عقول غضة حملت على عاتقها هم المجتمع وقضاياه، أبت إلا أن تجد حلاً لحوادثه السلبية، متيقنة أن الحاجة أم الاختراع، مثيرة في نفسها فتيل الحماسة نحو بحوث وابتكارات إبداعية في طياتها خطى الإصلاح والتطوير والرقي بالفرد والمجتمع، وذلك وفق ما نقلت صحيفة الحياة اليوم الخميس (5 مارس / آذار 2015).

هذه المواهب الشابة الصغيرة احتضنها المهرجان السعودي للعلوم والإبداع الذي شهدته مدينة الرياض أخيراً، الذي نظمته مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) بالشراكة مع وزارة التعليم. ويأتي في عصر تحول المجتمع السعودي إلى مجتمع معرفي، متزامناً مع ارتفاع نسبة الوعي لديه بأهمية العلوم والمعرفة ونشر ثقافة الموهبة والإبداع والابتكار بين صفوف طلاب المراحل الدراسية وطالباتها.

واتسم الطابع العام للمهرجان، الذي كُرم فيه حوالى 72 طالباً وطالبة ممن تميزوا في مساري البحث العلمي الابتكار بالعلوم والتكنولوجيا بطريقة جاذبة مثيرة للتفكير والإبداع والمرح، من خلال مكوناته الثلاثة الرئيسة، وهي أولمبياد إبداع وإبهار العلوم وملتقى ومضات، فضلاً عن ورش العمل التفاعلية للبنين والبنات.

نوران القحطاني إحدى المشاركات من المرحلة الثانوية، قضت مضجعها قضية لمى الروقي التي توفيت إثر سقوطها في بئر مكشوفة وأضحت حديث المجتمع لأسابيع، والضحية الأخرى الطالب عبدالله الزهراني، وكذلك مصرع أب وابنه في خزان صرف صحي. كل ذلك قادها إلى ابتكار مشروع التحذير من الموت للحدّ من وقوع الأفراد في مثل هذه الأماكن. تقول عن فكرة ابتكارها: «استخدمت في مشروعي تقنية حديثة مكونة من مولّد كهربائي وآخر مولّد طاقة شمسية، مبينة أن هذا الجهاز يعمل حين يقترب الشخص من مكان الخطر، فيصدر صوتاً وإضاءة منذراً الآخرين بعدم الاقتراب، وأن ثمة خطراً في هذا المكان سواء كان حفرة أو بئراً أو خزان مياه أو حفرة صرف صحي»، مضيفة أن الجهاز سهل الاستخدام ويمكن تركيبه في أي مكان، في المنزل أو الشارع أو المزرعة، كاشفة أن ذوي الحاجات الخاصة «الكفيفين» تحديداً يمكن أن يستفيدوا منه أيضاً، لأنه يصدر صوتاً يمكّنهم من سماعه، بينما كلفته لا تتجاوز 1500 ريال (400 دولار).

فيما توصل عبدالرحمن باقازي إلى ابتكار «محبس الغاز الذكي» مستلهماً فكرته من الحريق الذي اندلع في جامعة الأميرة نورة في إحدى السنوات، ما أثر فيه وبزغت لديه فكرة ابتكاره مبيناً أن الجهاز يعمل من بُعد بواسطة الجوال وباستخدام الهندسة الكهربائية الميكانيكية.

يشرح باقازي فكرته قائلاً: «نستطيع من خلاله أن نتحكّم في إغلاق خزانات الغاز على اختلاف أحجامها من مسافة بعيدة درءاً لأخطار اندلاع الحرائق لا سمح الله بطريقة سهلة ميسرة».

أما ماريا الشهراني فعاشت معاناة مرض أمها التي تشكو من نقص حاد في الصفائح الدموية، وتقول: «بعد تعرّض أمي لهذا المرض، تطلّب معالجتها «بالكورتيزون». ومن المعروف أن هذا النوع من العلاج له أخطار وآثار جانبية، ففكرت حينها في البحث عن بديل. بحثت في المراجع والكتب وتوصلت إلى فوائد عشبة تعالج أمراض كثيرة ولا يترتب عليها أي أضرار». وزادت: «لاحظت أن كثراً لا يعرفونها على رغم أنها تعتبر كورتيزوناً طبيعياً وتسمّى العرقسوس. واستطعت من خلالها معالجة والدتي، إذ زاد معدّل عدد الصفائح الدموية لديها بعد معاناتها من النقص الشديد».

وذكرت الشهراني أن دكتور الطب البديل عبدالرحمن الزينو دعمها وشجعها في بحثها، الذي حمل عنوان «سأستبدلك أيها الكيميائي».

أما الصغيرة ود العمري التي لم تتجاوز الـ12سنة، فكان يؤرقها خوف والدتها من حدوث التماس أو حريق إثر وجود أجهزة الجوال لأفراد عائلتها في الشاحن لساعات طويلة، ما دفعها إلى البحث عن شيء يبعث في نفس والدتها الشعور بالأمان والاطمئنان. فتوصّلت «إلى ابتكار المقبس الذكي الذي يتوقّف تلقائياً عن التيار الكهربائي بانتهاء الزمن المحدد له في الموقت للأجهزة كلها، ومن بينها شحن الجوال الذي لا يستغني الجميع عنه في كل وقت وحين». وأضافت: «بهذا المقبس يستطيع الشخص أن يوصل جهازه بالشاحن ويحدد الوقت ويخلد إلى النوم وهو مطمئن لأن التيار الكهربائي سينفصل تلقائياً بمجرّد انتهاء الوقت اللازم للشحن».

واشتركت كل من أشواق المطيري وربا الرشيدي في بحث بعنوان «التربة الانتفاخية»، إذ لاحظتا أن مناطق في السعودية تمتاز بتربة أراضيها المنتفخة، بمعنى أن يظهر على سطحها الانكماش أو التمدد مثل ما يوجد في منطقة الرياض والمدينة المنورة والمنطقة الشرقية بنسب ربما تؤدي إلى كوارث طبيعية قد تتسبب في انهيار مبانٍ، وفق قولهما، ما دفعهما إلى استخدام مادة كيميائية تسمى «كونبيكسترا إي بي 10» تحقن في التربة وتساعد على انخفاض في ارتفاعها وتصبح صالحة للإعمار والسكن.