العدد 4587 - الأحد 29 مارس 2015م الموافق 08 جمادى الآخرة 1436هـ

أخبار جبال الألب النووية

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ربما اليوم أو غداً سيسمع العالم الأخبار النهائية القادمة من فندق بوريفاج الفخم في لوزان. هذه المدينة السويسرية الساحرة التي تحتضن «مفاوضات القرن» النووية ومتعلقاتها بين الغرب وإيران بدا أنها تكتم سراً بشأن ذلك الملف. لا أحد يعرف بالتحديد ما جرى وماذا يجري هناك، إلا أن تحولات لافتة بدأت تصاحب تلك المفاوضات المعقدة.

الفرنسيون الذين كانوا يُعتبرون الأكثر تشدداً من بين 5+1 أصبحوا «حمائم»! إنه أمرٌ يحتاج إلى تأمل. مسئولون آخرون قالوا لـ «رويترز» بأن «إيران والقوى الكبرى قاربت التوصل لاتفاق من صفحتين أو ثلاث صفحات يتضمن أرقاماً محددة تشكل الأساس لاتفاق طويل المدى»، وهو ما يعني أن المسألة تخطت حصول الاتفاق إلى مرحلة «وصفه».

تناغَمَ موقف طهران مع برلين وباريس في وصف المسار القائم. الأولى قالت بأن «الجانبين قريبان جداً جداً من الخطوة الأخيرة وقد يتم التوقيع أو الاتفاق والإعلان شفهياً». الثانية قالت بـ «أننا في الخطوات الأخيرة». والثالثة قالت «كانت المحادثات طويلة وشاقة، لكننا حققنا تقدماً في نقاط معينة. إيران لها الحق في الحصول على الطاقة النووية».

بينما كان لوزير الخارجية الألماني فرانك والتراشتاين ماير وصف درامي للوضع. الوزير قال وهو يشير إلى سلسلة جبال الألب الشاهقة خلف بحيرة جنيف بأنه «كلما اقتربنا من القمة، فإن الخطوات تكون أصعب وأكثر بطؤاً» لكنه عاجَلَ الصحافيين بالقول: «إيران كانت عاقدةً العزم كثيراً على تقدّم المفاوضات النووية إلى الأمام» فبدا أن في الأمر سراً.

بل حتى عندما سُئِلَ أحد الدبلوماسيين الغربيين عن «نفى بعض المسئولين الإيرانيين بأن تكون بلادهم على وشك التوصل لاتفاق إطار، أجاب بأن تصريحاتهم «تستهدف الجماهير في الداخل»، في إشارةٍ إلى التيار المتشدّد في إيران، وكأن الغرب بات أكثر وضوحاً واستعجالاً وتصالحاً مع نفسه ومؤسساته من الإيرانيين فيما خصّ عقد الصفقة المرتقبة.

وزراء خارجية دول عظمى يجتمعون في مكان واحد لمناقشة موضوع واحد ومع طرف واحد! إنه أمر لا يمكن إلا أن يكون مصيرياً. لذلك، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري: «إن المناقشات ستمتد لوقت متأخر»، فقابله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قائلاً بأن: «الاجتماعات ستمتد حتى المساء والليل ومنتصف الليل والصباح»، وكأن الجميع يغالب الوقت المتبقي حتى الغد، كي يحصل شيء ويُنهي هذا التهارش الخانق.

الحقيقة، أن اقتراب الموعد النهائي من السنوات إلى الشهور ثم الأيام والآن إلى الساعات، مع رغبة الأطراف الثمانية في التوصل إلى حل، جعل الأمور تبدو أكثر جديةً وتحدياً، ليس من جانب الغرب فقط بل حتى من جانب الإيرانيين أيضاً. فالأنباء التي سُرِّبت تفيد بأن الرسالة التي بعثها الرئيس الإيراني حسن روحاني لنظرائه الغربيين تضمّنت أمراً لم يُكشَف عنه، دفعت مسئولاً أميركياً لأن يقول بأن تلك الرسالة «أعطت أملاً جديداً لمسار المفاوضات النووية».

ربما كانت قد تضمنت «تنازلاً إيرانياً» ما، أو إعادة تفسير لبعض النصوص، لا أحد يعلم، لكنها في المحصلة غيَّرت من مجرى التفاوض حول قضايا خاصة. نعم، قد تكون هناك أمور نووية محل نقاش كعدد «وأنواع أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم التي يمكن لإيران تشغيلها، وحجم مخزونات اليورانيوم التي يمكنها الاحتفاظ بها وأنواع الأبحاث النووية والتطوير التي بوسعها القيام بها وتفاصيل رفع العقوبات» كما جاء، لكن أيضاً هناك قضايا يرفض الطرفان الإفصاح عنها لوسائل الإعلام بل وللعالم، ستكون من صميم الاتفاق، وهو ما يمكن أن تكون رسالة روحاني قد تطرقت له.

