العدد 4581 - الإثنين 23 مارس 2015م الموافق 02 جمادى الآخرة 1436هـ

وقفة تضامنية مع شريف

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

طرحت الوقفة التضامنية التي شاركت فيها شخصيات سياسية وحقوقية للإفراج عن الأمين العام السابق لجمعية «وعد» إبراهيم شريف، إشكاليةً إنسانيةً وحقوقيةً مهمة، بخصوص إطلاق سراح السجين السياسي بعد انقضاء ثلاثة أرباع فترة محكوميته.

هذا العرف معمولٌ به في الكثير من بلدان العالم المتقدم وغير المتقدم، وينطلق من رؤيةٍ حضارية متقدمة، تراعي التخفيف من معاناة الإنسان وعذاباته في المقام الأول؛ وأن عقوبة السجن لا تهدف لتحطيم الإنسان وإنهاكه جسدياً ومعنوياً. كما تأخذ في الاعتبار دواعي حسن المعاملة وتهيئة السجين على وجه العموم، لاستئناف حياته الطبيعية والانخراط في كسب معيشته بعد إطلاق سراحه، فلا يكون مشلولاً عاجزاً وعالةً على الآخرين.

هذا التقليد كان معمولاً به حتى السبعينيات، ولكن الأمر تغيّر منذ مطلع الثمانينيات، حيث لم يعد خاضعاً للمعايير القانونية، وإنّما تدخلت فيه امور اخرى، حتى توقف تطبيقه على السجناء السياسيين.

المحامية جليلة السيد أشارت في كلمتها في الأمسية التضامنية مع إبراهيم شريف، بمناسبة قضاء ثلاثة أرباع محكوميته، إلى أنه «في الوقت الذي ينتفع مئات السجناء الجنائيين من هذا الحق (المكتسب) كل عام، فإن السجناء السياسيين يُحرمون منه، وفي ذلك غاية الإجحاف»، مع أنهم أحقّ به، حيث تنحصر أغلب تهمهم في قضايا سياسية خلافية، وأغلبها تصنّف دولياً ضمن حرية الرأي، والمنظمات الحقوقية الدولية تصنّفهم في تقاريرها السنوية كسجناء ضمير.

المحامي حسن رضي تحدّث عن شريف، الذي كان مرشحاً ليكون رئيساً تنفيذياً لأحد البنوك، وطُلب منه أن يبلّغه بذلك بشرط أن يترك عمله السياسي فرفض العرض. وقال: «عرفته في حركة النضال وفي السجن، ونقل لي موكلي الشيخ عبدالجليل المقداد أنه لم يكن حزيناً لوجوده في السجن وإنما لوجود رجل شريف مثل إبراهيم». وأضاف: «كان شريف من أنقى وأصدق وأرقى الناس، وهو محبٌ للناس».

من «الوفاق» تحدّث عبدالجليل خليل متسائلاً»: «هل يستحق رجلٌ بهذه القامة الكبيرة لأن يكون خلف القضبان بلا أي ذنب؟». وذكّر بأن شريف طالب بدولة مدنية خالية من الفساد، والمساواة بين المواطنين. وختم بسؤال: «اتهاماتٌ، وآلاف السجناء، مؤامرةٌ تتلوها مؤامرة، وجيلٌ يتلوه جيلٌ في السجون... أما آن لهذا الوطن أن يستريح»؟.

الأمين العام لـ «التجمع القومي» حسن العالي قال «إن شريف وزملاءه سجناء رأي، وكلنا عايشنا تلك الفترة، وكنا نناضل نضالاً سلمياً وسوف يتواصل هذا النضال حتى تتحقق مطالبنا الوطنية». وأضاف: «لقد نقل شريف النضال الوطني إلى مرحلة جديدة، لما تمتع به من خبرة عميقة اقتصادية وسياسية، ودرجة عالية جداً من الوعي، وكشف الحقائق بالأرقام وتعرية الفساد... كما كان الناطق الرسمي للجمعيات أثناء الحراك الشعبي، لما كان يمتلكه من خطاب وطني راق، ومسيرته هي خلاصة مسيرة الحراك الوطني التي ستتواصل حتى يتوقف نزيف هذا الوطن».

من «المنبر التقدمي»، تحدّث الكاتب حسن مدن عن علاقته مع شريف حيث عملا كأمينين عامين للجمعيتين خلال مئات اللقاءات، وعرف شريف بحماسه وصلابته وقدرته الهائلة على العمل وبذل الجهد، نموذجاً للقيادات الوطنية من الجيل الثاني من المناضلين الوطنيين. وكان آخر يوم التقاه يوم توقيفه (17 مارس 2011)، وقال: «رجل مثل شريف مصيره ليس السجن والتغييب، بل كان يجب أن يكون بين شعبه، لأنه طاقة وطنية كبرى، تبنى برنامجاً عصرياً للبحرين لا يعود بها للوراء». وأضاف: «نفتقد شريف للتأكيد على البعد الوطني للنضال والتأكيد على المطالب الوطنية التي لم تنشأ خلال هذا الحراك بل سبقته بعقودٍ، من أجل أن تعيش البحرينُ الديمقراطيةَ الحقيقية».

