كي يزيد من وضوح لوحته. كيف؟ إن تتبع التصريحات والمواقف الثنائية والإقليمية والدولية للطرفين يؤشر إلى أن شيئاً ما قد تحقق في المفاوضات التي تجري بين إيران والدول الست: (أميركا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا).

دعونا نرسم خارطة ذهنية لما جرى خلال أسبوع مضى من الآن. لنفترض أن الاتفاق هو نقطة الوسط في منطقة تمر عليها جهات أربع. وبين الجهة والأخرى توجد مجموعة من المؤشرات الضاغطة نحو تلك النقطة. جهة إيرانية، وجهة أميركية، وجهة رديفة، وجهة إسرائيلية.

الجهة الإيرانية قالت بأن «المفاوضات النووية تقترب من مراحلها الحساسة» (وزير الخارجية ظريف)؛ وأن «خطوات جيدة قد اتُخذت في المفاوضات النووية» (رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية صالحي)؛ مع مشاركة مفاجأة لمساعد الرئيس الإيراني حسين فريدون في الجولة الأخيرة من المفاوضات.

الجهة الأميركية قالت بأن «إيران نفّذت التزاماتها تماماً في القسم الأول من الاتفاق» (وزير الخارجية كيري)؛ وأن «العالم سيدعم الاتفاق النووي مع إيران» (مساعدة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان)؛ وأن المفاوضات «أحرزت تقدماً كبيراً» (مسئول أميركي لـ «رويترز»)؛ مع وجود مشروع في الكونجرس يقضي بمراجعة الاتفاق النووي مع إيران قبل خمسة أيام من إبرامه.

الجهة الرديفة، والمتمثلة في دول أوروبية خارج الدول الست كإيطاليا مثلاً، وتقوم بدور داعم عبر استثمار علاقاتها الثنائية مع إيران، قالت بأن «أهمية التوصل إلى اتفاق حول النووي الإيراني هي أهمية عالمية» (وزير الخارجية الايطالي جينتيلوني)؛ وأن هناك أهمية للاتفاق الذي «سينتج عن المفاوضات التي ستجري قريباً بين إيران و الدول الست».

الجهة الإسرائيلية قالت بأن «اتفاق إيران والدول الست خطير على إسرائيل ودول أخرى بالمنطقة»؛ و»بموجب المشروع الذي يتم إعداده هناك سبب يدعو إلى القلق، ويبدو أن القوى العظمى توصلت إلى اتفاق مع إيران» (رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو). يضاف إلى تلك التصريحات الاجتماع الخاص الذي جمع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي يوسي كوهين برئيسة الوفد الأميركي في المفاوضات النووية مع إيران شيرمان.

هنا، وعند قراءة كل هذه المواقف (والعين باتجاه نقطة الوسط حيث الاتفاق المؤمّل) التي تأتي كلها دافعة نحوه، يمكن للمحلل أن يرى ما كان غامضاً في السابق. فالذي يظهر أن شيئاً ما سيحدث في شهر مارس/ آذار، حيث السنة الإيرانية الجديدة. لا نعلم ماذا قدَّم الإيرانيون والأميركيون من تنازلات، لكن الذي يبدو أن الجانبين قدَّما ما يُشجِّع على التوقيع.

النقطة التي توصَّل إليها الجانبان لا يبدو أنها كانت ذات النقطة التي رَغب فيها الإسرائيليون، ولا هي النقطة ذاتها التي أرادها الفرنسيون كأكثر طرف متشدد في المفاوضات، وبالتالي يبقى التساؤل قائماً حول مصير الأشياء التي كانت الأطراف المتشددة متخوفةً منها كالتخصيب ومفاعل «أراك» ومنشأة «فردو» والصواريخ الباليستية.

وربما كان لافتاً الحديث الذي قاله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره الإيطالي جينتيلوني في طهران قبل أيام، من أن جهود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحيلولة دون التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران «غير مثمرة»! هذا الحديث يعطي دلالة على أن الإيرانيين باتوا متيقنين من ضعف التأثير (أيّ تأثير) على إبرام اتفاق متوقع.

فنياً، دفعت إيران برئيس منظمتها للطاقة الذرية علي أكبر صالحي كي يجتمع بأستاذه السابق في الفيزياء النووية وزير الطاقة الأميركي أرنست مونيز، كي يتناقشا حول قضايا نووية حسّاسة. حصل ذلك، وخرج صالحي للصحافيين ليعلن أن عديداً من القضايا الفنية الحسّاسة قد حُلَّت مع الجانب الأميركي.