فقد أشارت وكالة «رويترز» للأنباء نقلاً عن مسئولَيْن يتابعان المفاوضات في سويسرا، أنه «من المرجح إعلان معظم محتوى اتفاق الإطار رغم أن بعض البنود ستكون قيد السرية»، وهنا القضية الأساس. فالجميع يتساءل عن هذه البنود السرية التي لن يُكشَف عنها لأحد، وهل هي ذات علاقة فنية بالملف النووي أم أنها سياسية وتتعلق بقضايا المنطقة، ولماذا أخفِيْت حتى عن الحلفاء، والتي اضطر «إسرائيل» لأن تلجأ للتجسّس على المفاوضات لمعرفة ما يُخفي الطرفان.

في المحصلة، فإن مشهد التنازل المتبادل بين الأطراف بات واضحاً. الإيرانيون يقولون: نريد عشرة آلاف جهاز طرد مركزي، يرد الأميركيين عليهم: لكم ستة آلاف جهاز طرد مركزي. يطلب الإيرانيون رفعاً شاملاً وكاملاً للعقوبات بحزمة واحدة، فيرد الأميركيون سنرفع العقوبات «التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بشكل تدريجي وفقاً لجدول محدد»، ولكن هناك أيضاً «عقوبات سترفع بسرعة جداً»، كما قال الأميركيون وهي التي أصابت الاقتصاد الإيراني في مقتل بعد استهدافها لقطاعَيْ النفط والمال.

يبقى الخلاف القانوني حول خطيَّة الاتفاق «الآذري» أم شفهيته، حيث يطلب الإيرانيون أن يكون شفهياً كي لا يحد من قدرتهم التفاوضية حتى شهر يونيو/ حزيران المقبل، موعد التوقيع الشامل كما يرى متابعون، بينما الغرب يريد التوقيع على الاتفاق ممهوراً بالأختام. وربما دفع ذلك لأن يقوم عضو الفريق النووي الإيراني المفاوض مجيد تخت روانجي بنفي «التطرق في مفاوضات لوزان 2 إلى إعداد وثيقة اتفاق من صفحتين أو ثلاث صفحات»، كما صرح بذلك مفاوضون غربيون في وقت سابق.

كل شيء قابل لأن يحصل، ما عدا مغادرة الجميع لطاولة المفاوضات إلى غير رجعة. فالجميع يتألم... لكنه لا يريد أن يصرخ أولاً.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 4587 - الأحد 29 مارس 2015م الموافق 08 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 6:41 ص

      متابع

      جميل ومدعاة للتفاؤل . . .
      وماذا عن أخبار اليمن النارية ؟

    • زائر 8 | 6:17 ص

      يا الحبيب

      اترك عنك الكلام الفاضى الدى لا يغنئ من جوع كيررى لن يغادر لوزان الئ بئتفاق ترضى به ايران لن يدهب الى امريكا وحقيبته فارغه هادا قرار قد حزم والشعب الايرانى هو الرابح عاجلا او اجلا تستطيع من الان ان تقنع نفسك ان ايران اصبحت دوله عظمى سواء اعجبنى هادا او لا

    • زائر 7 | 6:10 ص

      ما شاء الله

      ناس مازالوا يتخبطون فى كل شى لا منطق لا دين لا فكر لا شعور لا احساس متى سيفيقون من سباتهم العميق الامه الاسرائليه دفعت بكل قواها فى 2003 اسف الكيان الغاصب العنصرى الاسرائيلى على الفرنسين بان يعملوا على تدمير وانحراف اى مسار لانجاح المفاوضات كل المجتمعين يئملون ان هناك نور فى اخر النفق المظلم ماعدا الاسرائلييون يرون نفق مظلم ومن يدور فى فلكهم ولكن وبختصار شديد انتم تريدون والله سبحانه وتعالى يريد والله يفعل ما يريد والنصر دائما الى الاقوى

    • زائر 4 | 1:07 ص

      هههههه

      الارانين يعلمون بأن إسرائيل ستقصف المفاعلات مالهم بس يبيله وقت مثل العراق إلا أحد سيرد عليهم أن شاء الله تعالى غريب

    • زائر 3 | 12:34 ص

      الشيطان الأكبر

      وين شعارات الشيطان الأكبر و الممانعة طلع الكلام كله خرطي

    • زائر 2 | 12:06 ص

      مسألتان أو ثلاث

      آخر الأخبار تقول أن مسألتين أو ثلاث هو ما تبقى من الخلاف

    • زائر 1 | 10:36 م

      نصر قادم لايران ولاعزاء لدولنا

      ما رغبوا به الإيرانيين حصلوا عليه فسيتم تجاهل مطالب دولنا الخليجية بتدمير المشروع النووي الايراني وحتى وان كان بقوة السلاح

اقرأ ايضاً