العدد 4585 - الجمعة 27 مارس 2015م الموافق 06 جمادى الآخرة 1436هـ

عُمان تنهض بقابوس ثانية

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عاد السلطان قابوس بن سعيد إلى وطنه بعد رحلة علاج في ألمانيا. وقبل الولوج في الموضوع، فإننا نهنئ جلالته بمناسبة سلامته، وفي نفس الوقت نهنئ الشعب العُماني الكريم، الذي راقبنا انتظاره لعودة سلطانه مدة 258 يوماً بمشاعر لم تعبث بها المساحيق ولا المونتاجات التلفزيونية، حيث كانت مشاعره صادقة، متمنين له ولسلطنة عُمان الشقيقة كلَّ الخير من ساعة شروقها حتى ساعة سحرها من كل يوم.

الحقيقة، أن الكتابة عن سلطنة عُمان وشخص السلطان قابوس لا تجعل أمام مَنْ يكتب عنهما حاجزاً أو عناءً في البحث كي يظفر بالأشياء الحسنة والإيجابية بعكس الكتابة عن العديد من البلدان العربية والإسلامية، وهو ما يجعل الكاتب متحرراً من أي لغة خشبية تعتمد المحاباة والتزلف أو قول ما لا يوجد فيها. فالسلطنة والسلطان قد أثارا إعجاب شعوب المنطقة والعالم بسياساتهم العاقلة والمتوازنة.

ولنا أن نتخيَّل أنه وفي أتون هذا الانفجار السياسي والمذهبي الهائل، الذي دمَّر حصون الدول والمجتمعات في المنطقة، تخرج سلطنة عُمان من بينه معافاة سليمة بدون إصابات والحمد لله، والسبب أنها لم تشارك لا في إعداده ولا في تحميته ولا في التشجيع عليه، بل ولا حتى في المرور على أرضه، وهو ما جعلها أرضاً طيبة طاهرة لا يأتيها الشَّرر ولا الفتن.

بل ولأول مرة منذ سنوات طويلة، تخرج دولة إقليمية في هذه المنطقة، لتفرض على الأرض خيارات ووقائع جديدة ولكن ليس بالقوة والغَلَبَة، ولا بالاصطفافات، بل بالحوار والحلول الجماعية. وهو أمر جعل الكثير من الدول والشعوب والجماعات السياسية تلتفت إلى هذا البلد، بل وتحتاج إليه كما احتاج إليه الأميركيون وهم الدولة العظمى لتسوية مشكلاتهم مع الآخرين.

هذه الأمور لم تأتي عبثاً ولا صدفة، بل إن عرَّاباً حكيماً هو الذي جعل قاطرتها على المسار الصحيح، من هنا، لم يتذكر العُمانيون وحدهم السلطان قابوس، بل كانت معهم شعوب هذه المنطقة والعديد من الدول، لأنهم كانوا يرون في سياساته أملاً في التقليل من ويلات الصراعات، وكفكفة دموع الأطفال وتشرُّد الأسر، لذلك أحبّوه وقدّروه.

إن الحقب التي تُوصَف بها الدول تبدأ من هذا «التميُّز» من بين وسط «عادي»، حين تتحول هذه الدولة أو تلك من نقطة طرد إلى نقطة جذب، أو أنها تقيم وقائع سياسية جديدة وثابتة تعتمد على مجموعة من القيم والتعاضديات المشتركة، فتجعلها تخطو إلى الأمام والتقدم من خلال فرص الحل لا التأزيم، ومن خلال الكسب لا الخسارة.

من هنا سُمِّيت فترة وزارة الأمير كليمينس فينزيل فون مترنيخ في النمسا (1773م - 1859م) بالحقبة الكليمينسية، وفترة أوتو فون بسمارك في ألمانيا (1871م - 1890م) بالحقبة البسماركية وغيرها من الحقب وإن اختلفت ظروف كل واحدة منها، حيث ترسيخ السلم في الأولى وتوحيد البلاد في الثانية.

من هنا، لا تجاوز إذا ما قلنا عن عُمان الحاضر، ومنذ الثالث والعشرين من يوليو سنة 1970م أنها ترفل في الحقبة القابوسية، التي اصطبغت بملامحها الدولة والمجتمع. وستتذكر الأجيال هذا الحاضر، وستُسمِّيه باسمه. فهذه الحقبة، لم تُورِّث للعُمانيين انقساماً داخلياً، ولا عداءً خارجياً، ولا مظالم في الدَّم والمال والعِرض كما نراه في غيرها من الدول.