الأمسية تضمنت فيلماً توثيقياً قصيراً لكلمات وخطب شريف، كما تضمنت مداخلة صوتية من الكويت، للناشط الحقوقي غانم النجار خاطب شريف بقوله: «إن صمودك سيبقى نبراساً للكثيرين، وستبقى مشعلاً تنير الطريق لمن يتبعك، ونأمل قريباً أن تكون بيننا وبين رفاقك ومحبيك». كما خاطبه رضي الموسوي (الأمين العام لـ «وعد»): «أقسمنا ألا نحيد عن طريقك من أجل وحدة شعبنا الذي أرادوا تجزئته، ومن أجل حريته وكرامته، ومن أجل بلادنا المثخنة بجراحٍ لاتزال تنزف».

في هذه الوقفة التضامنية النبيلة، تم استذكار زملاء شريف ممن أنهوا ثلاثة أرباع فترة الحكم، مثل علي العكري (الطبيب الاستشاري)، ومهدي أبوديب (رئيس «جمعية المعلمين البحرينية»)، وصلاح الخواجة (الناشط الاجتماعي)... لتبقى الإشكالية مطروحةً أمام وزارة الداخلية وأصحاب القرار بشأن إعادة الاعتبار للسجناء السياسيين، وخصوصاً بعدما تجاوز عددهم حاجز الأربعة آلاف، وإنهاء التمييز في المعاملة بما يخفّف معاناة وعذابات الإنسان في هذا الوطن الصغير.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4581 - الإثنين 23 مارس 2015م الموافق 02 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 10:48 ص

      نعم لإفراغ عن شريف

      سوف يعرف سجانوك بأنك تدعو الى الخير لهم ولاجيالهم ، حفظك الله من شر كل مكروه ، اللهم فرجك يا رب فإنك قادر على كل شيء

    • زائر 7 | 7:43 ص

      رجل وطني بحت

      لقبك هو صفتك يا شريف لن نتخلى عنك

    • زائر 6 | 5:50 ص

      هذا العرف معمولٌ به في الكثير من بلدان العالم المتقدم وغير المتقدم،

      اما في بلدنا اذا خلصت مدتك ( يطلعون لك شي ثاني يبقيك في السجن طال عمرك ) .

    • زائر 5 | 3:12 ص

      رجل شريف

      والرجال قليل

    • زائر 4 | 12:48 ص

      رجل شريف

      اسم على مسمى

    • زائر 3 | 12:47 ص

      الله يفرج عنك

      و انا هنا ادعوا الجمعيات السياسيه عن البعد عن التكتل الطائفي المقيت .. خصوصا اكبر جمعيات المعارضه التي يحتكر اعضاءها فكرا معينا فقط .. من يدعوا لتقبل الجميع عليه ان يطبق دعوته على نفسه اولا .. لا تنفعنا التركمات الطائفيه و الانغلاق على الذات لن ينفعنا .. كنت عضوا مشاركا معهم و لكني وجدت تميزا غريبا حتى باللبس .. فاما ان تكون في نفس هيئتهم او لن تجد مكان بينهم !! جينس ..قميص .. و سلسله رقبه تعني تهميش .. هذه تجربتي و ارجوا ان تفتحوا الباب لكل الطوائف حتى تستطيعوا التحدث عن الجميع

    • زائر 2 | 12:27 ص

      تناقض

      تعيش المؤسسات القضائية والأمنية تناقض شديد ومفضوح في الترويج إلى أن السجناء السياسيين جنائيين أصلاً، في الوقت الذي تميز فيه بينهم عند حرمان السجناء السياسيين من حقهم في الإفراج عنهم بعد ثلثي المدة.
      وهذا بحدّ ذاته يعتبر اعترافاً بنقيض ما روجوه.

    • زائر 1 | 11:01 م

      شارك في تشيع اجد ضحايا اقتحام الدوار

      الشريف ثروة وطنية وانسانية كان بامكانة ان يرفل في النعم لو لم يكن بجانب المظلوم رأيته وهو بمكانته العلمية و المهنية يستريح على دكة في خربات سترة انتظارا لجنازة احد ضحايا اقتحام الشرطة للدوار فقلت في نفسي ما الذي يجبر هذا الشريف ان يكون بجانب الضعفاء غير انه شريف وصاحب ضمير هاتين الخصلتين شحيحتين هذا الزمن

اقرأ ايضاً