العدد 4599 - الجمعة 10 أبريل 2015م الموافق 20 جمادى الآخرة 1436هـ

مَنْ جاء ببشار الأسد إلى الحكم؟

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إنهم الروس. نعم، الروس هم مَنْ جاء ببشار الأسد إلى حكم سورية. ليس أنا مَنْ يقول هذا الكلام بل الروس أنفسهم. الجنرال فلاديمير فيودوروف رئيس قسم التعاون العسكري الدولي بوزارة الدفاع الروسية سابقاً، والملحق العسكري في دمشق العام 1998، أي في السنتين الأخيرتين من حكم حافظ الأسد، وقد أدلى بشهادة «تاريخية» حول تلك السنتين.

كان الوضع بالنسبة للروس أنهم يريدون أن «يتم الحفاظ على علاقة الصداقة مع سورية، والتي صيغت عبر عشرات السنين، وأن لا تذهب الكمية الهائلة من الأسلحة الروسية الموجودة لدى الجيش السوري هدراً». ففي سورية يكمن «تواجد روسيا الجيوسياسي»، و«من المستحسن مضاعفة ما صنعته بالاشتراك مع السوريين، وكان ذلك ممكناً فقط في حالة استمرار نهج حافظ الأسد» كما قال الجنرال فيودوروف.

كان عند الروس خيارات أخرى كمصطفى طلاس للرئاسة، لكنهم كانوا متخوفين من مسألة السن. فطلاس كان يستعد للدخول إلى العقد السابع من العمر. وهم في داخلهم كانوا يطمحون ألا تخرج رئاسة سورية عن آل الأسد. فهم كانوا يعتقدون أنه «حتى ولو جاء أحد العلويين إلى السلطة ولكن ليس ابن الأسد لم نكن نستثني عدم إمكانية الحفاظ على نهج سورية السابق» تجاه روسيا، حسب قول فيودوروف.

إذاً، المسألة كانت بالنسبة لموسكو متعلقة بالمصالح وليس بشيء آخر. هم كانوا يستشعرون أن حافظ الأسد وبعد وفاة ابنه باسل في حادث سيارة (23 مارس 1962 – 21 يناير 1994) لم يكن «يريد أن ينقل السلطة إلى أحد أبنائه»، لكن مسألة التوريث ظهرت بعد أن فتح الخبراء والأخصائيون العسكريون الروس «عيون الرئيس حافظ الأسد» عليها.

وحسب إفادة فيودوروف نفسه، فقد سأل أولئك الخبراء حافظ الأسد: «هل تود أن يتطور تعاوننا العسكري والتقني بشكل متصاعد؟ فأجاب الأسد: أريد. عندها قال له الخبراء: لن يكون ذلك أبداً طالما يشغل المناصب الرئيسية في المناصب العسكرية أناس من الحرس القديم. أولئك الذين يديرون هذه الأمور وفق النمط القديم».

يواصل فيودوروف فيضيف: «استغرب حافظ الأسد. وقال: كيف ذلك؟ ماذا تقصدون وماذا تقترحون؟ نصحوا حافظ الأسد وقالوا يجب تعيين من هو أصغر سناً ومن هو مؤهل أكثر من غيره لتقبل الوقائع الجديدة للتعاون. عندها سأل الأسد: مَنْ تقصدون؟ قالوا: ابنك بشار مثلاً يمكنه أن يقوم بهذا الأمر بشكل رائع». عندها بدأت فكرة التوريث تظهر.

يسرد فيودوروف الحادثة التي غيَّرت صورة سورية لغاية اليوم فيقول: «قبل شهر أو شهر ونصف من وفاة حافظ الأسد غدا وضعه سيئاً للغاية، وكان عليهم نقله إلى المشفى، وفي الباروكاميرا وحجرة الضغط للقيام بإجراءات دورية محددة (كنقل الدم) مرة أو مرتين في الأسبوع. وحدث أن أجروا عملية لوزير الدفاع مصطفى طلاس في هذا المستشفى أيضاً وفي الوقت ذاته. وقد قرر حافظ الأسد بعد العلاج أن يزور صديقه».

يقول فيودوروف بأن الأسد انزعج حين رأى مصطفى طلاس طريح الفراش بعد العملية. جلس حافظ قرب سرير طلاس وقال وهو يبكي: «يا إلهي كيف يمر الزمن بسرعة، لقد كنا معاً شابين، وقد حاربنا في العام 1973». ثم قال الأسد لطلاس: «إنني على الأرجح سأغادر الحياة عمّا قريب وأنتَ ستعيش. باسم صداقتنا السابقة وباسم أعمالنا التي قمنا بها معاً، أرجوك أن تساعد بشار. فبكى مصطفى طلاس أيضاً وأقسم: سأفعل كل شيء... لا تقلق، وهو ما حدث».