فالتجربة التي عاشها العُمانيون (وراقبها الآخرون عن بُعد) قد ورَّثت لهم السكينة والهدوء والراحة والاحترام في الخارج، وأغلقت عنهم أبواب الفتن والضوضاء، التي تحيط بالإقليم، وكأن عُمان استُلَّت من بين رياح هذه الجائحة، ووُضِعَت على جبل عَصَمها من السقوط فيها، دون أن يمنعهم ذلك من أن يقتنصوا الفرصة تلو الأخرى لمساعدة الآخرين وإنقاذهم من ذلك المصير، وهو ما فعلوه عبر سياساتهم الدافعة نحو التصالح.

نعم... لقد كانت هذه هي شخصية عُمان في هذا العهد، فابتعادها هو ليس عن التفاعل والمبادرة بل هو عن أي مساهمة في تأزيم موقف كلامي أو إجرائي، لذا، بَقِيَت السلطنة وسلطانها على درجة عالية من التفاعل وإطلاق المبادرات حتى في أحلك الظروف، سواء الشخصية منها أو تلك التي تمر بها المنطقة بشكل عام.

وقد قرأنا في صحيفة الـ «واشنطن بوست» في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، وفي أتون خضوع السلطان للبرنامج الطبي، كيف أن جلالته يستقبل وزير الخارجية الأميركي جون كيري في منزله بألمانيا ويبحث معه مستجدات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية. وكان الخبر حينها يدلّ دلالة واضحة على حرص السلطان وهو في وضعه الصحي الخاص أن يدفع بتلك السياسة والتفاعل ويتابع أدق الأمور التي كانت عُمان طرفاً فيها وبالتحديد مفاوضات دول 5+1 مع إيران.

أمام كل هذا البناء في الداخل، والحكمة في المواقف تجاه الخارج، فإن من حق العُمانيين (ومعهم الآخرين) أن يُعبِّروا عن تلك المشاعر تجاه شخص السلطان وبهذه الطريقة، لأنهم يعرفون، أن هذا الرجل، استلم بلادهم وهي لا تلوي على شيء، حتى أقام عودها وأرسى قواعد الاحترام لها في الخارج، فأصبحت دولة بشخصية مهابة وذات حضور.

فعل السلطان كل ذلك بصمت وبلا ضجيج، لأنه لم يكن بحاجة للحديث ما دام العمل شاهد عليه.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 4585 - الجمعة 27 مارس 2015م الموافق 06 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 2:44 م

      جريدة البحرين

      أعز الله عمان وسلطانها اللهم أيده بالحق وأيد به الحق يارب العالمين

    • زائر 19 | 10:57 ص

      هناك مقولة جميلة لمارتن يقول فيها

      السلام أهم من العدالة؛ فالسلام لم يخلق من أجل العدالة، بل على العكس خلقت العدالة من أجل السلام
      وهذا بالضبط ما فهمته عمان والسلطان قابوس ولا يدخلوا في مشاكل العرب

    • زائر 18 | 7:52 ص

      لماذا تم تسليم الناشط البحريني من عمان لسلطات البحرين؟

      سؤال للسلطات العمانية؟

    • زائر 17 | 7:28 ص

      عمان الخير وقابوس المحبه والشهامة

      حفظ الله سلطنة عمان الحبيبة والسلطان قابوس الشهم الكريم

    • زائر 16 | 5:30 ص

      متابع

      لعمان جار سعيد يسمى اليمن ، لا تنسى أن تكتب عنه
      الجار قبل الدار

    • زائر 15 | 4:45 ص

      الزيارة الميمونة لاخواننا في عمان الشقيقة

      الشعب العماني طيب وكريم للغاية ، لما وصلنا بعد الضيافة لاحظنا ان صور كبيرة بطول الجدار للسلطان في كل بيت استضافونا فية دليل محبتهم له ، وفاموا بتجوالنا على المناطق الجميلة الخلابة والعيون ذكرونا بالبحرين قديما واللافت انهم ذهبوا بنا الى الساحل قالوا لنا ان السلطان قابوس كان حريصا جدا جدا على السواحل والبيئة لعدم المساس بها ابدا ، حتى في مشروع ربط عمان بجسر مع الامارات واقترحوه من البحر لانه اقل تكلفة ، فقال اياكم ان تمسوا البحر ،فقال اشتروا الاملاك المعارضة للمشروع حتى لو التكلفة اكثر و ....