أين كانت الحلحلة الفنية التي قصدها الوزير صالحي: هل في الوقود النووي، أم في المفاعل نفسه، أم في النيوترون أم في قضبان الامتصاص، أم في محرك الحرارة العالية، أم في نظام البخار أم التوليد الكهروذري، أم في نظام التكثيف المائي أم الوقائي أم الاحتواء أم المراقبة أم التخزين أم في غيرها من المعالجات النووية التي نجهلها ويعلمها المختصون؟

هناك تساؤل أهم من كل ذلك، وهو المتعلق بنشاط مجلسَيْ الشيوخ والنواب الأميركيَّيْن حول الملف النووي الإيراني. فلأول مرة يتحدث الكونغرس عن مشروع قانون مُلزِم لمراجعة قرار مفترض أن يصدر بشأن صفقة مع إيران. ولأول مرة بات الحديث جهاراً حول مدة إلغاء أو تعليق العقوبات على إيران (لمدة 60 يوماً بعد التوصل لاتفاق) والتأكد من «إمكانية التقيّد ببنود الاتفاق على المدى البعيد». هذا أمر ذو دلالات واضحة.

حقيقة، لا أحد يعلم بالمدى الذي يمكن أن يتوصل إليه الجانبان، لكن وعلى تقدير ما يرشَح من هسهسات هنا وهناك، فإن الحد الأعلى لما يجري هو اتفاق، والحد الأدنى أيضاً هو اتفاق، مع تبدُّل في سقف الاتفاقيْن وظروفهما. فالطاولة يجب أن تبقى قائمة وليس شيئاً آخر. ليس هذا ما يتمناه الجانبان الإيراني والأميركي، بل هو ما يحتاجانه بالضرورة في هذه المرحلة.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 4559 - الأحد 01 مارس 2015م الموافق 10 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 5:35 ص

      صاحب العمود

      الأكثر دراية بما يدور خلف الكواليس السياسية وقارئ جيد لمستقبل المنطقة..

    • زائر 5 | 1:34 ص

      يستغرب المرء لماذا لاتسمح إيران لمحطاتها الكهربائية النووية بالتفتيش 0925

      هذا قانون دولي يطبق على جميع دول العالم ماعدا الدول الخمس المعروفة ماعدا البعض العاق المخالف كلكيان الصهيوني فيستغرب المرء من إيران لماذا تحمل شعبها العقوبات الاقتصادية وزيادة فقره أكثر فلماذا لاتطمن جيرانها والعالم اذا مافي غلط أو خوف الجيران أهم من معاناة شعبها نفس كوريا الشمالية

    • زائر 8 زائر 5 | 3:52 ص

      يعني

      والدول الخمس على قولتك حلال عليها وحرام على غيرها.والعلم من حق اي انسان يتعلمه والله سبحانه خاطب البشرية جمعاء وقال وما اوتيتم من العلم الا القلبل فمعناه ان العلم متاح الى الجميع بدليل ثاني يامعشر الجن والانس ان استطعتم ان تنفذو من اقطار السماوات والارض فانفذو لكن امريكا تبي تسيطر على العالم لذلك مومسموح الى احد يخترع او يصنع الا باذنها

    • زائر 9 زائر 5 | 4:54 ص

      العلم حق للجميع بس ليس بصناعة الأسلحة النووية المحرمة 1250

      الدول الكبرى الخمس اتفقت في ما بينها ودول العالم كذلك أن لا يصير سباق تسلح نووي بين دول العالم أجمع لأن بتاءجه مدمرة للجميع بس الاستعمال غير الحربي للطاقة الكهربائية مسموح للجميع بشرط التفتيش وهذا ملزم للجميع

    • زائر 4 | 11:44 م

      اتفاق ماكو

      لا امريكا بتصير ملاك ولا ايران تصير عبده مثل بعض الناس

    • زائر 3 | 11:39 م

      الهلالان

      هلال شيعي من إيران والعراق وحتى لبنان وهلال سني من تركيا إلى السعودية إلى مصر لو اندمجا لأصبحا قمراً منيراً!!

    • زائر 2 | 9:42 م

      تشكيل قوة عربية مبعثه القلق

      تحرك دبلوماسي عربي اشركت فيه تركيا لتشكيل جبهة ترقبا لما قد يسفر عنه اتفاق نووي ايراني غربي و الخشية استحقاقات مؤلمة على الانظمة العربية

اقرأ ايضاً