ووفقاً للعقيدة البعثية السورية الحديدية المغلقة، والعلاقة الشخصية بين الرجلين، فإن الأهم بالنسبة لطلاس هو ما طلبه الأسد منه بعد وفاته و«كل ما عدا ذلك كان في المقام الثاني»! خصوصاً أنه «كان لدى البعض في سورية محاولات لتولي قيادة البلد بعد وفاة الأسد بل وحتى إعطاء الأوامر للقوات المسلحة بالتحرك. ولوحظت بعض هذه الإجراءات لدى بعض المسئولين السوريين. وهذه الإجراءات تم إيقافها ولم تُنفذ الأوامر».

يضيف فيودوروف بأن «كل ما جرى في سورية بعد وفاة حافظ الأسد ضبطه طلاس بنفسه. استطاع حلّ الكثير من المسائل. لقد استطاع بحزم اتخاذ كل القرارات الضرورية»، كتعديل الدستور والسن ومنح بشار الأسد الرتبة العسكرية اللازمة». بمعنى مقيسة كل شيء على شخص بشار.

«كان الروس يريدون لرؤيتهم أن تتحقق»، وقد كانت النتيجة إيجابية بالنسبة «لهم»: لقد «نفذ (بشار الأسد) بدون شك خط الحفاظ على تعاون بلدينا» كما قال فيودوروف. هذا يعني أن المصالح هي التي حَكَمَت مصير سورية وليس شيء آخر، منذ ما قبل رحيل الأسد الأب بسنوات، ثم تحديد مَنْ سيخلفه في السلطة. إنه أكثر من تدخل عَرَضِي.

هذا الأمر يفسر الموقف الروسي الحاسم ومنذ 1489 يوماً من عمر الأزمة السورية، وهو أنهم يدافعون بالأسِنَّة عن خيارهم في سورية، والذي قرّروه في العام 1998. فهم بذلك الدفاع يعضُّون بالنواجذ على موقعهم الجيوسياسي في سورية والبحر الأبيض المتوسط، وعلى مَنْ يُبقِي لهم علاقاتهم الوثيقة بهيكل الدولة في سورية، والتي ساهموا هم في بنائها ورعايتها طيلة عشرات السنين، بكل ما فيها من استحقاقات سياسية واقتصادية وعسكرية.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 4599 - الجمعة 10 أبريل 2015م الموافق 20 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 11:07 ص

      الانقلاب علي الشرعية

      المتتبع لتاريخ سوريا لاالاسد الاب ولااولادة لهم الحكم في سوريا لمادا لان الاسد الاب قام باتقلاب عسكري اطاح بقيادة حزب البعث الشرعية المتمثلة في القيادة القومية لحزب البعث برئاسة ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث واستولي علي السلطة واعتبر نفسة مؤسس الحزب بينما هو شخص عادي منتسب للحزب وبتعاونة مع الانجليز والفرنسين تم اسقاط الحزب في سوريا وتم تنصيب نفسة قائدا ومؤسس للحزب ارجع للتاريخ اما بشار فقد تم تفصيل الرئاسة له علي حسب عمرة فالدستور السوري يجب ان يكون رئيس الجمهورية 40 عاماوبشار 35 فتم تفصيل الرئاسة

    • زائر 18 | 7:37 ص

      بحراني وافتخر

      الله يرحم حافظ الأسد ويطول عمر بشار الأسد

    • زائر 17 | 7:05 ص

      أحداث للتأمل والتفكر في أوضاعنا لا من أجل الصراعات

      الشيء الذي يجب أن نتعلم منه بدل التعليق بالردود على بعضنا هو التفكر في كيفية قيام الدول الكبرى كروسيا وامريكا بالتحكم فينا بل والتحكم في اختيار من يحكمنا! هذه شهادات يذكرها أصحابها كي نتأمل لا أن نتصارع

    • زائر 16 | 7:03 ص

      السؤال البسيط والجوهري

      كل الرؤساء يقولون أنهم شرعيون لكن السؤال المركزي هو لماذا لا يتنافس معهم أحد؟ وإذا تنافس أحد فهو مرشح خردة، والفارق بينه وبين الرئيس ملايين الملايين من الأصوات؟ وكيف يمكن لرئيس عاشت أجيال في عهد باطلة عاطلة وفقيرة ثم تمنح صوتها له؟ إذا من هم هؤلاء الذين يخرجون إلى الشوارع ويهتفون بالموت له؟؟؟ سؤال بسيط لكنه مهم وجوهري