    • زائر 14 | 4:32 ص

      من اهل البخرين تخية للسلطان قابوس

      نحبك واجد واجد نحترمك واجد واجد نقدرك واجد واجد اللهم بحق محمد وآل محمد الطاهرين احفظ السلطان قابوس وطول في عمره يا طيب ياحكيم

    • زائر 13 | 4:25 ص

      بنت عليوي

      الله يحفظ السلطان قابوس ويمن عليه بالصحه والعافية، نعم فهو مثال القائد الحكيم ياريت حكام العرب يسرون على خطاه لعم الخير على الأرض

    • زائر 11 | 2:54 ص

      وهذا دليل ساطع

      علي من يقول ان ايران وغيرها سبب الفتنة في المنطقة والا سلطثة عمان اكثر الدول في المنطقة علاقاتها مع ايران قوة ومتانة ولم نسمعهم فذ يوم من الايام قالوا انهم سدروا لنا ثورتهم ولا قالوا انهم يريدون تشييعهم بعكس الدول الاخرى التي اخذت الطائفية والعنصرية منهم مأخذ نسمع منهم كلمة ايران اكثر مما ينطقون اسم بلدانهم . عمان وسلطانها حكماء عاقلين يعرفون كيف يديرون بلدهم واكبر مثال ما يحصل اليوم لليمن لم يشاركوا في فتنة ولا في ايذاء . الله يحميهم ويهنيهم .

    • زائر 10 | 2:13 ص

      نعم

      احسنت استاذ
      وانا من المحبين لهذا الانسان لحكمته العظيمه
      ولا يفوتني ان ابارك للشعب العماني الطيب سلامة قائدهم

    • زائر 9 | 2:03 ص

      سلطنة عمان هي

      جوهرة الخليج التي لا نغالي في وصفها وحبها

    • زائر 8 | 1:49 ص

      قابوس الخير والشهامة

      يا شعب عمان الشقيق انتم بخير بفصل الله تعالى ومن ثم بفضل قائدكم الحكيم السلطان قابوس وبلدكم بخير وفي تقدم مستمر إن شاء الله بفضل هذا الرجل الحكيم ولا خوف عليكم

    • زائر 7 | 1:32 ص

      تهنئة من القلب

      تهنئة بعودة السلطان قابوس حفظه الله معافى وتهنئة لشعب عمان على هذا
      الحاكم الحكيم فأنت محبوب من شعبك لانك تحب شعبك وتحفظ كرامتهم اللهم طول في عمره واحفظه لشعبه الذي يحبه كما نحبه نحن أيضا لانه يستحق ذلك هكذا هم الرجال

    • زائر 6 | 1:26 ص

      السلطان قابوس رجل شهم

      رجل طيب شهم محب لشعبه ومحبوب من شعبه الله يحفظه ويطول في عمره رجل حكيم رزين والناس تحبه في جميع انحاء العالم قائد فريد من نوعه اللهم احفظه من كل شر وطول في عمره وياريت تتحقق امنيتي واتشرف بلقائه والسلام عليه عاش السلطان قابوس وعاش الشعب العماني الشقيق الطيب وعاشت عمان الابية

    • زائر 5 | 1:21 ص

      من خلال هذا العمود

      كل التحية والتقدير للسلطان قابوس الرجل الطيب الحكيم المحبوب من شعبه وكل الناس يا رب تحفظ السلطان قابوس وتطيل في عمره نحن نحبك يأيها الرجل الخلوق اللهم احفظ السلطان فابوس اللهم احفظ السلطان قابوس اللهم
      احفظ السلطان قابوس وطول في عمره واحفظ شعب عمان وحكومة عمان

    • زائر 4 | 12:32 ص

      الحكمة أينما وجدت ازهرت واينعت

      ............السلطان قابوس لديه سياسة حكيمة مع شعبه ويحفظ لهم كرامتهم ولديه من المواقف ما يشهد بذلك اذ لا يقبل على العماني ان يذلّ او يهان لذلك السلطان قابوس جنّب وطنه الكثير من الهزّات والويلات

    • زائر 3 | 12:27 ص

      اهنيء نفسي واهنيء اخواتي واخواني العمانين بعودة سلطانهم

      لكم اخوتي العمانيون كل المحبة وكل التقدير والحب من اخوكم كرينم ابوعلي اتذكر اخر الستينات ذلك سالم العماني الحارس الذي كان يضيفنا قهوته والتمر العماني واتذكر اخي وشقيقي محاد سالم زميل الدراسة الجامعية احبكم يا اهلي بعمان واحب قابوسكم فهنيئا لكم متنيا للسلطان دوام الصحة والعافية ولاخواني العمانين دوام الرفاه والازدهار شكرا أخ محمد ع موضوعك

    • زائر 2 | 11:43 م

      عاشت عمان وعاش قابوسها

      الله يحفظهم من كل سوء ومكروه..ومبروك للعمانيين عودة سلطانهم.

    • زائر 1 | 10:33 م

      حفظك الله يا حكيم العرب

      نحسدك على حب الشعب لك وانت تستحقه نحسد مواطنيك وانت قائدهم نحسدكم على مساحة الحرية الشخصية في التعبد بما انت معتقد به نحسدكم على أنكم بلد التسامح الاكبر في الشرق الاوسط حفظك الله وأطال في عمرك وياريت ولدت عمانيا

اقرأ ايضاً