    • زائر 15 | 7:01 ص

      كلامك

      كلامك مو صحيح بشار الشعب انتخبه

    • زائر 20 زائر 15 | 2:39 م

      بحراني محايد

      هههههههه واجد مصدق مسرحية الإنتخابات
      ترى صدام حسين كان يسوي إنتخابات بعد
      حبيبي الإنتخابات تبين إذا عطوا حرية الترشيح للمعارضة، مو المرشحين الثانين هم بعد موالين لبشار الأسد

    • زائر 11 | 3:00 ص

      الاخ محمدحفظك الباري الحدث اليوم اليمن السعيد كيف يحل ؟؟

      واذا اعلنوا انتصارهم على الارهاب ما في اشكال ، لو ذرعت الارض طولا وعرضا الان الا ترى ماتحدثت عنه في مقالتك بنفس الدراية والرواية ، هل هناك شبر لا يوجد تدخلهم وتأثيرهم فيه من الحرب العالميتن الاولى والثانية - وسايس بيكو - من الي قسم العالم وحددها ووزعها شبرا شبرا زنكه زنكه بيت بيت، اليس الاقوياء ومصالحهم من الذي فتح لنا جرح اولى القبلتين فلسطين وجعلوه ينزف الى اليوم اليس هم و ....و.. يا ايها العزيز تتكلم عن من وتترك من ؟؟؟؟

    • زائر 9 | 2:28 ص

      والحق يجب ان يقال ايضا

      بشار الأسد هو الرئيس الشرعي لسوريا الذي انتخبه شعبه من خلال الإنتخابات.........ولولا مساندة شعبه له لما بقي صامدا لمدة تقارب الخمسة سنوات في حرب كونية من قبل ازلام الهوان والذل.

    • زائر 8 | 2:22 ص

      سينتصر الشعب السوري

      مهما طال الزمن سينتصر الشعب العربي السوري و سيتم طرد عملاء ايران

    • زائر 7 | 1:35 ص

      .....؟

      ما ينطبق على بشار ينطبق على باقي.....

    • زائر 6 | 1:34 ص

      وهل بشّار بدعا عن باقي ا... قرابة 400 مليون عربي لا دخل لهم في ..

      نعم قرابة 400 مليون عربي ولا أعرف العدد الصحيح لكن كما يقال هي تقديرات.
      كل هؤلاء العرب ليس لهم دخل في اختيار حاكمهم ولا تحديد من يخلفه ولا حتى المشاركة ببرلمان يمكن ان يساهم في حكم بلدهم.
      فهل جاءت على بشّار بس؟
      هذا حال الامة المتعوسة كلها

    • زائر 4 | 1:03 ص

      عيل وينهم

      يا ريت ربعنا يفهمون ويتعضون مثل الوفاق متمسكين بالي في السجن كان مافي هل بلد إلا هل ولد الي ضيعهم من الأوامر الي تجيه من ...

    • زائر 3 | 1:02 ص

      عيل وينهم

      يا ريت ربعنا يفهمون ويتعضون مثل الوفاق متمسكين بالي في السجن كان مافي هل بلد إلا هل ولد الي ضيعهم من الأوامر الي تجيه من قم

    • زائر 10 زائر 3 | 2:50 ص

      ضايع النسيب

      كأنك غاص بكلمة ومحتار وين توديها فرميتها هني!!! الموضوع يتكلم عن البر وانت تتكلم عن الهر!

    • زائر 1 | 10:07 م

      ستراوي

      مع احترامي لكاتب احس فيه يقرء قصص أمريكية كثير السيد الرئيس بشار الأسد منتخب من قبل الشعب قبل عام احن اليوم ابناء اليوم انت تتكلام عن 18 سنه قبل بدون وثائق انشره قبل لا تكلام الرئيس بشار الأسد دكتور في مجال العيون الشهادة من اروباء

    • زائر 5 زائر 1 | 1:22 ص

      يا ولد الحلال

      صدام ومبارك وبن علي وصالح وبقية الجوقة يقولون هم بعد منتخبينهم

    • زائر 12 زائر 1 | 3:25 ص

      يا اخ ستراوي..الكاتب ينقل عن شهادة جنرال روسي

      لابس نياشين واوسمة ولقد شاهدتها بنفسي مذاعة اكثر من مرة علي محطة "روسيا اليوم"..يعني مش بس سوريا اللي تتحكم القوي الجارجية في اختييار وتنصيب القادة..هذا ينطبق علي الكثير من الدول بما فيها بعض الدول الغربية..حتي مصر صرح د مصطفي الفقي قبل ثورة يناير انه لا بد من ضوء امريكي اخضر للرئس المصري الجديد. باختصار للطباخ الامريكي او الروسي دور في اختيار من يحكم البلد وكفي الله المومنين شر القتال

اقرأ ايضاً